Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النظام الشرعى والقانونى لمكافحة الجريمة الارهابية فى الفقه الاسلامى والقوانين الوضعية.
الناشر
كلية الحقوق،
المؤلف
مبروك،احمد عبد التواب احمد.
هيئة الاعداد
باحث / احمد عبدالتواب احمد مبروك
مشرف / سعد جبالى عبدالرحيم
مناقش / مبروك عبدالعظيم احمد
مناقش / محمد عبدالشافى
الموضوع
جنائى.
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
825ص.؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
28/7/2016
مكان الإجازة
جامعة أسيوط - كلية الحقوق - قسم القانون الجنائى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

من خلال ما سبق استعراضه نكون قد حاولنا الإحاطة بالنظام الشرعي والقانوني لمكافحة الجريمة الإرهابية، ومن استقراء مدونات الدراسة الماثلة يمكن استخلاص بعض النتائج والتوصيات عليها:
1- الإرهاب ليس حكراً على زمان ومكان معين، وإنما تمتد جذوره التاريخية إلى جميع الأزمنة من التاريخ الإنساني، بحيث أصبح من المسلم به أن الإرهاب غير محدود بزمان أو بمكان معين، وإنما نجد أن الإرهاب قد وقع في جميع العصور وفي جميع الأماكن، فالإرهاب لا يمكن إلصاقه بحقبة زمنية معينة أو بمكان معين دون سائر أماكن المعمورة.
وبناءً على هذه النتيجة نوصي بضرورة عدم إلصاق تهمة الإرهاب بالعصر الإسلامي وحده، وذلك لأنه امتد إلى جميع العصور السابقة عليه بداية من العصور القديمة وامتداداً إلى العصور الوسطى، أما الإرهاب الذي حدث في العصر الإسلامي فهو إرهاب فردي قد وقع من بعض المحاربين والمنافقين، أما الإسلام بمبادئه وأحكامه فإنه يجرم الحرابة وإرهاب الناس ووضع لذلك نظام سبق جميع الأنظمة، وذلك باعتبار الحرابة والإخافة والإفساد في الأرض من ضمن الحدود الشرعية التي تصل العقوبة فيها إلى القتل حداً.
كما أنه من الضروري عدم إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام ؛ لأن ذلك من الجور والظلم لأن الإرهاب ليس صفة لصيقة بهذه المجتمعات التي تدين بالإسلام الذي يحرم الاعتداء على النفس والمال والعرض سواء كان ذلك واقعاً على مسلم أو على غيره، وأن ما يقع من إرهاب في هذه الدول فهو إرهاب محدود بأفراد أو جماعات معينة يمكن مكافحته بالقضاء على أسبابه أو بالمكافحة التشريعية عن طريق التجريم والعقاب.
2- للجريمة الإرهابية أسباب وبواعث متنوعة، منها ما يرجع إلى الظروف الطبيعية كالمناطق العشوائية والجبلية، ومنها ما يرجع إلى الأسباب السياسية كاستبداد الفئات الحاكمة وخروجها عن الصلاحيات الدستورية، وعدم اللجوء إلى الحوار الديمقراطي، ومنها ما يرجع أيضاً إلى الحرمان الاقتصادي بسبب عدم العدالة في توزيع الموارد الاقتصادية والمشكلات الحياتية.
ومن أسباب الإرهاب أيضاً العوامل الثقافية التي يكون لها تأثير على معنويات أفراد المجتمع، وهذا ما يتأتى من التعليم والأسرة ووسائل الإعلام وغيرهما من الأمور التي تؤثر على الخبرة الإنسانية.
وعلى هذا نوصي بضرورة المكافحة الوقائية للجريمة الإرهابية، وذلك عن طريق دراسة الجريمة الإرهابية ومعرفة أسبابها، وذلك بهدف الوصول إلى علاجها والقضاء عليها من المجتمع نهائياً، وتتلخص المكافحة الوقائية للجريمة الإرهابية في الأمور الآتية:
أولاً: إزالة المناطق العشوائية بعد توفير مناطق أخرى للمقيمين فيها تتمتع بالاستقرار الأمني، والتخطيط العمراني والخدمات في مجالات الصحة والتعليم والمرافق الأخرى، وهذا بدوره يؤدي إلى القضاء على الانحراف أو التمرد على المجتمع.
ثانياً: القضاء على استبداد الفئات الحاكمة عن طريق تحقيق الديمقراطية وتداول السلطة، والعمل على توسيع دائرة الحوار بين الشباب والقائمين على السلطة، وذلك بهدف القضاء على الإرهاب الذي يتأتى نتيجة الممارسات السياسية التي يترتب عليها عدم الإحساس بالصدق والأمانة.
ثالثاً: ضرورة توجيه الإعلام المصري إلى عدم الترويج للمفاهيم الخاطئة كمفهوم ”الفتنة الطائفية” حتى لا يدخل المغرضين عنوة في الأمور الدينية، وضرورة الترويج لمفهوم أن الشعب المصري نسيج واحد لا فرق بين مسلم ومسيحي، وذلك لأن الفتنة الطائفية لا تتناسب مع التركيبة السكانية والشخصية المصرية.
رابعاً: ضرورة توجيه الإعلام المصري إلى عدم الترويج لمفهوم الإرهاب حتى لا يكون لهذا المفهوم آثاره الاقتصادية على البلاد بسبب الترويج للخوف والذعر الذي يؤدي إلى هروب السياحة والاستثمار من مصر، وترك هذا المفهوم إلى القضاء المصري لأني أرى أن وصف جماعة أو طائفة معينة بالإرهاب من وسائل الإعلام أو من السلطة لأسباب سياسية تدخل في عمل القضاء وفي سيادته على الأوراق المطروحة عليه.
