Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الاتجاة الفقهى لصحيح مسلم بشرح النووى /
المؤلف
طمان، غادة مصطفى عبد الغنى.
الموضوع
الفقه الإسلامى. الحديث.
تاريخ النشر
2007.
عدد الصفحات
292 ص. :
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 302

from 302

المستخلص

بعد انتهيت من تقرير ما أداه إليه البحث من منهج كل من الإمامين مسلم و النووى على التفصيل السابق أقدم فى هذا الباب إن شاء الله استخلاص نتائج عامة ، مقارنة تتخذ مادتها العلمية مما وصلت إليه فى الباب السابق من سمات منهجية مضافاً إليه بعض المسائل التى تستلزمها ضرورة هذه المقارنة مما سأعرض له تفصيلاً فى هذا الباب و سألتزم فى هذه الدراسة المقارنة بشيئين : الأول إنى سأقف – بصورة أساسية – موقف المقارن فى سبيل الوصول إلى نتائج عامة ، و هو موقف يعتمد أساساً على ما تقرر من سمات منهجية فى الباب السابق ، إلا أن هذا لن يحول بينى و بين أن أدلى برأى خاص فى شئ مما ستحتويه هذه الدراسة كلما اقتضى الأمر ذلك .
الثانى : أننى سألتزم فى هذا الباب موقف الإيجاز و التركيز ، الذى يحاول تقرير النتائج المستخلصة فى سطور قليلة تتوخى الدقةو الاستيعاب الموجز .
1 – أن الإمامين – مسلم والنووى – قد اتفقا فى الكثير من الأحكام الفقهية التى تعرض لها الإمام مسلم فى صحيحه و لم يختلفا إلا فى بعض المسائل القليلة و قد أوضحتها فى الباب الأول على التفصيل السابق .
2 – القرآن الكريم :
لم يخالف واحد من الإمامين فى أن القرآن الكريم هو مصدر التشريع الإسلامى ، وهذا الأمرمعلوم من الدين بالضرورة يكفر جاحده . إلا أن هذا الاتفاق لايعنى اتفاقهما فى كل المباحث المتصلة بالقرآن ، فقد اختلفت النظرة بينهم فى بعض مباحثه ، ذلك الاختلاف الذى لايؤدى إلى التعرض لشىء من المعلوم من الدين بالضرورة .
ففى مجال نسخ القرآن ، فقد رفض الإمام النووى إمكان نسخه بشىء سوى القرآن ، والسنة يلجأ إليها فى مجرد الاستدلال على هذا النسخ ( ) ، وكذلك الإمام مسلم ذهب إلى أن السنة لاتنسخ القرآن .
وتخصيص عموم النص القرآنى بالقرآن أو بالسنة المتواترة أو بخبر الواحد – الذى يصح لدى كل منهما بحسب مقاييسه – ليس به خلاف بينهما وقد قبل الإمامان الزيادة علىالكتاب بخبر الواحد .
هذه هىالأمور المشتركة التى يمكن فيها استخلاص مقررات عامة من أقوال الإمامين فيما يختص بالقرآن.
3- السنة :السنة عند الإمامين هىالمصدر الثانى للتشريع الإسلامى بعد القرآن الكريم ، وأيضاً لم يخالف واحدا منهما حديثاً صح لديه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، لكن بلا شك اختلفت نظراتهما للأحاديث بعض الاختلاف وذلك يرجع إلى عوامل هى :
الأول : اختلاف مقاييس كل منهما عن مقاييس الآخر فى إثبات الأحاديث
الثانى : اختلاف وجهة نظر كل منهما فى فهم الأحاديث المتفق على قبولها وكيفية تطبيقها ، وصلاتها ببقية النصوص التشريعية الخاصة والعامة فى المسألة.
وقد ذهب الإمامان إلى أن السنة تنسخ السنة سواء أكانت آحاد أو متواترة والإجماع لا ينسخ لكنه يدل على النسخ ( ) وذهب الإمامام إلى رد الحديث المرسل وإلى أنه ليس بحجة إلا أن البعض انتقد على الإمام مسلم ما وقع فى الصحيح من بعض الأحاديث المرسلة ، لكن هذا الانتقاد لا يصح لأن هذه الأحاديث المرسلة قد تبين وصلها من أوجه أخر وقد بينتها فى الباب الثانى وخالف الإمام النووى الإمام مسلم فى مراده للمرسل فالمرسل عند الإمام مسلم وأكثر المحدثين هو رواية التابعى عن النبى- صلى الله عليه وسلم- وعند الإمام النووى ما سقط من رواته واحد فأكثر ثم إن مرادنا بالمرسل هنا ما أنقطع إسناده فسقط من رواته واحد فأكثر ... ( )
أما تخصيص السنة فهى عند الإمام مسلم تخصيص بالسنة سواء المتواترة أو الآحاد ولا تخصيص بالإجماع ولا القياس ، لكن عند الإمام النووى يجوز تخصيص السنة بالإجماع ( ) ، وبالقياس ( ).
