Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
اهداف التربيه فى المجتمع الاسلامى المعاصر فى ضوء البعد الاجتماعى لمقاصدالشريعه الاسلاميه :
المؤلف
موافى، شحته محمد.
الموضوع
التعليم الدين الاسلامى.
تاريخ النشر
2010.
عدد الصفحات
276ص. ؛
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 342

from 342

المستخلص

يعاني المجتمع الإسلامي المعاصر من مشكلات كثيرة فى شتى مجالات الحياة: مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية وتربوية وغيرها، وهو واقع مرير وحالة سيئة لحقت بالأمة الإسلامية ومجتمعاتها؛ بما أصابتها من ضعف ووهن وتفكك وانحلال بدءاً بالفرد والأسرة، ووصولاً إلى المجتمع الذى أصابه الشقاق والخلاف؛ وتداعت عليه الأمم –رغم عدائها واختلافها- كما تتداعى الأكلة على قصعتها0
والمجتمع الإسلامى المعاصر فى حاجة ماسة لجهود التنمية، وخاصة تلك التنمية القائمة على تصور إسلامى خالص، يُعَبِّرُ عن مطالب هذا المجتمع، ويعتمد على القيم الإسلامية الصحيحة الخالصة؛ إذ إن المجتمع الإسلامى لا يَقْدِرُ أن يعيش فى – وسط العالم- جزيرة ثقافية منعزلة؛ ولذا فهو يحتاج إلى أمرين مهمين هما : التحدى فى بناء ذات إسلامية متميزة، والتعاون مع العالم فى سبيل الإنسان والحضارة الإنسانية، وعلى التربية الإسلامية أن تساعد على إنجاح تلك الجهود بصياغة صحيحة سليمة للأهداف التربوية.
ومن الملاحظ أن التربية الحديثة تعانى من أزمة فى مجال الأهداف التربوية، وهى أزمة نابعة من الأصل التربوى الذى يسبق الأهداف فى دورة العملية التربوية، وليس من شك فى أن افتقار العمل التربوى إلى أهداف محددة ”يعد مبعثاً لكثير من مظاهر التخلف المحيطة بالمؤسسات التربوية بكافة أنواعها، وأن التخطيط السليم للأهداف يؤدى إلى نجاح رسالة التربية طالما هيئ لهذه الأهداف وسائل التنفيذ الملائمة.
والإسلام شريعة ربانية متكاملة لديها تصور واضح للإنسان والكون والحياة والقيم والأخلاق والمجتمع ومبناها وأساسها علي الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها، ومصالح كلها وحكمة كلها، إنها عدل الله بين عباده وحكمته الدالة عليه وعلي صدق رسوله أتم دلالة وأصدقها.
وللشريعة الإسلامية أهداف اجتماعية لابد أن تتحقق فى كل مجتمع، ولو بين الآحاد بعضهم مع بعض إذا جمعتهم بيئة، ولو كان جواراً فى سفر، أو جلوساً فى مركب، أو اجتماعاً فى معبد، أو استراضة فى ناد، أو لقاءً عابراً لا استقرار فيه، كما يجب أن تتحقق هذه الأهداف فى المجتمعات المستقرة كالأسرة، والمجتمع الصغير، والمجتمع الكبير فى الأمة الواحدة، أو فى الأسرة الاجتماعية، وهى المقاصد العليا للشريعة الإسلامية؛ فقد جاءت لتكوين مجتمع فاضل يضم الأسرة الإنسانية كلها قاصيها ودانيها.
ولقد اهتم القدماء بإبراز الجانب الفردى من المقاصد كالغزالى فى المستصفى، والشاطبى فى الموافقات على نحو قد يفهم منه أن انتباههم موجه بصورة أكبر إلى الإنسان الفرد، ولم يلتفت –بقدر كافٍ- إلى المجتمع والأمة، وربما كان عذرهم فى ذلك أن المجتمعات إنما تتكون من أفراد، فإذا صلح الأفراد صلحت المجتمعات، وإنما يصلح الأفراد إذا حافظنا على مقومات حياتهم الدينية والدنيوية، المعنوية والمادية، ومهما يكن لهم من عذر، فلابد أن نُؤَكِّدّ أن شريعة الإسلام تهتم بالمجتمع كما تهتم بالفرد، وهى تقيم توازناً بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية فى غير طغيان ولا إخسار.
