الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فإن وظيفة الضبط الإداري من واجبات الدولة الضرورية اللازمة لاستقرار نظام الحياة والمحافظة عليه، وبدونه تعمّ الفوضى ، ولذلك كانت تلك الوظيفة من عصب السلطة العامة وجوهرها ، إذ بدورها تقي المجتمع من جميع الأخطار التي تهدده أمنه . ومن المعلوم أن سلطات الضبط الإداري تختلف باختلاف الزمان، فإن لحظات معينة من الزمان تدفع بهذه القاعدة إلى أقصى مدى، وتتطلب اتساعاً هائلاً في سلطات الضبط الإداري، وهذه اللحظات تسمّى في القانون الإداري بالظروف الاستثنائية، ويتحقق ذلك عندما تشعر الإدارة في هذه الظروف بحاجتها إلى مزيدٍ من الأمن والنظام ، ويكون ذلك في حالة حرب أو وجود فتنة مسلحة، أو ثورة أو كارثة طبيعية ، أو انتشار وباء شديد الفتك بالناس، إلى غير ذلك من الأحداث الغير مألوفة، وهذا يتطلب إعطاءها سلطات أوسع لمواجهة تلك الظروف الغير عادية والتي تحدث بشكل فُجائي وبصورة غير متوقعة، وينتج عن اتساع سلطات واختصاصات الإدارة في ظل الظروف الاستثنائية أنّ بعض القرارات والإجراءات الإدارية التي تكون غير مشروعة في ظل الظروف العادية تصبح مشروعةً في ظل الظروف الاستثنائية، مع مراعاة قاعدة الضرورة تقدر بقدرها، بحيث يؤدي عدم تدخل الإدارة لمواجهة هذه الظروف إلى إلحاق ضررٍ جسيم بالدولة يهدّد وحدة أراضيها ويشل حركة الحياة فيها، وأنّ إضفاء صفة المشروعية على مثل تلك القرارات والإجراءات مشروطٌ بقيدٍ هام يتمثل في أن يكون القرار أو الإجراء اتخذ ضرورياً ولازماً لمواجهة الظروف الاستثنائية , ومن اللافت للنظر أنّ الظروف الاستثنائية أيّا كانت صورتها حرباً أو كوارث طبيعية ، لا تجعل الإدارة في منأى من رقابة القضاء بشكلٍ مطلق ، فلا يعدو أن يكون الأمر توسعاً لقواعد المشروعية ، فالإدارة تبقى مسئولةً في ظل الظروف الاستثنائية على أساس الخطأ الذي وقع منها، غير أنّ الخطأ في حالة الظروف الاستثنائية يُقاس بميزانٍ آخرٍ غير الذي يقاس به الخطأ في الظروف العادية .والجدير بالذكر أنّ الفقه استعمل مصطلحات عدّة لهذا المفهوم، فنجده تارةً يستخدم مصطلح الظروف الاستثنائية، وتارةً مصطلح الضرورة، وتارةً بأحوال الطوارئ لنفس المفهوم . |