Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأعلام فى مصر القديمة
المؤلف
عبد الحميد، عبدالله عبد الرازق
الموضوع
الحضارة المصرية الحضارة الفرعونية الأعلام و الرايات
تاريخ النشر
2005
عدد الصفحات
398 ص.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 326

from 326

المستخلص

ملخص:
مــقـدمـة
” إنه لمشهد مثير حينما يري المرء علم بلاده تداعبه الرياح فيحلق مرفرفا في السماء . ولم لا ؟ ! فهذا العلم ذو الألوان الزاهية البراقة والتصميم المدهش ، إنما يرمز في واقع الأمر إلى أرض الوطن وشعبة وثقافته وأفكاره ومثله العليا ، وحتى إلى حكومته . ويستطيع علم الوطن أن يلهب في نفوس الناس خليطا من مشاعر الفرح وروح الشجاعة والتضحية والفداء . وكم من أناس جادوا بأنفسهم في سبيل حماية علم وطنهم من أن يهان أو أن يسقط . ولذلك يجب على كل فرد أن يعرف كيف يعظم علم بلاده . ” بتلك الكلمات المعبرة وصف ” وايتني سميت ” Smith العلم الوطني . (1)

وكذلك أفاض عبد الرحمن زكي في وصف العلم فقال : ” إذا كانت الموسيقي العسكرية تنعش أرواح الجنود ، وتحثهم على الإقدام ، وتستثير شجاعتهم ، فإن مناظر الأعلام وتموجها يلهب فيهم دواعي الغيرة ومناحي القوة ، وتجلب لأعدائهم الدهشة والفتور . وعلي هذا لم يكن غريبا أن يكون لكل دولة علمها . وعلم الدولة هو أمارة وجودها وشارة حياتها ، وشعار قوتها ، ورمز شرفها ، حينما يرتفع ترفع إليه الأبصار ، وحينما يخفق تخفق له ومعه القلوب في كل مكان . ولا تحسبن العلم هو تلك الديباجة تلعب بها الرياح ، وتزين بها الدور في المواسم والأفراح ، بل هو الصحيفة التي خط عليها شرف الأمة وسطرت مفاخر تاريخها ، وكل ما لها لدى الأيام من روائع الذكريات . ” (2)
وعلى الرغم أن كلمات العبارات السابقة لم تركز إلا على نوع واحد فقط من أنواع الأعلام الكثيرة والمتنوعة ، وأقصد العلم الوطني ، لكونه الأهم والأبرز في العصر الحاضر ، على الرغم أن استخدام الأعلام بهذه الصورة الأخيرة ـ أي كعلم وطني ـ لم يعرف إلا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، إلا أن تلك الأقوال ـ فيما أعتقد ـ وما تحمله من معان سامية تعد كافية لإغراء أي باحث بأن يطرق باب دراسة موضوع الأعلام بوجه عام ، والأعلام في مصر القديمة بوجه خاص ، وذلك لأن دراسة الأعلام في مصر القديمة تعني التنقيب عن جذورها ، حيث شهدت الأرض المصرية مولد الأعلام الأولى في عصور ما قبل الأسرات . ولكل ما تقدم وقع اختيار الباحث علي موضوع ” الأعلام في مصر القديمة ” ، في محاولة لتحقيق أهداف عدة ، منها التأصيل لهذا العنصر الهام ، والتعرف على تاريخ نشأته وكيفيتها ، وعرض أشكال الأعلام البدائية وأنواعها واستخداماتها ، بل ومحاولة فك رموزها ورمزيتها ، ودلالاتها الدينية والسياسية ، وكذلك تتبع التطورات التي لحقت تبلك الأعلام الأولى عبر عصور مصر القديمة .
