Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المسئولية المدنية في مجال نقل وزرع الأعضاء البشرية :
المؤلف
إبراهيم, محمد إبراهيم هلال.
هيئة الاعداد
باحث / محمد إبراهيم هلال إبراهيم
مشرف / محسن عبدالحميد البيه
مشرف / سمير سعد رشاد
مناقش / محسن عبدالحميد البيه
الموضوع
زرع الأعضاء البشرية. زرع الأعضاء البشرية - المشكلات القانونية. زرع الأعضاء البشرية - مخاطر طبية. القانون. الأطباء. القلب. الكبد. الشريعة الإسلامية. القوانين الجنائية.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
551 ص. ;
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الحقوق - قسم القانون المدنى.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

إن التقدم العلمي الهائل الذي يشهده هذا العصر، وما يحقق في جوانبه من إنجازات في كافة المجالات العلمية، وعلى وجه خاص في المجال الطبي، وأبرزها التقنيات الحديثة في إجراء عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية. وما ترتب عليها من آثار بعضها يحقق منفعة طبية ومصلحة تعود بالنفع على المرضى والمجتمع. وأما البعض الآخر منها قد يؤدي إلى مخاطر طبية تصيب أعضاء وجسم الإنسان، فتجعله يفقد حياته. وتنشأ المشكلات القانونية عن تلك العمليات في جانب الطبيب والمنشأة الطبية بسبب وفاة معطي العضو أو متلقيه نتيجة الخطأ الطبي.
وفي ظل هذا التقدم الطبي الذي أتاح للأطباء استخدام هذه التقنيات وأساليب جراحية متطورة على أعضاء جسم الإنسان. بقصد إجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية من الموتى إلى الأحياء وبين الأحياء. فتنشأ من ذلك مشكلات متعددة منها ما يتعلق بمبدأ معصومية الجسد، ومنها ما يتعلق بإشكالية تحديد المعيار الحقيقي لموت الشخص في القانون والشرع والطب، لكي يقوم الطبيب باستئصال أعضاء من الجثة.
وتعد الجثة مصدرًا في غاية الأهمية في مجال نقل وزراعة الأعضاء، لأنها تحتوي على الأعضاء الحيوية المنفردة كالقلب والكبد والمزدوجة كالكليتين وقرنيات العيون. وفي الوقت ذاته يعارض ذلك ما استقر في أنفس وضمائر أقارب المتوفى من وجوب إكرام الميت بدفنه وعدم المساس بأي عضو من أعضائه إلا فيما يتعلق بأحكام الغسل والتكفين من جهة الشريعة الإسلامية.
فكثرة الطلب على أعضاء وأنسجة الجسم البشري من جانب الأغنياء من المرضى، أسفر ما يسمى بالسوق السوداء بقصد بيع أعضاء الجسد الإنساني، ويعتبر المحرك الأساسي لهذا الاتجار السماسرة الذين يستغلون فقر بعض الطبقات لشدة الحاجة إلى المال بقصد جني أعضائهم مقابل ثمن بخس يأخذه معطي العضو أما المبالغ الكبيرة يأخذها السمسار وبعض الأطباء الذين انعدمت ضمائرهم .
ولعل مشروعية نقل وزراعة الأعضاء تتطلب في المقام الأول مراعاة المصلحة الأولى في الاعتبار عن باقي المصالح المتعارضة. فهناك مصلحة المريض أولى في الاعتبار عن النظر في حرمة المساس بالجثة، فمصلحة الحي أبقى من مصلحة الميت بشروطها الشرعية والقانونية. ومراعاة كذلك مصالح الأحياء الذين يخضعون لعمليات النقل والزرع، فلا تتعرض حياتهم لأضرار تلحق جسم المنقول منه العضو أو المتلقي للعضو المزروع في جسمه. فلا يجوز تفويت حياة معطي العضو لاستبقاء متلقي العضو.
فكان لزامًا من خلال هذه الدراسة إيجاد حلول لهذه المشكلات في القوانين الجنائية والقوانين المدنية المقارنة، وفقهاء الشريعة الإسلامية، وكذلك في المراجع الطبية المتخصصة في مجال نقل وزراعة الأعضاء البشرية.
فكان محل هذه الدراسة بعض القوانين المصرية ومنها القانون رقم 103 لسنة 1962 بشأن نقل قرنيات العيون، والمعدل بالقانون رقم 79 لسنة 2003. ومنها على وجه الخصوص القانون الذي أصدره المشرع المصري والقانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية، وكذا قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010.
