Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الوفاء المبرئ للشيك /
المؤلف
الشرمان، محمد علي شحادة.
هيئة الاعداد
مشرف / محمد علي شحادة الشرمان
مشرف / رضا السيد عبد الحميد
مشرف / ناجي عبد المؤمن محمد
مشرف / حسين عبده الماحي
الموضوع
القانون التجاري.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
716 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
11/6/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون التجاري والبحري
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

يفترض الشيك وجود عدة علاقات بين المتعاملين به، فتوجد علاقة مصدرها الاتفاق بين الساحب والبنك المسحوب عليه، تجعل الأول دائناً للثاني بما يعطيه الحق في إصدار أمر بالدفع لمصلحة شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل القانوني للشيك. وتنفيذ هذا الأمر من جانب البنك المسحوب عليه يقتضي إنقاص الرصيد الدائن للساحب بمقدار قيمة الشيك وإعطاء المستفيد أو الحامل القانوني حق التصرف في هذه القيمة، وبذلك تتم عملية الوفاء بالشيك.
وهكذا، يلتزم البنك المسحوب عليه الشيك بدفع قيمته عند تقديمه إليه للمطالبة بالأداء كونه أداة وفاء يستحق الدفع بمجرد الاطلاع. ولكن نتيجة استحقاق هذه الورقة التجارية المتحقق من خلال اطلاع المسحوب عليه عليها حين التقديم لأغراض المطالبة بالوفاء، يقع على البنك المسحوب عليه جملة واجبات، تتمثل بالشروط الواجب مراعاتها من قبله عند استلام الشيك وعند الأداء بقيمته. فعليه أن يتخذ ما يلزم من الضوابط والاحتياطات التي يجب مراعاتها ليكون وفاؤه بقيمة الشيك صحيحاً مبرئاً لمديونيته الاتفاقية تجاه الساحب ومديونيته القانونية تجاه الحامل الشرعي، وينقضي بذلك الدين الصرفي والدين الأصلي الذي من أجله حرّرَ الشيك أو تم تداوله.
وتقضي القاعدة العامة بالوفاء في القانون المدني بأن يكون الوفاء للدائن أو لنائبه( )، فإذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين إلاَّ إذا أقرَّ الدائن هذا الوفاء أو عادت عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته( ). وتقتضي هذه القاعدة حرصاً شديداً من جانب المدين، إذ تفرض عليه واجب البحث والتحري والتأكد من أنَّ الشخص الذي يتلقى الوفاء منه هو الدائن الحقيقي وصاحب الحق الشرعي، لأنَّ من يدفع خطأً يدفع الدين مرتين، أي يلزم بدفعه ثانية.
ولمّا كان الشيك أداة وفاء يتطلب السرعة في الوفاء به، فإنَّ قيام البنك باتخاذ إجراءات فحص طويلة تترتب عليها عرقلة الشيك عن أداء وظيفته الأساسية وتقلل من استخدامه وتحدّ من انتشاره في التعامل، الأمر الذي يقتضي مراعاة الخصوصيات التي يتسم بها الالتزام الصرفي وتميز التعامل بالأوراق التجارية عن التعامل بالديون العادية. فبالنسبة لهذه الأخيرة، يلاحظ أنَّ المدين يعرف دائنه جيداً لسبق التعامل معه، لذا يتعين على المدين أن يقوم بوفاء الدين له أو لنائبه. غير أنَّ هذه القواعد لا يمكن تطبيقها بشأن الوفاء بقيمة الشيك بوصفه ورقة تجارية، فهذه الأخيرة قابلة للتداول بالطرق التجارية وينتقل الحق الثابت فيها من شخص إلى آخر بطرق متميزة لا تتيح للبنك معرفة من سيقدم له هذه الورقة التي يلزم بالوفاء بقيمتها بمجرد تقديمها، فإذا قدم الحامل الشيك للمطالبة بقيمته، فليس لدى البنك الوقت الكافي لإجراء تحريات طويلة للتأكد من وقوع الوفاء للدائن الحقيقي للشيك أو لنائبه في القبض.
