Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الاصول التاريخية والفلسفية لنظام الملكية:
الناشر
كلية الحقوق،
المؤلف
عبد الرحمن،محمد عبد العليم احمد.
هيئة الاعداد
باحث / محمد عبدالعليم احمد
مشرف / محمد سعد خليفة
مناقش / فايز محمد حسين
مناقش / محمد جمال عطية
الموضوع
تاريخ قانون.
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
798ص.؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
كلية الحقوق،
تاريخ الإجازة
28/2/2016
مكان الإجازة
جامعة أسيوط - كلية الحقوق - القانون الخاص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 536

from 536

المستخلص

وقد اقتضت هذه الدراسة تقسيم هذا الموضوع إلى أربع أبواب ،خصصنا الباب الأول لبيان ماهية الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي ،وقد قسمناه إلى فصلين؛تناولنا فى الأول ماهية الملكية في القانون الروماني، وفي الثاني أوضحنا فيه ماهية الملكية في الفقه الإسلامي.
وخصصنا الباب الثاني لبيان طبيعة الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي،وقد قسمناه إلى فصلين؛تناولنا فى الأول طبيعة الملكية في القانون الروماني ،وتحدثنا في الثاني عن طبيعة الملكية في الفقه الإسلامي.
وفي الباب الثالث تحدثنا عن أسباب كسب الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي في فصلين،أوضحنا في الأول أسباب كسب الملكية فى القانون الروماني ، وتناولنا في الثاني أسباب كسب الملكية فى الفقه الإسلامي.
أما الباب الرابع والأخير فقد رأينا تخصيصه لبيان حماية الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي ،وقد قسمناه إلى فصلين؛ تناولنا في الأول حماية الملكية في القنون الروماني ،وأوضحنا في الثاني حماية الملكية في الفقه الإسلامي.
وفي الختام نوضح أهم النتائج التى توصلت إليها في هذا الموضوع ،وذلك في عدة نقاط هي:
1- يتفق القانون الروماني والفقه الإسلامي إلى حد كبير في تعريف الملكية، فالفقه الإسلامي والقانون الروماني يجعلان حق الملكية قاصراً على صاحبه ، معطاً له سلطة الإستئثار به والتمتع بكل المزايا والمنافع المقررة على الشيء المملوك من استعمال واستغلال وتصرف، غير أن الفقه الإسلامي يرى أن كل ما يدخل تحت مسمى مال يعد محلاً للملكية، فالملكية لديهم تتعلق بالأعيان والمنافع والحقوق، ومن ثم يدخل تحت طياتها الملك التام والملك الناقص معاً، بينما يقصر فقهاء القانون الروماني الملكية على الشيء المادي إذ هي حق عيني، لذا فهي تقتصر على الملك التام دون الملك الناقص.
2- ذكر فقهاء القانون الروماني ثلاثة عناصر للملكية، وهذه العناصر هي الاستعمال والاستغلال والتصرف، أما فقهاء الشريعة الإسلامية لم يذكروا هذه العناصر مجتمعة، فمنهم من اقتصر على ذكر عنصر التصرف فقط، مستغنياً به عن ذكر باقي العناصر على أساس أن عنصر التصرف يشملهما جميعاً، ومنهم من ذكر الإنتفاع فقط، مستغنياً به عن باقي العناصر، على أساس أن باقي العناصر لا تخرج عن مجال الانتفاع، وفى جميع الأحوال، فإن اقتصار فقهاء الشريعة على ذكر عنصر واحد فقط من عناصر الملكية لم يكن إغفالاً لباقي العناصر بل هو على سبيل الإستغناء.
3- وفيما يتعلق بخصائص الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي، نجد أن هذه الخصائص تتشابه إلى حد كبير مع وجود بعض الفوارق.
أ‌- فيما يخص خاصيتي إن الملكية حق جامع مانع: نظر القانون الروماني والفقه الإسلامي إلى الملكية بأنها حق جامع مانع لأن الملكية حق يخول لصاحبه سلطات تمكنه من الحصول على كافة مزايا ومنافع الشيء المملوك، وهذه السلطات مقصورة عليه وحده دون غيره، وله أن يمنع غيره من أية ميزة على ملكه، وهذا هو ما يطلق عليه أن الملكية حق جامع مانع.
ب‌- وفيما يخص أن الملكية حق مطلق: فالأصل في القانون الروماني أن الملكية حق مطلق، فللمالك الحق في أن يتصرف في ملكه كيفما يشاء، في حين أن الأصل في الشريعة الإسلامية التقييد لأن الإطلاق ليس أمر مباحاً في الشريعة الإسلامية ويتعارض إيضًا مع مبادئها السامية.
ج- وفيما يخص أن الملكية حق دائم: نجد أن الأصل في القانون الروماني يقضي بعدم سقوط حق الملكية، فالملكية تدوم، ولو لم يستعملها صاحبها، أما فقهاء الشريعة الإسلامية نجدهم في هذه المسألة محل اختلاف، والراجح من وجهة نظري دوام الملكية وعدم إنتهائها بعدم الاستعمال.
4- فرق القانون الروماني بين الملكية والحيازة، فالملكية هي الحق أما الحيازة واقعة مادية، والملكية سلطة قانونية أما الحيازة فهي سلطة فعلية.
