Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مسئولية الإدارة عن أعمالها المادية :
المؤلف
حسن، باسل غريب محمد.
هيئة الاعداد
باحث / باسل غريب محمد حسن
مشرف / محمد كامل عبيد
مناقش / مجدي يوسف الجارحي
مناقش / هشام عبد المنعم عكاشة
الموضوع
المسئولية الإدارية. القضاء الإداري. القانون الإداري.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
740 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
تاريخ الإجازة
22/12/2015
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الحقوق - القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

بعد هذا العرض والبحث في موضوع مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المادية ودراسة مقارنة بين الوضع السائد في فرنسا وما عليه الوضع في مصر، وتعرض البحث للمفاهيم العامة لنظام المسئولية الإدارية ومصادرها والخصائص المميزة لها، وكذلك الأساس القانوني الذي تقوم عليه هذه المسئولية سواء كانت المسئولية على أساس الخطأ، وهي الفكرة السائدة في كل من فرنسا ومصر، وهي المسئولية التي يرتبط فيها نشاط جهة الإدارة بخطأ، وهي نفس فكرة المسئولية المعروفة في القانون المدني والتي تُعد الفكرة الأصل التي استمد منها فكرة مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المادية غير المشروعة، فكلاهما يعتمد على توافر عناصر ثلاثة هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، والتي يترتب على تخلف أي عنصر من هذه العناصر الثلاثة، انتفاء المسئولية وخاصة ما يتعلق بركن الخطأ، وهو ما يجري عليه العمل في فرنسا ومصر.
وقد تعرض البحث لفكرة المسئولية غير الخطئية وهي المسئولية التي يطلق عليها المسئولية على أساس المخاطر وهو مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المشروعة التي تنشأ عنها بعض الأضرار للأفراد، ويكون من حق هؤلاء الأشخاص المضرورين مطالبة جهة الإدارة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب أعمال جهة الإدارة المشروعة والغير مرتبطة بأي خطأ من جانب جهة الإدارة ومع ذلك تنعقد مسئوليتها على أساس المخاطر، ورأينا كيف كان لمجلس الدولة في فرنسا الفضل في وضع بل وابتداع هذه الفكرة؛ حيث قام مجلس الدولة الفرنسي بوضع القواعد القانونية المنظمة لمسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المشروعة، وحق الأفراد الذين تضرروا من هذه الأعمال في التعويض عما لحقهم من ضرر بسبب هذه الأعمال، وكيف كان اختلاف الفقه والقضاء حول الأساس القانوني الذي تقوم عليه المسئولية غير الخطئية، وأن أغلب الفقه انتهى إلى أن الأساس القانوني لهذه المسئولية هو مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة؛ حيث انتهى أصحاب هذا الرأي إلى أنه من غير المقبول تحميل أحد الأفراد أو بعض أفراد المجتمع بأية أعباء إضافية تفوق الأعباء التي يتحمل بها باقي أفراد المجتمع، وأنه من الواجب جبر هذا الضرر عن هؤلاء وتعويضهم عن أية أعباء إضافية بهدف إعادة التوازن بين جميع أفراد المجتمع، لتحقيق المساواة أمام الأعباء العامة فيما بينهم، وانتهاء قضاء مجلس الدولة الفرنسي إلى الأخذ بهذه النظرية كأساس تكميلي بجانب نظرية الخطأ التي تُعد الأساس في انعقاد المسئولية، وكذلك توسع مجلس الدولة الفرنسي في الأخذ بفكرة المسئولية على أساس المخاطر بهدف حماية حقوق وحريات الأفراد في مواجهة أعمال جهة الإدارة المادية التي تهدف من خلالها إلى تحقيق المصلحة العامة.
وبالنظر إلى الوضع في مصر فقد تبين من البحث أن أساس مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المادية هو أن تقوم جهة الإدارة بعمل غير مشروع، أي أن يرتبط نشاط جهة الإدارة بخطأ، فالخطأ هو أساس المسئولية، وإذا تخلف ركن الخطأ انتفت مسئولية الدولة عن أعمالها، وذلك أن القضاء المصري استقر على عدم الأخذ بفكرة المسئولية غير الخطئية، وإن كان قد صدر عنه – في بداية الأمر – بعض الأحكام التي تقررت فيها مسئولية جهة الإدارة على أساس فكرة المخاطر، إلا أنه تراجع عن هذا الاتجاه لاعتبارات خاصة، واكتفى بانعقاد المسئولية على أساس الخطأ رافضًا فكرة المسئولية على أساس المخاطر، باستثناء بعض الحالات التي قررها المشرع وبنصوص قانونية صريحة وفي حالات محددة على سبيل الحصر والتي تقوم فيها مسئولية جهة الإدارة على أساس المخاطر، ومازال القضاء مصرًا على هذا الاتجاه رافضًا فكرة المسئولية على أساس المخاطر في الموضوعات التي تعرض عليه، استنادًا إلى تمسكه بعدم إقرار أي مسئولية لم ينص القانون عليها.
