Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
سياسات حقوق الإنسان في اليمن 1997م-2008م :
المؤلف
حرمل، جبران صالح علي.
هيئة الاعداد
باحث / جبران صالح علي
مشرف / سماعيل صبري مقلد
مناقش / أحمد حسن الرشيدي
مناقش / عبدالملك منصور المصعبي .
الموضوع
حقوق الإنسان- اليمن.
تاريخ النشر
2011.
عدد الصفحات
462 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
العلوم السياسية والعلاقات الدولية
الناشر
تاريخ الإجازة
26/1/2011
مكان الإجازة
جامعة أسيوط - كلية التجارة - العلوم السياسية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 471

from 471

المستخلص

حقوق الإنسان في اليمن ليس فكرة جديدة أو محدودة بل قديم قُدم الإنسان والحضارة اليمنية العريقة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ وسمة ملازمة لحضارات الدولة اليمنية التي يعود بعضها إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد والتي عُرفت بحضارات سبأ ومعين وقاتبان وحضرموت وأوسان وحمير، وفي العصر الحديث دخلت اليمن معترك الاهتمام بحقوق الإنسان مُنذ وقت مبكر، حيث شهدت ولادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وشاركت في مناقشته وبادرت مُنذ بدأ الحديث عن حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالتوقيع والتصديق أو الانضمام إلى تلك الاتفاقيات إيماناً منها بقيمة الإنسان وكرامته، وشهدت سواءً كان تحت حكم المستعمر البريطاني جنوباً، أو حكم الإمامة شمالاً – سابقاً - محاولات عدة هدفها صون حقوق الإنسان وكرامته وحرياته تكللت بقيام الثورة اليمنية في شمال وجنوب اليمن(26 سبتمبر1962م، 14 أكتوبر1963م)، تلى ذلك تجلى اهتمام الشطرين بحقوق الإنسان حتى قيام الوحدة في 22مايو1990م على الصعيدين التشريعي الدستوري أو الممارسة العملية من خلال النهج الذي تبناه كل نظام، ففي الجنوب وعلى مدى ” 23 ” عام تم تبني الأيدلوجية الماركسية اللينية على الصعيدين الدستوري والممارسة العملية، وبالتالي ظهرت مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وذلك على حساب حقوق الإنسان السياسية، وفي الشمال أكدت جميع الدساتير الصادرة قبل الوحدة على النزعة الليبرالية للنظام السياسي واعترفت بكثير من الحقوق والحريات العامة والسياسية باستثناء الحق في إنشاء أو الانضمام للأحزاب والتنظيمات السياسية، ومن الناحية العملية حكمهما نظام الحزب الواحدOne Party System ” المؤتمر في الشمال والاشتراكي في الجنوب ” و خلال هذه الفترة تبلور في اليمن قراءتين متناقضتين لحقوق الإنسان شمالاً اقترب من تبني القراءة الغربية لحقوق الإنسان، وجنوباً تبنى القراءة الاشتراكية لحقوق الإنسان، وبالتالي ًاستطاع الاشتراكيون جنوباً من صياغة إنسانية اشتراكية لحقوق الإنسان، كذلك أستطاع الشمال الاقتراب من تبني مفهوم النزعة الإنسانية البرجوازية لحقوق الإنسان مع بعض الاستثناءات، والقراءتين لحقوق الإنسان كما هو معلوم في خلاف جذري، وبالتالي دخلت اليمن خلال هذه الفترة فترة التشطير حرب باردة، وهي انعكاس لانقسام العالم إلى معسكرين شرقي وغربي، أثرت على الوطن والمواطن اليمني بالانتهاك شمالاً وجنوباً مظاهرها تجلت في غياب الأمن على الأرواح والممتلكات لدى أفراد المجتمع، الانقسامات والصراعات الداخلية، انتشار الانقلابات العسكرية والاغتيالات، تدفق الهجرة الداخلية والخارجية، غياب العدل بشتى صوره، عدم تطبيق المشاركة الشعبية والديمقراطية .
إثر ذلك شهد الشطرين تحولات ومحطات عدة أثرت على حقوق الإنسان، حيث دفعت باليمن إلى التحول عن الشمولية والسلطوية، وفي زيادة الوعي بالحقوق والحريات العامة وحصرت الدراسة عوامل التأثير والتحول تجاه حقوق الإنسان في اليمن في عاملين داخلي وخارجي الأول تمثل في عوامل ثلاثة تتخللها مراحل ثلاثة مرتبة ترتيباً زمنياً وهي ليست قائمة شاملة، ولكنها تحوي أحداثاً بقى تأثيرها في الذاكرة الوطنية هي : العامل والمرحلة الأولى: نشوء الحركة الوطنية / مرحلة الدعوة إلى حقوق الإنسان. العامل والمرحلة الثانية: الحرب الأهلية والصراع على السلطة/ مرحلة العمل من أجل حقوق الإنسان.العامل والمرحلة الثالثة: الوحدة / مرحلة التكوين المؤسسي والقانوني لحقوق الإنسان. وبالنسبة للعامل الخارجي فتمثل في إصلاحات جورباتشوف مُنذ عام 1985م والتي أدت إلى إعادة مراجعة التجربة الحزبية والسياسية في اليمن على مستوى الحزب والدولة في الشطر الجنوبي، كذا النظام العالمي الجديد وتركيزه على حقوق الإنسان وممارسة الضغوط ضد الدول التي لا تتمشى مع ذلك .
