Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مظاهر الفساد فى الأندلس من الفتح
اﻹسلامي حتى قيام الدولة الأموية
(92–138هـــ/711–756م) /
المؤلف
عطية، اسامه حسين محمد.
هيئة الاعداد
باحث / اسامة حسين محمد عطية
مشرف / عفيفي محمود ابراهيم
مشرف / سليمان عبد الغني مالكي
مناقش / عفيفي محمود ابراهيم
الموضوع
الدولة الاموية.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
353 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية الاداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 353

from 353

المستخلص

مما لا شك فيه أن الإنسان اجتماعى بطبعه، لا يستطيع العيش إلا من خلال مجتمعات بشرية يؤثر فيها، ويتأثر بها، يعتمد على بنى جنسه؛ لكى يتمكن من الاستمرار فى حياته، وتحقيق رسالة الله على الأرض، ألا وهى إعمارها، غير أن هذا الإعمار لم يكن ليتم إلا بوازع يدفع بعض الناس عن بعض، وذلك لما فى غرائزهم الطبيعية من ظلم وعدوان( )، وقد يختلف هذا الوازع باختلاف الزمان والمكان، غير أنه قد يتمثل فى تشريع إلهى، أو نص قانونى، أو سلطة بعينها، وفى كثير من الأحيان يتمثل هذا الوازع فى تلك القوة الخفية الخارجة من الإنسان نفسه والمتمثلة فى ”السلوك”( ).
وقد قسم علماء الاجتماع السلوك البشرى إلى نوعين، أحدهما ســـوىﹼ: وهو ذلك السلوك الذى يتوافق مع قيم ومعايير المجتمع المتعارف عليها، والآخر منحرف: وهو السلوك الذى لا يتوافق مع تلك القيم والمعايير، غير أن ثمة اختلاف بينهما ينحصر فى الدرجة والتقدير، فالسلوك الذى يعد سوياﹰ فى مجتمع ما قد يكون سلوكاً منحرفاً فى مجتمع آخر، والسلوك الذى كان منحرفاً فى الزمن الماضى قد يعد سوياً فى الوقت الحاضر، إذاً فإن تحديد السلوك السوى من نقيضه يعد قضية تختلف نسبياً من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر طبقاً للمعايير المعمول بها فى هذا المكان وذاك الزمان، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أن اشتراك الغالبية العظمى من الناس فى رذيلة معينة يجعل من هذه الرذيلة فضيلة مهما اختلف المكان والزمان( ).
وتعد ظاهرة الانحراف السلوكى ظاهرة من الظواهر التى توجد فى كل المجتمعات، كما أنها لم تقتصر على طبقة اجتماعية معينة دون الأخرى داخل المجتمع الواحد، فلم يكن الفقر فى ذاته سبباﹰ من أسباب الانحراف السلوكى، فى حين لم يكن الثراء سبباً للفضيلة، بل فى كثير من الأحيان قد يكون الثراء أسوأ أثراً من الفقر، وهذا ما أشار إليه أحد الباحثين فى نظريته ”الوتيرة الاقتصادية” التى تشير إلى أن الإجرام لا يعود إلى الفقر أو الثراء، غير أنه يؤكد على أن الهبوط المفاجئ نحو الفقر، أو الصعود المفاجئ نحو الثراء هما الدافعين الحقيقيين وراء ظهور ظاهرة الانحراف السلوكي( ).
كذلك ظاهرة الانحراف السلوكى لم تقتصر على نوع دون آخر، حيث لم يستطع الرجل بقوته أن ينفرد بتلك الظاهرة متجاهلاﹰ دور المرأة، حيث اختلفت الصورة التقليدية المعهودة عن المرأة والتى أحاطتها بسياج حصين يتمثل فى طبيعتها البيولوجية التى تفرض عليها نوعاً معيناً من الجرائم دون غيرها، وكذلك العادات والتقاليد التى كانت تقف حائلاً بينها وبين الانحراف، غير أن هذه النظرة قد تغيرت بشكل يجعل المرأة تخرج من حصانتها إلى المجتمع العادى الذى نعيش فيه، وتتساوى بالرجل حيث أصبحت المرأة قادرة على ارتكاب جميع الجرائم دون استثناء( ).
وهناك شبه اتفاق على أن الانحراف قديم قدم الإنسان نفسه؛ حيث ﻋﱞــــــــد ظاهرة اجتماعية تلازمت مع وجود الإنسان على الأرض، وتمثلت هذه الظاهرة أول ما تمثلت فى قتل قابيل لأخيه هابيل فظهر أول سلوك إجرامى عرفته البشرية، ثم أخذت تلك الظاهرة فى النمو والتطور فتنوعت وتعددت أشكالها وكذلك اختلفت مسمياتها( ).
ويعد الفساد شكلاﹰ من أشكال هذا الانحراف الذى تعددت تعريفاته بتعدد أنواعه ومجالاته( )، وقد زخر مصطلح الفساد فى اللغة العربية بالثراء والتعدد فى تعريفاته، فالكلمة مصدر، فعلها فسد ويقال: فسد الشئ يفسد فساداﹰ، وﻓﺴﹸد(بضم السين)فهو فسيد( ). والفساد نقيض
الصلاح، والمفسدة هى الضرر ويقال: استفسد الشئ أى عمل على أن يكون فاسدا،ً وتفاسد القوم أى تباعدوا وقطعوا أرحامهم( ). ويعرف الفساد على أنه القصور الأخلاقى عند الأفراد الذى يجعلهم غير قادرين على تقديم الالتزامات الذاتية المجردة التى تخدم المصلحة العامة، وهو كذلك يعد انتهاكاً لمبدأ النزاهة.