Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
بلاغة المديح النبوي
عند
البوصيري،والبارودي،وشوقي
المؤلف
مي ,أحمد طاهر حسنين
هيئة الاعداد
باحث / مي أحمد طاهر حسنين
مشرف / حسن البنداري
مشرف / ثريا كمال الكومي
الموضوع
جماليات التصوير البياني-
تاريخ النشر
2010
عدد الصفحات
677.ص:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2010
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية وآدابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 679

from 679

المستخلص

ركزت هذه الدراسة على موضوع مهم جدًا وهو مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما انعكس في ثلاث قصائد تعدّ من عيون الأدب العربي، أنتج الأولى: الإمام البوصيري في العصر المملوكي، وتلاه شاعران مهمان في العصر الحديث: ربّ السيف والقلم: محمود سامي البارودي، وأمير الشعراء: أحمد شوقي، والقصائد أو المِدَح الثلاث هي: ”البُرْدة” أو ”البُرْأة”، و”كشف الغمة في مدح سيد الأمة” ، و”نهج البردة”.
ــ استهدفت الدراسة ”بلاغة المديح النبوي” لدى الشعراء الثلاثة في جملة مباحث أهمها التصوير البياني والفني من خلال التشبيه والاستعارة، إلى جانب التنوعات في التراكيب الواردة، بالإضافة إلى الإيقاع بقسميْه: الخارجي ممثّلاً في الوزن والقافية، والداخلي بما اشتمل عليه من عدة تقنيات بديعية كان لها الأثر الكبير في إحداث نغم صوتي خاص تراسل مع نغم الوزن والقافية، ليجعل للخطاب الشعري في المدح الثلاث جرْسًا موسيقيًا يستحوذ على أذن المتلقي فيجذب انتباهه وبالتالي تجاوبه.
ــ كشفت الدراسة عن فرق جوهري بين ”المدح” العام، و”المديح النبوي”، سواء في ذلك: الأهداف، القيم والفضائل، الأقسام الرئيسية للقصيدة، وكذلك المعاني الجزئية الواردة، والأهم في ”المديح النبوي” ما تفرّد به من عنصر الصدق بنوعيْه: الصدق الواقعي المرتبط بمآثر المصطفى (ص) منذ مولده وحتى وفاته، وكل ما تم من تطورات تاريخية منذ بدء الدعوة وحتى التمكين لها بين عهديْن: في مكة، ثم المدينة المنورة. وكل ذلك ولا شك قد مهّد لتحقيق صدق فني في العبارة والخطاب الشعري بشكل عام ــ ونتيجة لكل ذلك، جاءت المِدَح الثلاث بعيدة عن الخيالات الشعرية المتوهمة والمبالغات غير المقبولة، إذ لم تكن معيارية بأي حال.
ــ اعتمد المنهج المتّبع في الدراسة على جانبيْن: أحدهما إحصائي يرصد ظواهر كل مبحث في كل مِدحة على حدة، والثاني، تحليلي يستند بالأساس على الأُطر النظرية لمباحث البلاغة التراثية، مضافًا إليها بعض عناصر من علم اللغة الحديث، والأسلوبية، وهو الأمر الذي أدّى دائمًا إلى نتائج موضوعية: محدّدة ومبررة.
ــ في دراسة الصور البيانية من خلال التشبيه والاستعارة، تم التركيز دائمًا على الجوهر، بعيدًا عن التفريعات المتعددة، ففي مجال التشبيه، جاء التركيز على تشبيه التمثيل أو التشبيه المركّب، والذي غالبًا ما يحتوي وجه الشبه فيه على صورة منتزعة من أمور متعددة، وذلك في مقابل التشبيه المفرد الذي يأتي فيه وجه الشبه محدّدًا في صورة أبسط. كذلك جاء مبحث الاستعارة ليتضمن النوعيتيْن الأساسيتيْن وهما الاستعارة التصريحية، والاستعارة المكنية. وقد فرض هذا الإجراء في كلٍ من التشبيه والاستعارة، وجود نماذج ممثّلة لكلا النوعيْن في المِدَح الثلاث، وفي مجالات متنوعة. وجاءت الدراسة للنماذج والمجالات لتسمح بمقارنات جاءت مبررة في كل مرة.
ــ شملت الدراسة البلاغية للمديح النبوي أيضًا، الكشف عن التحولات والتنوعات والظواهر الأسلوبية الواردة في التراكيب الشعرية بمختلف أنواعها، حيث شمل ذلك: تراكيب التقديم والتأخير، التراكيب الموجزة والتراكيب المطوّلة (الإيجاز والإطناب)، تبادل التراكيب الإنشائية والخبرية، التراكيب التأكيدية (القصر)، والتراكيب المتصلة والمنفصلة (الوصل والفصل). وقد تمت دراسة كل مبحث من هذه المباحث أيضًا في إطار ربطه بالسياق الوارد فيه في كل نموذج، من خلال مجالات تعدّدت وتنوعت، وجاء ذكر ”المجال” في كل مرة ليتراسل مع المفعولة الأولى لتحديد البلاغة العربية التراثية وأنها ”مطابقة الكلام لمقتضى الحال”.