ومع التحول والتغيير للنظام السياسي اليمني وقيام الجمهورية اليمنية في 22مايو1990م وانضمام اليمن إلى قائمة الديمقراطيات الناشئة شهدت البلاد انفتاحا على الديمقراطية والتعددية السياسية والاتجاه نحو تفعيل شتى جوانب الحقوق والحريات العامة، فنص الدستور على مُجمل حقوق الإنسان المتعارف عليها، وصدرت العديد من القوانين اللازمة لحماية الحقوق والحريات العامة علاوة على تأكيد الدستور وبالنص الصريح في المادة السادسة منه على ” العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة ” كما نصت البرامج الحكومية وخطط الدولة التنموية والإستراتيجية المتعددة التأكيد على العمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية وبناء دولة النظام والقانون وضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان .
هذا ولم يكتفي فقط بشمول الدستور والقوانين الوطنية للعديد من الأحكام ذات الصلة بحقوق الإنسان، وإنما وفر المشرع والسياسة اليمنية الضمانات المقررة لكفالة تنفيذ هذه الحقوق مجسدة مقولة ” حقوقاً بلا ضمانات حقيقية أو جدية تكاد تصير هي والعدم سواء”، حيث أقر مجموعة من القواعد أو المبادئ التي يلزم مراعاتها – أساساً – من أجل كفالة الاحترام الواجب لحقوق الإنسان، كما تنهض سياسة حقوق الإنسان في اليمن على العديد من المصادر يأتي في مقدمتها الشريعة الإسلامية (المصدر الرئيس لحقوق الإنسان عموماً) كذا الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان التي صارت اليمن طرفاً فيها فهي مصدر من مصادر سياسة حقوق الإنسان وضمانة من ضمانات حقوق الإنسان في الوقت نفسه وهي بمثابة التزام من قبلها ينعكس في تشريعاتها، هذا ولم تكتف أيضاً بتجسيد حقوق الإنسان في تشريعاتها ابتداءً بالدستور ومروراً بكل القوانين النافذة، علاوةً على انضمامها للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بل ترجمت هذا الاهتمام من خلال إنشاء العديد من الآليات والمؤسسات المتنوعة التي تهتم بتعزيز واحترام حقوق الإنسان وعلى المستويين الرسمي والغير رسمي، وقد مثل استحداث وزارة خاصة لحقوق الإنسان في اليمن تطوراً نوعياً في الاهتمام بحقوق الإنسان، وأشادت المنظمات والهيئات المحلية بذلك باعتباره الحدث العملي الأكثر أهمية على المستوى المؤسسي والذي يجسد مدى احترام اليمن لحقوق الإنسان .
علاوةً على هذا فقد شهدت الساحة اليمنية العديد من المحطات التي عززت من الوعي بالحقوق والحريات لدى المواطن اليمني حيث جرت ثلاث دورات انتخابية برلمانية ( الأولى عام 1993م- الثانية عام 1997م – الثالثة عام 2003م )، ودورتان انتخابيتان رئاسية ( الأول عام 1999م – الثانية عام 2006م )، ودورتان انتخابية محلية ( الأولى عام 2001م – الثانية عام 2006م بالتزامن مع الدورات السابقة ) واستفتاءين على الدستور ( الأول عام 1991م – الثاني عام 2001م )، إضافةً إلى انتخابات المحافظين من جانب أعضاء المجالس المحلية المنتخبين على مستوى المحافظات والمديريات في 17 مايو2008م .
وتأسيساً على ما ذُكر وما تم تحليله في فصول الدراسة الأربعة إضافة إلى الفصل التمهيدي فإنه يمكننا أن نسوق بعض الاستنتاجات والتوصيات التي خرجت بها الدراسة مع التنويه بأن ما يتم ذكره هنا ليس قائمة بكل ما استنتجته أو توصي به الدراسة فقط البعض من تلك الاستنتاجات والتوصيات والتي لا تغني الباحثين والمهتمين من الرجوع إلى ما تم تسطيره أثناء معالجة مواضيعها لأن الدراسة هدفها أولاً وأخيراً هو تقويم سياسات حقوق الإنسان في اليمن 1997م-2008م لذا لم تخل مطالبها ومباحثها من العديد من التوصيات والاستنتاجات التي دونها الباحث في الموضع و المكان المخصص لها أثناء سيره في معالجة الموضوع والتي لا يتسع المجال لإعادتها هنا فقط سأشير وبإيجاز إلى البعض منها .
أولاً – النتائج :
- الثورة اليمنية في شمال وجنوب اليمن قامت من أجل ضمان وحماية حقوق الإنسان ورفع مكانته المواطن اليمني سياسياً واقتصاديا واجتماعياً وثقافياً، كما أن الشعب اليمني في الشمال والجنوب كان يمثل شعباً واحداً متحداً في همومه وقضايا الحقوق والحريات العامة رغم تقسيم الإمام والاستعمار لهم أولاً ودخولهم فترة التشطير ثانياً اتضح ما نذهب إلية لاحقاً بربط واشتراط الوحدة بينهما بتبني الديمقراطية وحقوق الإنسان كمنهج ونظام حكم .
- الانتخابات إلى جانب كونها مؤشراً من مؤشرات التحول الديمقراطي في اليمن فإنها مظهر من مظاهر حقوق الإنسان في اليمن، وهذا ما تؤكده الدراسة أولاً، وتذهب ثانيا إلى التأكيد بالقول على أن القضية ليست معركة انتخابات بين أبناء الوطن الواحد ولكن القضية هي قضية حق من حقوق الإنسان وتعبئة المواطنين من أجله هذا من جانب ودعم قضية التنمية من جانب آخر، وتذهب ثالثاً بالقول أن الديمقراطية ليست الانتخابات كما هي مختزله فيها بل منظومة متكاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافيا، وبالتالي فإن اليمن – وكذلك الوطن العربي– بحاجة إلى التحول من ديمقراطية الانتخابات إلى ديمقراطية المشاركة لما لها من أهمية في تحسين أوضاع المجتمع وحماية الحقوق والحريات العامة فيها ،رابعاً التجربة الديمقراطية في اليمن لازالت في أطوارها الأولى فهي غضة وتحتاج إلى رعاية الجميع، وهذا ما تعترف به القيادة السياسية قائلة بأن اليمن ” سيظل يتعلم في كل يوم في مدرسة الديمقراطية ويكتسب منها المزيد من الخبرات فالديمقراطية منظومة متكاملة والمسئولية مشتركة والمعارضة هي الوجه الآخر للحكم ” .
