![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص القرآن الكريم معجزة خالدة ، وكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، بلغ أسلوبه الذروة في البلاغة ، والقمة في السبك والفصاحة ، لا تدرك معانيه الخفية إلا بتدبر وتدقيق ، والمتأمل في تفاسيره يرى أنها امتلأت بكثير من القضايا النحوية التي وقف منها العلماء موقف التحليل والنقد ، في تعرضهم لإعراب الكتاب العزيز ، فالمعرب يجب أن يفهم أولاً معنى ما يعربه ، ومن الخطأ مراعاة ما يقتضيه ظاهر الصناعة النحوية وإغفال مراعاة المعنى ؛ ذلك لأن القواعد النحوية تتعلق بالمعنى ، ولا يمكن للمعرب أن يعرب إعراباً صحيحاً ، إلا بعد معرفة المعنى ، ولما كانت القاعدة النحوية تتعلق بالمعنى ؛ كان الخطأ فيها مؤدياً لفساد المعنى ، كما أن المعرب إذا التفت إلى المعنى وأهمل جانب الصناعة النحوية جانبه التوفيق . ويقوم هذا البحث على دراسة القضايا النحوية في حاشية الصاوي على تفسير الجلالين ، اعتماداً على أساسين : أساس نظري يتمثل في دراسة القضايا في كتب النحو ، ومعاني الحروف في كتب المعاني ، وبيان آراء النحاة فيها ، وأساس تطبيقي يهدف إلى حصر هذه القضايا في الأجزاء الخمسة الأولى من القرآن الكريم ، وبيان رأي الإمام الصاوي فيها ، وتوضيح ما اتفق فيه مع النحاة وما اختلف ، والتعليل لآراءه ، ما أمكن الباحث. وقد استهدف هذا البحث ما يلي : 1ـ بيان القضايا النحوية الواردة في الحاشيةــ وقد حصرها الباحث في التراكيب النحوية ــ وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف للإمام الصاوي مع النحاة . 2ـ بيان معاني الحروف الواردة في الحاشية ، وتوضيح رأي الإمام الصاوي فيها. وقد توصل البحث إلى نتائج كثيرة ، أهمها : 1ـ أن الهدف الرئيسي لحاشية الإمام الصاوي على الجلالين ، معرفة ألفاظ القرآن الكريم ، وإدراك أبعاده ، ولا يستطيع المفسِّر أن يقف على شيء من ذلك إلا إذا كان على قدم راسخة في علوم اللغة بصفة عامة ، وعلم النحو بصفة خاصة ، وهو ما تحقق للعلامة الصاوي ــ رحمه الله. 2ـ اشتمال حاشية الصاوي على قضايا نحوية ، وتراكيب لغوية ، ومعانٍ للحروف تستحق البحث والدراسة ، والعناية بالتدقيق والتحليل. ولا شك أننا بحاجة ماسة إلى دراسة اللغة بصفة عامة ، والنحو بالأخص من النبع الصافي ، والدوح المثمر، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وما هذا البحث إلا جهد مقل ، ولبنة على الطريق ، وأرجو أن تكون بقدر الياقوت والعقيق. وأدعو الله ـ عزوجل ــ ان يوفقنا ، وأبناء العربية إلى استجلاء أسرار لغة القرآن الكريم ، وإماطة اللثام عن بديع نظمه ، ولفظه ، إنه نعم المولى ، ونعم النصير. |