5- فرق القانون الروماني أيضاً بين الملكية وبعض الحقوق الأخرى كحق الانتفاع وحق الاستعمال ،لأن هذه الحقوق لا تخول صاحبها إلا بعضاً فقط من سلطات الملكية دون البعض الآخر، فحق الإنتفاع يخول المنتفع سلطة استعمال الشيء واستغلاله دون التصرف فيه، وحق الاستعمال يخول صاحبه سلطة استعمال الشيء فقط دون أن يكون له الحق في استغلاله أو التصرف فيه.
6- يفرق الفقه الإسلامي بين الملك وبين بعض الحقوق الشرعية الأخرى كالإباحة والإختصاص، فالفرق بين الملك والإباحة يتبلور في أن المأذون له في الإباحة يقتصر حقه على الاستعمال والاستغلال بنفسه فقط ولا يملك التصرف في العين أو المنفعة بالبيع أو الهبة أو الإجارة أو الإعارة كما هو الشأن بالنسبة للمالك، أما الفرق بين الملك والإباحة يتضح في أن الملك يتعلق بالأعيان والمنافع، فيمنح صاحبه كافة السلطات المقررة على الشيء المملوك فله استعمال الشئ واستغلاله والتصرف فيه، أما الاختصاص يكون في المنافع فقط، فيخول لصاحبه استعمال الشئ واستغلاله دون التصرف فيه.
7- يتفق القانون الروماني مع الفقه الإسلامي حول تعريف المال الذى هو محل الملكية، فالمال في القانون الروماني يدور حول كل شئ نافع للإنسان يصح أن يتملكه شخص ويستأثر به دون غيره، أما المال في الفقه الإسلامي هو كل ما يفيد الإنسان ويستطيع امتلاكه شرعاً، والناظر إلى كلا التعريفين يجد أنهم متفقين في المعنى وإن اختلفوا في اللفظ.
8- وأما ما يتعلق بتقسيمات المال، فينفرد القانون الروماني بتقسيم لم نجد له مثيل في الفقه الإسلامي، إذ يقسم المال إلى أموال نفيسة وأموال غير نفيسة، والأموال النفيسة هي الأموال التي تنتقل فيها الملكية بالإشهاد، وهى تشمل على سبيل الحصر العقارات الإيطالية وحقوق الارتفاق الزراعية، والإرقاء، ودواب الحمل والجر ماعدا الإبل والفيلة ، أما الأموال غير نفيسة فهي الأموال التي لم يكن الإشهاد لازماً لإمكان نقل ملكيتها، وهذه الأموال تشمل ماعدا الأموال النفيسة، وهذا التقسيم تقسيم روماني محض لا نجد له نظير في الفقه الإسلامي. وكذلك ينفرد الفقه الإسلامي بتقسيم للمال لم نجد له مثيل في القانون الروماني، حيث يقسم المال إلى مال متقوم ومال غير منقوم، والمال المتقوم هو كل ماله قيمة شرعاً مثل الأراضي، والنفوذ، والمنازل، أما المال غير المتقوم هو المال الذى ليست له قيمة شرعاً، ولا يباح الانتفاع به شرعاً كالخمر والخنزير، وهذا التقسيم غير موجود في القانون الروماني، وإن كان يوجد تقسيم يشبه في بعض الوجوه، وهو تقسيم الأموال إلى أموال خارجة عن دائرة التعامل، وأموال داخلة في دائرة التعامل، أما فيما يتعلق بالتقسيمات الأخرى، لا نجد فيها اختلاف.
9- اتفق فقهاء الفقه الإسلامي والقانون الروماني على أن حق الملكية يمتد ليشمل كل عناصر الشئ الجوهرية باعتبارها أجزاء من الشيء محل الملكية، وكذلك يشمل ما تفرع عن هذا الشئ من ثمار ومنتجات، وكذلك يشمل ملحقات هذا الشئ، واتفقوا أيضاً على أن ملكية الأرض لا تقتصر على سطحها فحسب بل تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علواً أو عمقاً.
10- يختلف القانون الروماني عن الفقه الإسلامي فيما يتعلق بأنواع الملكية، فأنواع الملكية في القانون الروماني لم تنشأ منذ العصور الأولى على نظام واحد وهو نظام الملكية الفردية، وإنما اتخذت صوراً أخرى قبل ظهورها في صورة الملكية الفردية، فقد بدأت بنظام الملكية الجماعية، ثم تدرجت إلى نظام الملكية الأسرية ثم وصلت إلى الملكية الفردية، وفى العصر العلمي تنوعت صورة الملكية الفردية، فكانت هناك أربعة أنواع هي الملكية الرومانية، والملكية البريتورية، والملكية الإقليمية، والملكية الأجنبية، أما أنواع الملكية في الفقه الإسلامي كان لها أنواع مختلفة ومتعددة، وذلك باعتبارات شتى، فباعتبار محلها كانت الملكية تنقسم إلى ملكية تامة، وملكية ناقصة، وباعتبار صاحبها، كانت تنقسم إلى ملكية خاصة، وملكية عامة، وملكية بيت المال، وباعتبار صورتها تتنوع الملكية إلى ملكية متميزة أو مفرزة، وملكية شائعة.
11- إهتم الفقه الإسلامي بوضع القواعد العامة التي تنظم حقوق الجار والتزاماته باعتبارها من الفضائل الخلقية التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف، وتقوم حقوق الجوار على منع الضرر بالجار ضرراً فاحشاً في سبيل إنتفاع الشخص بملكه فهو تقييد لانتفاع المالك بعقاره بقيد ألا يضر بالجار، وكذلك إهتم القانون الروماني منذ صدور قانون الألواح الأثنى عشر بتنظيم الجوار وذلك بفرض عدة قيود والتزامات على عاتق المالك من أجل تحقيق المصلحة للجار الملاصق أو غيره.
