![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص التراث الأدبي هو أحد الكنوز التي ورثناها عن الأوائل إلي جانب كثير من ألوان المعارف والعلوم، وهو الديوان الذي سجلوا فيه مآثرهم، وما مر بهم من أحداث سياسية وإجتماعية ودينية، وهو المنفذ الإبداعي الذي عبروا من خلاله عن رؤيتهم للأشياء من حولهم، كما عبروا من خلاله عما يعتمل في أنفسهم ووجدانهم في الحالات المتباينة، في الضيق والفرح والرضا والسخط، وفي الشدة والرخاء، والسعادة والشقاء. ومع نزول القرآن الكريم، وتفجيره ينابيع العلوم اللغوية والبيانية ظهرت للتراث الأدبي أهمية أخري من جهة تلبيته حاجة هذه العلوم إلي الشاهد والمثل، كما راح المفسرون ينظرون إلي النص الأدبي بما فيه من ثراء في الألفاظ والتراكيب علي أنه وسيلة إلي تغيير النص القرآني الذي يمثل النمط الأرقي والأسمي للأسلوب العربي الفصيح. ومنطلق هذا الدور البارز الذي يلعبه النص الأدبي في التغيير إخترت التراث الأدبي في تفسير ابن كثير ليكون موضوع دراستي لنيل درجة الماجستير، إذ أنني عندما قرأت هذا التفسير وجدت أن ابن كثير يعتمد علي النص الأدبي بإعتباره وجها رئيسيا من أوجه التفسير، كما يتخذ منه رفيقا في رحلته مع آيات الكتاب العزيز، فإذا شرع في الكشف عن الأبعاد الدلالية للكلمة القرآنية أو تحدث عن وجه الإعجاز في أمر تركيبي أو بلاغي أو رد من الشعر شاهدا ومثلا لوجهة نظره، وما ذهب إليه من تفسير. كذلك إذا تحدثنا عن القيم والمبادئ التي انطوت عليها المعاني القرآنية نزع إلي النص الأدبي الذي يمجد هذه المعاني سواء كان شعرا أو موعظة أو حكمة أو مثلا سائرا. ولا يفوته عند تفسير ماتضمنته الآيات من قصص أو إشارت إليه من أحداث تاريخية أن يزيد الأمر بسطا عن طريق مايحفظ فيها من أشعار، أو عن طريق ما بلغه عنها من أخبار بني إسرائيل، مما لايخالف الكتاب أو السنة، وأباح الرسول – صلي الله عليه وسلم- التحديث فيها. وقد فرضت علي طبيعة الدراسة إستخدام أكثر من منهج، فقد إستخدمت المنهج التاريخي عند توثيق النصوص وردها إلي قائلها، كما إستخدمت المنهج الفني القائم علي التحليل عند تصنيف النصوص والدراسة الفنية، إلي جانب مناهج التحقيق عند تخريج الأشعار وتحقيق رواياتها. |