خامساً: إنهاء المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع المصري سواء كانت خاصة بارتفاع الأسعار للمساكن، والفقر، والبطالة، وعدم توفير فرصة عمل للشباب، وذلك لأن إنهاء هذه المشكلات الاقتصادية يترتب عليه عدم دخول الشباب في دائرة الإرهاب والتطرف.
سادساً: ضرورة قيام المؤسسات التعليمية بدورها لجعل التلميذ أكثر فهماً لقواعد الإسلام ووسطيته وسماحته التي تحرم الاعتداء على الغير ولو بالكلمة السيئة.
سابعاً: ضرورة قيام المؤسسات الدينية بتطوير الخطاب الديني الذي يقوم على نشر سماحة الإسلام وقبوله للآخرين.
3- عدم وجود تعريف قانوني للإرهاب متفق عليه ومقبول دولياً، ويرجع ذلك إلى اختلاف الآراء والاتجاهات حول هذا الموضوع، فما يراه البعض إرهاباً ينظر إليه البعض الآخر على أنه نضال مشروع من أجل الحرية، كما يدخل تعريف الإرهاب مع عدد من المفاهيم الأخرى كالجريمة السياسية والجريمة المنظمة وغيرها من الجرائم المتشابهة مع الجريمة الإرهابية، وعلى هذا نرى التوصية بالأمور الآتية:
أولاً: ضرورة دفع الجهود الدولية لتبني تعريف موحد وطريقة ثابتة لعلاج ظاهرة الإرهاب، ويكون من حق كل دولة تطبيق تشريعها على الجريمة الإرهابية بصورة مستمرة وبدون تمييز في الحدود المتفق عليها دولياً.
ثانياً: ضرورة وضع عقوبات دولية للدول إذا قامت باستخدام لفظ الإرهاب لتحقيق منفعة اقتصادية أو سياسية، وذلك في حالة مخالفتها للمفهوم القانوني للإرهاب المتفق عليه دولياً.
ثالثاً: ضرورة قيام الأمم المتحدة بإلزام الدول وحثها على اتباع سياسة عقابية متوازنة ومتساوية بعيداً عن الأهواء السياسية لأنظمة الحكم.
رابعاً: ضرورة تعريف الجريمة الإرهابية تعريفاً قانونياً مبسطاً يتميز بالعناصر القانونية التي يمكن عن طريقها إزالة التشابه بين الجريمة الإرهابية وغيرها من الجرائم المتداخلة معها، وقد اقترح الباحث تعريف للجريمة الإرهابية على أنها: ”مشروع إجرامي فردي أو جماعي يتضمن استخدام العنف أو التهديد به بما يؤدي إلى خلق حالة من الرعب والفزع في نفوس الناس وذلك بقصد تحقيق أهداف معينة”.
خامساً: ضرورة تعديل التشريعات الجنائية الخاصة بالجريمة الإرهابية بما تتناسب مع طبيعة هذه الجريمة وخطورتها، حتى تقوم ببيان هذه الجرائم وأركانها والعقوبات الخاصة بها والإجراءات الجنائية اللازمة لضبط الجناة ومحاكمتهم بطريقة ظاهرة لا لبس فيها ولا غموض وذلك باتباع سياسة جنائية حكيمة بعيداً عن الهوى والأغراض السياسية وإنما تتميز بالتجرد الموضوعي بما يتفق مع قواعد العدالة وحقوق الإنسان.
4- ضرورة استبعاد العمل الارتجالي من الجرائم الإرهابية :
لم يشترط المشرع المصري لقيام الجريمة الإرهابية قانوناً أن يكون استخدام القوة أو العنف أو التهديد بها أو الترويع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ولا يشترط أن تقع الجريمة الإرهابية بطريقة مدروسة أو أن تكون على قدر من الإعداد وحد أدنى من التنظيم.
وعلى هذا نوصي بالآتي:
أولاً: ضرورة عدم الخلط بين الجرائم الإرهابية وبعض الجرائم العادية التي قد تحدث نتيجة التظاهر المشروع كعرقلة المرور والتنقل في الساحات العمومية.
ثانياً: ضرورة عدم وصف الأعمال الفردية أو الجماعية الارتجالية بالإرهاب، وذلك لعدم قيامها على التخطيط والتنظيم الذي يقوم عليه المشروع الفردي أو الجماعي اللازم لارتكاب الأفعال الإرهابية.
5- الوسائل المستخدمة في الجريمة الإرهابية لا يكفي وجودها قانوناً عن أثر الجريمة المتمثل في الترويع، فالمشرع المصري يؤكد أن غاية الإرهاب هو إحداث الخوف والرعب في المجتمع بصرف النظر عن طبيعة الوسائل المستخدمة في نشر الخوف والرعب كالقوة أو العنف أو التهديد، وأضاف إليها الترويع للتأكيد على أن الوسائل المستخدمة في الجريمة الإرهابية لا تغني عن أثرها المتمثل في الترويع.
وعلى هذا نوصي المشرع المصري أن يقتصر على لفظ الترويع دون ما سبقه من تعبيرات، وذلك لأن الترويع هو الأكثر ترادفاً مع فكرة الإرهاب.
وتوصيتي بتعديل النص التشريعي بقصره على لفظ الترويع دون الوسائل المنتجة للأثر الإرهابي تقوم على اعتبارين:
أولاً: أن هناك أفعال إرهابية لا تقوم على القوة أو العنف أو التهديد، وإنما تنطوي على الخوف والفزع لما فيها من ترويع للآمنين كتسميم مصدر مياه أو فك أجزاء من طائرة قبل إقلاعها بالركاب.