ومن خلال البحث في موضوع مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المادية، فقد أدى بنا البحث إلى العديد من النتائج وأهمها:
 أولاً: من خلال الاطلاع على بعض المراجع والأبحاث القانونية وآراء الفقهاء في مجال مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها المادية، تبين أن هناك خلاف على تحديد مفهوم أو تعريف للأعمال المادية، وكذلك تبين عدم قيام المشرع المصري بوضع تعريف محدد للأعمال المادية، يُمكن من خلاله بيان ما إذا كان تصرف جهة الإدارة عملاً ماديًا من عدمه، من خلال قياسه على التعريف الذي نأمل أن يقوم المشرع بوضعه في الوقت القريب، وذلك نظرًا للآثار القانونية التي ستترتب حال اعتبار تصرف جهة الإدارة عملاً ماديًا أم عملاً إداريًا، وخاصة أن الفقه مازال حتى الآن مختلف في تحديد مفهوم الأعمال المادية.
 ثانيًا: وإذا كان القرار الإداري المنعدم، وهو القرار الإداري الباطل بطلانًا مطلقًا يصل إلى حد الانعدام، يُعد من الأعمال المادية التي لا يترتب عليها أي آثار قانونية، إلا أن الفقه سواء في فرنسا أو في مصر قد اختلف في وضع معيار محدد للتميز بين القرارات الإدارية الباطلة والقرارات المنعدمة، وقد تبين من البحث أن القضاء في فرنسا ذهب إلى أن الانعدام هو اغتصاب السلطة، وإن كان البعض قد ذهب إلى أن الانعدام يعني تخلف أحد الشروط المتعلقة بوجود القرار، وإن تخلف أحد هذه الشروط يعني انعدام القرار، أي أن القرار ولد ميتًا مما يجعله ينحدر إلى عمل من الأعمال المادية التي لا ترتب أي أثر قانوني.
وقد اختلف الفقه أيضًا في مصر في مجال التميز بين القرارات الإدارية الباطلة والقرارات المنعدمة، فالبعض يذهب إلى الاعتماد على معيار اغتصاب السلطة، والبعض يذهب إلى الاعتماد على معيار الوظيفة الإدارية ومدى ارتباط القرار الإداري بها، ورأى أخير يستند إلى معيار مشروعية القرار ومدى اتفاقه والقواعد القانونية المقررة .
أما القضاء في مصر، فقد كان في بداية الأمر يقصر حالة الانعدام على حالة عيب عدم الاختصاص الجسيم، إلا أنه وبعد إنشاء مجلس الدولة بدأ التوسع في مفهوم وحالات الانعدام، وعلى أي حال فإنه يتبين من البحث وجود خلاف شديد في تحديد مفهوم القرار المنعدم سواء بين الفقه أو القضاء، بالرغم من أهمية هذا الموضوع واختلاف الآثار المترتبة عليه.
 ثالثًا: من أهم النتائج التي تبينت من البحث، أنه مازال هناك بعض الأعمال المادية التي تقوم بها جهة الإدارة غير خاضعة للرقابة القضائية، فأعمال جهة الإدارة التي يطلق عليها أعمال السيادة مازالت حتى الآن لا تخضع لرقابة القضاء، بالرغم من إقرار مبدأ مسئولية الدولة عن أعمالها، تطبيقًا لمبدأ المشروعية ولإعلاء حكم القانون، وإذا كانت هناك محاولات عديدة للحد من نطاق هذه الأعمال – أعمال السيادة – أو للحد من الآثار المترتبة عليها، لما تمثله هذه الأعمال من خطورة شديدة على حقوق وحريات الأفراد، إلا إن جهة الإدارة تقوم ببعض الأعمال وإذا أرادت تحصين هذه الأعمال وحمايتها من رقابة القضاء، فإنها تدعي أن هذه الأعمال من أعمال السيادة، رغم أن هذه الأعمال تمثل اعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم.
وبالرغم من اختلاف الفقه في تحديد معيار لتميز أعمال السيادة عن باقي أعمال جهة الإدارة إلا أن أغلب الفقه يرى أن أعمال السيادة تُعد خرقًا لمبدأ المشروعية وتعدي صارخ على مبدأ حق التقاضي واعتداء على سيادة القانون، ويرى غالبية الفقه ضرورة إلغاء فكرة أعمال السيادة، وخاصة أن القضاء هو المنوط به تحديد ما إذا كان عمل جهة الإدارة من أعمال السيادة من عدمه، ومن ثم الحكم بعدم اختصاصه بنظر المنازعة، وقد يؤدي ذلك إلى تسيس القضاء إذا ما حاول في فترة من الفترات إلى إرضاء السلطة التنفيذية، مثلما حدث في فرنسا في قديمًا عند بداية نشأة فكرة أعمال السيادة.