4- أقوال الصحابة : فالإمام مسلم لم أستطع استخلاصها كاملة فيبدوا من مجموع رواياته للأحاديث أنه يلتزم بأقوال الصحابة فى مجموعها . واعتمد على الموقوفات فى كتاب التفسير ، وكان أحياناً يوردها عن طريق الإستئناس وتعضيدالأدلة وأحياناً يعتمد عليه فى الأبواب كما سبق أن بينت ، وكان يعتد بها فى معرفة الناسخ والمنسوخ .
وكان الإمام مسلم يختار من أقوال الصحابة إذا تعددت فى المسألة الواحدة كإقراره قول ابن عباس فيمن حرم امرأته( ) وكذلك الإمام النووى كان يتخير من أقوالهم إذا تعددت فىالمسألة الواحدة وذهب النووى إلى أن قول الصحابى ليس بحجة إن لم ينتشر وفى هذه الحالة يقدم القياس عليه أما إذا انتشر فهو عنده حجة ويقدم على القياس . أما إذا اختلفت الصحابة على قولين لم يجز عنده تقليد واحد من الفريقين بل يطلب الدليل . أما سكوت الصحابة وعدم التصريح بالموافقة و المخالفة عنده حجة لأنهم لو خالفوه لاعترضوا عليه( ) ووافق الإمام مسلم الإمام النووى فى أن الصحابى ، المقصود به كل مسلم رأى النبى صلى الله عليه وسلم ولو لحظة واحدة .
لكن ، ما الحكم إذا قال الصحابى : ( أمرنا بكذا ) أو ( نهينا عن كذا ) أو ( السنة كذا ) دون أن يصرح فيه بأن الآمر أو الناهى رسول الله صلى الله علية وسلم أو غيره ، يبدوا من دراسة فقة الإمامين أنهما لم يكونا يأخذان بذلك على أنه سنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا إذا اقترن كلام الصحابى بما يترجح معه ذلك لاحتمال أن يكون مراد الصحابى بقوله هذا سنة البلدان أو أمر الرؤساء ، حيث عاشوا بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم سنوات طويلة ، و تنقلوا فى بلدان متعددة ، و لا تثبت السنة بصورة يقينية مع هذا الاحتمال القوى الذى يؤكده أن الصحابة كانوا حريصين على إسناد ما لرسول الله -صلى الله عليه و سلم -إليه فى مثل هذه المواقف تأكيداً لحجيته و إلزامه ”( )
5– الإجماع : لم أجد فى صحيح مسلم ما يفصل مفهوم الإجماع عنده إلا أنه يعمل بمفهوم الإجماع فى الجملة إلا أن الإمام النووى لا يعتد إلا بإجماع أهل الحل و العقد و يعتبره هو المقياس فى الإجماع ( )
أما إجماع أهل المدينة فقد رفض الإمامان التحيز لأهل المدينة أى لا فرق عندهما بين عمل أهل المدينة و غيرهم ، فمن كان الدليل معهم فهم أهل العلم المتبع ، فالحجة اتباع الدليل .
على أننى أوافق مالكاً فى أن هناك بعض الأمور التى تتميز بها ( المدينة ) بصفة خاصة على بقية البلدان و من ثم يصبح لما عليه العمل أو الإجماع بها مزية خاصة ، و أعنى بذلك ما نقلته الكافة عن عصر رسول الله صلى الله عليه و سلم فى بعض الأمور الخاصة التى يصح فيها هذا النقل .
القياس :
ضيق الإمام مسلم من دائرة القياس نتيجه لتمسكه بالنص ، فالصحيح به العديد من الأمثلة التى استخدم فيها الإمام مسلم القياس بمعناه العام ، و قد ذكر الإمام مسلم الكثير من الأحاديث التى تدل على ذم الرأى و تكلف القياس ، و ذكر أيضا الكثير من الأحاديث التى تدل على ما يكره من كثرة السؤال و تكلف ما لا يعنى ، و هذه الأحاديث فى مجملها تشير إلى عدم اعتداده بالفقه الافتراضى و ذلك لأن مبناه دائماً يكون على القياس ، و لا قياس إلا عند الضرورة ، و لا ضرورة واقعة فيما لا يحتاج إليه .
و الإمام مسلم لا يذم إلا بعض الرأى لا ذات الرأى ، كما أن الذم موجه إلى تكلف القياس ، لا إلى ذاته فهو أثبت صحة القياس ، لكن ما جاء به القياس كان للإيضاح و التفهم ، بعد أن كان الحكم ثابتاً و لم يكن لإثبات الحكم . و الإمام النووى أيضاً عمل بالقياس و كان يقدم القياس على الحديث الضعيف لكن عنده حالات لا يقبل فيها القياس و هى : إذا عارض القياس النص الذى يلتزم به النووى ، و من ذلك أنه يقول بقضاء الحائض للصوم قال : يجب القضاء ، لأن الصلاة فى حق الحائض و النفساء عزيمة .