ثانياً: أن تعداد المشرع المصري للوسائل المنتجة للأثر الإرهابي المتمثل في إحداث الخوف والرعب يعتبر من قبيل التزيد في النص، وهذا ما يجب أن ينزه عنه المشرع بجمعها في لفظ واحد وهو الترويع.
6- لقد اشترط المشرع المصري لقيام الجريمة الإرهابية قانوناً أن يترتب على السلوك الإرهابي الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
بينما نجد أن المشرع الفرنسي يشترط في السلوك الإرهابي أن يعمل على إحداث اضطراب جسيم بالنظام العام بالتخويف أو الترويع، وبذلك يكون المشرع الفرنسي أشد حرصاً من المشرع المصري في قصر الجرائم الإرهابية على الأعمال التي يترتب عليها إحداث إخلال جسيم بالنظام العام.
وعلى هذا نوصي المشرع المصري بضرورة وضع قيد على عبارة الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر بأن يكون ذلك إخلالاً جسيماً كما فعل المشرع الفرنسي حتى لا يترك مساحة واسعة للتفسير القضائي والسلطة التقديرية من جانب محكمة الموضوع، وذلك بما يدخل الأعمال التي لا يترتب عليها الإخلال الجسيم بالنظام العام، وهذا ما يحدث بتطبيق النصوص الخاصة بالإرهاب على المظاهرات الشعبية التي تطالب ببعض الحقوق السياسية أو الاقتصادية المشروعة التي تنزلق أقدامها إلى ارتكاب بعض أعمال العنف أو القوة إذا لم يكن لها صلة بالمشروع الإجرامي الذي يترتب عليه الإخلال بالنظام العام، وهذه التوصية تقوم على اعتبارين:
أولاً: أن لفظ الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكذلك لفظ القوة أو العنف من الألفاظ المطاطة التي تحمل معاني كثيرة وتؤدي إلى التحكم القضائي في تحديد الوصف القانوني للجرائم الإرهابية.
ثانياً: عدم وجود قيد الإخلال الجسيم للنظام العام يؤدي إلى وجود خلط بين الجرائم الإرهابية وغيرها من الجرائم العادية التي يترتب عليها الإخلال بالنظام العام وتعريض أمنه وسلامته للخطر.
6- لقد استلزم المشرع المصري لقيام بعض الجرائم الإرهابية أن تتحقق نتيجة محددة بينها المشرع في قانون الإرهاب الجديد رقم 94 لسنة 2015 ، فيجب لقيام الجريمة الإرهابية قانوناً أن يترتب على السلوك الإرهابي آثار محددة منها إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حرياتهم وأمنهم للخطر.
وتعتبر الجريمة الإرهابية من جرائم الضرر إذا كانت من الجرائم المادية التي يتطلب المشرع فيها نتيجة ضارة وذلك كجريمة التعدي على رؤساء الدول والشخصيات العامة سواء ترتب عليه وفاة المجني عليه أو إصابته، وتعتبر من جرائم الخطر أو الجرائم الشكلية إذا كان المشرع يعاقب فيها على مجرد الخطر الذي يهدد بتحقيق الضرر ولو لم تتحقق النتيجة الضارة كجريمة وضع متفجرات في مكان اعتاد الجمهور على ارتياده فهي جريمة شكلية يعاقب عليها القانون لتحقق نتيجة حددها القانون سلفاً وهي تعريض أمن المواطنين للخطر وإلقاء الرعب بينهم.
- ويكفي لقيام الجريمة الإرهابية قانوناً إذا ما وقعت النتيجة المترتب على السلوك الإرهابي على الأشخاص المقصودين من هذا السلوك، أو على غيرهم من الموجودين على سبيل المصادفة في مكان الحادث، فالعبرة بالمشروع الإجرامي وتحقق نتيجته دون الاعتداد بشخصية المجني عليه، وأن نص المادة 2 من القرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 يمتد ليشمل إيذاء شخص أو شخصين، فالعبرة بتوافر العناصر القانونية للجريمة الإرهابية وما يترتب عليها من جسامة الضرر وخطورة إجرامية ولا ينظر فيها إلى عدد الأشخاص.
وعلى هذا نوصي بضرورة وجود مذكرة إيضاحية لقانون الإرهاب يبين فيها المشرع النتائج التي يجب توافرها قانوناً في الجريمة الإرهابية، وذلك بطريقة لا تحتمل اللبس والغموض حتى لا يكون هناك تدخل أو تحكم من الجهات السياسية والقضائية وتقوم هذه التوصية على اعتبارين:
أولاً: أن الآثار التي حددها المشرع المصري في نص المادة 2 من القرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 جاءت بطريقة واسعة ومطاطة لا تتميز بالوضوح، وذلك لأن القول بأنه يجب أن يترتب على السلوك الإرهابي تعريض حرية وأمن المواطنين للخطر يؤدي إلى ضرورة وجود تفسير اجتهادي لبيان هذه النتائج مما يؤدي في الغالب إلى الاختلاف في تفسيره باختلاف وجهات نظر القائمين على تفسيره حسب معتقداتهم ومذاهبهم السياسية والاجتماعية، وهذا يعد تخوفاً من الباحث على الافتئات على قواعد العدالة التي تحتاج إلى التجرد والموضوعية التي تبتعد عن الأهواء السياسية والشخصية التي يتأثر بها بعض القضاة، وذلك باعتبارهم أفراداً من المجتمع قد يؤثر فيهم الإعلام أو غيره من الظروف المحيطة بهم.
ثانياً: أن عدم وضع مفهوم محدد للنتائج التي تترتب على السلوك الإرهابي يؤدي إلى الخلط بين الجريمة الإرهابية وغيرها من الجرائم التي تتشابه معها.