ــ إلى جانب التصوير البياني، والتراكيب بأنواعها المتعددة، تناولت الدراسة أيضًا ظاهرة ”الإيقاع”: الخارجي، والداخلي. الإيقاع الخارجي (الممثَّل بالوزن والقافية)، وقد شمل ذلك عدة مرتكزات تعلقت ببحر البسيط وتفعيلاته ومدى تناسبه للغرض قِيدَ الدراسة وهو المديح النبوي، إلى جانب دراسة تشكيلات القافية في المِدَح الثلاث، مع وقفة لرصد التشابه/ التوافق في القافية أو المقاطع عبر هذه المِدَح وقد استلزم الأمر أيضًا دراسة القوافي أو المقاطع وفقًا للحقول الدلالية المتعارف عليها وهي (حقل الموجودات، حقل الأحداث، حقل المجردات، وحقل العلاقات). وقد أسفر بحث هذه النقطة عن أن مقاطع المِدَح الثلاث جاءت لتشتمل على هذه الحقول بأسرها، مما مهّد لاستنتاج مفاده: أنه إذا كانت الحقول الدلالية تشمل كل ما في الكون، فإن معنى ذلك، أن هذه المِدَح قد شملت لغة كونية: شاملة ومستوعبة لكل ما في الوجود، ولا غرو لأنها تناولت أشرف من بالوجود، وهو ”محمد” صلى الله عليه وسلم، الذي استحق هذا وأكثر.
ــ النوع الثاني من الإيقاع، هو الإيقاع الداخلي، وقد تبيّن وجود نوع من الخلط في المفاهيم، بل وكذلك النماذج الممثّلة لكل تقنية بديعية (الموازنة، الترصيع، التصريع، التشطير، التسجيع)، بما يستدعي ضرورة إعادة النظر في تحديد مفاهيم كل تقنية من هذه التقنيات بصورة أدق، تفكّ تداخلاتها، وتحدّد مفهوم كل منها بتعريف جامع مانع، إلى جانب إيراد نماذج أوضح تستهل البحث وتتفادى إضاعة الجهد والوقت معًا. (حاولت الباحثة بعد جهد جهيد أن تورد من نماذج المِدَح الثلاث ما يساير التقنية البديعية الواردة على قدر الإمكان).
ــ تم استنتاج عدد من نتائج دراسة التشبيه، تتعلق بالأفكار الجزئية، والكشف عن عناصر التشبيه في ضوء المألوف والمبتكر، إلى جانب بلورة بلاغة الأساليب التشبيهية في إطار نظرية الفصاحة لابن سنان الخفاجي وبعض جوانب الأسلوبية في العصر الحديث، بالإضافة إلى عدد من الانطباعات المبرّرة حول الأكثر بلاغة وبراعة من الشعراء الثلاثة في فنّية التشبيه، هذا، مع الكشف عن نوعية العلاقات بين طرفيّ التشبيه ونصيب كل شاعر بهذا الصدد.
ــ في مجال الاستعارة، جاءت في مجملها صورًا محسوسة مستمدة من البيئة العربية، إلى جانب مَتْحها من القرآن الكريم. وقد اعتمدت عناصر الصور لدى الشعراء الثلاثة على مظاهر الطبيعة من ماء ومرعى ومطر، إلى جانب مظاهر كونية كالبحر والموج والسحب والأشجار والرياح، بالإضافة إلى وسائل القتال وعظمة المجاهدين المسلمين. البارودي أكثر من الصور التقليدية، ولكنه أضاف إليها بعض صور مبتكرة، أما البوصيري وشوقي فقد برعا في استخدام صور مبتكرة، وإن كان من تفاوت، فقد كان الابتكار أكثر عند البوصيري منه عند شوقي. كذلك في الكشف عن طرفيْ الاستعارة، تبيّن أنهما غالبًا حسبان في الأعم الأغلب، مع وجود نماذج من استعارة محسوس لمعقول، وتدر استعارة معقول لمحسوس. تقريبًا تكافأ عدد النماذج الواردة في كلٍ من الاستعارة التصريحية والمكنية، وجاء استخدام الشعراء للاستعارة التمثيلية قليلاً جدًا (بيتان للبوصيري، وبيت واحد لدى كلٍ من البارودي، وشوفي).
ــ اقتبس الشعراء الثلاثة عناصر استعاراتهم من القرآن الكريم، والشعر العربي، والتاريخ والإسلامي، وإذا كان كل من البوصيري وشوقي قد تفرّد بتصوير خداع الدنيا وتغريرها بالنفس والتحذير من هواها خشية الإنغماس في الشهوات، فإن البارودي على العكس من ذلك تمامًا، قد اهتم بالدعاء والسقيا للديار، والتركيز على الأحداث الإسلامية وغزوات الرسول (ص) مرتَّبًا إياها وفق ترتيب زمني، كالسيرة النبوية، مع إسهاب وتفصيل كثير.