- تأثرت اليمن بعوامل داخلية من صنع الذات وعوامل خارجية من صنع الآخر، وتخللت العوامل الداخلية مراحل ثلاث داخلية دفعت هذه العوامل باليمن إلى التحول عن الشمولية والسلطوية والسير في خط حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
- حقوق الإنسان والضمانات المتعلقة بها والمنصوص عليها في المواثيق الدولية بما فيها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان يتضمنها دستور الجمهورية اليمنية والتشريعات الوطنية النافذة وقد أكدت ووضعت الضمانات اللازمة لممارسة الحقوق والحريات العامة ، كما صادقت اليمن على العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتؤكد التزامها بما ورد فيها بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس لحقوق الإنسان في اليمن، وقد أقامت اليمن منظومة قانونية حديثة متكاملة ترجمت من خلالها كل التزاماتها الدولية إلى تشريعات وإجراءات عملية تصون الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وبالتالي فإن وضعية وواقع حقوق الإنسان في اليمن مصونةٌ دستوراً وقانوناً، وإن انتهاك أي حقٍّ من تلك الحقوق إنما يرجع إلى خطأ في تطبيق النصوص الدستورية والقانونية، وأننا نقرُّ بوضوح لا لبس فيه بأن هناك فجوةً كبيرة بين حقوق الإنسان المكفولة دستوراً وتشريعاً وبين ممارسة هذه الحقوق فعلياً في دائرة الواقع .
- برامج الحكومات المتعاقبة ابتداءً من حكومة 1997م وحتى برنامج الحكومة العاشرة والمقدم للبرلمان بتاريخ 17/4/ 2007م تطرقت إلى حقوق الإنسان والديمقراطية وبناء الدولة اليمنية الحديثة بمؤسساتها المعاصرة حيت كانت أول حكومة تطرقت إلى حقوق الإنسان هي حكومة الدكتور/ فرج بن غانم، إلا إن التحول كان في برنامج حكومتي الأستاذ/عبد القادر باجمال لعامي (2001م و2003م ) والذي تضمن محوراً بارزاً لحقوق الإنسان، ومن جانب آخر فإن البيانات الحكومية في مُجملها أكثر ميلاً لحقوق الإنسان المدنية والسياسية منها إلى الاقتصادية ]على عكس خطط الدولة المنصبة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي أغلبها موجهة لمواجهة مشكلة الفقر، وقد عكستها في ذلك التسميات التي تحملها ( الخطة الخمسية ” الأولى والثانية ” للتنمية الاقتصادية والاجتماعية/خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر) [، وهذا لا يعني التضحية بها على حساب طائفة هذه الحقوق، وإنما هناك ترابط وتكامل بينها، وإنما فقط حظيت أكثر تسطيراً تحت مواضيع ومحاور حقوق الإنسان في هذه البيانات، وأكثر ترديداً في خطب المسئولين وهذه الأهمية تجد لها المبرر الموضوعي الذي يسوغ تلك الأولية والأهمية من وجهة نظرنا متمثلة في ما عانت منه اليمن قبل الوحدة من كبت للحريات، وبالذات هذا الصنف من طوائف حقوق الإنسان كالديمقراطية وممارسة العمل الحزبي، وبالتالي فإنها تفريغ لسنوات الكبت والحرمان.
- كما نجد بأن برامج الحكومات اليمنية المتعاقبة تخلو من الإشارة لدمج مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج التعليمية حيث يعتبر برنامج الحكومة اليمنية المشكلة في 5/4/ 2007م والتي حصلت على الثقة من مجلس النواب بتاريخ 19/4/2007م أول برنامج لحكومة يمنية يشير إلى دمج مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية حيث نص في المحور التاسع منه بأن الحكومة تسعى إلى ” دمج مفاهيم الحرية الديمقراطية وحقوق الإنسان في المناهج والقرارات الدراسية وتوعية النشء والشباب وإدماجها في المناهج والمقررات الدراسية ” .
- الحكومة اليمنية صاغت العديد من الخطط والسياسات التنموية المدافعة عن حقوق الإنسان، إلا أنها لم تبذل الجهود المطلوبة في سبيل صياغة سياسات تنموية متماسكة وواضحة المعالم تكون قادرة على التصدي لظاهرة الفقر، كما أن السياسات التي تتبناها الدولة في سبيل التخفيف من حدة الفقر غالبا ما تتصدى لها بعض الجهات ذات النفوذ السياسي بهدف الإبقاء على الوضع الراهن حماية لمصالحها الخاصة، ومما يزيد من تفاقم الوضع محدودية الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي والجهات المانحة للقطاعات الإنتاجية في الجمهورية اليمنية .
- اهتمام اليمن بحقوق الإنسان يجسد انسجاماً ناصعاً مع الخيار الديمقراطي الذي اختارته مُنذ 1990م فلا حقوق إنسان بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية دون اهتمام بحقوق الإنسان .