7- يجب توافر رابطة السببية في الجرائم الإرهابية ذات الضرر التي لا يعاقب المشرع عليها إلا بوقوع النتيجة الإجرامية، فهذا النوع من الجرائم الإرهابية لا يختلف عن الجرائم العادية ذات السلوك والنتيجة فيجب لقيامها قانوناً توافر رابطة السببية بين السلوك الإرهابي والنتيجة المترتبة على الفعل الإرهابي، ويطبق القضاء المصري في هذا الشأن نظرية السبب الملائم ولا رقابة عليه من محكمة النقض في هذا الشأن ما دام قد استند في حكمه إلى أسباب سائغة ومحكمة.
أما الجرائم الإرهابية الشكلية أو جرائم الخطر التي يعاقب المشرع فيها على السلوك الإجرامي فقط دون أن يتطلب حدوث نتيجة إجرامية، فلا يشترط قانوناً لقيامها توافر رابطة السببية، وذلك لأن المشرع لا يشترط لقيامها وقوع نتيجة مادية ضارة حتى يتطلب الأمر توافر رابطة السببية بينها وبين السلوك الإرهابي.
8- يجب أن يتوافر في الجريمة الإرهابية قصد جنائي خاص يتمثل في غاية وهدف أبعد وهي الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وتعد هذه الغاية بمثابة وقائع جديدة تتميز بها الجرائم الإرهابية عن غيرها من الجرائم العادية.
وعلى هذا نوصي المشرع المصري بضرورة نصه على القصد الجنائي الخاص للجريمة الإرهابية ؛ وذلك لأن الجريمة الإرهابية تتميز عن غيرها من الجرائم العادية بالقصد الجنائي الخاص المتمثل في إرادة الخوف أو الرعب فيما يعد إخلالاً جسيماً بالنظام العام ويعرض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
9- لقد سبقت الشريعة الإسلامية جميع الأنظمة الوضعية في مكافحة الجريمة الإرهابية والتصدي لها بعقوبات رادعة ومناسبة لخطورتها، وذلك بتطبيق حد الحرابة على الأعمال الإرهابية التي يتم وصفها شرعاً بالحرابة.
أما الجرائم الإرهابية التي لا تدخل شرعاً في جريمة الحرابة فإنها تعتبر من قبيل الجرائم التعزيرية التي يترك لولي الأمر تقدير العقوبات المناسبة فيها حسب ظروف وملابسات كل واقعة استقلالاً.
وعلى هذا نجد أن قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية في جرائم الإرهاب التي لا تعد من الحرابة شرعاً، وإنما تدخل ضمن الجرائم التعزيرية، وهذا ما سمي في الفقه الجنائي الإسلامي بالسياسة الشرعية، ومن ثم فإن قانون الإرهاب الجديد يعد من قبيل السياسة الشرعية في الفقه الإسلامي ولكنه لم يتضمن حد الحرابة الذي يعتبر هو الطريق الأمثل لمكافحة الجريمة الإرهابية، وعلى هذا نوصي المشرع المصري أن يقوم بتعديل نصوصه بإضافة حد الحرابة لمكافحة الجريمة الإرهابية حتى يمكن القضاء على هذه الجريمة باقتلاعها من جذورها، وذلك لأن الحرابة تتناول جميع الأفعال الإجرامية التي تقع ضد النظام الاجتماعي وهو ما يعتبر إفساداً في الأرض يعاقب عليه بأشد العقوبات مما يترتب على ذلك الحفاظ على سلامة المجتمع والأفراد من الجرائم المروعة التي يترتب عليها نشر الذعر والفزع والرعب في نفوس الناس.
10- لقد سبق الفقه الإسلامي القانوني الوضعي في تعريفه للحرابة التي تتناول الجريمة الإرهابية بمفهومها المعاصر بجميع صورها سواء كانت إرهاب اقتصادي أو الإرهاب الذي يقع على الأشخاص بالاعتداء عليهم بالقتل أو مجرد تخويفهم فقط، وهذا ما أخذته من تعريف الحنفية للحرابة على أنها ”البروز لأخذ مال أو قتل أو إرهاب مكابرة اعتماداً على الشوكة مع البعد عن الغوث”.
11- لقد اتفق كثيراً من العلماء المعاصرين في الفقه الإسلامي على أنه من ثبت شرعاً أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن بالاعتداء على الأنفس والممتلكات الخاصة أو العامة كنسف الطائرات وأنابيب البترول والموارد العامة للدولة والمصانع والجسور والمدارس والمستشفيات فإنه يعتبر محارباً، ويستحق عقوبة الحرابة المنصوص عليها في آية الحرابة، وذلك لأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق على المارة فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله.
وعلى هذا نوصي المشرع المصري أن يتدخل بالنص على تطبيق حد الحرابة في حالة ثبوته شرعاً على جميع الأعمال التخريبية كالتفجيرات وغيرها من أعمال التدمير والإفساد في الأرض التي تزعزع أمن المجتمع واستقراره بالاعتداء على الأنفس والممتلكات العامة والخاصة.
12- الحرابة أو الجريمة الإرهابية التي ينطبق عليها حد الحرابة تتحقق ويترتب عليها أثرهاً شرعاً بمجرد إخافة الطريق فقط أو أخذ المال قليلاً كان أو كثيراً، وهذا ما يعد أكثر تناسباً مع وقتنا المعاصر، وعلى هذا نرى ضرورة وضع نص يعاقب بموجبه المحارب أو الإرهابي بحد الحرابة لارتكابه فعل يترتب عليه إخافة الناس سواء أخذ مالاً أو لم يأخذ لاقتلاع الشر من جذوره، وذلك بمعاقبة العناصر الإجرامية التي تشكل خطورة على أمن الناس واستقرار المجتمع.
