Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الاقنعة الفنية عند صلاح عبد الصبور /
المؤلف
ابو الوفا،السيد عزت السيد عبد الغني.
الموضوع
الادب العربي.
تاريخ النشر
2009.
عدد الصفحات
236ص. ؛
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 224

from 224

المستخلص

وجريا على سنة البحث، وإتماما للفائدة، يسجل الباحث أهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، وقد قسمها إلى:
أولا: نتائج عن مصطلح ”القناع”
1. مثل القناع جزءا مهما فى ثقافات الشعوب المتباينة؛ حيث استخدم بوصفه أداة طقسية مقدسة، ساعدت المتقنع لتحقيق غايات نفسية، ودينية، واجتماعية، كما ارتبط القناع منذ نشأته بالأداء التمثيلي (الدرامي)، فى كل مراحل تطوره من أداء الشعائر الدينية،مرورا بالمسرح ووصولاً إلى القصيدة الشعرية الحديثة.
2. ارتبط القناع منذ نشأته بأداء الدور الرمزى الناقد والموجه، لبعض القيم السلبية فى المجتمع؛ بغية تسليط الضوء عليها وكشفها، والعمل الحثيث لتغييرها إلى أضدادها من قيم إيجابية نافعة.
3. اشترك شعراء كثيرون فى عملية انتقال القناع من المسرح (الدراما) إلى القصيدة الشعرية، مثل ”براوننج”، و”ييتس”، و”إليوت”، و”باوند”، غير أن اليد الطولي فى ذلك كانت للشاعر ”وليم بتلرييتس”، حيث اعتبر القصيدة
– عندئذ – بمثابة المكان الذى تتحرك فيه الشخصيات ”الأقنعة” كما اعتبر المسرح ذاته ليس إلا عقل الشاعر، فى عملية إيهامية مقصودة هدفها الأول السيطرة على شعور المتلقى.
4. التقمص ”التماهى” هو القانون الأساس الذى تتكئ عليه عملية التقنع، ولابس القناع يعيش على مستويين من الوعي، الوعى بذاته الأصلية، والوعي بذات القناع الناجمة عن اتحاد الذاتين معا.
5. تتأسس وتنبني بنية القناع على مجموعة من النصوص المصدرية والتى تتكشف عبر حركتي التماهي والتناص: التماهي بشخصية القناع، والتناص مع العديد من النصوص المصدرية السحيقة، وعن طريق معرفة آليات عمليات التناص هذه، يتم الوقوف على مدى كثافة القناع، وعمق التماهي، وتحديد بنى القناع الدرامية، والرمزية، والموضوعية.
6. تنتشر الأقنعة، وتتعدد ملامحها، وتتنوع أساليب التعبير فيها، بخاصة فى تلك المجتمعات المتأزمة التى تسعى السلطة فيها – على اختلاف أدواتها – لتكريس توجهات الحظر، والمنع، والتنكيل، والمصادرة، وبالرغم من ذلك استطاع التقنع اختراق تابوات النظم المحرمة، فحقق الإشباع النفسي بالتعبير عن المسكوت عنه، وقام الشاعر عن طريقه بدوره من النقد والإصلاح ومحاولات التغيير.
7. ساعدت وساطة القناع الدرامية المبدع فى تأمل مشاعره، والتحكم فى تتابعها وانثيالها، كما ساعدت المتلقي فى إبطاء سرعة التقائه بالنص، وتأمل علاقات القصيدة، وأصواتها المتداخلة.
8. ليس للقناع وظيفة ثابتة فمن الممكن أن يؤدى مجموعة من الوظائف المتضافرة فى الوقت ذاته. كما أنه ليس له هوية محددة، فقد يكون إنسانا، أو حيوانا، أو نباتا، أو كائنا مشخصا من مشخصات الطبيعة، والمهم فى القناع ليس هويته، وإنما إمكاناته، وقدراته على فتح آفاق التعبير والإبداع.
9. تنوعت مصادر التقنع بين الأقنعة الدينية والأسطورية والشعبية والتاريخية... الخ ومثل التاريخ (الماضى) للشاعر قناعا بما أمده من أسباب البقاء والخلود من الرموز والشخوص والأساطير والنصوص والتجارب، فكان الأرض التى توجه إليها المبدع ليحرثها، ويستخرج منها كنوزه من الأقنعة.