- حداثة التجربة الديمقراطية في اليمن ساهمت في بقاء بعض أشكال انتهاك حقوق الإنسان، غير أن هذه الانتهاكات لا تمثل توجهاً رسمياً سالباً نحو قضايا حقوق الإنسان بل ترجع إلى قصور البناء المؤسسي لبعض المؤسسات الحكومية المعنية بحماية بحقوق الإنسان وتطبيقها، أو إلى عدم استيعاب بعض المسئولين في هذه المؤسسات لثقافة حقوق الإنسان بحكم تأثرهم بأساليب عمل وأشكال وعي اكتسبوها وتشكلت لديهم منذ فترة الحكم الشمولي في شطري اليمن سابقا وهذا القصور من جانب المؤسسات الحكومية تعاني منه أيضا مؤسسات المجتمع المدني .
- سياسة حقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية مستمدة في المقام الأول من روح الدين الإسلامي وتعاليمه ومثله الأخلاقية، مما يجعل الحريات والأصول التي تتم ممارستها سلوكاً غير مطلق أو مباح للاجتهاد الفردي، كما أن المصدر الوطني لسياسية حقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية جزء منه مستلهماً من المصدر الدولي، والتي تمت كفالتها بالتصديق على العمل بما ورد في هذه الاتفاقيات وبما يناسب مبادئ الحقوق والحريات التي تحتويها الشريعة الإسلامية الغراء، وبالتالي فقضية حقوق الإنسان تمثل بالنسبة لليمن أبعاداً متعددة تبدأ بالبُعد الوطني وتنتهي بالبُعد الدولي .
- الظروف الخاصة بالجمهورية اليمنية والمتمثلة في التركيبة المعقدة لتوازنات القوى بين السلطة المركزية من جهة ،والنفوذ المناطقي لشيوخ القبائل وقادة القوات المسلحة والأمن فضلاً عن الشخصيات الاجتماعية ذات السلطة والنفوذ من جهة أُخرى كل هذه العوامل أعاقت الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل تمتع الإنسان بحقوقه وترجمة تلك النوايا الحسنة إلى أفعال يمكن مشاهدتها وتلمسها على أرض الواقع، ولعلَّ أبرز المعوقات التي تحول دون تمتع الإنسان بحقوقه وحرياته، كما تؤثِّر سلباً في تطوير ثقافة حقوق الإنسان في اليمن ما يلي: موروثات الماضي، قصور التأهيل، ضعف مستوى الوعي الحقوقي لدى أفراد المجتمع، صعوبة الأوضاع الاقتصادية، ضعف مؤسسات المجتمع المدني .
- برزت ظواهر في الساحة اليمنية تحول دون تجذير الحقوق والحريات العامة في الواقع كما تحول دون الوفاء بالالتزامات الرسمية بالعهود والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان إلى واقع ملموس ومعاش، وهذه الظواهر هي نفسها أكبر التحديات التي تواجهها اليمن كدولة ونظام في الوقت الراهن، وتتمثل في تفشي ظواهر( الفقر – الفساد – الإرهاب – الحراك في جنوب اليمن – أحداث صعده في شمال اليمن ) .
- اليمن موقعة على جميع اتفاقيات حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وحقوق الطفل وحقوق المرأة وغيرها، وهذا يدل على نية حسنة لاحترام حقوق الإنسان، لكن في الواقع فإن اليمن لا زال بعيداً عن تنفيذ هذه الاتفاقيات خاصةً في ما يتعلق بحقوق المرأة، لذلك فهناك حاجة لمراجعة التشريعات الوطنية كي تتوافق مع الاتفاقية التي وقعت عليها اليمن، بعد ذلك من المهم جداً تدريب القضاة لتطبيق القوانين بشكل جيد .
- اليمن من أقل الدول تحفظاًُ على اتفاقيات حقوق الإنسان وتحفظاتها تنبع و تتسم بسمات خاصة ووضعية شديدة الخصوصية تنسجم مع العادات والتقاليد اليمنية ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتهدف إلى الحفاظ على الهوية والثقافة اليمنية والسيادة الوطنية والقومية وعدم المساس بالشريعة الإسلامية، وهذه التحفظات لا تمثل في مضمونها تصادماً أو تعارضاً أو مساساً بتلك المواثيق بل هي حتماً في نطاق ما تحرص عليه هذه المواثيق ذاتها من حريات أكدتها وحقوق تعمل على حمايتها، ومن الجدير بالذكر أن اليمن لم تتحفظ على جميع اتفاقيات حقوق الإنسان بل اقتصر تحفظها على بعض المواد الواردة بعدد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وذلك ضماناً لنفاذ أحكامها، كما أن معظم الاتفاقيات الدولية التي وقعتها وصادقت عليها اليمن والمتعلقة بحقوق الإنسان تركزت حول الحقوق السياسية فقد وقعت اليمن على حوالي ” 70 % ” من الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق السياسية مقارنةً بـ ” 17 % ” فقط من إجمالي الاتفاقيات الدولية والتعديلات والبروتوكولات .
- الدستور اليمني قد يكون متفرداً على نظرائه من التشريعات العربية بالنص على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تضمن نصاً يقول : ” تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة ” ، وهذا النص الذي يتم على ضوءه تحديد وضعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني اليمني، كما أنه النص الذي يتم التأكيد به من قبل كل الباحثين ومسئولي الحكومة اليمنية على التزامات اليمن بما حوتها الصكوك الدولية وانعكاساتها في صلب التشريعات الوطنية وفي مُقدمتها الدستور، إلا أنه ولو تمعنا في عُمق هذا النص لوجدنا ببساطه أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يغيب عنه الصفة الإلزامية حيث لم يضع التزامات قانونية على الدول، ومن هُنا نقول أن مثل هذا النص لا يحمل سوى قيمة أدبية ولا يجعل بذاته من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو غيره من المواثيق الدولية جزءاً من التشريع الداخلي، وبالتالي فإن الجمهورية اليمنية بحاجة لنص صريح وواضح يحدد مكانة ووضعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني اليمني بدلاً من خضوع المسألة للاجتهادات المتضاربة .
