الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص أهمية الدراسة : إن هذه الظروف والأحداث والتموّجات التي تمر بها منطقتنا العربية هي التي دفعت الباحث إلى تناول هذا الموضوع ؛ لاقتراح الحلول المناسبة , وبالتالي تحقيق النهضة المنشودة ، وهو ما يعكس في نظره أهمية البحث ؛ لأن نجاح الباحث في مسعاه يعني نجاح الأمة العربية في الخروج من كبوتها , وفي طي مسافات زمنية تُقدَّر بالعقود , تفصلها عن العالم المتحضر . كما إن أهمية هذه الدراسة تأتي من عدة اعتبارات أيضًا : أولها عدم اتفاق الباحثين والمتخصصين على معيار محدد حول مفهوم الشرعية ، وأن غالبية هؤلاء مازال يختلط عليه الأمر . وثانيهما : أن مصدر الشرعية السياسية وتحليل أنماطها هو أحد أبرز معايير تصنيف النظم السياسية ، حيث تختلف من عصر إلى أخر . أما الثالث : فيتجسد في أن الشرعية والمشروعية هما أحد عناصر التنمية السياسية المتكاملة ؛ لأن هذه التنمية هى إيجاد حلول جذرية فى ازمات مترابطة . هذا وجميع هذه الأزمات مشروطة فى حلها بحل أزمة الشرعية والمشروعية اللتين تعدان غاية ووسيلة فى آن معًا . يضاف إلى ذلك أن هناك علاقة وثيقة بين شرعية السلطة ومشروعيتها من جهة أخرى ؛ لأن هذا الاستقرار يتوقف على العلاقة بين مستوى المشاركة السياسية ودرجة الممارسة ، التى تعنى إقامة سلطة سياسية ونظام قانونى مبنى على أساس تكريس ضمانات قانونية شكلية لقيام الدولة القانونية ، أى تحقيق المشروعية التي ترتكز بدورها على الالتزام بالأهداف العليا والقيم الأساسية للمجتمع ، وصولًا إلى تحقيق الإطار الشرعى للسلطة السياسية . كما تكمن أهمية هذه الدراسة أيضًا في أنها تلقي الضوء علي أهم وأخطر الأزمات التي تعانيها الشعوب العربية ، ألا وهي أزمة شرعية السلطة السياسية ، والتي كانت أهم محركات ثورات الربيع العربي ، التي خرجت فيها جموع شعوب هذه الدول منتفضين رافضين للذل والاستبداد ، والاستعباد ، مطالبين بأبسط حقوقهم الإنسانية المتمثلة في العيش والحرية والعدالة الإجتماعية ، والكرامة الإنسانية . إشكالية الدراسة : إن مفهوم الشرعية يثير جدلاً فقهيًا وفكريًا واسعًا ، إذ أن وجهات النظر المقدمة فى إطار مختلف الاختصاصات والميادين المعرفية أظهرت اختلافات واضحة حول هذا المفهوم ، فعلي الرغم من وجود ارضية وفاقية بينها تتلخص فى أن فكرة الشرعية تتعلق بالدرجة الأولى بحق الحكم أو ممارسة السلطة ، إلا أن هذا الاتفاق نسبى ؛ لأن موضوع الشرعية معقد جدًا ، ويحتل وضعًا متناقضًا في الفكر السياسي والقانوني المعاصر ، حيث يختلف من دولة لأخري ، ومن مجتمع لآخر . إن رياح التغيير التي هبت بالدول العربية ، قد طرحت صياغة جديدة لمفهوم الشرعية والمشروعية ؛ وللدخول في هذا العالم الشائك من المصطلحات ينبغي علينا أن نعرف المصطلحين الأهم والأكثر تداولًا في عالم الأحداث السائدة اليوم ، وهما الشرعية والمشروعية . وقد تكون الشرعية هي أكثر الشروط حاجة إلي الإيضاح والتفسير ، ذلك لأنها تختلط من الوهلة الأولي بالقانونية ، أي بالجانب القانوني ، والشكلي للشرعية ، في حين أنها في مجال فلسفة السياسة والحكم أوسع من ذلك وأعمق في معناها ومغزاها . لقد أصبح مفهوم الشرعية من أهم المصطلحات والمفاهيم الشائعة في الفترة الراهنة ، خاصة في التحليل السياسي ، فقد زاد الاهتمام بهذا الموضوع كثيرًا ؛ والسبب راجع لتلك الأحداث والتغيرات التي أحاطت بالدول العربية ، وما خلقته هذه الأحداث من مفاهيم ومصطلحات جديدة ، غيرت من خارطة النظم السياسية القائمة ، وفرضت قيمًا وأساليب جديدة ، تتماشي مع هذه التغيرات الحاصلة على المستوي الدولي والإقليمي ، داعية ــ هذه التغيرات ــ في ذلك الشعوب إلى المطالبة بحقوقها ، ورفع شعارات تنادي بالديمقراطية والمشاركة الشعبية ، وصيانة كرامتهم ، مؤكدة أنه لا يتحقق ذلك إلا في ظل وجود نظام ديمقراطي خالص ، يحرص علي الشرعية ، ويلتزم بها . إن أزمة الشرعية من أهم وأعمق وأخطر الأزمات التي تعاني منها الدولة العربية المعاصرة . والسبب يعود في ذلك إلى أنّها لم تصب النظام القائم فحسب ، بل تعديه إلى فكرة الدولة ذاتها ؛ مما جعل من إشكالية الشرعية إشكالية سياسية مركبة ، وذلك لما للدولة من أهمية جوهرية بالنسبة لتثبيت قيم الشرعية من جهة ، وتفعيلها في الوعي الاجتماعي والقانون من جهة ثانية ، ومن ثم قدرتها على جعل نفسها بؤرة الولاء الأكبر للفرد والمجتمع من جهة ثالثة . |