الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،، .أما بعد . أدّى التطوّر الكبير في الفكر العقابي إلى تغيُّر النظرة إلى العقوبة، فبعدما كان الهدف منها إيلام الجاني والقصاص منه في ظل الأنظمة القديمة، أصبح الهدف منها واضحًا وسامٍ، وهو الردع العام والردع الخاص بالإضافة إلى إصلاح الجاني وإعادة تأهيله ( )، وهذا يتطلب إعطاء القاضي سلطةً تقديريةً في اختيار العقوبة التي يراها مناسبةً لتحقيق هدفها . ويُعتبر تفريد العقوبة من أهم الأنظمة التي تلحق بها في التشريعات الجنائية الحديثة، ويعني ذلك أن تكون العقوبة متناسبةً مع الجريمة، حيث إن هذا التناسب هو الذي يجعل من العقوبة جزاءً عادلاً للجريمة، كما أنه يجعل العقوبة صالحةً لتحقيق الأغراض المراد تحقيقها، كالردع بنوعيه، وإرضاء الشعور بالعدالة، ولقد استقر الرأي على أن العقوبة المتناسبة هي التي تتلاءم مع الخطورة والجسامة المادية للجريمة، تلك الخطورة التي يُستدل عليها من خلال مجموعةٍ من الوسائل والظروف، فالعقوبة يجب أن لا تُطبّق عبثًا، ولا ينبغي أن تُحدّد مسبقاً بصورةٍ دقيقةٍ وصلبةٍ لا تقبل التغيير أو التبديل . ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث، فتخفيف العقوبة ما هو إلا نوعٌ من أنواع تفريدها، فهو يتصل بالتطبيق المباشر للعقوبة، ويتنوع التفريد العقابي، فثارةً يكون تفريدًا تشريعاً ( )، وثارةً أخرى يكون قضائياً، ويتمثل التفريد التشريعيّ أن يُدخل المشرع في اعتباره عند وضعه للعقوبات المقررة للجرائم المختلفة ظروف الجريمة المرتكبة من ناحية، وظروف الجاني من ناحيةٍ أخرى، ويُعرف التفريد التشريعي بأنه التفريد الذي يتولاه المشرع ذاته، محاولاً من خلاله أن يجعل من العقوبة جزاءً متناسبًا ومتلائماً مع الخطورة المادية للجريمة، ومع الظروف الشخصية التي من الممكن أن يتوقعها أو يتنبأ بها وقت تحديده لعقوبات الجرائم، أي وقت سن التشريع. |