- كانت قضايا حقوق الإنسان في اليمن منوطة بعدة جهات حكومية ولم يحدث أن شكلت مسألة حقوق الإنسان مجالاً متميزاً في سياسية الدولة قبل تشكيل لجنة مختصة بحقوق الإنسان عُرفت ” بلجنة حقوق الإنسان السياسية والمدنية ” عام 1997م، وتطورت في الحكومة التي تليها إلى لجنة وطنية عليا لحقوق الإنسان وتزامناً مع التشكيل الوزاري لحكومة عبد القادر باجمال الذي تم في ابريل 2001م تم استحداث منصب وزير الدولة لشئون حقوق الإنسان وكانت د/ وهيبة فارع أول امرأة تتقلد منصب وزيرة في تاريخ اليمن الحديث ، وقد تطورت إلى وزارة مع حكومة باجمال الثانية 2003م .
- تتنوع المؤسسات الوطنية الرسمية لحقوق الإنسان في الساحة اليمنية هذا من ناحية ومن ناحية أُخرى فإن السياسة اليمنية تجاه قضايا حقوق الإنسان أثبتت بأنها تنتقل من مرحلة إلى أخرى وبشكل تدريجي( من لجنة للحقوق المدنية والسياسية إلى لجنة وطنية إلى وزارة ) والأخيرة استحداث وزارة مستقلة خاصة بحقوق الإنسان في الحكومة المشكلة عام 2003م إلى جانب كونه تتويجاً لجهود عدة سابقة، فإنه الحدث العملي الأكثر أهمية على المستوى المؤسسي والذي يجسد مدى احترام اليمن لحقوق الإنسان وقد كُلفت الوزارة بمراقبة مدى التزام المؤسسات والأجهزة الحكومية بمبادئ وحقوق الإنسان وأنيط بها مهمة رفع المستوى الوعي العام بحقوق الإنسان والحاجة لاحترامها ومهام أخرى كُلفت بها .
- المؤسسات الآنفة الذكر تتباين الظروف التاريخية والمجتمعية التي ظهرت فيها ولم تحكمها قاعدة واحدة ، فنموذجا ” لجنة حقوق الإنسان السياسية والمدنية ” و ” اللجنة الوطنية العليا لحقوق الإنسان ” يمثلان الجيل الأول من المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان في اليمن تميزت لحظة تأسيسهما بأوضاع وظروف داخلية متأزمة وعلاقات متنافرة ومتوترة بين القوى السياسية والسلطة من جانب، وبين السلطة بمختلف مكوناتها من جانب آخر، وبالنسبة للجيل الثاني للمؤسسات الوطنية والذي نشأ مع بداية الألفية الجديدة فقد فرضت التغييرات السياسية في اليمن نمطا مختلفاً من التطور، حيث انتقلت الحكومة اليمنية من صيغة اللجنة الوطنية إلى صيغة ونموذج وزارة حقوق الإنسان كآلية للنهوض بحقوق الإنسان في البلاد، وقد جاء تأسيسها تزامناً مع ضغوط دولية كبيرة ودعوة دولية للإصلاح في المنطقة العربية أكثر مما ترتبط بواقع أزمات داخلية .
- هناك مشكله تتمثل في الخلط بين المؤسسات الوطنية والهياكل الحكومية في اليمن وهو خلط قد يحمل أحياناً قصوراً في إدراك طبيعة كل منهما كما يبدو أحياناً متعمداً بغية إسباغ قدر أكبر من المصداقية على الخطاب السياسي للدولة، وسواء جاء هذا الخلط عفوياً أو متعمداً فإنه يؤدي إلى نتائج سلبية على جوهر عمل هذه المؤسسات، ويفقدها رصيدها الأهم وهو ثقة الرأي العام، فدفاع الحكومة عن سياستها عبر الهياكل الحكومية التي تؤسسها أمر مفهوم، وقد يختلف أو يُتفق معه، ولكن إعادة إنتاج الخطاب ذاته على لسان مؤسسة وطنية يفترض أنها مستقلة يضعف المؤسسة والخطاب معاً .
- توضح الدراسة أيضاً أنه يظل من الملفت في سياق تطور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المنطقة العربية العلاقة بينها وبين وزارت حقوق الإنسان، حيث لم تتبع هذه العلاقة مساراً واحداً ففي حين تأسست في اليمن اللجنة الوطنية عقب تعديل وزاري شمل تأسيس وزارة لحقوق الإنسان، ثم تم إلغاء اللجنة ودمج اختصاصها في وزارة حقوق الإنسان، حدث في المغرب العكس حيث سبق تأسيس المجلس الاستشاري عام 1990م تنصيب وزارة حقوق الإنسان، ثم جرى إلغاء الأخيرة ونقل بعض اختصاصاتها للمؤسسة الوطنية المجلس الاستشاري المغربي .
- اقتربت بعض نصوص اللائحة التنظيمية لوزارة حقوق الإنسان الصادرة بالقرار الجمهوري رقم ” 255 ” لسنة 2003م بتاريخ 29/11/2003م الموافق 5 – شوال – 1424هـ من مبادئ باريس 1993م المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وإلى حد التطابق، والبعض أبتعد عنها، وبعض الضمانات وأساليب عمل لم تنص عليها .
- العامل الأكثر تأثيراً في أداء وفاعلية وزارة حقوق الإنسان كذلك تطور أدائها هو الإرادة السياسية، والوزارة القائمة تملك وسائل عمل وآليات تسمح بدور مؤثر من أجل تحقيق أهدافها متى توافرت الإرادة السياسية للدولة وقيادتها، وإن كانت بعض نصوصها القانونية تحتاج لتعديلات أساسية لتطابق المعايير الدولية .