12- نظر القانون الروماني إلى حقوق الإرتفاق نظرة مختلفة عن نظرة الفقه الإسلامي، فالقانون الروماني اعتبر حقوق الإرتفاق حقوق مستقلة عن حق الملكية، وقد قسم هذه الحقوق إلى حقوق إرتفاق عينية كحق المرور وحق المجرى وحق الشرب، وحقوق ارتفاق شخصية كحق الإنتفاع والاستعمال والسكنى، أما الفقه الإسلامي اعتبر حقوق الإرتفاق نوع من أنواع الملكية، فالملك ينقسم عندهم إلى ملك تام، وملك ناقص، والملك التام هو ملك العين والمنفعة معاً، أما الملك الناقص فهو يشمل ثلاثة صور، الصورة الأولى: هي ملك الرقبة وحدها، والصورة الثانية: ملك المنفعة وحدها ملكاً عينياً، مثل حق المجرى، والشرب، وهذه الصورة تماثل حقوق الإرتفاق العينية في القانون الروماني، والصورة الثالثة: ملك المنفعة وحدها باعتبارها حقاً شخصياً مثل حق الإنتفاع، وهذه الصورة تماثل في القانون الروماني حقوق الإرتفاق الشخصية
13- اتفق القانون الروماني مع الفقه الإسلامي في جواز نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة وذلك في مقابل تعويض عادل.
14- أورد الفقه الإسلامي بعض القيود على الملكية لا نجد لها مثيل في القانون الروماني، ومن أهم هذه القيود التأميم، تحديد الملكية، وفرض ضرائب جديدة على أموال الناس، والتسعير، وكذلك أورد القانون الروماني بعض القيود التي لا نجد لها مثيل في الفقه الإسلامي، ومن أهم هذه القيود ألزام القانون المالك السماح للغير بعمل حفريات في أرضه بقصد التنقيب عن المناجم واستغلالها، وألزام القانون لملاك الأراضي المجاورة للأنهار العامة بالسماح لربانية السفن باستخدام الشواطئ لأغراض الملاحة وعلى الأخص لربط السفن بالأشجار.
15- اختلفت طبيعة الملكية في القانون الروماني اختلافاً بيناً عن طبيعة الملكية في الشريعة الإسلامية، فالقانون الروماني نظر إلى الملكية بوصفها حقاً مطلقاً ومقدساً ويخول لصاحبه الحق في استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه كيفما شاء.
أما الشريعة الإسلامية فقد انفردت بطبيعة متميزة وفريدة، وهذه الطبيعة ترتكز على أن المالك الحقيقي لهذا الكون هو الله سبحانه وتعالى، فهو مالك المال كله، والإنسان هو خليقة الله في أرضه، استخلفه فيها للانتفاع بهذا المال، وهذه الخلافة محدودة في نطاق السلوك الإنساني الذى رسمته الشريعة الإسلامية.
16- يعترف الإسلام بمبدأ الملكية المزدوجة، فيؤمن بالملكية الخاصة والملكية العامة على حد سواء، أما القانون الروماني يقر الشكل الواحد للملكية، إذ يؤمن بالملكية الفردية، ولا يعترف بالملكية العامة إلا على سبيل الاستثناء.
17- اختلف الفقهاء المسلمين القدامى والمحدثين حول طبيعة الملكية، وقد حصر الفقهاء القدامى موقفهم في رأيين أحدهما يرى أن الملكية في الشريعة الإسلامية حق مطلق، فالمالك مطلق التصرف في ملكه حتى ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالآخرين، والرأي الثاني يرى أن الملكية حق مقيد بما تقضى به الأحكام والدلائل الشرعية، والراجح من وجهة نظري الرأي الثاني لقوة أدلته، ولأن الملكية لا يمكن أن تكون بحال من الأحوال حقا مطلقاً من غير شرط أو قيد لأن ذلك يتعارض مع أحكامها السامية.
أما الفقهاء المحدثين فقد انحصرت آراءهم في ثلاثة اتجاهات: الأول يذهب إلى القول بأن الشريعة الإسلامية تأخذ بالملكية الفردية المطلقة، والثاني يذهب إلى أن الملكية تعتبر وظيفة اجتماعية، والثالث يذهب إلى أن الملكية حق فيه وظيفة اجتماعية، والراجح من وجهة نظري الاتجاه الثالث القائل بأن الملكية حق فيه وظيفة اجتماعية، فالملكية حق فردى يخول صاحبه كافة السلطات المقررة على الشئ المملوك، وفى نفس الوقت يجوز للشارع الحكيم تقييد هذا الحق بقيود كثيرة لمصلحة المجتمع، ومن ثم يصبح لحق الملكية وظيفة اجتماعية.
18- وفيما يتعلق بالأسباب المنشئة للملكية، نجد أن القانون الروماني قد عرف أربعة أسباب منشئة للملكية وهى: الإستيلاء، والإلتصاق، والتنويع، واكتساب الثمار، أما الفقه الإسلامي فقد حصر الأسباب المنشئة للملكية في الإستيلاء على المال المباح، وقد اتخذ هذا السبب أربع صور وهى: إحياء الموات، والإستيلاء على الحيوان ( الصيد)، والإستيلاء على المعادن و الكنوز، والإستيلاء على الكلأ والآجام.
19- لم يعرض فقهاء الفقه الإسلامي للالتصاق كسبب لكسب الملكية وذلك بخلاف القانون الروماني الذى عرف الالتصاق بنوعيه الالتصاق الطبيعي والالتصاق الصناعي.
