Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مسرحية ”باپ کا گناه”
(ذنب الأب) لحكيم أحمد شجاع :
الناشر
محمد علي عبد الحليم محمد،
المؤلف
محمد، محمد علي عبد الحليم.
تاريخ النشر
[ 20 --]
عدد الصفحات
309 ص.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 308

from 308

المستخلص

لعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن فن المسرحية هو أكثر فنون الأدب حاجة إلى نضج الملكة , وسعة التجربة , والقدرة على التركيز , والإحاطة بمشاكل الحياة , لا لأنه يتعمق إلى جذور الحقائق الإنسانية ويكشف الخطأ عنها فحسب , بل لأنه الفن الذي لا يمكن أن يسلم قيادته إلا لفنان , يستطيع أن يتقمص مشاعر الآخرين , وأن يجاوز حدود نفسه إلى غيره , فنان يضع في اعتباره قبل كل شيء أنه يصور أفعال الإنسان ممثلة ومرئية ومنظورة .
والمسرح لا يحرك أشخاصا ً منفردين يظهر كل منهم عاطفته الذاتية , ولكن يرينا وسطا ً اجتماعيا ً يتفاعل فيه الفرد مع الآخر كما يتفاعلون في الحياة , وتصل بينهم علاقات تحدد سلوكهم ونفسيتهم , وأحداث حياتهم يلونها الصراع الذي يكون بين الفعل ورد الفعل , أو بين الفرد والجماعة . من أجل هذا كان فن المسرحية أكثر فنون الأدب استعصاء ً على كاتبه , وأشدها حاجة إلى مهارة فنية خاصة تستطيع أن تؤلف بين عناصر هذا الفن المتشعبة من : قصة وممثل ومسرح وجمهور وحوار , وأن تخضع في غير افتعال لقيود المسرح , وأن تتعاون كل هذه العناصر في غير تضارب أو تنافر حتى يصل الكاتب إلى عمل فني متكامل متناغم .
وفن المسرح يعتبر أقدم الفنون الأدبية على الإطلاق , ويتضح هذا في شبه القارة الهندية بشكل خاص . حيث تعتبر الهند من الناحية المنطقية , البلد الذي نشأ فيه أول مسرح في آسيا . حيث كانت الهند منبعا ً لمعظم المسرح في آسيا . ويستطيع الإنسان , اعتبارا ً من هذه الفكرة , أن يوجه دراسته في هذا الشأن التوجيه الطبيعي , مع نظرة صادقة , في سبيل فهم صحيح لذلك البنيان الآسيوي المعقد الذي يضم الممثلين والراقصين وحرفتهم . ومن الهند تتجمع أجزاء هذا البنيان المختلفة وتتحد مع بعضها البعض في نمط معقول . والحقيقة التي قد تكون أهم من كل هذا , هي أنه ينبثق من الهند ومن الأشكال المسرحية نفسها , قاعدة جمالية يمكن تطبيقها على كل ضروب الدراما في آسيا .
ونجد في التراث الهندي أن الفن الدرامي – مثله مثل بقية الفنون – ذو أصل ديني . فقد خلقه براهما , وشارك فيه من بعده آلهة البراهمانية الكبار كل بمنحة شخصية , فابتكر سيفا الرقص , وابتكر فيشنو أساليب الأداء , أما فيسفا كارما المعماري فصمم المبنى المسرحي . وهكذا اكتمل الجانب الأسطوري للدراما جامعا الشعائر اللازمة لتوليد فن شامل , لكن دون أي صحة تاريخية .
أما بالنسبة للمسرح الأردي الحديث فإن عمره لا يتعدى القرنين من الزمان . فقد بدأ المسرح الأردي في شبه القارة الهندية – طبقا ً لأصح وجهات النظر – عام 1843م بمسرحية ” رادها كنهيا ” لـ” واجد علي شاه ” , وقد ظل المسرح الأردي قرابة الثمانين عاما ً لا يقدم إلا مسرحيات من أجل التسلية والمتعة والربح التجاري , ولكن مع عشرينيات القرن العشرين بدأ المسرح الأردي يتخذ اتجاها ً جديدا ً , فبدأ الكتاب يهتمون بالقضايا الاجتماعية والأخلاقية والسياسية , وبدأ المسرح الجاد الواقعي في الظهور .
وتعتبر مسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) بمثابة نقطة تحول في اتجاهات المسرح الأردي في العصر الحديث , فمنذ ظهور أول ومسرحية أردية في بداية القرن التاسع عشر , وحتى الربع الأول من القرن العشرين , كان كتاب المسرح الأردي لا يهتمون إلا بكتابة مسرحيات تنال إعجاب عامة الناس وترضي أذواقهم . ولم يهتم أحدهم بتناول موضوعات اجتماعية أو أخلاقية أو جادة . وكانت أغلب الموضوعات تدور حول الأساطير والحكايات التاريخية والقصص الرومانسية , أو مسرحيات مترجمة من اللغات الأخرى وخاصة الهندية والإنجليزية . وكذلك كل الشركات المسرحية التي ظهرت في تلك الفترة , كانت تهتم بالربح المادي وتسلية الجماهير .