13- جريمة الاغتيال أو ما يسمى شرعاً بالقتل غيلة يعتبر من الحرابة ؛ لأن هذا النوع من القتل يعتبر من الإفساد في الأرض فيكون الأمر فيه للإمام ولا يجوز فيه العفو من ولي الدم، وذلك لما يترتب عليه من آثار شديدة الخطر منها انتشار الفوضى وضياع الأمن والاستقرار وحصول المفاسد والأضرار الجسيمة، كما أنه يتعذر الاحتراز منه كالقتل مكابرة، وعلى هذا نقترح ضرورة نص المشرع المصري على تطبيق حد الحرابة على جرائم الاغتيالات سواء كان المجني عليه من الشخصيات العامة أو من الأفراد العاديين،وذلك لما يترتب على هذه الأعمال زعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع بإشاعة الرعب في نفوس الناس.
14- يعتبر الاعتداء على الفروج من أفعال الحرابة بشرط أن تتم بأسلوب الإكراه مع المغالبة والقهر، بينما إذا وقعت هذه الجريمة عن طريق الرضا وبدون تخويف أو إكراه فإنه يطبق بشأنها حد الزنا في حالة اكتمال شرائط الحد.
وعلى هذا نوصي بضرورة تدخل المشرع المصري والنص على تطبيق حد الحرابة على من يقوم باغتصاب النسوة قهراً ومكابرة، وذلك لأن تطبيق حد الحرابة على من يقوم باغتصاب النساء قهراً عنهم أولى من تطبيق هذا الحد على من يقوم بالحرابة بقصد الإخافة أو أخذ المال، وذلك لأنها جريمة تقع باستخدام القوة تحدياً لولي الأمر، وهذا ما يعد بلا شك محاربة لله ورسوله.
كما أن الاعتداء على أعراض الناس ليس بأقل خطراً من الاعتداء على أموالهم بل أفحش وأشنع لأن حرمة العرض فوق حرمة المال.
15- فعل الحرابة إذا ترتب عليه جراحة المقطوع عليهم فقط فإنه يعتبر من الحرابة، ولا يترك لولي الأمر أو المجني عليه الحق في العفو ولا يجوز فيه الصلح من المجني عليه.
وعلى هذا نوصي بضرورة النص من المشرع المصري على إقامة حد الحرابة إذا ثبت شرعاً على من قام بسلوك إرهابي إذا ترتب عليه إصابة المجني عليه بجراحة، وذلك لأنه إذا كان يقام على المحارب حد الحرابة بمجرد الإخافة فقط، فمن باب أولى أن يقام هذا الحد على المحارب الذي يترتب على فعله جراحة المقطوع عليهم، وذلك لكونه أخطر من الإخافة فقط.
16- قتل رئيس الدولة يعتبر من الحرابة لأنه يتمتع بالصفة العامة، وهو المسئول عن إدارة شئون الدولة وحفظ الأمن، وتوفير سبل العيش لأبنائها، وإقامة العدل، وحمايتها من الأعداء في الداخل والخارج، وفي قتله زعزعة للأمن واستقرار الوطن، وذلك لأن جريمة قتله يشيع خبرها بين الداني والقاصي، مما يؤدي إلى إشاعة الخوف في نفوس الناس.
وعلى هذا نوصي بضرورة إقامة حد الحرابة على من يقتل رئيس الدولة أياً كان نوع القتل أو أسبابه، وذلك لأن إقامة حد الحرابة على قاتله يحقق الردع الخاص والعام حتى يسود الأمن والاستقرار في المجتمع.
17- إرهاب الناس بالحرابة والإفساد في الأرض يؤدي إلى إشاعة الذعر والخوف وعدم الأمان في نفوس الجماعة، مما يترتب عليه عدم الاستقرار والطمأنينة والسكينة العامة التي تعتبر غاية كل مجتمع منظم، ولذلك سمى الله تعالى من يرتكب هذه الأفعال الخطيرة محارباً لله ورسوله وساعياً في الأرض فساداً، وجعل الله لهذه الجريمة أشد العقوبات حفاظاً على أمن المجتمع واستقراره وضماناً لاطمئنان الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
18- يتحقق الركن المادي لجريمة الإرهاب أو الحرابة في الفقه الإسلامي بالخروج على المارة على وجه المحاربة، والسعي في الأرض بالفساد والاعتداء على العباد بقتل أو تخويف أو أخذ المال.
وعلى هذا يلحق بالحرابة في الشريعة الإسلامية كثيراً من الجرائم الحديثة منها الإرهاب المنظم سواء كان داخلياً أو خارجياً، والسرقة بالإكراه، وذلك باستخدام الأسلحة والسطو المسلح والخطف والاتجار المنظم في البشر.
وبناء على ما تقدم نوصي بضرورة إقامة حد الحرابة على بعض الجرائم الحديثة التي يتوافر فيها شرائط جريمة الحرابة شرعاً كالسرقة بالإكراه والخطف والسطو المسلح على المحلات التجارية والبنوك، وكذلك على جريمة الاتجار المنظم في البشر.
وذلك لأن هذه الأعمال أشد خطراً من جريمة الحرابة التي تتحقق بإخافة المارة أو أخذ أموالهم، كما أن هذه الجرائم يترتب عليها الإفساد في الأرض وإرهاب الناس وإخافة سبيلهم والتعدي على أموالهم وأمنهم وحرياتهم.
19- لم يضع المشرع المصري أحكاماً خاصة للشروع في الجريمة الإرهابية، وإنما يطبق بشأنها الأحكام العامة للشروع المنصوص عليها في قانون العقوبات.