20- يتفق القانون الروماني والفقه الإسلامي في عدم اعتبار الحيازة سبب من أسباب كسب الملكية .
21- القاعدة العامة في القانون الروماني تقضى بأن الإتفاق ليس كافٍ لنقل الملكية، إذ يقتصر أثر هذا الاتفاق على إنشاء التزامات على عاتق كل من الطرفين المتعاقدين على نقل الملكية، أما نقل الملكية في حد ذاته فيتم باتباع طرق خاصة حددها القانون بثلاثة هي الإشهاد والدعوى الصورية، والتسليم، أما القاعدة العامة في الفقه الإسلامي تقضى بأن الإتفاق وحده كافٍ لنقل الملكية ،ومعنى ذلك أن اتفاق الطرفين على انتقال الملكية يكفى لنقل الملكية دون حاجة إلى أي إجراء آخر، فعقد البيع مثلا يترتب عليه انتقال الملكية من البائع إلى المشترى بمجرد العقد، أما في القانون الروماني لا يترتب عليه نقل الملكية بمجرد العقد وإنما لابد من اتباع إحدى الطرق المنصوص عليها في القانون وهى الإشهاد، والدعوى الصورية، والتسليم.
22- نظم القانون الروماني الطرق الناقلة للملكية بطريقة مخالفة للفقه الإسلامي، فقد قسم هذه الطرق إلى طرق اختيارية وهى الإشهاد، الدعوى الصورية، التسليم، وطرق إجبارية وهى نقل الملكية بنص القانون، ونقل الملكية بحكم القاضي، والتقادم، أما الطرق الناقلة للملكية في الفقه الإسلامي تمثلها العقود، كعقد البيع، والهبة، والصدقة، والصلح، والإجارة، وأساس هذه العقود الرضا، فلا يزول الملك عن صاحبه إلا برضاه، ولكن إستثنى الشارع الحكيم بعض الأحوال من هذا الأصل ومن أهمها الشفعة.
23- يختلف الفقه الإسلامي عن القانون الروماني في اعتبار الشفعة سبب من أسباب الملكية، بخلاف القانون الروماني حيث لا توجد أي نصوص تشير إلى وجود حق الشفعة كسبب لكسب الملكية .
24- لم يعرض فقهاء الشريعة الإسلامية إلى التقادم كأحد أسباب كسب الملكية، ولكن أخذوا بمبدأ مرور الزمن كمانع من سماع الدعوى عند الإنكار يستفيد منه واضع اليد، فلو جاء شخص وادعى ملكيته لمال قد وضع عليه شخص آخر يده وطالت المدة فإنه لا تسمع الدعوى، وإذا كان الفقه الإسلامي قد أخذ بقاعدة التقادم على أساس أنها مانعة من سماع الدعوى، فإن أصل الحق باق في ذمة الإنسان لصاحبه، انهدم مرور الزمن لزوال الشك وظهور الحق بإقراره ومن هنا تسمع الدعوى.
25- شرعت الشريعة الإسلامية العديد من الوسائل المدنية لحماية الملكية والحفاظ عليها من جميع الإعتداءات التي يمكن تصورها ومنها:
أ‌- الأمر بكتابة الديون وإقرار المدين بها والإشهاد عليها، وذلك حفاظاً على الأموال من التلف والضياع وبعداً عن الشبهات والشكوك بين المتداينين وحفظاً لأموالهم الخاصة من الاعتداء عليها وأكلها بالباطل .
ب‌- وضع قاعدة عامة لضمان الأموال، تدخل تحت طياتها ضمان العقد، والغصب، والإتلاف سواء كان الإتلاف مباشرة أم تسبباً.
ج- الحجر لمصلحة مالك المال، كالحجر على الصبى والمجنون والسفيه ومنعه من التصرف خشية من ضياع ماله.
26- اتخذ القانون الروماني العديد من الوسائل المدنية لحماية الملكية ومن أهم هذه الوسائل:
أ‌- وضع القانون الروماني تحت تصرف المالك العديد من الدعاوى فإلى جانب دعاوى الحيازة وجدت العديد من الدعاوى التي تختلف باختلاف نوع الملكية التي يراد حمايتها، ومنها الدعاوى التي تحمى الملكية الرومانية كدعوى الاسترداد البريتورية، ودعوى الإنكار، والدعاوى التي تحمى الملكية البريتورية، والملكية الإقليمية، والملكية الأجنبية.
ب‌- فرض القانون الروماني نظام الوصاية على القصر والنساء لمنعهم من التصرف خشية ضياع أموالهم.
ج- فرض القانون نظام القوامة على المجنون والسفيه والشاب الذى لم يتجاوز خمسة وعشرين عاماً وذلك أيضاً لمنعهم من التصرف خشية ضياع أموالهم.
27- منح القانون الروماني المالك الحق في استخدام بعض الدعاوى الجنائية لحماية ملكيته مثل دعوى السرقة، والتي كان يعاقب عليها القانون بعقوبات الإضرار بأموال الغير والتي كان يعاقب عليها القانون بالغرامة.
28- فرض الإسلام عقوبات قاسية على كل معتد على الملكية أياً كان هذا الإعتداء، فقرر عقوبة قطع اليد للسارق، وفرض أيضاً عقوبة الحرابة وهى القتل أو الصلب أو كلاهما، إذا سلب قطاع الطرق المال وقتلوا النفس، والقتل فقط إن كانوا قد قتلوا النفس ولم يكونوا قد سلبوا مالاً بعد، وقطع الأيدي والأرجل من خلاف إذا كانوا قد سلبوا المال فقط، والحبس والنفي إذا لم يقتلوا نفساً ولم يأخذوا مالاً. هذه هي أبرز النتائج التي ظهرت لي من خلال هذا البحث المتواضع
أن يكون قد وفقنى الله سبحانه وتعالى فى ذلك .