ولما كان الجانب الاجتماعى من المقاصد ما يزال فى حاجة ماسة إلى تفعيله وإبرازه، بصورة تسهم فى تنمية مجتمعنا الإسلامى المعاصر، فقد أشار بعض العلماء المعاصرين إلى ضرورة التوسع فى دراسة المقاصد – لا سيما أن حصرها فى الكليات الخمس أمر اجتهادى يرجع إلى أبى حامد الغزالى – بشكل يسهم فى تحقيق طموحات المجتمع وتنميته الحضارية.
ومما سبق عرضه يتضح لنا أمران مهمان هما :
أولاً : مدى أهمية صياغة أهداف محددة وواضحة للتربية الإسلامية ترشيداً للجهود، وأخذاً بيد العاملين فى ميدانها إلى الطريق القويم0
ثانياً : ضرورة الاهتمام بالبعد الاجتماعى فى مقاصد الشريعة –حيث لم يعط حقه من البحث والتفعيل حتى اليوم- عند صياغة هذه الأهداف التربوية فى المجتمع الإسلامى المعاصر0
مشكلة الدراسة :
ويمكن صياغة وتحديد مشكلة الدراسة فى التساؤل الرئيسي التالى :
- ما أهداف التربية فى المجتمع الإسلامى المعاصر فى ضوء البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة الإسلامية؟
ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسى التساؤلات التالية :
1- ما مقاصــد الشـريعــة الإســلاميــة؟
2- ما البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة الإسلامية؟
3- ما أبرز التحديات التى يعيشها المجتمع الإسلامى المعاصر؟
4- ما أهداف التربية الإسلامية فى ضوء البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة ؟
5- ما وسائل تحقيق هذه الأهداف لمواجهة بعض تحديات المجتمع الإسلامى المعاصر؟
أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة إلى :
1- التعرف على مفهوم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأهميتها، وتطورها التاريخى وطرق إثباتها، ومدى حجيتها0
2- تحديد البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة الإسلامية، وإبراز أهميته، ومحاولة تفعيله0
3- الكشف عن مفهوم المجتمع الإسلامى، والكشف عن أبرز التحديات المجتمعية التى يعيشها فى الوقت الراهن0
4- تفعيل البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة الإسلامية بشكل يسهم فى صياغة أهداف التربية الإسلامية فى المجتمع الإسلامى المعاصر0
5- الكشف عن وسائل تحقيق هذه الأهداف لمواجهة بعض مشكلات وتحديات المجتمع الإسلامى المعاصر.
أهمية الدراسة:
وتتجلى أهمية الدراسة من خلال النقاط التالية :
1- تقرير بعض الباحثين أن هناك بعداً مقاصدياً فى حاجة ماسة إلى تفعيل؛ إذ لم يُعْطَ حقه من الدراسة والبحث، وهو البعد الاجتماعى من المقاصد، وهذه الدراسة تحاول – جاهدة - تفعيل هذا البعد ودراسته0
2- وجود أزمة –أو ما يشبه الأزمة- تعانى منها التربية الحديثة فى ميدان الأهداف التربوية؛ إذ لا زالت النظم والمؤسسات التربوية القائمة فى الأقطار العربية والإسلامية تعانى من فقدان مثل هذه الأهداف، وهذا البحث يحاول بلورة هذه الأهداف وصياغتها على نحو نأمل أن يتسم بالأصالة والمعاصرة0
3- تناولت الدراسات السابقة المقاصد مركزة على الجانب الفردى فقط، ولم تعط الجانب الاجتماعى حقه من الدراسة، كما لم تتناول دراسة من قبل أهداف التربية الإسلامية فى المجتمع الإسلامى المعاصر فى ضوء البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة، وكما يتطلبه واقع المجتمع المعاصر ومستجدات الحياة، وهو ما تحاول هذه الدراسة معالجته0
4- تزخر حياة المجتمع الإسلامى المعاصر بمشكلات كثيرة –فكرية، ثقافية، اجتماعية، أخلاقية، دينية، إعلامية - ولا يتسنى له مواجهتها إلا من خلال تربية إسلامية اشتقت أهدافها من الشريعة المعصومة ومقاصدها الاجتماعية، وهو ما تعنى به هذه الدراسة0
منهج الدراسة :
يستخدم الباحث مداخل منهجية متعددة على النحو التالى :
1- المنهج التاريخى: وذلك لدراسة تطور بحث المقاصد منذ نشأتها، ولاستخراج شواهد على التربية الإسلامية فى عصور مختلفة، ومعرفة مدى ارتباطها بالمقاصد الاجتماعية للشريعة الإسلامية0
2- المنهج الوصفى: لوصف واقع المجتمع الإسلامى المعاصر، وبعض المشكلات والمتغيرات التى يعيشها0
3- المنهج التحليلي: وذلك لتحليل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، والكتب المؤلفة فى مقاصد الشريعة الإسلامية، لاستخلاص الجوانب الاجتماعية من مقاصد الشريعة، ثم تحليل هذه الجوانب الاجتماعية لصياغة الأهداف التربوية فى ضوئها0
4- المنهج الاستنباطي الأصولي الإسلامي: وذلك لاستنباط أحكام وآراء وقيم تربوية من النصوص الإسلامية، على نحو يساعدني فى صياغة أهداف تربيتنا الإسلامية المنشودة فى ضوء البعد الاجتماعي لمقاصد الشريعة الغراء.
