الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تشكل مظاهر الغلو الديني والعنف والعدوان والتطرف الفكري منظومة من التحديات التاريخية التي تواجه المجتمعات الانسانية والعقل الإنساني في العصر الحديث، وتشهد الحياة السياسية والاجتماعية العالمية اليوم انفجارات موجات رهيبة من التعصب بمختلف تجلياته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية، ولا يكاد المشهد الاجتماعي والثقافي العربي يخلو من صور محزنة لواقع التعصب والعنف الذى يتأجج لهيبة في عمق الحياة العربية سياسيا ودينيا واجتماعيا، ويتفق اغلب المفكرين على ان العنف والتطرف بأشكالهما المختلفة يشكلان اخطر الامراض الاجتماعية والثقافية التي يعانيها المجتمع العربي المعاصر، حيث ان درء التعصب يهدد الوجود الحضاري والإنساني للمجتمع العربي، ويتنافى كليا مع اولويات الانتماء القومي والهوية الوطنية بمختلف مستوياتها وتجلياتها، وتشكل مشاعر التعصب والتمييز والنزعة الى التطرف والعنف اليوم الغام الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية التي يمكن ان تنفجر في أي زمان ومكان في جغرافية الوجود العربي المعاصر، واذا كان الانسان –بصفة عامة-هو موضع اهتمام التريبة وغايتها، فان الشباب الجامعي- بصفة خاصة-هم اولى الفئات العمرية بالقدر الكافي من الاهتمام والرعاية لخطورة هذه المرحلة واهميتها بالنسبة للمجتمع حيث انهم من اكثر افراد المجتمع حماسا وحساسية ونشاطا، وهم يمثلون قطاعا محوريا في المجتمع، وليسوا فئة منعزلة معرفيا او قيميا او اجتماعيا عن المجتمع الذى يعيشون فيه، ومن ثم يستحيل تصور عزل مشكلات الشباب عن مشكلات محيطه الاجتماعي، فهو بالأحرى اكثر تأثرا بتلك المشكلات واكثر معاناة من مختلف التناقضات الاجتماعية والقيمية باعتباره الاكثر انفعالا وتأثرا بالحاضر والاكثر اهتماما بآمال المستقبل ووعوده. ومع قدوم الالفية الثالثة بمعطياتها من المعلوماتية، والتقنية الفائقة، والاتصالات المتطورة، والانترنت، امسى العالم قرية صغيرة يموج بسيل من التغيرات المتسارعة والمتصارعة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية، وفى ظل هذه التغيرات المطردة، اصبح الانسان يتعرض لخطر سلب حريته وقمع مبادراته وطمس طموحاته، ونظرا للتغيرات الحادة والعميقة التي يمر بها المجتمع العربي، والمجتمع المصري بصفة خاصة والتي افرزتها التغيرات العالمية من ناحية والصراعات العربية من ناحية اخرى، اصبح يموج بظاهرة لها مخاطرها على بنية المجتمعات العربية وتوجهاتها. |