وقد شغلت دراسة الأعلام في مصر القديمة عددا من علماء المصريات وجذبت أقلامهم منذ فترة طويلة ، إلا أن الدراسات الأولى التي قدمت حول هذا الموضوع كانت إما عبارة عن مقالات مقتضبة تم نشرها في دوريات علمية أو موسوعات عامة ، تناولت الأعلام بعامة أو نوعا واحدا فقط منها ، وإما مقتطفات وردت في سياق الحديث عن موضوعات أخرى . (3) وكان ” فيكتور لوريه ” Loret من أوائل من أفرد مقالا عن أحد جوانب هذا الموضوع ، فكتب في عام 1902 مقالا صغيرا عن ”الأعلام العسكرية لدى القبائل الأولى في مصر القديمة والرموز الهيروغليفية للمعبودات ”، ثم أتبعه في عام 1904 مقالا آخر أعمق وأكبر عن العلم ” نتر” حمل عنوان ” بعض الأفكار المتعلقة بالشكل البدائي لبعض العبادات المصرية القديمة فيما يخص العلامة الهيروغليفية المستخدمة في كتابة كلمة ” نتر ” وفي عام 1906 قدم ” شيفر ” Schafer دراسة موجزة عن ” أعلام القتال لدى الآشوريين والمصريين القدماء ” وفيها قارن بين علم فيلق آمون المثبت فوق عربة حربية وبين نماذج أخرى مشابهة له ظهرت في الفن الآشورى في بلاد النهرين ، وفي عام 1941 كتب ” فوكنر ” Faulkner مقالا رائعا عن ” الأعلام العسكرية في مصر القديمة ” تناول فيه الأعلام العسكرية في مصر منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى نهاية عصر الدولة الحديثة . وكذلك قدم علماء آخرون مقالات صغيرة في موسوعات عامة ، وكان من هؤلاء ” هانز بونيت ” Bonnet و ” ديتر أرنولد ” Arnold ، وسيلفيو كورتو ” Curto ، وآخرون . وفي عام 1982 قدمت ” كاترين شادفو ” Chadfaud , C . أحد أفضل الدراسات المتعلقة بطراز من التماثيل اصطلح على تسميته بـ ” التماثيل حملة الأعلام ” .
وبعد أن استقر الباحث علي اختيار ” الأعلام في مصر القديمة ” كموضوع لنيل درجة الدكتوراه ، بدا اختيار الاصطلاح اللغوي الملائم لوضعه كعنوان لهذه الرسالة أمرا محيرا بعض الشئ ، فاللغة العربية تحوى عدة كلمات تحمل معني علم ، وكلها استخدمت في المراجع العربية لتشير إلى المعني نفسه ، فتارة تري البعض يستخدم كلمة ” بيرق ” وتارة أخرى يفضل البعض استخدام كلمة ” راية ” وكثيرا ما تقابلك كلمة ” علم ” وتجد أحيانا كلمة ” لواء ” ، وقد يظن القارئ للوهلة الأولى أن هذه الكلمات جميعها متماثلة ، لكن المدقق يلحظ أن هذه الكلمات برغم تشابهها إلا أن بينها فروقا ربما تكون طفيفة ، فكلمة ” بيرق ” في ” المعجم الوجيز ” تعني العلم الكبير . (4) ، والراية في ” مختار الصحاح ” تعني العلم . (5) ويقول ابن منظور في ” لسان العرب ” أن العلم هو الراية التي يجتمع إليها الجند . وقيل هو الذى يعقد على الرمح . (6) ويقول عن اللواء أنه العلم والجمع ألوية وألويات ، والأخيرة جمع الجمع ، وفي الحيث : لواء الحمد بيدى يوم القيامة ، و اللواء : الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش . والألوية : المطارد ، وهي دون الأعلام والبنود ، وفي الحديث : لكل غادر لواء يوم القيامة ، أي علامة يشهر بها في الناس . (7) ولما سبق فضلت استخدام تعبير ” علم ” لكونه يبدو أشمل .