وقد اقتضت هذه الدراسة تقسيم هذا الموضوع إلى أربع أبواب ،خصصنا الباب الأول لبيان ماهية الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي ،وقد قسمناه إلى فصلين؛تناولنا فى الأول ماهية الملكية في القانون الروماني، وفي الثاني أوضحنا فيه ماهية الملكية في الفقه الإسلامي.
وخصصنا الباب الثاني لبيان طبيعة الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي،وقد قسمناه إلى فصلين؛تناولنا فى الأول طبيعة الملكية في القانون الروماني ،وتحدثنا في الثاني عن طبيعة الملكية في الفقه الإسلامي.
وفي الباب الثالث تحدثنا عن أسباب كسب الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي في فصلين،أوضحنا في الأول أسباب كسب الملكية فى القانون الروماني ، وتناولنا في الثاني أسباب كسب الملكية فى الفقه الإسلامي.
أما الباب الرابع والأخير فقد رأينا تخصيصه لبيان حماية الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي ،وقد قسمناه إلى فصلين؛ تناولنا في الأول حماية الملكية في القنون الروماني ،وأوضحنا في الثاني حماية الملكية في الفقه الإسلامي.
وفي الختام نوضح أهم النتائج التى توصلت إليها في هذا الموضوع ،وذلك في عدة نقاط هي:
1- يتفق القانون الروماني والفقه الإسلامي إلى حد كبير في تعريف الملكية، فالفقه الإسلامي والقانون الروماني يجعلان حق الملكية قاصراً على صاحبه ، معطاً له سلطة الإستئثار به والتمتع بكل المزايا والمنافع المقررة على الشيء المملوك من استعمال واستغلال وتصرف، غير أن الفقه الإسلامي يرى أن كل ما يدخل تحت مسمى مال يعد محلاً للملكية، فالملكية لديهم تتعلق بالأعيان والمنافع والحقوق، ومن ثم يدخل تحت طياتها الملك التام والملك الناقص معاً، بينما يقصر فقهاء القانون الروماني الملكية على الشيء المادي إذ هي حق عيني، لذا فهي تقتصر على الملك التام دون الملك الناقص.
2- ذكر فقهاء القانون الروماني ثلاثة عناصر للملكية، وهذه العناصر هي الاستعمال والاستغلال والتصرف، أما فقهاء الشريعة الإسلامية لم يذكروا هذه العناصر مجتمعة، فمنهم من اقتصر على ذكر عنصر التصرف فقط، مستغنياً به عن ذكر باقي العناصر على أساس أن عنصر التصرف يشملهما جميعاً، ومنهم من ذكر الإنتفاع فقط، مستغنياً به عن باقي العناصر، على أساس أن باقي العناصر لا تخرج عن مجال الانتفاع، وفى جميع الأحوال، فإن اقتصار فقهاء الشريعة على ذكر عنصر واحد فقط من عناصر الملكية لم يكن إغفالاً لباقي العناصر بل هو على سبيل الإستغناء.
3- وفيما يتعلق بخصائص الملكية في القانون الروماني والفقه الإسلامي، نجد أن هذه الخصائص تتشابه إلى حد كبير مع وجود بعض الفوارق.
أ‌- فيما يخص خاصيتي إن الملكية حق جامع مانع: نظر القانون الروماني والفقه الإسلامي إلى الملكية بأنها حق جامع مانع لأن الملكية حق يخول لصاحبه سلطات تمكنه من الحصول على كافة مزايا ومنافع الشيء المملوك، وهذه السلطات مقصورة عليه وحده دون غيره، وله أن يمنع غيره من أية ميزة على ملكه، وهذا هو ما يطلق عليه أن الملكية حق جامع مانع.
ب‌- وفيما يخص أن الملكية حق مطلق: فالأصل في القانون الروماني أن الملكية حق مطلق، فللمالك الحق في أن يتصرف في ملكه كيفما يشاء، في حين أن الأصل في الشريعة الإسلامية التقييد لأن الإطلاق ليس أمر مباحاً في الشريعة الإسلامية ويتعارض إيضًا مع مبادئها السامية.
ج- وفيما يخص أن الملكية حق دائم: نجد أن الأصل في القانون الروماني يقضي بعدم سقوط حق الملكية، فالملكية تدوم، ولو لم يستعملها صاحبها، أما فقهاء الشريعة الإسلامية نجدهم في هذه المسألة محل اختلاف، والراجح من وجهة نظري دوام الملكية وعدم إنتهائها بعدم الاستعمال.
4- فرق القانون الروماني بين الملكية والحيازة، فالملكية هي الحق أما الحيازة واقعة مادية، والملكية سلطة قانونية أما الحيازة فهي سلطة فعلية.
5- فرق القانون الروماني أيضاً بين الملكية وبعض الحقوق الأخرى كحق الانتفاع وحق الاستعمال ،لأن هذه الحقوق لا تخول صاحبها إلا بعضاً فقط من سلطات الملكية دون البعض الآخر، فحق الإنتفاع يخول المنتفع سلطة استعمال الشيء واستغلاله دون التصرف فيه، وحق الاستعمال يخول صاحبه سلطة استعمال الشيء فقط دون أن يكون له الحق في استغلاله أو التصرف فيه.