مصطلحات الدراسة :
وتتمثل مصطلحات الدراسة فى خمسة مصطلحات رئيسة :
1- أهداف التربية: ويُعَرِّفُها الباحث بأنها : التغيرات المراد تحقيقها فى سلوك الأفراد فى تعاملاتهم بعضهم مع بعض، وفى اتجاهاتهم نحو أنفسهم ومجتمعهم، وكذلك فى ممارسات المجتمع المحلى، وسلوك المجتمعات الإنسانية كلها.
2- التربية الإسلامية: ويعرفها الباحث بأنها: علم إعداد المسلم- في جميع مراحل حياته – إعداداً جسمياً وعقلياً وروحياً وخلقياً واجتماعياً ونفسياً وإرادياً واقتصادياً وسياسياً وجنسياً وجمالياً في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة، وما لا يتعارض مع ذلك من خبرة تربوية، حتى يحقق العبودية الخالصة لله وحده، وينهض بأعباء الخلافة في الأرض وعمارتها، علي نحو يسعده في الدنيا والآخرة، ويجعله لبنة صالحة تسهم في بناء أمته وإسعاد البشرية.
3- المجتمع الإسلامى : ويُعَرِّفُه الباحث بأنه : ذلك المجتمع القائم على دين الله، وما يتضمنه من عقيدة توحيد خالصة، وعبادات صحيحة، وتشريعات ربانية خالدة، وأخلاق وقيم ومفاهيم وآداب وتقاليد إسلامية، عليها يقوم كيانه، وبها يُحَدِّدُ سماته ومقوماته، وإليها يحتكم فى أقضية حياته0
4- البعد الاجتماعى : ويٌعَرَّف بأنه: كل ما يتعلق بالعلاقات التى تتبادل بين الأفراد أو بين الجماعات، وهى فى معظمها علاقات شخصية قامت على الاتصال بين الناس والمناقشة،’ والحوار والاقتراب من الآخر أو مشاركته أو التعاون معه.
5- مقاصد الشريعة الإسلامية : ويعرفها الباحث بأنها : المعانى والأهداف والحكم والأسرار التى راعتها الشريعة فى أحكامها، بما يقرر عبودية الله تعالى، ويجلب للناس المصالح، ويدفع عنهم المضار، ويحقق لهم سعادة الدارين الدنيا والآخرة0
الحد الموضوعى للدراسة :
تقتصر الدراسة على تحليل البعد الاجتماعى لمقاصد الشريعة الإسلامية من أجل صياغة أهدافٍ للتربية الإسلامية بشكل يسهم فى مواجهة بعض تحديات المجتمع الإسلامى المعاصر0
خطوات الدراسة :
- الخطوة الأولى : الإطار العام للدراسة، وفيها يتناول الباحث ما يلى : مقدمة الدراسة، ومشكلتها، وأهدافها، وأهميتها، ومنهجها، ومصطلحاتها، وحدودها، والدراسات السابقة، خطوات الدراسة0
- الخطوة الثانية : مقاصد الشريعة الإسلامية0
- الخطوة الثالثة : البعد الاجتماعى فى مقاصد الشريعة الإسلامية.
