الفهرس 
علاقة الاستئناف بالظواهر التركيبية الأخرىيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 551 |  |  |
| | | from | 551 | | |
المستخلص
فقد ارتبط النص القرآني بلغتنا العربية فى جميع مستوياتها ، فاكتسبت بذلك حياة جديدة ؛ وصار لها بهاء القرآن وحيويته ، ولاشك ؛ فالقرآن كلام الله المعجز العربي بمثابة البحر الذى تغترف منه علوم العربية ودروسها التى يأتى فى مقدمتها الدرس النحوي ؛ فهو مَعينٌ لكثير من أبوابه ومسائله .
ولما كان علم النحو وثيق الصلة بالدلالة ؛ صار من العسير وغير المجدي التناول النحوى للتركيب القرآنى مفرغا من محتواه الدلالي ؛ إذ النحو والدلالة عديلان متعانقان على امتداد النص.
وحين يُذكر الدرس النحوى وظواهره الأشد تواصلا مع معطيات النص الدلالية ، يبرز الاستئناف ظاهرةً رئيسةً لها دورها المؤثر فى عمق النص ؛ مما يجعل النص قوامه العديد من الجمل المستأنفة المتتالية التى لا تقع موقع المفرد ولا تقدر به وعلى ذلك كان قول النحاة بانعدام المحل الإعرابي لها ، على الأصل فى الجمل الذى يدعو إلى عدم وقوع الجملة موقع المفرد ، فقالوا بانقطاعها نحويا عمّا قبلها في السياق من جمل .
إذن قال النحاة بانقطاع الجملة الاستئنافية عمّا قبلها، معتمدين فى قولهم هذا على تمام الجملة قبلها وعدم تعلق أىﱟ من عناصر المستأنفة بها ، حتى إذا طالعَنا النص القرآنى بما له من رفيع بيان بوفرة فى الجمل الاستئنافية ، كنّا على يقين بأن هذه الوفرة الاستئنافية ما كان لها أن تأتي من فراغ دون أن تقوم بدور رئيس خلال النص القرآنى المترابط ؛ فالجملة الاستئنافية بطبيعتها جملة نصية تأتي استئنافا لكلام سابقٍ عليها ، وقد ارتبطت استئنافيتها فى النص القرآني ببعض الظواهر التركيبية والصوتية كالوقف والابتداء عند علماء التجويد ، والتنغيم والفاصلة ، كما ارتبطت بقضية الفصل والوصل عند البلاغيين ، مما يعطى الاستئناف أبعادا صوتية وجمالية ودلالية بل ونحوية جديدة عبر سياق النص القرآني ؛ ففي الاستئناف يتجلى جمالُ النّظم القرآني في أبهى صوَرِه ∙
من هنا استمدت هذه الدراسة أهميتها ؛ حيث أصبح لزاما تناول القضايا والظواهر التي كانت من عوامل الاستئناف ودلائله ، إضافة إلى ذِكرِ القوالب التركيبية والأنساق النمطية التى تصاغ عليها الجملة المستأنفة وما يندرج تحت ذلك من الاستئناف بالأداة أو بدونها ، والاستئناف بأسلوب دون غيره ؛ مما يكون لذلك من عظيم الأثر فى التأكيد على صحة الاستئناف بهذه الجملة أوعدمه ، وما يكون لذلك من آثار دلالية تؤكد الاستئناف وتقويه .
كما أن من الضرورى دراسة القضايا والآثار التركيبية للجملة السابقة على المستأنفة التى أدت بطبيعة الحال إلى الجزم باستئنافية الجملة بعدها أو إجازتها ، فكان لها الأثر البالغ فى الوقف على نهاية الجملة والابتداء بالجملة بعدها منقطعة عنها ، وفى القول بتمام الجملة قبل المستأنفة من عدمه ، فضلا عمّا يكون لذلك من أبعاد وآثار دلالية ؛ فتضافر كلا الجانبين التركيبي والدلالي يعلي صوت الاستئناف فى هذه الجملة النصية .
لذا قامت الدراسة بتناول الاستئناف عبر عدة قضايا باعتبارها من عوامل ودواعي الاستئناف أو من آثاره وتداعياته على سياق النّص القرآني ، سواء كان ذلك في الجملة المستأنفة أم في الجملة سابقتها ؛ مما يُبرز تمام التركيب وتوجيه السياق إلى الانقطاع والاستئناف .
فقد جاءت هذه الدراسة محاوَلةً تتناول الاستئناف في بُعديه التركيبي والدلالي إضافة إلى بُعده الصوتي ، على رجاءٍ في المولى - عزّ وجلّ - بالتوفيق والسداد .
أهمية الموضوع و دوافع البحث:
1) توفر للاستئناف على مستوى النص القرآنى كَمٌّ غزير من الجمل مما جعل منه ظاهرة مركزية جليّة الأثر فى عمق النص ، وجاء متأثرا بعلوم أخرى ومؤثرا فيها كعلم التجويد حيث الوقف والابتداء ، وعلم البلاغة حيث الفصل والوصل .
2) فى ظل الكثرة التى ظهر بها الاستئناف فى النص القرآنى يتوجب بحث دواعي ذلك وتداعياته على السياق ؛ فالجملة الاستئنافية بوصفها جملة نصية لا يمكن تناولها بمعزل عن سياقها النّصي ، أو إفراغها من محتواها الدلالي .
3) دراسة علاقة الاستئناف بقضايا صوتية أخرى لها أثرها في النّظم القرآني كالفاصلة والتنغيم .
4) دراسة الأنماط والقضايا التركيبية للجملة الاستئنافية وخصائصها النحوية والدلالية باعتبارها آثارا ودواعي للاستئناف ∙
5) دراسة القضايا والظواهر التركيبية للجملة قبل الاستئنافية وخصائصها النحوية التى كانت من آثار الاستئناف أو عوامله .
6) لم يسبق تناول الاستئناف - على حدّ اطلاع هذه الدراسة - عبر دراسة وافية مخلصة للبعدِ النحوي وتحليلِ قضاياه وإبرازها نتاجا استئنافيا في السياق القرآني ؛ باعتبارها من آثار الاستئناف وتداعياته أو مسوّغاته ودلائله .