6- يفرق الفقه الإسلامي بين الملك وبين بعض الحقوق الشرعية الأخرى كالإباحة والإختصاص، فالفرق بين الملك والإباحة يتبلور في أن المأذون له في الإباحة يقتصر حقه على الاستعمال والاستغلال بنفسه فقط ولا يملك التصرف في العين أو المنفعة بالبيع أو الهبة أو الإجارة أو الإعارة كما هو الشأن بالنسبة للمالك، أما الفرق بين الملك والإباحة يتضح في أن الملك يتعلق بالأعيان والمنافع، فيمنح صاحبه كافة السلطات المقررة على الشيء المملوك فله استعمال الشئ واستغلاله والتصرف فيه، أما الاختصاص يكون في المنافع فقط، فيخول لصاحبه استعمال الشئ واستغلاله دون التصرف فيه.
7- يتفق القانون الروماني مع الفقه الإسلامي حول تعريف المال الذى هو محل الملكية، فالمال في القانون الروماني يدور حول كل شئ نافع للإنسان يصح أن يتملكه شخص ويستأثر به دون غيره، أما المال في الفقه الإسلامي هو كل ما يفيد الإنسان ويستطيع امتلاكه شرعاً، والناظر إلى كلا التعريفين يجد أنهم متفقين في المعنى وإن اختلفوا في اللفظ.
8- وأما ما يتعلق بتقسيمات المال، فينفرد القانون الروماني بتقسيم لم نجد له مثيل في الفقه الإسلامي، إذ يقسم المال إلى أموال نفيسة وأموال غير نفيسة، والأموال النفيسة هي الأموال التي تنتقل فيها الملكية بالإشهاد، وهى تشمل على سبيل الحصر العقارات الإيطالية وحقوق الارتفاق الزراعية، والإرقاء، ودواب الحمل والجر ماعدا الإبل والفيلة ، أما الأموال غير نفيسة فهي الأموال التي لم يكن الإشهاد لازماً لإمكان نقل ملكيتها، وهذه الأموال تشمل ماعدا الأموال النفيسة، وهذا التقسيم تقسيم روماني محض لا نجد له نظير في الفقه الإسلامي. وكذلك ينفرد الفقه الإسلامي بتقسيم للمال لم نجد له مثيل في القانون الروماني، حيث يقسم المال إلى مال متقوم ومال غير منقوم، والمال المتقوم هو كل ماله قيمة شرعاً مثل الأراضي، والنفوذ، والمنازل، أما المال غير المتقوم هو المال الذى ليست له قيمة شرعاً، ولا يباح الانتفاع به شرعاً كالخمر والخنزير، وهذا التقسيم غير موجود في القانون الروماني، وإن كان يوجد تقسيم يشبه في بعض الوجوه، وهو تقسيم الأموال إلى أموال خارجة عن دائرة التعامل، وأموال داخلة في دائرة التعامل، أما فيما يتعلق بالتقسيمات الأخرى، لا نجد فيها اختلاف.
9- اتفق فقهاء الفقه الإسلامي والقانون الروماني على أن حق الملكية يمتد ليشمل كل عناصر الشئ الجوهرية باعتبارها أجزاء من الشيء محل الملكية، وكذلك يشمل ما تفرع عن هذا الشئ من ثمار ومنتجات، وكذلك يشمل ملحقات هذا الشئ، واتفقوا أيضاً على أن ملكية الأرض لا تقتصر على سطحها فحسب بل تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علواً أو عمقاً.
10- يختلف القانون الروماني عن الفقه الإسلامي فيما يتعلق بأنواع الملكية، فأنواع الملكية في القانون الروماني لم تنشأ منذ العصور الأولى على نظام واحد وهو نظام الملكية الفردية، وإنما اتخذت صوراً أخرى قبل ظهورها في صورة الملكية الفردية، فقد بدأت بنظام الملكية الجماعية، ثم تدرجت إلى نظام الملكية الأسرية ثم وصلت إلى الملكية الفردية، وفى العصر العلمي تنوعت صورة الملكية الفردية، فكانت هناك أربعة أنواع هي الملكية الرومانية، والملكية البريتورية، والملكية الإقليمية، والملكية الأجنبية، أما أنواع الملكية في الفقه الإسلامي كان لها أنواع مختلفة ومتعددة، وذلك باعتبارات شتى، فباعتبار محلها كانت الملكية تنقسم إلى ملكية تامة، وملكية ناقصة، وباعتبار صاحبها، كانت تنقسم إلى ملكية خاصة، وملكية عامة، وملكية بيت المال، وباعتبار صورتها تتنوع الملكية إلى ملكية متميزة أو مفرزة، وملكية شائعة.
11- إهتم الفقه الإسلامي بوضع القواعد العامة التي تنظم حقوق الجار والتزاماته باعتبارها من الفضائل الخلقية التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف، وتقوم حقوق الجوار على منع الضرر بالجار ضرراً فاحشاً في سبيل إنتفاع الشخص بملكه فهو تقييد لانتفاع المالك بعقاره بقيد ألا يضر بالجار، وكذلك إهتم القانون الروماني منذ صدور قانون الألواح الأثنى عشر بتنظيم الجوار وذلك بفرض عدة قيود والتزامات على عاتق المالك من أجل تحقيق المصلحة للجار الملاصق أو غيره.
