الفهرس 
المقدمةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 32 |  |  |
| | | from | 32 | | |
المستخلص
أمَّـا بَعدُ، فأقدم هذه الدراسة في جانبٍ من شعرِ أبي القاسم الشَّابيّ، ذلك الشاعرُ الذي توفَّي في رِيعانِ الشباب بعد كِفاحٍ مريرٍ مع المرضِ، وابتلاءاتِ الحياة المُختلفة، حتى وفاته عن عُمرٍ لا يتجاوز الخمسةَ والعشرينَ عاماً. ويقوم هذا البحثُ على دراسة صورة الذات في ديوان الشاعر (أغاني الحياة)؛ فيدرسُ الذاتَ في شعرِه وكيف اصطبغَتْ بالمواقف اليوميّة، ورصد اغترابَ ذاتِه فنيّاً من خلال لغة النص الشعريّ وأدواتهِ، وذلك منذ بدأ ينشر بواكير شعره في الصفحة الأدبيَّة بصحيفة (النهضة) التونسيَّة وهو في السابعة عشرة من عمره. مروراً بجمع شعره في كتاب (الأدب التونسيّ في القرن الرابع عشر) للسانوسيّ، حتى وفاته عام ألف وتسعمائة وأربعة وثلاثين، مع الاستفادة ببعض الدراسات الحديثة.
وأما عن أسباب اختياري لهذا الشاعر فيمكن إجمالها في:
1. أشعارُ الشَّابَّيّ التي أثارَتْ ضَّـجةً فكريَّـةً في العصر الحديثِ ببلاد المغربِ، والآراء التي كُتبت عنه فيما يتعلقُ بعقيدته الإيمانية ،إثرَ ما تناولَ من موضوعاتٍ شعريَّـة جاءت مُتباينة؛ مما أدى إلى اتهام البعض له بالكفرِ والإلحادِ، على حين جعلَه آخرون على قائمةِ المُجددين العُظماءِ ؛ لذا أردْتُ دراسة خلجاتهِ النفسيَّـةِ وكل ما دار برأسهِ حتى يتضح الأمر.
2. أمّا السببُ الثاني: فقد جعل الشَّابِّي من الشعر رسالةً للبشريَّـة، فغايته نشر المَحبَّـة، ووصفِ الحالةِ المزاجيَّـة، ووصفِ المجتمعِ، وما يؤول إليه من لحظاتِ الضعفِ والقُوة، فلم يكتبْ الشعرَ لكسبِ المالِ أو التودُّدِ لأحدِ رجالِ الدولةِ.
3. ثُـمَّ لخُلوّ ديوانهِ (أغاني الحياة) من الخمرياتِ، من حيث هي غرضٌ من الأغراضِ الشعريَّـةِ التي كانت سُنة الشعرِ في تاريخ الأدبِ، ولو تعقبنا سائر السياقاتِ التي استخدم فيها الشابي لفظةَ الخمرِ فلن نقف إلاَّ على مجازٍ يستقرُ وقتاً قصيراً.
4. أمَّا عن السبب الرابع فلوضوحِ صورة الذات في شعره؛ حيث اختارَ الشابيّ مفرداتَ مُعجمِـه الشعريِّ من خلال حياتهِ اليوميَّـة القاسيَّـة.