10. تنوعت دوافع التقنع وأسبابه، ما بين سياسية واجتماعية وثقافية، وفنية، وكانت الموضوعية هى الدافع الأسمى من وراء عمليات التقنع المختلفة.
11. توفر النقاد العرب على دراسات القناع، وتم له رصد نقدي واع، اتفق فى معظمه على منطويات القناع المفهومية والمعرفية، وإن تباين بعض الشئ فى طرائق معالجته، والاشتغال عليه.
12. كانت المثاقفة Acculturation بوصفها عملية تشير إلى مسارات التأثر والتأثير بين جماعة وأفراد طلبا للمحاكاة أو التشوف، أحد أهم العوامل التى ساهمت فى إبراز القناع، وانتشاره فى البيئة العربية، بعد التعرف عليه وتعريبه.
13. مثلت قصيدة القناع الملمح الأبرز لتجاوز التعبير الرومانسي والذاتى، إلى التعبير الموضوعى، الملائم لنزعة العصر التعبيرية التي مثلت فيه الموضوعية مطلب عاما، سعت إليه كل الفنون على اختلافها.
ثانيا: نتائج عن أقنعة الشعر الغنائى عند عبدالصبور:
1. مثل التقنع لدى عبدالصبور غواية أثيرة احتفى بها فى إبداعه معظمه؛ لذا امتدت الأقنعة فى شعره، وشكلت شجرة كثيفة، تنوعت أغصانها، وتلاقت ذوائبها، وتشابكت إلى أن صنعت أرضيات متكاملة من الظلال الوارفة، طبقاتها الدين، والأسطورة، والتاريخ والنماذج العليا، والتراث الشعبي، وبعض كائنات الطبيعة ومشخصاتها.
2. الدرامية هي الصفة القارة في إبداع عبدالصبور بعامة، وفى قصائده القناعية، بخاصة، وهو ما يفسر وجود أوجه الدراما المختلفة فى تلك القصائد من صراع، وتعدد أصوات، وحوار.. الخ.
3. مثلت لغة المجاز عند عبدالصبور بما فيها من تشبيهات، وكنايات، ورموز، وإيماءات، وتوريات.. الخ قناعا مغطيا، استطاع القيام بأهم أدوار القناع الرئيسية من النقد والسخرية فضلا عن التخفي والاستتار، والمساعدة فى التعبير عن المسكوت عنه.
4. لم يستطع عبدالصبور التخفي وراء ستار اللغة وإيماءاتها حين أراد نقض بعض الثوابت الدينية فى مجتمعه، حيث أفصحت إيماءاته عن دواخله، وأبانت بوضوح تجديفه، فى فترة كان هو فيها – بحسب اعترافه – أقرب إلى الإنكار منه إلى الإيمان واليقين.
5. مثلت بعض أنواع المفارقة لدى عبدالصبور نمطا من أنماط الأقنعة لديه، حيث استطاع التخفي المحكم وراء أركانها، وجني ثمار قدرتهاعلى المداراة، والخداع، والمخاتلة، وممارسة النقد اللاذع والسخرية المرة المؤلمة.
6. تنوعت أقنعة عبدالصبور ما بين أقنعة كلية (محورية)، تدور حولها القصيدة كلها، وبين أقنعة (جزئية) هدف الشاعر من ورائها إضاءة بقعة معينة فيها، أو الاستشهاد بها على معاناة خاصة يعيشها، وبين (إشارات قناعية)، استهدفت استدعاء ثقافة المتلقى ومعرفته، فكان ذلك تنويعا فى أساليب التقنع، ومحاولة لجذب القارئ ورغبة فى أن تنفسح القصيدة التجربة.