 رابعًا: ومن خلال البحث تبين أيضًا أن القضاء المصري ومنذ نشأته قد استقر على عدم تطبيق فكرة المسئولية على أساس المخاطر ”المسئولية غير الخطئية” باستثناء بعض الحالات النادرة التي قررها المشرع بنصوص قانونية صريحة، في الوقت الذي استقر فيه مجلس الدولة الفرنسي على الأخذ بفكرة المسئولية على أساس المخاطر، والتي يرجع الفصل في ابتكارها إليه، واتخذها كأساس تكميلي لفكرة المسئولية على أساس الخطأ، والتي تُعد القاعدة العامة في المسئولية، إلا أن القضاء المصري يرفض تطبيق هذه الفكرة استنادًا لاعتبارات خاصة، لعل أهمها عدم الإضرار بميزانية الدولة أو لعدم الاستناد إلى مسئولية لم ينص القانون عليها صراحة.
فمازالت محكمة النقض المصرية تصر على عدم الأخذ بفكرة المسئولية على أساس المخاطر، وتصر على إلغاء أي حكم يؤسس مسئولية الإدارة على هذه الفكرة وقد انتهت محكمة النقض في أحد أحكامها إلى أنه ”إذ رتب مسئولية الحكومة على نظرية مخاطر الملك التي لا تقصير فيها يكون قد أنشأ نوعًا من المسئولية لم يقره الشارع المصري ولم يرده ويكون قد خالف القانون ويتعين نقضه”.
فموقف القضاء في مصر من فكرة المسئولية على أساس المخاطر واضح في رفضه هذه الفكرة، بالرغم من أن أغلب الفقه في مصر وخاصة في العصر الحديث يذهب إلى ضرورة الأخذ بهذه الفكرة، بهدف حماية حقوق وحريات الأفراد في مواجهة أعمال جهة الإدارة المشروعة والتي تنشأ عنها بعض الأضرار لبعض الأفراد في المجتمع، عن طريق تعويضهم جبرًا لهذه الأضرار وتأسيسًا على مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة.
 خامسًا: وقد تبين من البحث أيضًا أن دستور مصر الصادر عام 1971، وكذلك الدستور الصادر في يناير 2014، قد قررا وبنصوص دستورية صريحة على اختصاص مجلس الدولة بنظر سائر المنازعات الإدارية، وقد نص القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة في مادته العاشرة على ”أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية....... رابع عشر – سائر المنازعات الإدارية”.
ويستنتج من هذه المادة من قانون مجلس الدولة أن محاكم مجلس الدولة تختص وحدها ودون غيرها بنظر جميع دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة عن القرارات الإدارية، وكذلك عن الأضرار التي تنشأ عن الأعمال المادية التي تقوم بها جهة الإدارة، ومن ثم أصبح اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر سائر المنازعات الإدارية اختصاصًا عامًا وشاملاً، باستثناء بعض المنازعات التي نص عليها القانون بنصوص صريحة على عدم اختصاص مجلس الدولة بها.
إلا أن الواقع يقول غير ذلك حيث إن القضاء العادي في مصر هو من يقوم بالفصل في المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية لجهة الإدارة، وتُطبق عليها قواعد المسئولية التقصيرية المعروفة في القانون المدني، بالرغم من أنها أعمال مادية صادرة من جهة الإدارة، وطبقًا لنصوص الدستور والقانون تختص بنظرها والفصل منها محاكم مجلس الدولة وفق قواعد القانون الإداري، وأن تطبيق قواعد القانون المدني عليها غير مقبول، لأن القواعد التي تطبق على علاقات الأفراد بعضهم البعض لابد وأن تختلف عن القواعد القانونية المطبقة على علاقة الأفراد بجهة الإدارة، لأن هذه العلاقة الأخيرة علاقة تنظيمية لها من الخصائص التي تميزها عن علاقة الأفراد ببعضهم، فهذه المنازعات يجب ألا تدخل في اختصاص المحاكم العادية.
 سادسًا: وقد تبين أيضًا من البحث أن المحاكم العادية مازالت ترفض الأخذ بنظرية الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي بالرغم من أن التفرقة بين الخطأين الشخصي والمرفقي يُعد من أهم موضوعات المسئولية الإدارية، وكيف أن مجلس الدولة في فرنسا قد ساهم في ابتداع هذه النظرية نظرًا للأهمية التي تحظى بها، وأن القضاء العادي في مصر – بالرغم من هذه الأهمية – مازال يطبق فكرة مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة في مجال مسئولية جهة الإدارة عن أعمال موظفيها، تلك المسئولية الواردة بنصوص القانون المدني، ومازالت هذه المحاكم لا تأخذ بفكرة الخطأ الشخصي للموظف لنفي المسئولية عن جهة الإدارة.
 سابعًا: تبين من البحث ومن تحليل بعض أحكام القضاء الصادرة من المحاكم العادية في المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية الصادرة من جهة الإدارة، أن القاضي لا يستطيع أن يأمر جهة الإدارة بأي أمر أو أن يحكم على جهة الإدارة بالطرد أو المنع من القيام بعمل ما أو الرد أو الهدم أو أن يحكم على جهة الإدارة بالغرامة التهديدية، وأن القاضي لا يستطيع أن يحكم على جهة الإدارة إلا بالتعويض فقط جبرًا للضرر الذي أصاب شخص المضرور والناتجة عن الأعمال المادية لجهة الإدارة، وهو ما يُعد تهديد حقيقي وتعدي على حقوق وحريات الأفراد.