الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص عندما أعمل الإغريقى خياله، وهو يصوغ الأساطير مصورا نفسه وآلهته، لم يغفل أن يصور غيره من الكائنات وعناصر الطبيعة، التى تتفاعل معه ويتفاعل معها فى واقعه. فجعل غيره من الكائنات شخوصا فى أساطيره، وشخصيات تشاركه أحداثها. فحاك بخياله اللامحدود الأساطير عن الحيوانات، والنباتات، والجبال، والأنهار، والسماء، والبحار، وكآفة مظاهر الطبيعة وظواهرها. شغل الحيوان حيزا ليس بالقليل من مساحة الأساطير، ومثّل عنصرا أساسيا من عناصرها، لا يقل دوره فى أهميته عن دور الإله أو البطل، فلعب دوره الطبيعى، ودور المسخ، والممسوخ إليه، والمتَقمَص. كما كان له حظ وافر فى الديانة الإغريقية، فكان صورة بعض الآلهة، أو من مخصصاتها ورموزها، ناهيك عن أن الحيوان كان هو الأضحية التى تقرب البشر من الآلهة. ونود فى هذا البحث أن نلقى الضوء على أحد النماذج الحيوانية، الذى كان له انتشار واسع فى أساطير الإغريق ومكان بارز فى ديانتهم. نموذجنا فى هذا البحث هو الثعبان، ذلك الحيوان المميز بخصاله الخاصة، وطبيعته المتفردة. إنه يسير دونما أقدام. ليس له ريش أو شعر. ويسرى فى بدنه دم بارد. ويخرج من بيضة كما الطيور. ويكمن فى سمه الداء والدواء. يمشى على الأرض ويتسلق الأشجار ويسبح فى الماء. يسكن فى الجحور المظلمة أو على الأشجار العالية. يغير جلده من آن لآخر. يبتلع ضحيته، التى تبدو أضخم منه دون عناء. |