فقد تتعدد المسئوليات القانونية التي تقع في جانب الأطباء والمنشآت التي تجري عمليات نقل الأعضاء وزراعتها بطرق تخالف أحكام القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء، فترتب مسئولية جنائية، ومدنية، وتأديبية في جانب المسئولين.
لعل المسئولية المدنية في عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية تلزم المسئولين بتعويض الأضرار المترتبة على الخطأ الطبي والذي أصاب المضرور من إجراء تلك العمليات سواء أكان معطي العضو أو متلقيه
ولاشك أن بحث طبيعة الأضرار المترتبة عن الأخطاء الطبية والجراحية لعمليات النقل والزرع ليس من قبيل الرفاهية العلمية بل هي السبيل لعلاج معظم المشكلات المتعلقة بهذه الأضرار التي تصيب معطي العضو أو متلقيه، وتكون مختلفة من حيث استحقاقها، فمنها ما هو متعلق بالورثة كالضرر المادي والأدبي، ومنها ما هو متعلق بالمورث المضرور كالضرر من فقد توقع الحياة، ومنها ما هو متعلق بالمضرور المورث والورثة وهي الأضرار الموروثة ، ومنها ما هو متعلق بهم ومتعلق بالغير وهي الأضرار المرتدة أو المنعكسة.
أما الفقه الإسلامي فقد أعطى نموذجا يقتدي به في حالات القتل والجراحات المتعلقة بأعضاء وأنسجة الجسم. فأوجب الدية والأروش على الجاني إذا سقط القصاص، وعفا المضرور عنه إلى قبول الدية، وأما في حالات القتل ويتعذر الوصول إلى الفاعل أخذ الفقه الإسلامي بفكرة القسامة عن طريقها أوجب الشرع الدية على أهل المحلة الذي وجد القتيل بين أيديهم حتى لا يهدر دم في الإسلام.
ولأن الشريعة الإسلامية من المصادر التاريخية التي استقى المشرع المصري المبادئ التي صاغها في نصوص التقنين المدني الحالي، فإن المسئولية الخطئية ظلت المبدأ الذي يحكم التعويض. وفوض المشرع للقاضي سلطة مطلقة في تقدير التعويض بقدر الضرر الذي أصاب المضرور وورثته بسبب خطأ الطبيب أو المنشأة الطبية في عمليات نقل وزرع الأعضاء والتدخلات الطبية الأخرى.
ولقد أصبحت المسئولية المدنية محور ارتكاز في القانون المدني، ويمكن وصف هذا العصر الذي نعيش فيه عصر المسئولية ويرجع ذلك على جسامة أخطاء الأطباء ومساعديهم داخل المنشآت الطبية، وجسامة المخاطر الطبية التي يتعرض لها المضرور من خلال إجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء.
ومن أسباب اختياري للموضوع عدة نقاط :
1- من الاعتبارات التي لا يمكن تجاهلها والتي دفعتنا إلى هذه الدراسة كثرة الحوادث الطبية المميتة وحوادث الإرهاب التي تقع داخل مؤسسات الدولة وخارجها الأمر الذي يؤدي إلى قتل الأبرياء من الناس.
2- الاعتداء من الأطباء ومساعديهم على أعضاء وأنسجة جسم الإنسان داخل غرف الإنعاش في المستشفيات.
3- محاولة الوصول إلى تحديد معيار حقيقي للوفاة حتى يتمكن الطبيب من الأعضاء من الجثة.
4- دراسة الموقف الشرعي والقانوني والموقف الطبي من إشكالية الموت الحقيقي للشخص، وصور التصرف في الأعضاء البشرية سواء من الموتى إلى الأحياء، أو بين الأحياء.
5- دراسة موقف المشرع المصري والتشريعات وبعض القوانين الأجنبية من عمليات نقل وزرع الأعضاء.
6- معرفة أنواع الاعتداءات الواقعة على النفس وما دونها من أعضاء وأنسجة الجسم، والآثار المترتبة على تلك الاعتداءات الجسدية من تطبيق عقوبات على الأطباء ومساعديهم، ومن تعويض الأضرار الناتجة عن عمليات نقل وزرع الأعضاء.