- لم تستطع الوزارة خلال فترة الدراسة وقد تجاوزت ذلك سوى من إصدار تقرير وطني وتقرير أداء (واحد في واحد) لكل منهما، على الرغم من تأكيدها في الإصدارين على أنهما متجددان سنوياً، هذا وعلى الرغم من ممارسة الوزارة لأنشطتها وانفتاحها على الصعيدين الداخلي والخارجي إلا أن هناك تبايناً في هذا النشاط والأداء، حيث يظهر خطابها نحو الإطار الدولي بأنه أكثر ميلاً من خطابها في الواقع المحلي، أضف إلى هذا فإن وزارة حقوق الإنسان هي الوزارة الوحيدة في الجمهورية اليمنية التي ليس لها مكاتب وفروع بالمحافظات .
- علاوة على هذا وذاك فإن الدراسة خلصت إلى أن سياسات وحركة حقوق الإنسان في اليمن صارت حالة ملموسة رغم بطء نموها، وصارت قضية حقوق الإنسان تناقش كقضية قانونية واجتماعية ويشيع الحديث عنها ويتطور الوعي والدفاع عنها، وهذا أمر لم يبرز في اليمن في أي مرحلة سابقة .
ثانياً – التوصيات :
1- الديمقراطية كعملية مستمرة ومتجددة لا تتوقف عند حدود الانتخابات، وبالتالي يكون من الخطأ الإفراط في تمجيد عملية الانتخابات التي هي حق من حقوق الإنسان في اليمن فالموضوع والقضية الأهم هي قضية الإرادة السياسية لدى الذين لديهم السلطة لمواصلة هذه العملية بنزاهة وشفافية، والاستفادة من الأخطاء التي ترافق عمليات الانتخابات، وبالتالي كما تم تسطيره في استنتاجات الدراسة فإن اليمن بحاجة إلى التحول من ديمقراطية الانتخابات إلى ديمقراطية المشاركة لما لها من أهمية في تحسين أوضاع المجتمع وحماية الحقوق والحريات العامة فيه .
2- القيود والضوابط التي نص عليها الدستور والقوانين التشريعية الوطنية هي من حيث المبدأ منطقية ومفهومة، وبالتالي الخوف مكمنه في أن تتحول هذه الضوابط والقيود عند الممارسة إلى ذرائع أو مداخل مختلفة تنفذ منها السلطات السياسية على وجه الخصوص لمحاصرة الآراء وتكميم الأفواه بجملة واحدة مصادرة الحريات والحقوق، وهذا ما تنوه إليه الدراسة وتدعوا الحكومة اليمنية الابتعاد عنه قدر المستطاع .
3- توصي الدراسة بمراجعة الأساليب التي يتم بها تكوين السلطة والمجلس التشريعي ” مجلس النواب ” وخاصة تعديل المادة ” 64/2/ج ” من الدستور، والمادة ” 56 ” من قانون الانتخابات العامة والتي اشترطت في مرشح مجلس النواب أن يجيد القراءة والكتابة، أي ألا يكون أمياً فقط، إذ ترى الدراسة أن اشتراط الدستور والقانون المذكور عدم الأمية التي وضعها لشغل منصب عضو مجلس النواب غير كافٍ حيث كان أحرى به أن يشترط الشروط نفسها إن لم تكن أكثر دقة من التي وضعها لشغل منصب أمين عام المجلس المحلي وذلك كون عضوية مجلس النواب من المناصب الحيوية والمهمة في أي بلد، إذ يسهم عضو مجلس النواب إسهاماً مباشراً في تعزيز حقوق الإنسان من خلال ما يقوم به المجلس من سن القوانين المنظمة لجميع نواحي الحياة في البلد ومناقشة الخطط الاقتصادية والتنموية وإقرار الموازنة العامة للدولة، وقيامه بالدور الرقابي على السلطة التنفيذية، والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيات حقوق الإنسان، إضافةً إلى هذا فإن المجالس البرلمانية التي تضم بين جنباتها صفوة المجتمع من الكوادر المتعلمة والمؤهلة تأهيلاً علمياً وشاملاً لمختلف الأنشطة الإنسانية لاشك أنها ستقوم بواجبها تجاه حماية حقوق الإنسان على أكمل وجه عكس المجالس النيابية التي تفتقر إلى الخبرة والتأهيل العلمي العالي، فسوف يكون مصيرها بدون شك هو العجز عن القيام بأداء واجبها تجاه الحقوق والحريات العامة وشتى جوانب الحياة، ومن ثم العجز عن اتخاذ القرار السليم، من هنا يجب أن يضم المجلس التشريعي النخبة المميزة من أفراد الشعب، ومن ذوي التأهيل العلمي، لكي يكون أعضاء هذا المجلس قادرين (من حيث إمكاناتهم ومهاراتهم وكفاءتهم) على القيام بوظائفهم البرلمانية بشكل كفء وجاد وليس مجرد التمثيل الرمزي أو الشكلي، ولذا يفضل مراجعة ذلك لما له من أهمية لضمان وحماية حقوق الإنسان اليمني والمصلحة الوطنية العامة، علاوةً على هذا فإنه كما ترى الدراسة مدخل فعال لتفعيل دور السلطة التشريعية ”مجلس النواب” وخاصة لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجلس لمراقبة السلطة التنفيذية ” الحكومة ” لضمان أن يكون عملها مطابقاً لما هو منصوص عليه في الدستور، ولا يكون ذلك إلا بتصحيح المدخل السليم كما أسلفت لهذه السلطة باشتراط مؤهلات عالية لمرشحي أعضاء مجلس النواب بدلاً لما هو حاصل يقرأ ويكتب لكي يقوم المجلس بدوره الرقابي على النحو المطلوب، لذا لا غرابة أن يكون دور السلطة التشريعية تجاه تعزيز حقوق الإنسان قاصراً لأن المدخل لهذه السلطة كذلك قاصر، وهذا باعتقاد الباحث غير لائق، خاصةًً ونحن في القرن الواحد والعشرين عصر التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي نشهده، وفي السياق ذاته أيضا ترى الدراسة أن هنالك حاجة لإعادة النظر في المهام والأدوار المناطة بمجلس الشورى إلى جانب تعزيز الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب، وكل هذه الجهود والإجراءات تبدو ضرورية لتعزيز مفاهيم الديمقراطية وبناء ثقافة الحقوق والحريات وبما يمكن الأجهزة التشريعية من ممارسة سلطاتها الرقابية على السلطة التنفيذية .
