Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية الإجرائيةلمنازعات عقود الاستثمار /
المؤلف
العويني، علاء محمد علي.
هيئة الاعداد
باحث / علاء محمد علي العويني
مشرف / سيد أحمد محمود
مشرف / خالد حمدي عبد الرحمن
مناقش / محمد سعيد أمين
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
707ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون المدنى.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

الملخص
في ضوء أهمية الاستثمارات بوجه عام، والاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل خاص نظرًا لدورها الهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحل مشكلة البطالة، كما أنها أهم وسيلة لنقل وتوطين التكنولوجيا، لذا تحرص مختلف دول العالم على تضمين قوانينها بمختلف الضمانات والحوافز بهدف جذب الاستثمارات.
إلا أنه في ضوء طول مدة تنفيذ عقود الاستثمار، واتصالها بكيان الدولة المضيفة للاستثمار، وهو ما يثير مخاوف عديدة لدى المستثمر من مواجهة مشروعه الاستثماري لمختلف الأخطار التي تهدد استثماره، لذا يلجأ المستثمر قبل اتخاذ قراره في الاستثمار في دولة ما إلى دراسة النظام القانوني لتلك الدولة، ومعرفة موقف النظام القانوني للدولة المضيفة للاستثمار من كافة الأخطار التي تواجه مشروعه، وعادة ما لا يقتنع المستثمر بمختلف الضمانات التي توفرها الدولة ما لم تسمح الدولة المضيفة للاستثمار باللجوء للتحكيم لتسوية أي منازعات تنشأ عن ذلك الاستثمار، حيث لا يرضى المستثمر باللجوء للقضاء الوطني لتسوية منازعاته، في ضوء طول وتعقد إجراءاته والمدد الزمنية الكبيرة التي يستغرقها الفصل في النزاع، إلى جانب اعتقاد المستثمرين بأن الأجهزة القضائية في الدول النامية ليست على الدرجة الكافية من الاستقلال في مواجهة السلطة السياسية.
إلا أنه يقابل تلك الثقة في التحكيم من قبل المستثمر مخاوف جمة من جانب الدول النامية المضيفة للاستثمار، حيث تعتبر أن التحكيم يمس بسيادتها الوطنية ويتهرب من اختصاصها القضائي وقوانينها الداخلية الملائمة لمصالحها، وخاصة إذا كان موضوع عقد الاستثمار أحد القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني.
وعادة ما يلجأ المستثمر لمواجهة المخاطر غير التجارية التي تواجه مشروعه الاستثماري إلى المؤسسات الدولية لضمان الاستثمارات، والتي تقوم بالتأمين ضد المخاطر غير التجارية لصالح الاستثمارات التي تتم فيما بين الدول الأعضاء بتلك المؤسسات، ومن ذلك الوكالة الدولية لضمان الاستثمار والتي تغطي مخاطر التأميم ونزع الملكية ومنع تحويل ناتج الاستثمار إلى الخارج والحروب والثورات الإرهاب والتخريب، وعند تحقق أي خطر من الأخطار التي تغطيها الوكالة، تقوم الوكالة بسداد قيمة المطالبة المستحقة للمستثمر فورًا، ثم تقوم بالحلول مكانه في مطالبة الدولة التي تتحقق الخطر على أرضها، ومن ذلك أيضًا المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات.
وفي ضوء المدد الطويلة التي يستغرقها تنفيذ عقد الاستثمار، والتي تعرض المستثمر لتغير الظروف التي أبرم فيها العقد وبما يعرض المستثمر لخسائر كبيرة، يلجأ المستثمر إلى تضمين عقده الشروط التالية:
1- شرط القوة القاهرة الذي يهدف لمواجهة أي حادث فجائي مستقل عن إرادة المتعاقدين، لم يكن متوقعا منهم عند إبرامهم للعقد، ويؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزامات التعاقدية، وطبقًا للقانون المصري فإن القوة القاهرة تؤدي إلى فسخ التعاقد وإنهائه، إلا أنه عادة ما تتضمن عقود الاستثمار تنظيمًا محددًا لأثر تحقق القوة القاهرة، فقد يكون أثر ذلك وقف العقد مؤقتًا، أو منح المدين مدة إضافية للقيام بتنفيذ العقد.
2- شرط الثبات التشريعي الذي يهدف لتثبيت القواعد القانونية الاقتصادية المالية واجبة التطبيق على عقد الاستثمار بحيث يأمن المستثمر من الآثار السلبية لتعديل الدولة المضيفة للاستثمار لقوانينها على مشروعه الاستثماري.
3 - شرط إعادة التفاوض، لمواجهة أي ظروف تطرأ على العقد وتخل بتوازنه المالي وتصيب أحد المتعاقدين بضرر فادح.
