الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الحمد لله الحكم العدل الذي قضى فأبرم ، والذي لا راد لقضائه، ولا مُعقب لحكمه، أرسل رسله بالبينات وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا حاكم إلا هو سبحانه ، هو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأسرع الحاسبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أول قاضٍ في الإسلام حكم بشريعة الله تعالى وأقامها قولاً وسلوكاً صلى الله عليه وسلم.... أمّا بعد: فإنه لا مِراء أن من أسمى مهام الدولة الحديثة بث الاطمئنان في نفوس المواطنين وتأمينهم على حرياتهم وحقوقهم، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاحتكام إلى القانون وإعلاء مبدأ المشروعية الذي يتعين أن يسري على الحكام والمحكومين على حدٍ سواء. وإذا كان للقوانين درجة معينة وحظاً من السمو، فإنها مع هذا لن تبلغ تحقيق هذه الغاية إلا من خلال قضاء يتفيأ إدراك مراميها وفرض سلطانها على الكافة دون تمييز( )، وذلك في إطار من الاستقلال والتجرد والحياد. والقضاء في كل دولة هو عنوان نهضتها ومعيار تقدمها ومظهر سيادتها، فهو السياج المنيع لصون الحقوق والحريات في المجتمع؛ وهو ملاذ الخائفين وناصر المظلومين، الذي يسعى إلى ساحته جميع المواطنين؛ لحماية حقوقهم ومراكزهم القانونية، وهم عنده سواء لا فرق أمامه بين قوي وضعيف، ولا بين غني وفقير، ولا بين رئيس ومرؤوس. ولن يتمكن القضاء من تحقيق كل هذا إلا من خلال قضاة ينذرون أنفسهم لإقامة العدل ونصرة المظلومين، يحكمون طبقاً للقانون، ويلتزم جميع الناس بأحكامهم. |