- الخطوة الرابعة : المجتمع الإسلامي المعاصر وأبرز التحديات التى تواجهه0
- الخطوة الخامسة : أهداف التربية الإسلامية فى ضوء البعد الاجتماعي لمقاصد الشريعة0
- الخطوة السادسة: مدى إمكانية تفعيل أهداف التربية الإسلامية فى مواجهة بعض تحديات المجتمع الإسلامى المعاصر.
- خاتمة الدراسة: وتتضمن خلاصة البحث وأبرز نتائجه.
نتائج الدراسة:
توصلت الدراسة إلي جملة كبيرة من النتائج من أهمها ما يلي:
1- إن الإسلام يحتفى بالبعد الاجتماعى من الحياة فى تشريعاته أيما احتفاء، حيث تأتى أهمية ومكانة البعد الاجتماعى بعد العقيدة مباشرة فى كثير من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبى()، بل وفى المسيرة التاريخية للتشريع الإسلامى، ومما يدل على ذلك، أن المادة المتعلقة بحياة الناس الدنيوية- المعاملات – قد احتلت مكانة بارزة فى مصادر الإسلام كلها بدءاً بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ثم كتب الفقه والأصول، وهكذا فى سائر كتب التراث الإسلامى.
2- إن المقاصد الكلية الخمسة: الدين – النفس – العقل - النسل – المال، تمثل وحدات مركزية كلية تتسع للفرد، وللأسرة، وللأمة، وللإنسانية كلها؛ وأنها مُرَاعىً فيها آحاد الأمة ومجموعها العام. وأنه – مع ذلك – لابد من زيادات عليها تفى بتفعيل البحث المقاصدى فى رعاية حقوق الأمة فى عصرها الراهن – ودون تقليل من شأنها – بما يحقق خلود هذه الشريعة، ويبرز عطاءها التشريعى لرجال هذا العصر.
3- إن للشريعة الإسلامية تسعة عشر مقصداً اجتماعياً، ستة منها فيما يخص الاسرة وهي: (تنظيم العلاقة بين الزوجين، حفظ النسل وتكثيره ”النوع”، تحقيق السكن والمودة والرحمة بين الزوجين، حفظ العرض وصيانة الأنساب من الاختلاط، حفظ التدين فى الأسرة، تنظيم الجانبين المؤسسى والمالى للأسرة)، وثمانية منها فيما يخص الأمة وهي: (بناء الأمة المخرجة الشهيدة، تحكيم الشريعة فى حياة الأمة، إقامة العدل وتحقيق المساواة، حفظ الأمن والحرية، حفظ الدين واللغة والأخلاق، تحقيق التعاون والتضامن والتكافل، نشر العلم وحفظ عقل الأمة، عمارة الأرض وحفظ ثروة الأمة)، وخمسة منها فيما يخص المجتمع الإنساني العام (نشر دعوة الإسلام، التعارف والتعاون والتكامل، تحقيق الخلافة العامة للإنسان فى الأرض، تحقيق السلام القائم على العدل، الحماية الدولية لحقوق الإنسان).
4- إن للتربية الإسلامية في ضوء البعد الاجتماعي لمقاصد الشريعة عشرين هدفاً: ثلاثة منها فيما يخص الإنسان الفرد وهي: (إعداد الإنسان المسلم لعبادة الله وعمارة الأرض، التنمية الشاملة لشخصية المسلم، البناء العلمى للإنسان المسلم). وخمسة منها فيما يخص الأسرة وهي: (تكوين الأسرة الصالحة وإنصاف المرأة، إمداد المجتمع بالنسل المؤمن الصالح، تطهير المجتمع وحفظ هويته الإسلامية، توفير السعادة الأسرية، ضبط العلاقات بين الأقارب والأرحام) وسبعة منها فيما يخص الأمة (تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى وبلوغ مرضاته، إخراج الأمة الشهيدة لعمارة الأرض، المحافظة على شخصية الأمة وهويتها، تحقيق وحدة الأمة وحفظ مصالحها العامة، إتمام مكارم الأخلاق، النهوض التربوى بالمرأة المسلمة، حفظ ثروة الأمة وتحقيق التكامل الاقتصادى) ثم خمسة فيما يخص المجتمع الإنساني العام وهي: (الدعوة إلى نشر دين الله وتمكينه فى الأرض، تكريم الإنسان ورعاية حقوقه المختلفة، بناء حضارة إنسانية خيرة تنهض بأعباء الخلافة العامة، الدعوة إلى عالم إنسانى متعاون يقوم على السلام العادل، حماية البشرية من كل ما يعرضها للخطر)