وعلى هذا نرى ضرورة تقسيم الجرائم الإرهابية من حيث تصور الشروع فيها إلى قسمين: القسم الأول: جرائم مادية ذات ضرر يتصور فيها الشروع قانوناً كجرائم الاغتيالات والخطف وأخذ الرهائن.
القسم الثاني: جرائم شكلية ويطلق عليها جرائم الخطر، وهذا النوع من الجرائم غير المتصور فيه الشروع قانوناً ؛ لأنها لا تقع إلا كاملة كجريمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي.
20- الشروع في الجريمة الإرهابية في الفقه الإسلامي يخضع لأحكام الجرائم التعزيرية التي تتناول كل فعل تعتبره الشريعة الإسلامية معصية، وعلى هذا ننتهي إلى أن الشريعة الإسلامية لم تنص على أحكام خاصة للشروع في الجريمة الإرهابية، وإنما ترك ذلك لولي الأمر حسب مقتضيات المصلحة وبما يراه مناسباً مع الجرم الواقع من الجاني، وهذا يعد من قبيل السياسة الشرعية في الفقه الإسلامي.
وعلى هذا نجد أن أحكام الشروع في الجريمة الإرهابية في القانون الوضعي لا تخالف قواعد الشريعة الإسلامية في هذا الشأن لأنها تعد من قبيل الجرائم التعزيرية التي يترك تقديرها لولي الأمر.
وعلى هذا نرى ضرورة تعريف الشروع في الجريمة الإرهابية في الفقه الإسلامي على أنه اتجاه إرادة وقصد المحارب إلى ارتكاب فعل من أفعال الحرابة والإفساد في الأرض والبدء في تنفيذه بتصرف معين ولكن لم تتحقق النتيجة لأسباب خارجة عن أرادته أو بإرادته لعدم اكتمال الجريمة.
21- امتناع مسئولية المحرض الصوري عن الجريمة الإرهابية إذا قام بتحريض الفاعل الأصلي على الجريمة بإيعاز فكرة الجريمة لديه بغرض الكشف عن نيته الإجرامية، وترتب على ذلك وقوع النتيجة الإجرامية، ولم يتمكن رجل السلطة العامة من الحيلولة دون وقوعها، وذلك لعدم توافر القصد الجنائي الذي يتمثل في اتجاه إرادته إلى الاشتراك ولكن يسأل عن جريمة غير عمدية.
وبناء على ما تقدم نوصي بضرورة عدم استخدام هذا السلوك من رجال السلطة؛ لأن ذلك يؤدي إلى القول بأن الجريمة تم إيجادها بفعل رجال السلطة العامة، وبتدخل غير مشروع منهم، كما نوصي بضرورة تدخل المشرع المصري ليجعل التحريض الصوري الذي يرتب أثراً ضاراً بالغير جريمة خاصة مستقلة بذاته بالنسبة للمحرض وذلك سداً لذريعة التمسك بانتفاء القصد الجنائي وحسن النية من قبل رجال السلطة العامة.
22- يعتبر التحريض على الجريمة الإرهابية غير المتبوع بأثر جريمة مستقلة أو قائمة بذاتها، وذلك نظراً لأهمية المصلحة محل الحماية الجنائية في الجريمة الإرهابية، وخطورة التحريض على ارتكابها، وهذا ما يعد استثناءً على القواعد العامة للمساهمة الجنائية التي لا عقاب فيها على التحريض غير المتبوع بأثر.
23- تعتبر مجرد الدعوة إلى الاتفاق الجنائي في حالة عدم قبولها في الجرائم الإرهابية جريمة خاصة نظراً لخطورة وأهمية المصلحة محل الحماية الجنائية في هذه الجرائم.
24- لقد توسع المشرع الجنائي باعتبار المساعدة اللاحقة على ارتكاب الجرائم الإرهابية اشتراكاً خروجاً على القواعد العامة للمساهمة التبعية، وذلك لتوفير الحماية الجنائية للمجتمع وذلك لكونها من الجرائم شديدة الخطورة.
25- يعتبر التشجيع على ارتكاب جرائم الإرهاب بتقديم المعاومة المادية والمالية دون أن يتوافر لدى المشجع نية الاشتراك في الجريمة الإرهابية بطريق مباشر جريمة خاصة، وقد أخذ المشرع في هذه الجريمة بطريق التجريم التحوطي حتى لا يفلت من العقاب من يقوم بمعاونة التنظيمات الإرهابية من العقاب إذا لم تتوافر لديه نية الاشتراك في الجريمة.
26- الحرابة أو الجريمة الإرهابية في الفقه الإسلامي عمل مشترك بطبيعته، فالحرابة أو الإرهاب قد يرتكبها جماعة فيساهم كل منهم في تنفيذها أو يتعاون مع غيره على تنفيذها، فكل من باشر في تنفيذ الركن المادي للجريمة يعتبر شريكاً مباشراً وكل من لا يباشر في تنفيذ الركن المادي للجريمة يسمى شريكاً متسبباً.
27- مذهب الجمهور في الفقه الإسلامي يرون أن حكم الرد أو الشريك بالتسبب هو نفس حكم المباشر لأفعال الحرابة يستحق العقوبة المقررة للمحاربين، وهذا ما يتفق مع مقاصد الشريعة بما تحققه من العدل والطمأنينة، وقطع دابر المجرمين، وذلك بتعميم الحد على من باشر وأعان، وهذا ما يتفق مع مقتضيات العصر نظراً لخطورة الجرائم الإرهابية مما يؤدي إلى ضرورة الأخذ فيها بالشدة.
28- إقامة حد الحرابة على المكلفين، وإن باشر القتل أو أخذ المال غير المكلفين، حتى لا يكون اشتراك غير المكلف ذريعة لإفلات المكلف من العقاب.