أما مسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) , التي كتبها ” أحمد شجاع ” في سنة 1919م , فقد أخذت اتجاها ً آخر تمثل في الكشف عن المشكلات الاجتماعية والفساد الأخلاقي في المجتمع الهندي في ذلك الوقت . ومحاولة المؤلف لإيجاد حلول لهذه المشاكل من خلال هذا العمل المسرحي .
ويرى العديد من نقاد المسرح والأدب الأردي : أن مسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) , كانت مختلفة كليا ً عما كان يكتب من مسرحيات في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين , سواء من حيث الموضوع الجاد, أو من حيث البناء الدرامي المحكم , والذي كانت تفتقده معظم المسرحيات في ذلك الوقت .
يذكر الناقد ” عظيم الحق جنيدي ” في كتابه ( اردو ادب كى تاريخ ”تاريخ الأدب الأردي” ) أن : ” المؤلف ” أحمد شجاع ” أول من راعى متطلبات البناء الدرامي في كتابة مسرحياته , وكان أول من تناول موضوعات أخلاقية واجتماعية . وقد نالت مسرحيته ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) مكانة أدبية عالية بين المسرحيات الأردية , كما نشرت بعض مشاهدها في العديد من المجلات المشهورة في ذلك الوقت , وتم عرضها عدة مرات على المسرح في مدينتي لاهور وبومباي ” .
ويقول عنها الناقد ” سيد بادشاه حسين ” في كتاب ( اردو میں ڈراما نگاری ”كتاب المسرح في الأردية” ) أن : ” كل كتاب المسرح في ذلك الوقت كانوا يكتبون مسرحيات من أجل عرضها على الشركات المسرحية , عدا ” أحمد شجاع ” الذي لم يهتم بإرضاء ذوق عامة الناس , ولا بالربح التجاري , لكنه اهتم بإصلاح أحوال المجتمع , والتحرر من تلك الطريقة القديمة البالية في كتابة المسرحيات ؛ من أجل التسلية والترفيه , ومسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) خير مثال على ذلك ” .
ويفرد لها الكاتب ” اے بى اشرف ” عدة صفحات في كتابه ( مسائل ادب ”مشكلات أدبية” ) حيث يقول عنها : ” في الوقت الذي كتبت فيه مسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) , كان هذا هو عصر كبار كتاب المسرح أمثال : ” احسن ” , ” بيتاب ” , و” آغا حشر ” . وفي هذا العصر لم يكن اتجاه المسرح للحديث عن المشكلات الاجتماعية والأخلاقية , بل كانت موضوعاته هي القصص الرومانسية والحكايات الخيالية , وكان المسرح يمتلئ بالرقص والغناء والمزاح المبتذل . لكن مسرحية ” باپ كا گناه ” ( ذنب الأب ) كانت تختلف تماما ً عن هذا النمط السائد في ذلك العصر . فهي أول مسرحية أردية تتناول قضايا اجتماعية مهمة , والتي وضع مؤلفها نصب عينيه – وقت تأليفها – الرغبة الهادفة في إصلاح حال المجتمع , وكانت نتيجة عصارة جهده وتفكيره وبحثه عن حلول تلك المشاكل الاجتماعية . فلم يظهر فيها المزاح الرخيص أو الحوار المبتذل , ولم تكن مرتعا ً للرقص والغناء ” .
وقد نالت هذه المسرحية شهرة واسعة ونجاحا ً كبيرا ً عند عرضها على المسرح في سنة 1922م في بومباي  , ثم عرضت مرة أخرى في عام 1923م في لاهور  ؛ مما أدى إلى عرضها بعد ذلك كفيلم سينمائي بعد ظهور السينما , وكذلك أعيد طبعها عدة طبعات ولعدة دور نشر مختلفة . لكن نجاحها الفني في ذلك الوقت لم يكن هو سبب شهرتها , بل إن نجاحها على المستويين الأدبي والنقدي هو الذي جعلها تحتل مكانة خاصة في تاريخ المسرح الأردي .
وقد وقع اختيار الباحث على مسرحية ” باپ کا گناه ” ( ذنب الأب ) للكاتب المسرحي ” حكيم أحمد شجاع ” ؛ نظرا ً لإعجابه بموضوع المسرحية وبكاتبها من خلال قراءته لكتب النقد التي تحدثت عن المسرحية . كما أنها كانت أول عمل مسرحي يهتم مؤلفه بإحكام الحبكة الدرامية , واختيار شخصيات من واقع الحياة , ولهذا أراد الباحث أن يثبت مدى أهمية هذا العمل الدرامي , ومقدار المكانة التي يحتلها في تاريخ المسرح الأردي .