5- يمكن للتربية الإسلامية أن تحقق هذه الأهداف العشرين – التى ذكرتها أنفاً – لأنها أهداف ربانية مستمدة من التوجيه القرآنى والهدى النبوى ومستوحاة من مقاصد الشريعة الغراء، وإذا كان ذلك كذلك، فإن إمكانية التطبيق قائمة ومتوفرة، ولكن فى المبادئ نفسها. على أن ما تحمله هذه المبادئ والأهداف من إمكانية التحقيق، لا يكفى وحده، - بل لا يغنى شيئاً – ولاسيما فى ظل الواقع الأليم الذى يعيشه مجتمعنا الإسلامى المعاصر، والذى يمتلئ على مستوى الفكر والأخلاق والتربية والتعليم والسياسة والإعلام بعدد غير قليل من العقبات والظروف المعاكسة، التى تحول دون بلوغ هذه الأهداف عالم التنفيذ ودنيا الواقع. فإذا أضفنا لذلك ما يتعرض له من تحديات خارجية خطيرة، من أبرزها: التحديات العقدية، والغزو الفكرى، وحملات الاستشراق والتبشير، وانتشار الفكر العلمانى، وتغريب المناهج التعليمية والتربوية، وتمزيق أمته وتفتيت شعوبه – وغير ذلك مما يعرقل مسيرته، ويحول دون تحقيقه لأهدافه – علمناً يقيناً صعوبة تحقيق هذه الأهداف فى ظل هذا الواقع المرير.
6- إن رسم الأهداف وصياغتها لا يكفى – إطلاقاً- فى مجال تحقيقها، وإنما لابد من رسم الطريق المؤدى إليها، ومعرفة الوسائل والأساليب التى تؤدى إلى تحقيق الأهداف المرسومة، ومن ثم حاول الباحث – ما وسعته المحاولة – بيان أبرز الوسائل والأساليب التى يمكن أن تحقق كل هدف من أهداف التربية الإسلامية على حدة.
7- إن التحديات التى تواجه المجتمع الإسلامى المعاصر تتمثل – أول ما تتمثل – فى نواحى قصور داخلية، وإنها لتتبدى واضحة فى واقعه المعاصر، سواء أكان هذا الواقع فكرياً ثقافياً أم كان قيمياًأخلاقياً، أم كان تعليمياً تربوياً، أم كان سياسياً، أم كان إعلامياً، وهذا يدلنا على أن مجتمعنا المعاصر لا يصدر عن شريعة الإسلام، ولا يحتكم إليها- أو هو على الأقل قد تخلف عنها – فى كل المستويات الفكرية والأخلاقية والتربوية والسياسية والإعلامية.
8- إن الواقع السياسى لمجتمعنا المعاصر لَيٌصَوَّر فى وضوح حالة التخلى عن أهداف الإسلام ومقاصده، حيث يعانى من تمزق وتفرق بين الشعوب الإسلامية، ومن أنظمة حاكمة تقوم على القهر والاسبتداد السياسى، و من احتلال لأجزاء غير قليلة من أراضيه.
9- إن التحديات الخارجية التى يتعرض لها المجتمع الإسلامى المعاصر على كافة المستويات ما كانت لتؤثر عليه ذلك التأثير البعيد لو كان هذا المجتمع قوياً من داخله مستمسكاً بثوابته وعقيدته ومنهجه.
10- إن الأهداف - التى يسر الله لنا صياغتها – أهداف ربانية مستمدة من القرآن والسنة ومقاصد الشريعة الإسلامية، ومن ثم كانت واقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ، شأنها فى ذلك شأن كل الأحكام والمبادئ والقوانين التى جاء بها القرآن والسنة، وذلك أن الله ما أرسل محمداً () إلا ليحقق هذه المبادئ والأحكام والمقاصد فى حياة الناس، ويصوغ بتربيتها الإسلامية للبشرية حياة طيبة، ومجتمعاً إنسانياً فاضلاً. ومن ثم أقرر: أن الأهداف قادرة – إن وظٌفََّتْ فى حياة الأمة، وأخذت سبيلها إلى عالم التنفيذ ودنيا الواقع – أن تستأصل هذه التحديات من جذورها، بله تسهم فى مواجهتها والتخفيف من آثارها؛ وقد أوضحت الأدلة على ذلك بحسب ما أعلم! وما أقل أعلم وأكثر ما أجهل!