29- لقد قام المشرع الجنائي المصري بتشديد العقوبة على جرائم الإرهاب، مما يتناسب مع جسامة السلوك المسند للجاني، وحجم الضرر والخطر الذي يحدث نتيجة السلوك الإرهابي، وقد تصل عقوبة الجرائم الإرهابية إلى الإعدام، وذلك لاقتلاع الشر من جذوره.
30- تخضع جرائم الإرهاب للعقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 24 من قانون العقوبات المتمثلة في الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 25 من قانون العقوبات، والعزل من الوظائف العامة، ووضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس.
31- لقد وضع المشرع الجنائي عقوبات تكميلية وجوبية يتعين على القاضي الحكم بها في جرائم الإرهاب بالإضافة إلى العقوبة الأصلية، من حل الجمعيات وغيرها من التنظيمات غير المشروعة، وغلق أماكنها، والمصادرة للأموال والأمتعة والأدوات والأوراق، وغيرها.
32- لقد وضع المشرع الجنائي عقوبة تكميلية جوازية في جرائم الإرهاب، وهي الغرامة التي لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه.
33- لم يضع المشرع الجنائي أحكام خاصة للجرائم الإرهاب فيما يتعلق بالأعذار القانونية المخففة، وإنما يطبق القواعد العامة في القانون المصري، ومن هذه الأعذار القانونية المخففة : صغر السن الذي يعتبر من الأعذار القانونية المخففة وجوبياً، وهذا ما نصت عليه المادة 111 من قانون الطفل، فيجب تخفيف عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد إلى السجن الذي يتراوح ما بين 3 سنوات إلى 15 سنة، وإذا كانت عقوبة الجناية المرتكبة هي السجن وجب تخفيف العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور.
34- لقد جعلت الشريعة الإسلامية عقوبة الحرابة من أشد العقوبات وأغلظها وذلك لما تمثله جريمة الحرابة من الاعتداء على النظام الأمني للأفراد والجماعات.
35- عقوبة الحرابة في الشريعة الإسلامية تتحدد في أربعة أنواع من العقوبات وهي: القتل، أو الصلب، أو القطع، أو النفي من الأرض، حسب جسامة الجرم .
36- توقع عقوبة القتل حداً في الشريعة الإسلامية على المحارب إذا قتل فقط بعد إخافة السبيل ولم يأخذ مالاً، وكذلك إذا قتل المحارب وأخذ المال، ويكون للإمام الحكم بالقتل حداً جوازاً إذا اختار ذلك، سواء صدر من المحارب قتل أم أخذ مال، أو لم يحدث منه إلا الإخافة فقط.
37- يكون للإمام الحكم بعقوبة النفي أو السجن على المحارب في حالة إخافته السبيل فقط، ولكنه لم يقتل ولم يأخذ مالاً، ويحكم بها على من كان ردءاً وعوناً للمحاربين الذين حدث منهم إخافة ولم يحدث منهم القتل أو أخذ مال.
38- تكون عقوبة الجرائم الإرهابية التي لا ينطبق عليها وصف الحرابة حسب السلطة التقديرية للإمام، ويسمى هذا في الفقه الإسلامي بالسياسة الشرعية، وقد تصل العقوبة في هذه الجرائم إلى القتل تعزيراً، إذا رأى الإمام ذلك وبما يتناسب مع جسامة الجرم.
39- كثيراً من الجرائم الإرهابية المنصوص عليها في قانون الإرهاب الجديد رقم 94 لسنة 2015م تعتبر من الجرائم التعزيرية التي لا يكون فيها عقوبة مقدرة شرعاً كإنشاء تنظيمات إرهابية أو الانضمام إليها ويترك تقديرها لولي الأمر الذي يكون ممثلاً للسلطة التشريعية حديثاً وذلك باعتبارها من الجرائم التعزيرية، ومع ذلك نجد أن هناك بعض الجرائم في هذا القانون ينطبق عليها وصف الحرابة، لكن المشرع المصري قام بإهماله على الرغم من أن النص عليه في قانون العقوبات يجعل التشريع الجنائي المصري هو النظام الأمثل لمكافحة الجريمة الإرهابية، وذلك بالقضاء عليها من جذورها.
40- لقد اتفق الفقهاء على أن توبة المحارب قبل القدرة عليه تسقط عنه العقوبة بهذه التوبة، أما إذا تاب المحارب بعد القدرة عليه، فإنه لا يسقط عنه حد الحرابة، وذلك لأنه يحتمل أن يكون هناك تحايل من الجاني لإسقاط العقوبة عنه، بعد امتداد يد الحاكم إليه.
41- لا يسقط حد الحرابة بالتقادم في الشريعة الإسلامية، فإن قدم عهد الحرابة لا أثر له، وهذا ما يتفق مع خطورة الحرابة المعروفة بالإرهاب حديثاً، وهذا ما أخذ به المشرع الجنائي الوضعي عندما قرر عدم سقوط العقوبة في الجريمة الإرهابية بالتقادم.
42- اتفق العلماء على أن حد الحرابة لا يجوز العفو فيه مطلقاً ؛ وذلك لأنه حق الله تعالى، وإن نفع هذا الحد يعود على المجتمع بأكمله بما في هذه الجريمة من اعتداء على أمنه واستقراره.