7. تخفى عبدالصبور خلف أقنعته معظمها بحذق، وحذر، فحرص على عدم التدخل فى شئون القناع، وألا يطغى الجانب التراثي على المعاصر، أو العكس، كما حرص على عدم تحميل أقنعته دلالات لا تتناسب مع صفاتها التاريخية المأثورة، وباستثناء قناع الصوفى بشر الحافى – حيث حملَه الشاعر صفات مغايرة تماما بخلاف ما أثر عن حياته – على الحقيقة – استطاع عبدالصبور القيام بعمليات الإحلال والإزاحة على خصائص الأقنعة التى اشتغل عليها فى تجربته القناعية.
8. من ميزات تجارب عبدالصبور القناعية عدم ترهل قصائده القناعية، وتجنب طولها الزائد، والحفاظ على طولها المناسب؛ بحيث صارت قصائد محكمة البناء والنسج، مكثفة البنى الثلاثة الموضوعية والرمزية والدرامية، وبالرغم من أن قصائد القناع تحتاج لانفساح فى النص إلا أنه أجاد التحكم فى طولها وأفاد فى الوقت ذاته من الإيحاء، والإيهام، والتكثيف.
9. ثبت لعبدالصبور لقب ”الأول” فى عدة أمور منها أنه:
1- أول من أطلق مصطلح قصيدة القناع فى النقد العربي.
2- أول من اكتشف رمز السندباد فى الشعر العربى.
3- أول من زاوج بين رحلة الشاعر فى سبيل المعنى، أو رحلة المعنى إليه، والرحلة السندبادية بوصفهما معا رحيلا عبر المجهول، واكتشافا جديدا لدواخل النفس والكون والحياة.
10. كما أجاد عبدالصبور ارتداء الأقنعة بحذق، أجاد ما أمكن تسميته (تلبيس القناع) بمهارة، حدث ذلك حين مع شخصية ”عبد الناصر” حين ألبسه قناع ”إيزيس” فى قصيدة(الحلم والأغنية...مرثية لعبدالناصر) ومع شخصية المثقف المعاصر” حين ألبسه قناع الضائع الخوار، فى (قصيدة الظل والصليب).
11. يبدو الشاعر صلاح عبدالصبور فى أفضل حالاته الإبداعية حين يكون عازفا عن الحديث أو الظهور بشخصه فى شعره، وإنما يكون كذلك حين يتحدث متخذا قناعا بوصفه درءا حاميا، ووجها مغطيا يعمَي عن قسمات وجهه فتتعذر على التحديد، والتعيين.
12. إذا كان القناع هو هوية الشاعر العميقة، وكينونته السحيقة التى يسعى دائما لتحقيقها أثناء تقنعه ، فإن قناع السندباد أعمق الهويات التى عثر عليها عبدالصبور فى تجاربه الشعرية القناعية، حيث لزمه هذا القناع منذ بدء إبداعه وحتى آخره، وجسد تجربته ومعاناته الإبداعية”، والحياتية تجسيدا دراميا موجعا، ولعل الفضل فى ذلك يعود إلى نجاح الشاعر فى التقاط نقاط التماس بينه وبين قناعه، فكلاهما كان رحالة عبر المجهول، وبحاثه عن كل جديد، داخل النفس والإبداع والحياة بوجه عام.
13. مثلت الأقنعة الدرامية المحكمة لدى عبدالصبور مثل قناع القديس، وقناعا بشر الحافى، وعجيب بن الخصيب، وقناع السندباد، جسرا مشيدا بإحكام عبر عن طريقه عبدالصبور لتحقيق النجاح فى التعبير عن تجربته الذهنية والجمالية بطريقة موحية رامزة.
14. نجح عبدالصبور فى مقاربة القناع إبداعا، بحيث تخطت عمليات التقنع عنده التغطية والتمويه، إلى ما هو أعظم شأنا، وأعمق أثرا، أعني القيام بالاحتواء والتحويل؛ حيث استطاع فى معظم أقنعته احتواء وجه الشخصية القناعية والتماهى بها لتحويلها إلى شخصية جديدة ذات ملامح وقسمات مغايرة، هى شخصية القناع.
15. تحتاج قصائد عبدالصبور القناعية خاصة – مجهودا ذهنيا، ودربة، ووعيا حرفيا حين مقاربتها، ذلك أن انبناءها تم على أساس الوعي والصنعة، والمجهود والبناء.