الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بعد هذه الرحلة الطويلة التى تابعت فيها الفكر البديعى عند ابن معصوم والتى تكشفت فيها بعض ملامح العبقرية العربية فى مجال البلاغة والنقد اتضح للباحثة : أن ابن معصوم لم يكن من الناحية العلمية شخصية تسليمية على نحو دائم, فقد حاول أن يترك بصمته خلال صوغه لبديعيته, ثم خلال شرحه عليها, إذ نجد عنده : أنه ينتقد المتقدمين أحيانا, إذ تعقب سابقيه بالنقد وابداء وجهة نظره فيما تصوره خطأ أو قصورا وقع من أولئك السابقين, مع محاولة تصويت الخطأ وجبر هذا القصور. فقد انتقد ابن حجة فى رأيه الذى لم ير فى القسم فضيلة, وإنما أتى به لمعارضة البديعيات السابقة عليه. ولكن ابن معصوم لم يعجبه رأى ابن حجة فى وظيفة القسم, وغلطه فى ذلك, ووصفه بأن باعه قصير جدا فى المسائل العلمية. كما انتقد رأى ابن حجة فى الأصل اللغوى لمصطلح التوجيه, ووصف رأيه بأنه غلط واضح دال على عدم معرفته باللغة والصرف. كذلك خطأ ابن معصوم ابن حجة – عند الحديث عن مصطلح التلميح – فى التسوية بين التلميح والتلميح فى الأصل اللغوى. وقال إن التلميح بتقديم اللام على الميم, من لمحه, إذا أبصره ونظر إليه, أما التلميح بتقديم الميم على اللام, مصدر ملح الشاعر : إذ أتى بشىء مليح. ورفض ابن معصوم قول ابن حجة فى أن الإغراق لا يعد من المحاسن إلا إذا اقترن بما يقربه من القبول كـ( قد ) للاحتمال, و ( لاول ) للامتناع, و ( كاد ) للمقارنة, وما أشبه ذلك من أنواع التقريب. إذ أتى ابن معصوم بأمثلة خالية من هذه الحروف مع صحتها للاستشهاد على مصطلح الإغراق. تعقب ابن معصوم ابن حجة بالنقد, لأنه قد سوى بين مصطلح ( ارجوع ), ومصطلح ( السلب والإيجاب ), وذكر : أن السلب والإيجاب هو أن يبنى المتكلم كلامه على نفى شىء من جهة, وإثباته من جهة أخرى, والرجوع هو العود على الكلام السابق بالنقض, وكل من التقريرين لائق بالنوعين. واتهم ابن معصوم ابن حجة بالغباوة, وذلك لأنه جعل ما هو حجة عليه حجة له, والفرق بين النوعين ظاهر من الحدين المذكورين للنوعين ظهور فلق الصباح, وأين نفى شىء من جهة وإثباته من أخرى, من العود على الكلام السابق بالنقض. |