![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تمتلك الإدارة باعتبارها سلطة عامة توقيع جزاءات إدارية على المتعاقد معها في حالة امتناعه عن تنفيذ التزامه التعاقدي، أو تأخر فيه، أو الذي نفذه بصورة لا تتفق وشروط التعاقد. وبما أن الجزاءات الإدارية وما تتسم به من طبيعة ردعية تنطوي على مساس بحقوق وحريات الأفراد انتقاصًا، أو حرمانًا، يترتب عليها خضوع هذه الجزاءات للمبادئ العامة التي تخضع لها كافة الجزاءات الردعية والتي تشكل ضمانًا لحقوق وحريات الأفراد، خاصة وأن الإدارة التي توقعها ليست بعيدة عن مظنة التعسف في استخدام سلطاتها. فسلطة الإدارة في توقيع الجزاءات الإدارية موجودة من زمن، إلا أن الجديد فيها هو خضوعها لذات الضوابط والضمانات التي تخضع لها العقوبات الجنائية، فإذا كانت العقوبات الجنائية تخضع لكافة المبادئ التي تشكل ضمانًا لحقوق وحريات الأفراد وهي توقع من قبل السلطة القضائية، فما بالنا بجزاءات توقع من قبل الإدارة التي تمثل الخصم والحكم في آن واحد، لذلك كان لزامًا أن تخضع هذه الجزاءات لذات الضوابط التي تخضع لها العقوبة الجنائية. إن سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها في العقود الإدارية تمثل امتيازًا للإدارة، ولكن هذا لا يعني أنها سلطة مطلقة، بل أن هناك حدودًا لممارسة هذه السلطة وأن هذه السلطة لا تهدف إلى جبر الضرر، وإنما حث المتعاقد على تنفيذ العقود الإدارية في الوقت المحدد وبالمواصفات المحددة على نحو يخدم المصلحة العامة، كما وأن نظرية الجزاءات ونظامها القانوني قد وضعت على الإدارة حدودًا يجب عدم تجاوزها، وإلا أصبحت قراراتها مهددة بعدم المشروعية، وذلك لأن سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات الإدارية وإن كانت سلطة تقديرية فإنها مقيدة بالقاعدة العامة التي توجب أن تكون جميع تصرفاتها تهدف إلى تحقيق الصالح العام. |