- يوصي الباحث السلطات العامة في الدولة أثناء ممارسة مهامها الدستورية أن تتقيد بالقواعد القانونية المنظمة لكيفية ممارستها لاختصاصاتها وهذا هو ما يطلق علية مبدأ خضوع الدولة للقانون، كذا توصي الدراسة الحكومة اليمنية بمواصلة جهودها في استكمال إصدار القوانين والتشريعات التي تضمن وتدعم الحريات العامة للمواطنين وتعمل على ضمانات حقوق الإنسان، واستكمال مراجعة الموجود وموائمتها مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها اليمن، كذلك سد النقص في الدستور القائم بعدم كفالته بعض الحقوق كحرية الصحافة والإعلام حيث لم ينص الدستور اليمني صراحةٍ على حرية الإعلام أسوةً ببقية الدساتير الحديثة معتبراً أن نص المادة ” 42 ” من الدستور- السابق إيراد نصها في سطور الدارسة – تلبي متطلبات الحماية الدستورية ، والحقيقة فقد كان الأجدر بالمشرع أن يفرد نصاً خاصاً في الدستور اليمني لكفالة حرية الصحافة والنشر بشكل صريح وجليي .
- توصي الدراسة الدول والمنظمات الدولية والمحلية التي تصدر تقارير سنوية عن حقوق الإنسان في اليمن بعدم الزج بقضية حقوق الإنسان في المكايدات السياسية والمقايضات غير اللائقة بهذه القضية، ونرجوا أن تتحرى بعض الدول والمنظمات مصادرها في المعلومات وأن يكون المقصود بالنقد الإصلاح والمعالجة وأن تؤخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية لكل شعب ودرجة المقبول والمرفوض في التدخل، والتفريق بين الهم المشترك في حماية حقوق الإنسان والإدعاء بالتفريط بهذا الهم واتخاذه وسيلة للوصاية وأحيانا للابتزاز .
- توصي الدراسة بعدد من المتطلبات سابقة تساعد على وجود خطاب رئاسي ديمقراطي اللغة وحقوقياً على مستوى المنطوق والفعل والممارسة، تجاه حقوق الإنسان تتمثل في( متطلب مؤسسي ،متطلب ثقافي، متطلب اجتماعي، متطلب اقتصادي ) .
- تدعو الدراسة إلى التزام وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي في الجمهورية اليمنية بإدخال ثقافة حقوق الإنسان وفقاً لمفهومها العالمي– مع مراعاة خصوصية المجتمع اليمني من الناحيتين الإسلامية والعربية – في إطار المقررات الدراسية بمراحل التعليم المختلفة وعلى المستويين الحكومي والأهلي وخصوصاً مرحلة التعليم الأساسي، حيث إنها المرحلة الأكثر تأثيراً في تشكيل الاتجاهات الأساسية للأجيال القادمة ” فالتعليم في الصغر كالنقش في الحجر” على أن يكون ذلك وفق عدة ضوابط أوردتها الدراسة كما تضمنت رؤية لإنجاز مقرر مادة حقوق الإنسان يُدرس في الجامعات اليمنية، وبأسلوبين، وذلك أسوةً بما اتخذته الجامعات في بعض البلاد العربية، كما تدعو الدراسة ايضاً الحكومة اليمنية إلى أن تنشأ حوافز تشجيعية لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان أبرزها ” جائزة الدولة لحقوق الإنسان ” ويصدر بها قانون خاص، وفي الإطار القومي فإن الدراسة تدعوا الحكومة اليمنية بتقديم مقترح للجامعة العربية بإنشاء ” الجامعة العربية لحقوق الإنسان” كذا ” مفوضية عربية لحقوق الإنسان ” و ” منتدى عربي لحقوق الإنسان ” .
- توصي الدراسة الحكومة اليمنية بإنشاء قضاء إداري متخصص ومستقل في اليمن لما يمثله القضاء الإداري من أهمية قصوى وفعالة في سبيل حماية الحقوق والحريات، كما توصي بإنشاء محكمة دستورية مستقلة، وخاصة للنظر في نزاعات عدم الدستورية، وليس الاكتفاء بشعبة دستورية كما هو عليه حالياً في إطار المحكمة العليا .
- هنالك حاجة ملحة لإصلاح النظام القضائي في الجمهورية اليمنية، ولعل الشاهد على ذلك أن معظم النزاعات وقضايا حقوق الإنسان يتم حسمها وفق الأحكام والتقاليد والأعراف القبلية، أي خارج إطار الدوائر القضائية الرسمية، ومن هنا أيضا فإن الدراسة ترى أن هنالك ضرورة تقتضي السعي الجاد من أجل المواءمة بين الأنظمة التقليدية وبين النظام القضائي الرسمي، وبصورة لا تتعارض مع ما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وبما لا يتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية أو يتنافى مع التزامات اليمن تجاه المجتمع الدولي .