هذا، وقد تضمن القانون المصري ضمانات وحوافز كبيرة للمستثمرين الأجانب، منها حظر تأميم المشروعات الاستثمارية ومصادرة أموالها، وعدم جواز فرض الحراسة بالطريق الإداري على الشركات والمنشآت أو الحجز على أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها، وحظر فرض أي قيود على التصرف في المشروع الاستثماري أو تحويل أرباحه للخارج، وعدم خضوع منتجات المشروعات الاستثمارية لنظام التسعير الجبري، وعدم جواز فرض أي قيود تتعلق بالاستيراد أو التصدير على المشروع الاستثماري، ومنح المستثمر الحق في تملك العقارات المبنية وأراضي البناء، كما سمح بتسوية المنازعات بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها مع المستثمر في عقد الاستثمار أو عن طريق التحكيم، كما تم استثناء المشروعات الاستثمارية من انطباق بعض القواعد القانونية التي لا تلائم طبيعة تلك المشروعات مثل قواعد نظام التعيين في الشركات، وقواعد تمثيل العاملين في مجالس إدارات الشركات، وقواعد والموافقة على تأسيس الشركات وقيود الاستيراد والتصدير.
وفي سبيل تحقيق سرعة الفصل في المنازعات وتبسيط إجراءات التقاضي فقد أصدر المشرع المصري القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، وقد تضمن القانون أحكام إجرائية وموضوعية جديدة، إلا أن أثرها كان محدودًا في مجال المنازعات الاستثمارية، وفي ضوء اختصاص محكمة القضاء الإداري بالمنازعات الإدارية المتعلقة بالاستثمار، ولأهمية تلك المنازعات فقد تم تخصيص دائرة بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة للمنازعات الاقتصادية والاستثمار، إلا أن المستثمرين قد أحجموا أيضًا عن اللجوء للقضاء الإداري نظرًا لطول وتعقد إجراءاته وعدم فاعلية أحكامه، حيث أنه في حالة صدور أحكام لصالح المستثمر عادة ما تقوم الجهات الحكومية بتعطيل تنفيذ تلك الأحكام عن طريق إقامة إشكالات تنفيذ أمام قاضي التنفيذ بالقضاء العادي للاستفادة من مقتضى المادة 312 من قانون المرافعات بإيقاف التنفيذ مؤقتًا بهدف إطالة أمد النزاع لحين بت المحكمة الإدارية العليا في الطعن على الحكم.
ويرى البعض أن محكمة القضاء الإداري قد ناصبت نظام التحكيم العداء، فقد استقرت أحكام محكمة القضاء الإداري ومن ورائها المحكمة الإدارية العليا إلى إبطال اتفاق التحكيم في العقود التي تكون الدولة طرفًا فيها في حالة مخالفة شرط الحصول على موافقة الوزير المختص طبقًا لقانون التحكيم المصري وحتى في حالة ثبوت موافقة رئيس الجهة الحكومية التي وقعت العقد، على الرغم من أن أحكام التحكيم الدولي لم تأخذ بهذا الاتجاه استنادًا إلى أن التزام الدولة بتعاقداتها يعتبر من قبيل النظام العام الدولي، فلا يجوز للدولة الاحتجاج بقانون داخلي للتنصل من التزاماتها الدولية.
وفي ضوء صدور العديد من أحكام محكمة القضاء الإداري المتضمنة بطلان بعض عقود بيع وخصخصة عدد من الشركات المملوكة للدولة، مما دعا المستثمرين الصادر ضدهم تلك الأحكام باللجوء للتحكيم الدولي، وقيام المشرع المصري بمحاولة احتواء خطورة تلك الأحكام على مناخ الاستثمار وتعريض الدولة المصرية لخطر إصدار أحكام بإلزامها بسداد تعويضات باهظة لهؤلاء المستثمرين، حيث تم إصدار قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة رقم 32 لسنة 2014، الذي قصر الحق في الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها على أطراف التعاقد دون غيرهم، وقد تبين من تقييم تنفيذ بعض الأحكام أن الضرر الذي ترتب على تنفيذها يفوق كثيرًا المنافع التي حصلت عليها الدولة.
وقد قام البنك الدولي في 18 مارس عام 1965 بوضع مشروع اتفاقية تسوية المنازعات الاستثمارية بين الدول ومواطني الدول الأخرى والتي بموجبها تم إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار وذلك بهدف تشجيع انسياب الاستثمارات الأجنبية بين مختلف دول العالم، ويضم المركز حاليًا في عضويته عدد 153 دولة متعاقدة من بينها مصر، وقد تبين إقبال المستثمرين على اللجوء للمركز نظرًا لفاعلية أحكامه، حيث تكون هذه الأحكام نهائية وغير قابلة للطعن فيها، إلا أمام المركز وفي حدود ضيقة للغاية، ولا يكون لقضاء الدولة المضيفة للاستثمار الحق في نظر تلك الأحكام، وقد ألزمت اتفاقية واشنطن الدول المتعاقدة بالإعتراف بأحكام المركز داخل أقاليمها كما لو كانت أحكامًا نهائية صادرة من محاكمها الوطنية، وضمانها لتنفيذ الالتزامات المالية المترتبة على أحكام المركز، وفي حالة عدم انصياع الدولة الطرف في النزاع للأحكام الصادرة من محاكم المركز، فيحق للدولة التي يتمتع المستثمر بجنسيتها أن تلجأ للحماية الدبلوماسية.