12- نظر القانون الروماني إلى حقوق الإرتفاق نظرة مختلفة عن نظرة الفقه الإسلامي، فالقانون الروماني اعتبر حقوق الإرتفاق حقوق مستقلة عن حق الملكية، وقد قسم هذه الحقوق إلى حقوق إرتفاق عينية كحق المرور وحق المجرى وحق الشرب، وحقوق ارتفاق شخصية كحق الإنتفاع والاستعمال والسكنى، أما الفقه الإسلامي اعتبر حقوق الإرتفاق نوع من أنواع الملكية، فالملك ينقسم عندهم إلى ملك تام، وملك ناقص، والملك التام هو ملك العين والمنفعة معاً، أما الملك الناقص فهو يشمل ثلاثة صور، الصورة الأولى: هي ملك الرقبة وحدها، والصورة الثانية: ملك المنفعة وحدها ملكاً عينياً، مثل حق المجرى، والشرب، وهذه الصورة تماثل حقوق الإرتفاق العينية في القانون الروماني، والصورة الثالثة: ملك المنفعة وحدها باعتبارها حقاً شخصياً مثل حق الإنتفاع، وهذه الصورة تماثل في القانون الروماني حقوق الإرتفاق الشخصية
13- اتفق القانون الروماني مع الفقه الإسلامي في جواز نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة وذلك في مقابل تعويض عادل.
14- أورد الفقه الإسلامي بعض القيود على الملكية لا نجد لها مثيل في القانون الروماني، ومن أهم هذه القيود التأميم، تحديد الملكية، وفرض ضرائب جديدة على أموال الناس، والتسعير، وكذلك أورد القانون الروماني بعض القيود التي لا نجد لها مثيل في الفقه الإسلامي، ومن أهم هذه القيود ألزام القانون المالك السماح للغير بعمل حفريات في أرضه بقصد التنقيب عن المناجم واستغلالها، وألزام القانون لملاك الأراضي المجاورة للأنهار العامة بالسماح لربانية السفن باستخدام الشواطئ لأغراض الملاحة وعلى الأخص لربط السفن بالأشجار.
15- اختلفت طبيعة الملكية في القانون الروماني اختلافاً بيناً عن طبيعة الملكية في الشريعة الإسلامية، فالقانون الروماني نظر إلى الملكية بوصفها حقاً مطلقاً ومقدساً ويخول لصاحبه الحق في استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه كيفما شاء.
أما الشريعة الإسلامية فقد انفردت بطبيعة متميزة وفريدة، وهذه الطبيعة ترتكز على أن المالك الحقيقي لهذا الكون هو الله سبحانه وتعالى، فهو مالك المال كله، والإنسان هو خليقة الله في أرضه، استخلفه فيها للانتفاع بهذا المال، وهذه الخلافة محدودة في نطاق السلوك الإنساني الذى رسمته الشريعة الإسلامية.
16- يعترف الإسلام بمبدأ الملكية المزدوجة، فيؤمن بالملكية الخاصة والملكية العامة على حد سواء، أما القانون الروماني يقر الشكل الواحد للملكية، إذ يؤمن بالملكية الفردية، ولا يعترف بالملكية العامة إلا على سبيل الاستثناء.
17- اختلف الفقهاء المسلمين القدامى والمحدثين حول طبيعة الملكية، وقد حصر الفقهاء القدامى موقفهم في رأيين أحدهما يرى أن الملكية في الشريعة الإسلامية حق مطلق، فالمالك مطلق التصرف في ملكه حتى ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالآخرين، والرأي الثاني يرى أن الملكية حق مقيد بما تقضى به الأحكام والدلائل الشرعية، والراجح من وجهة نظري الرأي الثاني لقوة أدلته، ولأن الملكية لا يمكن أن تكون بحال من الأحوال حقا مطلقاً من غير شرط أو قيد لأن ذلك يتعارض مع أحكامها السامية.
أما الفقهاء المحدثين فقد انحصرت آراءهم في ثلاثة اتجاهات: الأول يذهب إلى القول بأن الشريعة الإسلامية تأخذ بالملكية الفردية المطلقة، والثاني يذهب إلى أن الملكية تعتبر وظيفة اجتماعية، والثالث يذهب إلى أن الملكية حق فيه وظيفة اجتماعية، والراجح من وجهة نظري الاتجاه الثالث القائل بأن الملكية حق فيه وظيفة اجتماعية، فالملكية حق فردى يخول صاحبه كافة السلطات المقررة على الشئ المملوك، وفى نفس الوقت يجوز للشارع الحكيم تقييد هذا الحق بقيود كثيرة لمصلحة المجتمع، ومن ثم يصبح لحق الملكية وظيفة اجتماعية.
18- وفيما يتعلق بالأسباب المنشئة للملكية، نجد أن القانون الروماني قد عرف أربعة أسباب منشئة للملكية وهى: الإستيلاء، والإلتصاق، والتنويع، واكتساب الثمار، أما الفقه الإسلامي فقد حصر الأسباب المنشئة للملكية في الإستيلاء على المال المباح، وقد اتخذ هذا السبب أربع صور وهى: إحياء الموات، والإستيلاء على الحيوان ( الصيد)، والإستيلاء على المعادن و الكنوز، والإستيلاء على الكلأ والآجام.
19- لم يعرض فقهاء الفقه الإسلامي للالتصاق كسبب لكسب الملكية وذلك بخلاف القانون الروماني الذى عرف الالتصاق بنوعيه الالتصاق الطبيعي والالتصاق الصناعي.
20- يتفق القانون الروماني والفقه الإسلامي في عدم اعتبار الحيازة سبب من أسباب كسب الملكية .