- نظراً لكثرة الإعمال الإرهابية والمخاطر التي تُحدق باليمن، فإن الدراسة لاتعفي الحكومية اليمنية بالتوصية بضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة في تعاملها مع التهديدات والنشاطات الإرهابية التي تواجهها وفق مبدأ تناسب الرد مع طبيعة الفعل، بحيث لا يشكل التعامل مع مثل هذه التهديدات انتقاصاً للحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في الدستور اليمني وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليه اليمن بتاريخ 29/2/1987م .
- توصي الدراسة الحكومة اليمنية أن تقوم بعد المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بنشرها في الجريدة الرسمية للدولة، فعدم نشرها يترتب عليه جهل الأفراد بها، بل وأحيانا امتناع القضاة عن تطبيقها في حالة إثارتها من قبل أحد المتقاضين بحجة أنها لم تنشرها الجريدة الرسمية في البلاد، هذا ولازالت اليمن لم تصادق على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولاشك أن هذا الأمر يعتبر ضرورياً لاكتمال أسس الحريات والحقوق العامة والديمقراطية التي تتبنها الجمهورية اليمنية .
- كذا توصي الدراسة فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان الحكومة اليمنية إلى إيجاد نص صريح وواضح يحدد مكانة ووضعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني اليمني للأسباب التي تم ذكرها في نتائج الدراسة .
- يوصي الباحث الحكومة اليمنية فيما يتعلق بمؤسسات وآليات حماية حقوق الإنسان في اليمن بغض النظر عن التسمية ” مؤسسة ، لجنة ، وزارة ، مجلس ....” بأن الاستقلالية عن الحكومة في أي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان يفترض أنها الأمر المهم، بل هو كذلك لممارسة مهامها بفاعلية واستقلال لتعزيز وصيانة الحقوق والحريات العامة في البلاد، ويزيد من رصيدها الأهم وهو ثقة الرأي العام ومن ضمنها اليمن، كذلك أن تكفل في تشكيلها التمثيل التعددي لقواها الاجتماعية التي تنخرط في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وهذا لا ينطبق على وزارة حقوق الإنسان بالشكل الكافي فثقل وغلبة المكون الحكومي في تشكليها وطابعها التقريري في قراراتها أفقدها امتياز الاقتراب من المعايير الدولية التي عبرت عنها مبادئ باريس ” محل الدراسة ” ، كذلك تؤثر إمكانية الوصول إلى ” وزارة حقوق الإنسان ” أيضاً على شرعيتها فالوزارة أو أي مؤسسة وطنية التي يتعذر الوصول إليها تصبح وزارة ومؤسسة غير فعالة، ويتم تقييم الوصول إلى الوزارة والمؤسسة حسب مقر مكاتب الوزارة والمؤسسة والالتزام بالصراحة، ومنهج التشاور ،واستخدام اللغات المختلفة، هذا وينبغي عدم إقامة مكان عمل وزارة حقوق الإنسان أو أي مؤسسة وطنية في مكان يتعذر وصول الكثيرين إليه، أو بجوار أحد المعسكرات ووحدات الجيش التابعة لوزارة الدفاع، وبجوار الأمم المتحدة كما هو عليها مقر وزارة حقوق الإنسان فإن هذه المناطق تثني بالفعل أصحاب الشكاوى الفقراء عن تقديم شكاواهم، وتثير لدى الرأي العام العنصر المهم والأساسي في عمل الوزارة وهي عدم المصداقية، والأهم من ذلك أن يكون مقر عمل الوزارة على طرق المواصلات العامة، والنقطة الجديرة بالنقاش من المسئولين في الحكومة اليمنية هي البعد المادي للوزارة فهي الوزارة الوحيدة في الجمهورية اليمنية التي ليس لها مكاتب وفروع بالمحافظات
- وأخيراً توصي الدراسة الحكومة اليمنية بالقول أن الناس يدركون أن المؤسسة التي تُنشئها الحكومة مباشرةً، ربما تكون تابعةً للحكومة إذا كان في ذلك أهمية حقيقة لها ( فما بال الأمر حين تصبح وزارة ) من هنا ولكي تكون للوزارة – أوي مؤسسة تقيمها الحكومة مستقبلاً - أهمية حقيقة ولإقامة علاقة بناءة يلزم توفر العنصرين التاليين:
- الأول :- الاستقلال عن السلطة التنفيذية للحكومة. والثاني :- المساءلة أمام السلطة التشريعية، بالإضافة إلى أنه ينبغي أن يكون تشكيل الوزارة ( والمؤسسة / اللجنة / لحقوق الإنسان في حين نشؤها ) تعبيراً عن المجتمع اليمني البيئة التي تعمل فيها فينبغي أن لا تغفل عضويتها من فئة القبائل، فئة الأخدام، والأقلية اليهودية رغم ضآلتها، والانتماء السياسي، كذلك أن تنضم إلى تكويناتها بدلاً أن تكون لجان مستقلة كما هي عليه الحال في الوقت الراهن إدارات مثل ( المعاقين، اللاجئين، القانون الدولي الإنساني، السجون والمساجين )، هذا وإذا كان إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في اليمن عام 2003م كان محل ترحيب وتقدير كل اللجان التابعة للأمم المتحدة والمعنية بمراقبة مدى التزام الدول بالعهود والمواثيق الدولية ومنها على سبيل المثال لجنة حقوق الإنسان، واللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللجنة المعنية بإعلان حقوق الطفل فإنه ولتعزيز مثل هذه التوجهات من المهم إنشاء هيئة أُخرى مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان استناداً إلى ماعُرف بمبادئ باريس وعلى النحو الذي تم تحليله آنفاً .