و الحاصل أن من لم يؤمر بالترك لا يستحيل أن يؤمر بالقضاء فإذا لم يؤمر كان تخفيفاً و من أمر بالترك فامتثل الأمر لا يتوجه أمره بالقضاء إلا الحائض فإنها مأمورة بترك الصوم و بقضائه و هو خارج عن القياس للنص .( )
سد الذرائع :
اعتبر كلا من الإمامين معنى سد الذرائع ، و قد ثبتت هذه القاعدة بنصوص كثيرة جداً بحيث يصح اعتبارها مقرراً شرعياً من مقررات التشريع الإسلامى العامة و هل كل الأحكام – فى جملتها – إلا أمر بما يؤدى إلى الخير و المصلحة و نهى عما يمكن أن يؤدى إلى المفسدة ؟ و لهذا فإن معنى العمل بسد الذرائع متداخل فى المصلحة و العمل بها ، لأن مؤداه فى النهاية تحقيق المصلحة و قفل باب المفسدة ، و إن كان العمل بالمصلحة لا يقتصر على مراعاة الذريعة بمفهومها الفقهى المحدد ، لأنه يشمل اعتبارات أخرى تؤدى أيضاً إلى تحقيق المصلحة .
و من خلال صحيح الإمام مسلم تبين بحق أنه مال إلى الأخذ بسد الذرائع ، أخذا بالأحوط ، و نظر إلى مآل لفعل ، و اتهاما للقصد عندما يكون الفعل غير مأذون فيه .
والإمام النووى من خلال فقه أجد أنه لم يرفض قاعدة (سد الذرائع)رفضاً مطلقاً لكنه رفض تحكيمها فى العقود خاصة وعدم اتساعه فى هذه القاعدة يرجع كما سبق أن أشرت إلىبناءه الشريعة على أمور ظاهرة .
المصلحة المرسلة :
نجد أن الإمام مسلم اعتبر المصلحة فى الجملة فلم أجد أمثلة تدل على اعتداده بالمصلحة المرسلة بصفة خاصة أما الإمام النووى فكان يلتمس المصالح من النصوص ، و يتعرف من عللها مقاصدها فهو لا ينظر إلى المصلحة إلا إذا كان لها شاهد من دليل آخر . فلا مصلحة معتبرة عنده إلا ما يشهد له نص خاص .
شرع من قبلنا :
لا يمثل ” شرع من قبلنا ” مصدراً تشريعياً مستقلاً من مصادر التشريع الإسلامى ، لأن ما ينقل إلينا من شرائع الأمم السابقة على الإسلام لا يخلو : إما أن ينقل إلينا عن طريق كتبهم و ماحرف رجالهم منها ، و ذلك ما لا نسلم بصحته لثبوت التحريف فيه ، و إما أن ينقل إلينا بطريق صحيح عندنا – و هو نصوصنا الدينية نفسها من القرآن و السنة و هنا يكون ما نقل إلينا منه داخلاً فى نصوصنا ذاتها و هذا لا يخلو أمره من ثلاثة احتمالات . الأول : ما دل الدليل على أنه مشروع فى حقنا أيضاً فنكون مطالبين به بمقتضى أصولنا نفسها .و الثانى : ما دل الدليل على أنه منسوخ فى حقنا ، فلا يكون شرعاً لنا .و الثالث : ما ورد فى نصوصنا مما لا يدل عليه دليل بأنه مشروع أو أنه غير مشروع فى حقنا .
و هذا هو مجال القول بين بعض الفقهاء و الأصوليين فيما يسمى ” شرع من قبلنا ” فماذا كان موقف الإمامين منه ؟
فى الحقيقة لا أجد واحداً من الإمامين يصرح بموقفه منه أما موقفهم فلم أجد ما يدل على أن واحداً منهما كان ينظر إلى العمل بشئ من ذلك على أنه بمصدر مستقل يسمى ” شرع من قبلنا ”.
الأعراف و العادات :
بنى الكثير من الأحكام فى النصوص التشريعية – كما سبق – على مراعاة الأعراف و العادات ، فلم يكن من العجيب إذن أن يعتبر الإمامان مسلم و النووى العادات و الأعراف فى فقههما .
و من المعروف أن الإمام مسلم من خلال هذا البحث مذهب فقهه ، و تبين مدى تأثره برواة الحديث من الصحابة و سأكشف السمات العامة التى تحكمه عند الاستنباط هو و الإمام النووى و هى :منهج الإمامين . ثم تناولت المرسل و اتفاقهما فى عدم حجيته .
الاستصحاب :
ثبت أصل العمل بالاستصحاب بكثير من النصوص الدينية التى ذكرها الإمامان فى فقهما . فهما يعملا بمعانى الاستصحاب ، و أن الاستصحاب عندهما كان حجة للدفع و الاثبات معاً كما بينت فى الباب السابق .
أما عن منزلة الإمامين الفقهية فقد تبين لي أن الإمام النووي مجتهد مقيد مُرجح أما الإمام مسلم فمجتهد دون وصف الإطلاق – الاستقلال – وفوق التقيد.