21- القاعدة العامة في القانون الروماني تقضى بأن الإتفاق ليس كافٍ لنقل الملكية، إذ يقتصر أثر هذا الاتفاق على إنشاء التزامات على عاتق كل من الطرفين المتعاقدين على نقل الملكية، أما نقل الملكية في حد ذاته فيتم باتباع طرق خاصة حددها القانون بثلاثة هي الإشهاد والدعوى الصورية، والتسليم، أما القاعدة العامة في الفقه الإسلامي تقضى بأن الإتفاق وحده كافٍ لنقل الملكية ،ومعنى ذلك أن اتفاق الطرفين على انتقال الملكية يكفى لنقل الملكية دون حاجة إلى أي إجراء آخر، فعقد البيع مثلا يترتب عليه انتقال الملكية من البائع إلى المشترى بمجرد العقد، أما في القانون الروماني لا يترتب عليه نقل الملكية بمجرد العقد وإنما لابد من اتباع إحدى الطرق المنصوص عليها في القانون وهى الإشهاد، والدعوى الصورية، والتسليم.
22- نظم القانون الروماني الطرق الناقلة للملكية بطريقة مخالفة للفقه الإسلامي، فقد قسم هذه الطرق إلى طرق اختيارية وهى الإشهاد، الدعوى الصورية، التسليم، وطرق إجبارية وهى نقل الملكية بنص القانون، ونقل الملكية بحكم القاضي، والتقادم، أما الطرق الناقلة للملكية في الفقه الإسلامي تمثلها العقود، كعقد البيع، والهبة، والصدقة، والصلح، والإجارة، وأساس هذه العقود الرضا، فلا يزول الملك عن صاحبه إلا برضاه، ولكن إستثنى الشارع الحكيم بعض الأحوال من هذا الأصل ومن أهمها الشفعة.
23- يختلف الفقه الإسلامي عن القانون الروماني في اعتبار الشفعة سبب من أسباب الملكية، بخلاف القانون الروماني حيث لا توجد أي نصوص تشير إلى وجود حق الشفعة كسبب لكسب الملكية .
24- لم يعرض فقهاء الشريعة الإسلامية إلى التقادم كأحد أسباب كسب الملكية، ولكن أخذوا بمبدأ مرور الزمن كمانع من سماع الدعوى عند الإنكار يستفيد منه واضع اليد، فلو جاء شخص وادعى ملكيته لمال قد وضع عليه شخص آخر يده وطالت المدة فإنه لا تسمع الدعوى، وإذا كان الفقه الإسلامي قد أخذ بقاعدة التقادم على أساس أنها مانعة من سماع الدعوى، فإن أصل الحق باق في ذمة الإنسان لصاحبه، انهدم مرور الزمن لزوال الشك وظهور الحق بإقراره ومن هنا تسمع الدعوى.
25- شرعت الشريعة الإسلامية العديد من الوسائل المدنية لحماية الملكية والحفاظ عليها من جميع الإعتداءات التي يمكن تصورها ومنها:
أ‌- الأمر بكتابة الديون وإقرار المدين بها والإشهاد عليها، وذلك حفاظاً على الأموال من التلف والضياع وبعداً عن الشبهات والشكوك بين المتداينين وحفظاً لأموالهم الخاصة من الاعتداء عليها وأكلها بالباطل .
ب‌- وضع قاعدة عامة لضمان الأموال، تدخل تحت طياتها ضمان العقد، والغصب، والإتلاف سواء كان الإتلاف مباشرة أم تسبباً.
ج- الحجر لمصلحة مالك المال، كالحجر على الصبى والمجنون والسفيه ومنعه من التصرف خشية من ضياع ماله.
26- اتخذ القانون الروماني العديد من الوسائل المدنية لحماية الملكية ومن أهم هذه الوسائل:
أ‌- وضع القانون الروماني تحت تصرف المالك العديد من الدعاوى فإلى جانب دعاوى الحيازة وجدت العديد من الدعاوى التي تختلف باختلاف نوع الملكية التي يراد حمايتها، ومنها الدعاوى التي تحمى الملكية الرومانية كدعوى الاسترداد البريتورية، ودعوى الإنكار، والدعاوى التي تحمى الملكية البريتورية، والملكية الإقليمية، والملكية الأجنبية.
ب‌- فرض القانون الروماني نظام الوصاية على القصر والنساء لمنعهم من التصرف خشية ضياع أموالهم.
ج- فرض القانون نظام القوامة على المجنون والسفيه والشاب الذى لم يتجاوز خمسة وعشرين عاماً وذلك أيضاً لمنعهم من التصرف خشية ضياع أموالهم.
27- منح القانون الروماني المالك الحق في استخدام بعض الدعاوى الجنائية لحماية ملكيته مثل دعوى السرقة، والتي كان يعاقب عليها القانون بعقوبات الإضرار بأموال الغير والتي كان يعاقب عليها القانون بالغرامة.
28- فرض الإسلام عقوبات قاسية على كل معتد على الملكية أياً كان هذا الإعتداء، فقرر عقوبة قطع اليد للسارق، وفرض أيضاً عقوبة الحرابة وهى القتل أو الصلب أو كلاهما، إذا سلب قطاع الطرق المال وقتلوا النفس، والقتل فقط إن كانوا قد قتلوا النفس ولم يكونوا قد سلبوا مالاً بعد، وقطع الأيدي والأرجل من خلاف إذا كانوا قد سلبوا المال فقط، والحبس والنفي إذا لم يقتلوا نفساً ولم يأخذوا مالاً. هذه هي أبرز النتائج التي ظهرت لي من خلال هذا البحث المتواضع.