7- بيان الأضرار الواقعة على النفس والأعضاء وأنسجة الجسم، ومدى الحماية الجسدية التي وفرها المشرع المصري بإصدار القوانين التي تحظر الاعتداء على الجسم الإنساني، وحقه في التعويض الذي يتناسب مع قدر الضرر.
8- تعويض الأضرار المترتبة عن عمليات نقل وزراعة الأعضاء للمضرورين سواء أكان من المعطين للأعضاء أو المتلقين لها.
وقد اتبعت المنهج العلمي التحليلي المقارن بالفقه الإسلامي، والأنظمة القانونية العربية كالقانون الأردني والكويتي واللبناني وغيرها، والأنظمة الأجنبية كالقانونين الفرنسي والإنجليزي.
ولقد قمت بالاطلاع على أهم المراجع في كتب الطب التي تتناول الموضوع محل الدراسة في عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية عملاً وعلمًا؛ لأنه يقتضي أن يكون لدى الباحث إلمامًا بالعلوم الطبية بقدر كافٍ لكي تخدم هذا البحث.
وفي نظرنا أن الغاية من هذه الدراسة ممكن أن تتحقق من خلال تقسيمها إلى بابين. وقد تم تخصيص الباب الأول في نقل الأعضاء البشرية من الموتى إلى الأحياء وبين الأحياء، أما الباب الثاني لدراسة المسئولية المدنية عن نقل وزرع الأعضاء البشرية. وبيان بعض صور المسئولية الموضوعية والجماعية في الفقه الإسلامي وفي النظم القانونية المقارنة المعاصرة.
وقبل هذين البابين سنبحث في فصل تمهيدي مراحل عمليات نقل وزرع الأعضاء ومعصومية الجسد.
وبعد أن انتهيت من إنجاز هذا البحث، الذي يعد موضوعه من أكثر الموضوعات القانونية أهمية، فقد انتهينا فيه إلى عدد من النتائج والتوصيات التي نضعها بين يدي المشرع لعلها تساعد في إصدار تشريعات أخرى تساعد على إجراء عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية، وفي ظل الحماية القانونية للأعضاء وأنسجة الجسم وتضمين حصول المضرورين بالأضرار الطبية على حقهم في التعويض.
وكان من هذه النتائج:
1- إن التطورات المذهلة لعمليات نقل وزرع الأعضاء مازالت مستمرة بغية القضاء على الأمراض المزمنة التي فشلت فنون الطب في معالجتها بالوسائل العلاجية التقليدية. كأمراض الفشل الكلوي، والكبد، والبنكرياس، وأمراض العيون والقلب وأمراض النخاع الشوكي...الخ. ففي العشرين عامًا الماضية تقدم الطب وفتح آفاقًا جديرة في مجال نقل وزراعة الأعضاء، وخاصة بعد ظهور مفهوم موت المخ، لأنه لا يجوز للطبيب استئصال أي عضو من الشخص إلا بعد التأكد من موت مخه ككل.
2- إن حق الإنسان على أعضاء وأنسجة الجسم يعتبر من الحقوق اللصيقة بالشخصية، وإذا كانت الكرامة الإنسانية تستدعي حماية جسم الإنسان من خلال عدة مبادئ ومنها مبدأ معصومية الجسد الذي يمنع المساس بالجسم البشري، وأنه يجوز المساس بأعضاء وأنسجة وخلايا الجسم على سبيل الاستثناء بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية والنظام العام والكرامة الإنسانية، وإجراء عمليات نقل وزرع الأعضاء إذا كان الهدف من تلك العملية علاج مريض يحتاج لها باعتبارها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياته.
3- في الواقع إن عمليات نقل الأعضاء من الموتى إلى الأحياء يعتريه صعوبة تتمثل في تحديد المعيار الحقيقي لموت الشخص من الناحية الطبية، حيث انقسم الأطباء إلى فريقين لتحديد مفهوم الموت، الأول: يأخذ بمعيار الموت الإكلينيكي أو ما يسمى بالمعيار التقليدي للوفاة وهو توقف الدورتين الدموية والتنفسية عن العمل والذي يعقبه توقف باقي أجهزة الجسم وفي هذه الحالة يعتبر الشخص في تعداد الموتى. وأما الثاني: يأخذ بمعيار موت المخ بما فيه جذعه أي موت الدماغ ككل. وقد عرفه بعض الأطباء بأنه توقف نشاط الجهاز العصبي المركزي كله متضمنًا القشرة المخية وجذع المخ والحبل العصبي. كما عرفه البعض الآخر بواحد من أمرين: إما حدوث توقف بلا رجعة فيه للدورة الدموية للقلب والتنفس أو توقف جميع وظائف الدماغ ككل توقفًا نهائيًا لا عودة إليه.
