![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص قامت هذه الدراسة على فرضية ترى صلاحية الفكر الصوفي لتشكيل مرجعية تأويلية في النص الشعري ، وفي سبيل ذلك عمد الباحث إلى إجراء مقاربة تطبيقية ما بين الإشارة الصوفية المعرفية ، والإشارة السيميائية المنهجية لإنتاج إشارة مؤولة تستند إلى الصوفية في مرجعيتها . وقد اختار الباحث نص (محمد عفيفي مطر) للتطبيق ؛ لما يتمتع به الناص من تفهم للفكر الصوفي عبر دراسته الفلسفية ، يضاف إليه ما يبدو في نصه من إعادة تعيين مستمر للإشارة حتى وإن كانت صوفية المصدر ، ذلك أنه يعمد إلى تغيير الإشارة وإكسابها حضورا نصيا يختلف عن محيطها الأولي ، كما يبدو استخدامه الحداثي الطابع للعلامات الصوفية والغير لغوية ، سواء للتشكيل ، أو لإيجاد تواز بين المرئي والمكتوب . وربما كانت الفكرة الأساسية لهذه الدراسة نابعة من مصطلح (الصوفية الملتزمة) الذي ساقه د/ عز الدين إسماعيل في كتابه (الشعر العربي المعاصر) ورأى من خلالها الشعر جامعا لتعانق بين الفن والعقيدة في بنية واحدة ، توجد تواشجا بين الذاتي والغيري ، ينفتح منه الشاعر على حالة من الاستشراف . وقد تناول الباحث صوفية النص التي يفترض خروجها عن الصوفية التقليدية – وإن استعانت بإشاراتها – إلى صوفية حداثية تعنى بالآن وهنا ؛ تناول هذه الظاهرة على مستويين : المستوى الأول : وهو المستوى اللغوي ، ودرس الباحث في فصله الأول للإشارة اللغوية الصوفية في سياق علم اللغة العام وتقنياتها ، فدرس شكول الحرف الصوفي ، والمصطلح الصوفي ، والضمير ، والجملة ، وصولا إلى رؤية اللغة بوصفها تتماس مع العالم . كما درس الباحث في الفصل الثاني للتعارض الدلالي الظاهر في ثنائيات دلالية في النص ، وتجمع بين هذه الثنائيات علاقة التضاد أو التكرار ، فجمع الباحث لشكولها ، متناولا ماهية العلاقتين ودلالتهما الصوفية في النص ، جاعلا من هذه العلاقات في غايتها تيها معرفيا يتكون من خلاله كشف مقدر عليها . وفي الفصل الثالث قدم الباحث لنمطي الجملة الاستفهامية والاعتراضية ، بوصفهما دالتين على خبرة معرفية مع الشيء ، لكونهما قطعا في البنية التصاعدية للدلالة ، ووقفة معرفية تأملية تحيل للاستشراف استنادا إلى ماض سابق ، فعرض الباحث لشكول الجملتين متوقفا عند دور العلامات غير اللغوية وارتباطها بالجملتين خاصة المزدوج منها . إن الجمال المتشكل في الفصول السابقة ينبع من عاملين : أولها : تحويل العناصر اللغوية إلى أجساد بينها علاقات حلول وانخلاع مستمر ، ومن ثم فالشيء في النص ليس مصورا فقط ، بل هو متحرك وفعال في ذات الوقت . ثانيها : أن حالة التيه المعرفي ربما تمثل لذة عقلية في استنتاج ما بين الشيء وضده ، أو الشيء وتكراره من علاقة يقع فيها الجمال الحسي . آخرها : أن عملية التصوير في غايتها تهدف إلى محو نهائي ، يثبت الحقيقة الإيمانية (ليس كمثله شيء) ومن ثم يكتسب الشيء هذه الحقيقة بعد خضم الصور ، وذلك إذا ما أعطي أبعاده كاملة ، زمنية كانت أو مكانية . المستوى الثاني : وهو المستوى التناصي ، وفي فصله الأول درس الباحث لشكول التناص في نص (محمد عفيفي مطر) وعلاقته بالدلالة الصوفية ، متلمسا لإعادة تعيين للإشارة الصوفية عبر سياق زمنية القصيدة ، أو إلباس شخصيات تاريخية صوفية لم تكن لديهم ، أو من خلال استدعاء تلك الشخصيات بقصصها والتوازي معها لعرض حالة المتكلم فيما يشبه الحلول ، أو الاتكاء على تقنيات روائية أو تشكيلية لإكساب النص تنويعا تعبيريا بحلوله في فنون أخرى. وفي الفصل الآخر تناول الباحث العلاقة ما بين الصوفية والأيدولوجيا ، مشيرا إلى ثنائية (المنهج والنموذج) في الطرحين ، ومناقشا لثنائية الذات والمجموع في النص ، ثم تناول الباحث لعلاقة الصوفية بالسيريالية عبر محور الحلم وإن اختلف التطبيق في الجانبين ، سيادة الشكل الصوفي في النص ، وانتهى الباحث إلى حالة من رؤية العالم ربما تتماس مع رؤية (لوسيان جولدمان) في الجانب الريفي من النص ، لكن قراءتها الصوفية تبدو نوعا من الاتحاد الجمعي المرتحل في الذات ، تتحدد عند (عفيفي مطر) في مساحات (مصر ، العراق ، سوريا) ويشكل نموذجه الصوفي في ذلك (النفري) في سياحته في قرى مصر . |