ــ إذا كان كل من الشعراء الثلاثة قد بدأ بمقدمة، فإن مقدمة شوقي قد طالت (31 بيتًا) عن جمال البنات وتأثيرهن في الرجال، وهذا أمر يؤخذ عليه خاصة والسياق سياق جلال وكمال يتعلق بمديح الرسول (ص).
ــ بالنسبة لتناص البردة مع ما قبلها، هذا أمر لا مجال للشك فيه، وقد تم عرض ذلك بدايةً في التمهيد، وأيضا في ثنايا البحث. كما جاء تناص الكشف للبارودي والنهج لشوقي مع بردة البوصيري في أكثر من سياق، وأكثر من مجال. وقد أطلعتنا المقارنات على أمور محدّدة في هذا الصدد، تَمّ تسجيلها بالدراسة.
ــ في مجال التراكيب، وبخاصة تبادل تراكيب الخبر والإنشاء، جاءت صور الإنشاء أقل بكثير من صور الخبر، وهذا أمر متوقع في مدح تعرّض للرسول صلى الله عليه وسلم، والذي ترتبط حياته ودعوته بأحداث كثيرة: بداية الدعوة والمعاناة، مجابهة المشركين الدائمة له ولأتباعه، هجرته، غزواته، سراياه وبعوثه، معجزاته ثم شمائله ومآثره الشريفة ــ وكل ذلك قد استتبع سياقًا مكانيًا وزمانيًا فرض نفسه على التجربة، وبالتالي اقتضى أن يكون ”الخبر” هو الإطار الأكثر تناسبًا وملاءمة، لمسايرة كل هذه الأمور. على أي حال، جاءت التراكيب الإنشائية ــ رغم عدم وجود ضابط محدد لإيرادها ــ لتكسر الرتابة في الخطاب الشعري، إلى جانب إحداث نقلات نوعية ملموسة جاءت لتمثّل قوة جذب ذكية للاستحواذ على اهتمام المتلقي بل ولتجعل له دورًا مع المنشئ في عملية الإبداع.
ــ رغم وجود سرد تقريري من خلال الخبر أكثر من الإنشاء، فقد جاء هذا الخبر ليشتمل على اختيارات حركية، وأطر زمنية: تداخلت أو تعاقبت أحيانًا مع مشاهد أخرى جاءت داعمة للمقولات والأحداث، على حين جاء الإنشاء ليشمل عددًا من الصيغ الحاسمة والخافتة والمتوترة، إلى جانب تقنية الاستعادة والحوار.
ــ رغم تكرار المضامين أحيانًا وهي الخاصة بالمآثر النبوية أو أحداث الإسلام والدعوة، يدرك المتلقي خصوصية لغوية وبلاغية لدى كل شاعر من الشعراء الثلاثة، فضلاً عن أن المعالجة الأسلوبية للتعبير ــ عن نفس المجال في كل منها ــ جاءت ولها خصوصية لدى كل منهم. وهذا يعني أن التناص بينهم لم يكن حرفيًا بأي حال.
ــ في بعض صور الإنشاء، وبخاصة في ”الأمر”، جاءت معظم النماذج في الدعاء، وهنا أهتزت المقاييس التقليدية في تحديد مفهوم هذا الفرض، وإن كان هذا الأمر قد جاء ذاتيًا لدى كل من البوصيري والبارودي، على حين أنه جاء عالميًا لدى أحمد شوقي، على وجه الخصوص.
ــ في مبحث التراكيب التأكيدية (القصر)، شمل المبحث 24 بيتًا، للبارودي منها 9، ولشوقي 8، وللبوصيري 7، ومع تنوع الطرائق في هذه النماذج القليلة، استطاعت الباحثة من خلال قراءة متأنية وتأمل طويل، أن تضع يديها على مجموعة أخرى من التأكيدات تمّ التعبير عنها غالبًا بغير الطرق المتعارف عليها، وكثيرًا بأساليب تبدو مباشرة، ولكنها تضمنت إيحاءات تشي بالتأكيدات القوية في كل مرة (جاء استلهام ذلك من فكرة الدكتور عباس حسن وهو يقنّن لموضوع القصر والتخصيص في مجال النحو العربي).
ــ في معرض التدليل على بعض المقولات الشعرية، أغرم الشعراء الثلاثة بإيراد أمثال وحكم وأقوال مأثورة جاءت بمثابة مصكوكات أو بانيات أسلوبية ودلالية تثير الذهن وتجذب الإنتباه، بل وتعمل على إحداث المشاركة والتفاعل بين الشاعر وما يقول. وهنا تجلّى بوضوح جوهر البلاغة العربية في كونها وبالفعل مطابقة الكلام لمقتضى حال المخاطب، وهي هنا حالته النفسية والفكرية وربما الذائقة العربية كذلك بشكل عام.
ــ سادت الجوانب النفسية والروحية في تقدير رسول الإسلام والمسلمين كافة جوانب المِدَح الثلاث، لدرجة تعكس مدى حب هؤلاء الشعراء للرسول (ص)، وذلك من خلال التعبيرات والتراكيب والمفردات الواردة عبر مختلف المجالات التي عالجوها في هذا الإطار.