وتتكون الرسالة من مقدمة وتمهيد ، ثم أربعة فصول وخاتمة ، ثم الملاحق التي اشتملت على ملحقين ثم الأشكال والصور التوضيحية ، فقائمة تضم المراجع العربية والمعربة والأجنبية . وقد استندت في تقسيم الفصول إلى أنواع الأعلام الأربعة الرئيسة ، التي عرفها المصريون القدماء ، حيث أفردت فصلا لدراسة كل نوع على حدة من زواياه المختلفة ، من حيث النشأة والشكل والاستخدام والتطور . وعلى الرغم أن حدود هذا البحث تقع في العصور التاريخية في مصر القديمة ( عصر الأسرات ) ، إلا أن الرجوع والاستشهاد بالأعلام التي ظهرت في عصور ما قبل الأسرات ، كان أمرا ضروريا للتأصيل لها والتعرف على مراحل نشأتها وكيفية تطورها . وجاءت فصول الرسالة كالتالي
1 ـ الفصل الأول : أعلام الأقاليم ، وفضلت تناوله من زاويتين رئيستين ، فاشتمل على مبحثين ، تناول المبحث الأول موضوع الأعلام ونشأة الأقاليم في عصر ما قبل الأسرات ، حيث عرضت فيه للأعلام البدائية التي صورت على الآنية الفخارية لحضارة نقادة الثانية ، و تلك التى نقشت على بعض الآثار الملكية المبكرة مثل الصلايات ودبابيس القتال ، وناقش الباحث اختلاف العلماء حول طبيعة هذه الأعلام ، وهل كانت أعلام وحدات سياسة أم لا ؟ . وتناول المبحث الثاني موضوع الأعلام في عصر الأسرات ، من حيث الشكل والتطور ، واشتمل على دراسة موجزة لعلم كل إقليم ومراحل تطوره .
2 ـ الفصل الثاني : الأعلام في المعبد المصري القديم ، وقسم هذا الفصل إلى مبحثين رئيسين ، الأول تحدثت فيه عن الأعلام في المعابد البدائية والآخر تناول الأعلام في المعبد المصرى في عصر الدولة الحديثة وما بعدها ، واشتمل المبحث الثاني على ثلاث نقاط رئيسة ، حيث تناول صيغ صواري أعلام المعبد في اللغة المصرية القديمة ، ووصف الصواري من حيث أعدادها وأخشابها وأبعادها وقواعدها ودعامات التثبيت الخاصة بها وراياتها وكيفية إقامتها ، ثم تناولت النقطة الأخيرة موضوع رمزية صواري أعلام المعابد .
3 ـ الفصل الثالث : أعلام الآلهة ، وتناول هذا الفصل ست مباحث تحدثت عن العلم ” نتر ” ، وأعلام أتباع حورس ، وأعلام الآلهة في مواكب الاحتفالات والأعياد ، والتماثيل حملة الأعلام ودورها في مواكب الاحتفالات ، وعلم الـ ” كا ” الملكية ، وأعلام الآلهة في المواكب الجنازية .
4 ـ الفصل الرابع : الأعلام العسكرية ، وتناولت فيه الأعلام العسكرية البدائية ، والأعلام العسكرية في عصر الدولة الحديثة ، والتى ظهر فيها أنواع وأشكال مختلفة ، فكان هناك أعلام فيالق ، وأعلام على هيئة المروحة ، وأعلام مستطيلة أو مريعة وأعلام للشرطة وأعلام بحرية ، ثم تناولت رتبة حامل العلم العسكري والتى ظهرت في عصر الدولة الحديثة .

وأخيـرا ..أنهيت الرسالة بخاتمة اشتملت أهم النتائج التي رصدها البحث ، وأخيرا ذيلت للرسالة بملحقين تناولت فى الأول بيانا بأعلام أقاليم مصر العليا والسفلى ، وتناول الملحق الآخر أهم الشخصيات التي حملت رتبة حامل العلم العسكري في عصر الدولة الحديثة .
وبعــــد ..
فإننى على يقيـن أن هذا الجهد المتواضع و الإسهام البسـيط فى مجال الآثـار و الحضارة المصـرية القـديمة لا يعدو كونه محاولة لإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع الهام ، وهو موضوع ” الأعـلام فى مصـر القديـمة ”، ولا يدعي هذا البحث أنه قال كلمة الفصل فيه أو أنه خرج مكتملا خاليا من السلبيات ، لكن ما يمكن قوله هو أن هذا البحـث ما هو إلا محاولة للتمهيد للدراسات اللاحقة ، و آمـل أن أكون قـد وفـقت فى عـرض عناصـره . ومهما يكن المدى الذى سيناله هذا البحث من نجاح ، فيكفي أنه كان لي شرف المحاولة .
الباحث