لذلك، فإنَّ المشرع في قانون الصرف سعى إلى تسهيل هذا الإثبات من خلال تكريس قرينة قانونية على صحة الوفاء، وقد تبنى التشريع الأردني هذا الاتجاه بنص صريح بشأن الشيك في المادة (253) من قانون التجارة رقم 12 لسنة 1966 مقرراً بأنه: ”1- من يوفي قيمة شيك بغير معارضة من أحد يعد وفاؤه صحيحاً وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (270)( ) 2- وإذا أوفى المسحوب عليه قيمة شيك قابل للتظهير لزمه التحقق من انتظام تسلسل التظهيرات، وليس ملزماً أن يتحقق من صحة تواقيع المظهرين”( ).
وتبنى المشرع المصري أيضاً هذه القرينة بصحة الوفاء، ولكن ليس بموجب نص خاص في أحكام الشيك، وإنما طبقاً لحكم الإحالة المقرر في المادة (472) من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أحكام الكمبيالة، حيث تقضي المادة (428/3) من القانون المذكور بما يلي: ”وفاء الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق دون معارضة صحيحة يبرئ ذمة الموفي إلاَّ إذا وقع منه غش أو خطأ جسيم، وعليه أن يستوثق من انتظام تسلسل التظهير ولكنه غير ملزم بالتحقق من صحة توقيعات المظهرين”( ).
ومعلوم أنَّ الوفاء بالشيك يتوقف على تحصيل الالتزام الثابت فيه وقبل ذلك فهو مشروط، بمعنى أنَّ استخدام الشيك كأداة لوفاء الدين يعد وفاءً مُعلّقاً على شرط فاسخ، هو تحصيل قيمة الشيك، فإذا قام البنك المسحوب عليه بأداء قيمته اعتبر الدين الأصلي منقضياً( ). بمعنى أنَّ الوفاء بالشيك لا يعد نهائياً إلاَّ بعد أداء قيمته من قبل البنك المسحوب عليه، عند ذلك تبرأ ذمة جميع الموقعين عليه والبنك معاً، وتنتهي حياة الشيك، متى توافرت في هذا الأداء شروط صحته، بأن كان الشيك خالياً مما يُثير الشكوك فيه، وتوافرت في المطالب بقيمته الصفة القانونية لذلك ولم يوجد أي مانع من الموانع القانونية للأداء. فالدين الأصلي وكذلك الصرفي لا ينقضيان بتحرير الشيك أو تداوله، وإنما يظلّ كل واحد منهما قائماً بكلّ أوصافه وضماناته حتى يتم الأداء بقيمة الشيك، فإذا توافرت في هذا الأداء شروط صحته انقضى الدين الأصلي والدين الصرفي معاً وتبرأ ذمة جميع الملتزمين بالشيك.
وبناءً على ذلك، متى أوفى البنك المسحوب عليه الشيك قيمته للحامل الشرعي دون معارضة من أحد، وكان دفعه بالاستناد إلى الشيك الصحيح قانوناً الذي يحمل توقيعاً بإنشائه مطابقاً للنموذج الذي أودعه الساحب لديه، وبالاستناد إلى توقيع الحامل على المخالصة الجارية بحسب الترتيب الناجم عن تتابع منتظم للتظهيرات، يعد وفاؤه صحيحاً مبرئاً له ولكافة الضامنين في الورقة وفقاً لمبدأ قرينة صحة الوفاء التي تبناها المشرع التجاري. ولكن، تعتبر هذه قرينة بسيطة قابلة للإثبات العكسي، فإذا قام الدليل على غش البنك المسحوب عليه الشيك أو خطئه الجسيم، كأن يقوم بالدفع رغم عدم مطابقة توقيع الساحب على الشيك لنموذج التوقيع المودع لديه سقطت قرينة براءة الذمة وكان البنك المسحوب عليه مسئولاً عن الوفاء.