وبالرغم من قيام الحكومة المصرية بتضمين قوانينها العديد من الضمانات والحوافز، وقيامها بالعمل على إصلاح نظامها القضائي فإن كثرة منازعات الدولة مع المستثمرين وقيامهم باللجوء للتحكيم الدولي، قد أفقدت المستثمرين الثقة في مناخ الاستثمار في مصر، مما أثر بالسلب على قدرة الدولة على جذب الاستثمارات، فوفقًا لتقرير الاستثمار العالمي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2015، كان نصيب مصر خلال عام 2014 من الاستثمارات الأجنبية المباشرة 4,8 مليار دولار، بينما كان نصيب هونج كونج خلال تلك الفترة 103 مليار دولار، وسنغافورة 68 مليار دولار، وأندونيسيا 23 مليار دولار، حيث تعد جمهورية مصر العربية من أكثر الدول في العالم التي تتعرض لإقامة قضايا تحكيمية ضدها من مستثمرين حيث بلغت قيمة التعويضات المطالب بها حوالي مبلغ 36 مليار جنيه مصري، كما تعد مصر رابع دولة في العالم تعرضًا للتقاضي أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، من بين 153 دولة متعاقدة، حيث بلغ عدد القضايا التحكيمية التي أقيمت ضد الحكومة المصرية 28 قضية تحكيمية، منها 18 قضية تم حسمها، ولا زال هناك 10 منازعات معروضة على المركز.
وفي سبيل استعادة ثقة المستثمرين في مناخ الاستثمار في مصر فقد أصدرت الحكومة المصرية القانون رقم 17 لسنة 2015 المعدل لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 والذي تضمن إنشاء اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، والتي تختص بتسوية المنازعات الناشئة عن عقود الاستثمار التي تكون الدولة أو إحدى الجهات التابعة لها عامة أو خاصة طرفًا فيها، ومنح المشرع تلك اللجنة صلاحيات غير مسبوقة لا يملكها قاضي النزاع أو حتى رئيس مجلس الوزراء، حيث يكون لتلك اللجنة إجراء التسوية اللازمة لمعالجة إختلال توازن العقود، ومد الأجال أو المدد أو المهل المنصوص عليها فيها، وإعادة جدولة المستحقات المالية أو تصحيح الإجراءات السابقة على إبرام العقود، وذلك كله على نحو يحقق قدر الإمكان التوازن العقدي ويضمن الوصول إلى أفضل وضع اقتصادي للحفاظ على المال العام، وهو ما أدى إلى تحقيق تلك اللجنة لنجاحات كبيرة أدت إلى تسوية خمس قضايا تحكيمية كانت منظورة أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، فضلاً عن تسوية عدد كبير من المنازعات مما أدي لحل مشكلات هؤلاء المستثمرين ومواصلتهم لنشاطهم الاستثماري في مصر.
إلا أنه قد تبين على صعيد أخر إساءة استغلال بعض المستثمرين لحقهم في رفع قضايا تحكيمية أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، حيث أن ألية تسوية المنازعات بالمركز تجعل المستثمر في وضع قوي، وكثيرًا ما يفوق وضع الدولة المضيفة للاستثمار خاصة إذا كان عقد الاستثمار في صالح المستثمر، حيث يبادر المستثمر باختصام الدولة في حالة رغبتها في تعديل عقد الاستثمار المجحف بحقوقها والذي لا يحقق مصالحها الوطنية والذي غالبًا ما يكون قد تم الارتباط به في ظل أنظمة سياسية فاسدة، حيث تتضرر الدول النامية التي يتم اختصامها في معظم المنازعات المعروضة على المركز من لجوء المركز إلى توسيع اختصاصه، ومنحه المستثمر الأجنبي منزلة أسمى من المستثمر الوطني، وانحياز بعض هيئات التحكيم بالمركز لمصالح المستثمرين الأجانب، وقد أدى ذلك إلى إنسحاب بعض الدول من عضوية المركز، وهي بوليفيا، والإكوادور، وفنزويلا، ووجود العديد من الدول التي لم تنضم حتى الآن للاتفاقية، منها الهند، والمكسيك، والبرازيل، وكوريا الشمالية، وفيتنام، وبولندا، وجنوب أفريقيا، وإيران، ولجوء دول أخرى إلى استبعاد طائفة معينة من المنازعات من اختصاص المركز، وهو الأمر الذي يستلزم تعديل آلية تسوية منازعات الاستثمار بما يراعي الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية بالدول النامية.