أما مفهوم موت جذع المخ هو موت كل خلايا جذع المخ. وهذا المعيار تأخذ به المدرسة البريطانية، لأنه أكثر المعايير تساهلاً عن باقي المعايير الأخرى.
ومفهوم موت جذع المخ عند بعض الأطباء يعني توقف المراكز الحيوية في جذع الدماغ أو تلفها كمراكز التنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية.
وليس موت جذع المخ من المسائل التي يمكن التعرف بسهولة، ولكن توجد شروط وأسباب لتشخيص موت جذع المخ، والدلائل التشخيصية التي يمكن استبعادها لموت جذع المخ. والأفعال المنعكسة لموت جذع المخ والتي تحددها اللجنة الطبية البريطانية.
أما مفهوم موت جذع المخ عند الأطباء في مصر فقد انقسموا إلى فريقين: الأول: مؤيد لموت جذع المخ وعلى رأسهم السيد الدكتور/ حمدي السيد، نقيب الأطباء الأسبق. والثاني: معارض لفكرة موت جذع المخ ولا يعترف به كموت حقيقي بل تشخيصهم على أنهم أشخاص أحياء. وله أسبابه ومبرراته، ومنها أنه بالدراسة على (503) مريض تم تشخيصهم كموتى جذع مخ في أمريكا وعادت بعض الحالات إلى الوعي الكامل للحياة الطبيعية رغم أنه انطبقت عليها معايير تشخيص موت المخ. ويؤكد ذلك ما يسمى بظاهرة لازاروس في مرض جذع علامات تحدث لمرضى جذع المخ تتمثل في تغيرات في ضغط الدم أو حركات مقاومة الأيدي والأرجل بما يشبه حركات المشي عند استئصال الأعضاء من هؤلاء المرضى.
وقمنا بترجيح الفريق الثاني المعارض الذي لا يعترف بموت جذع المخ لقوة أدلته. ويكاد يختلف معيار موت جذع المخ بين أطباء الدولة إلى عدة معايير في تشخيصه في انجلترا، وأمريكا، وفرنسا، ومصر.
ويعرِّف فضيلة الشيخ/ جاد الحق على جاد لحق. الموت من الناحية الشرعية على أنه ”زوال الحياة وعلاماته شخوص البصر وأن تسترخي القدمان وينعوج الأنف وينخسف الصدغان وتتمدد جلدة الوجه فتخلو من الانكماش”.
4- اتجه غالبية الفقهاء المعاصرين في الشريعة إلى مشروعية عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية من الموتى إلى الأحياء، وكذلك بين الأحياء، واستدلوا بأدلتهم الشرعية، ومع مراعاة توافر شروط منها أن يكون هناك ضرورة قصوى للنقل، وألا يؤدي نقل العضو إلى أضرار المنقول منه. وأن يكون النقل محققًا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه العضو من الناحية الطبية، وأن يعامل جسد المنقول منه العضو معاملة أي إنسان ميت من احترام، ووجوب إعمال أحكام الغسل والتكفين وعدم تشويه الجسد بعد أخذ العضو منه. وأن يتم النقل دون أي مقابل مادي أو معنوي أيًا كان طبيعته. مع ضرورة صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية تفيد التأكد من العلم واتباع القواعد والضوابط المختلفة لإجراء عملية النقل والزرع. وألا يكون العضو المراد نقله من الأعضاء التناسلية التي يترتب عليها نقل الصفات الوراثية أو التي تمثل عورات مغلظة.
5- تدخل المشرع المصري مؤخرًا بإصدار القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية ولائحته التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 93 لسنة 2011، حيث تنص المادة (2) منه على أنه: ”لا يجوز نقل أي عضو أو نسيج من جسم إنسان حي بقصد زرعه في جسم إنسان آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المتلقي أو علاجه من مرض جسيم، ويشترط أن يكون النقل هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الضرورة وألا يكون من شأن النقل تعريض المتبرع لخطر جسيم على حياته أو صحته. ويحظر زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدي إلى اختلاط الأنساب”.