43- لقد اتجهت بعض التشريعات الوضعية إلى وضع أحكام إجرائية خاصة بالجرائم الإرهابية بما يؤدي إلى وجود صلاحيات واسعة لسلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة،ومن هذهالسلطات الاستثنائية منح النيابة العامة اختصاصات القاضي الجزئي وغرفة المشورة في مد الحبس الاحتياطي في جرائم الإرهاب، وهي الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الأول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
وهذه سلطة استثنائية بها شبه عدم الدستورية، وذلك لانحراف المشرع المصري بالسلطة التقديرية للتشريع ؛ لأن السلطات الاستثنائية المقررة للنيابة العامة بشأن الحبس الاحتياطي في جرائم الإرهاب لا تحقق التوازن بين سلطة التحقيق وحقوق المتهم، وذلك في الغالب أن رؤساء النيابة الذين يقومون بإصدار أمر الحبس يخضعون لتوجيهات رؤسائهم الذين لم يقوموا بإجراء التحقيق بأنفسهمفي هذه الجرائم.
ومن ثم نجد أن المشرع المصري قد خرج عن القواعد العامة في الحبس الاحتياطي في جرائم العنف الإرهابي ومنح النيابة العامة سلطة مد الحبس الاحتياطي حتى خمسة أشهر، فيكون لعضو النيابة بدرجة رئيس نيابة سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة.
وعلى هذا نرى ضرورة تدخل المشرع المصري وإلغاء هذه السلطات الاستثنائية التي تملك النيابة العامة فيها سلطة واسعة في مد الحبس في جرائم الإرهاب لمدد متعاقبة قد تصل إلى خمسة شهور.
44- لقد أعطى المشرع المصري للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين، الأول على الأقل الحق في أن يأمر بالاطلاع أو الحصول على معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن أو المعاملات البنكية إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جريمة من جرائم الإرهاب، ونظراً لأن النيابة العامة يغلب عليها سلطة الاتهام دون الموازنة بين مبررات اختراق السرية ومبررات عدم جواز ذلك.
وعلى هذا نرى التوصية بضرورة إلغاء نص المادة 98 من القانون رقم 88 لسنة 2003 في الفقرة الأخيرة منه، وإعمال نص المادة الثالثة من القانون رقم 205 قبل تعديلها سنة 1994، والتي كانت تخول إجراء الإطلاع أو الحصول على أية معلومات عن الحسابات البنكية أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن لمحكمة استئناف القاهرة، وذلك بعد طلب ذلك من النائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين إذا كان هذا الإجراء لازماً لكشف عن حقيقة في جنحة أو جناية إذا قامت دلائل واقعية على ثبوتها، وفي ذلك ضمانة للحفاظ على سرية الحسابات البنكية التي يتعين أن يكون الاطلاع عليها بحكم قضائي مسبب وليس بقرار من النيابة العامة.
45- لا تخضع الدعاوى الجنائية الناشئة عن جرائم الإرهاب للتقادم الذي يترتب عليها انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ويكون للنيابة العامة الحق في تحريك الدعوى الجنائية الناشئة عن جرائم الإرهاب دون التقيد بفترة زمنية محددة، وذلك لأن الضرر الذي تحدثه الجرائم الإرهابية على الكيان الاجتماعي يصعب نسيانه أو عودة الأشياء إلى طبيعتها ولو مر على وقوع الجريمة فترة زمنية طويلة.
46- عدم تقييد النيابة العام بقيد الطلب في مباشرتها التحقيق، ورفع الدعوى الجنائية في الجرائم التي تتقيد فيها النيابة العامة، يقيد الطلب لمباشرة الدعوى الجنائية بصددها إذا اكتسبت الصفة الإرهابية، وذلك في حالة تعلق الأمر بإحدى الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
47- لقد أعطى المشرع المصري للنيابة العامة سلطة استثنائية في إصدار بعض الأوامر والتصرفات الاستثنائية إذا تعلق ذلك بجرائم الإرهاب، وهي السلطات التي يملكها بحسب الأصل قاضي التحقيق، ويكون لعضو النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة الحق في مباشرتها استثناء في جرائم الإرهاب منها تفتيش منزل غير المتهم، وتفتيش شخص غير المتهم، وضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود الموجودة لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق، وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وإجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص فكان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جرائم الإرهاب.
48- تختص محاكم الجنايات العادية بنظر جرائم الإرهاب، وتخصص دائرة أو أكثر من دوائر محكمة الجنايات، ويكون رئيس كل منها بدرجة رئيس لمحاكم الاستئناف لنظر جرائم الإرهاب والجرائم المرتبطة بها، ويجب الفصل فيها على وجه السرعة، وتخضع جرائم الإرهاب للقواعد العامة لاختصاص النوعي والمكاني والشخصي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.
49- يختص القضاء العسكري بنظر جرائم العنف الإرهابي التي يتوافر فيها الصفة العسكرية وذلك بأن يكون أطرافها عسكريون أو مكان ارتكابها منطقة عسكرية.
50- يتمتع المتهمين بجرائم الإرهاب بالضمانات التي يتحقق بها محاكمة عادلة ومنصفة ومنها علانية جلسات المحاكمة، وتدوين التحقيق النهائي، وشفوية المرافعة، وحضور الخصوم لإجراءات المحاكمة، وحق المتهمين بجرائم الإرهاب في الاستعانة بمحامي.
51- الجرائم الإرهابية ليس لها قواعد إثبات خاصة بها، وإنما تخضع للقواعد العامة في الإثبات الجنائي، ومنها أن الأصل في الإنسان البراءة، ويقينية الدليل الجنائي.
- وعلى هذا نوصي بضرورة عدم إلقاء التهم جزافاً ؛ نظراً لخطورة هذه الجرائم، وما يترتب عليها من آثار، ويجب إعمال مبدأ البراءة الأصلية، وأن المتهم بريء حتى يقوم الدليل القاطع على براءته، وإلا فيتعين على القاضي أن يحكم بالبراءة.
- وعلى هذا نكون قد وصلنا إلى بعض النتائج والتوصيات لهذه الدراسة، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.