![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يمثل شعر الجواهري مرحلة مهمة في تاريخ الشعر العربي المعاصر؛ باعتباره حالة خاصة لا ينسب إليه ما نسب إلى البارودي وصحبه من مهمة إحياء التراث، فهو لم يتجه إلى إحياء التراث على نهج من عاصروه وسبقوه، لأنه اختط لنفسه خطاً معكوساً يمثل تطوراً جديداً في الاتجاه الكلاسيكي بسمات فنية عصرية، تختلف اختلافاً كبيراً عما رأيناه؛ فقد استطاع أن يجمع النصوص التراثية والمعاصرة في قالب واحد بصبغة إبداعية وتجديدية متناسبة، ومستجيبة لروح العصر. تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن طبيعة تعامل الشاعر مع تراثه، ومدى إفادته منه، وكيفية توظيفه لمعطياته ومصادره، وتطويعها لخدمة قضاياه الذاتية والموضوعية. كما تكشف عن مدى براعة أدائه في استدعاء النصوص التراثية وتوظيفها داخل نسيجه الشعري، ومدى تآلفها وتخالفها مع النصوص السابقة، ومدى قدرته على توظيف الشخصيات والرموز والأحداث وربط الماضي بالحاضر لاستشراف المستقبل. أظهرت هذه الدراسة مفهوم التراث عند الجواهري وأهميته في شعره، وأبانتْ عن التفاعل القوي والعلاقة الخصبة التي كانت تربط الشاعر بتراثه العربي الأصيل، كما أماطت اللثام عن موقفه حيال التراث الذي نظر إليه نظرة شاملة منصفة عندما اعتبره حركةً مستمرةً تُساهم في إنارة الحاضر وتفعيله قصد مواجهة الواقع المتردي وتجاوزه، فكان شعره حلقة وصلٍ بين الماضي والحاضر، مزج فيه القديم بالجديد والأصالة بالمعاصرة. سار الجواهري على خطى أسلافه وخاصة في بداية نظمه، فكانت (مرحلة التقليد) أي (التعبير عن التراث) التي تأثر فيها بالشعر القديم في مختلف العصور، فبرزت في شعره المعارضة والتضمين، إذ تأثر بالنمط العام للقصيدة العربية كافتتاح القصائد بالوقفة الطللية، وتناول جل أغراض الشعر القديم من (مدح، وغزل، وهجاء، ورثاء، ووصف، وفخر ... الخ) فالتزم بالتقنيات الشكلية للقصيدة العربية (عمود الشعر) مع حرصه الدائم على التجديد في موضوعاته الشعرية، التي حاول ربطها بروح العصر ومستجداته؛ من أجل تحقيق كلاسيكية جديدة لقصيدة الشعر الحديث. |