الفهرس 
المحتوياتيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 226 |  |  |
| | | from | 226 | | |
المستخلص
إن الحضارة لا طابع عرقي لها، وهي لا ترتبط بجنس من الأجناس، ولا تنتمي لأي شعب من الشعوب، على الرغم من أنها قد تنسب إلى أمة من الأمم، أو إلى منطقة جغرافية من مناطق العالم ذلك على سبيل التعريف ليس إلا. ويعتبر أصل الاختلاف حول مفهوم الحضارة بين النموذجين الإسلامي والغربي سببه تفسير مفهوم التقدم، فالنموذج الغربي يرى التقدم مادياً خالصاً، وبالتالي فإن مفهوم الحضارة يدل على الحضارة الغربية فقط باعتبارها عندهم التقدم، واعتبار ما سواها امتداداً للهمجية والفوضى والانحطاط بالمعنى السياسي والأخلاقي والتقني، مما يترتب على هذا الفهم الخاص لمصطلح الحضارة نتائج ، تأتي في مقدمتها عدم الحاجة إلى الحوار مع الحضارات الأخرى، بل المطلوب فرض النموذج الغربي على الشعوب الأخرى التي تقع – وفق هذا الفهم – على هامش الحضارة، بينما يرى النموذج الإسلامي أن التقدم معنوي ومادي، وأنه إنساني أصلاً وتوحيدي أساساً ، فكل تقدم في مفهوم الإسلام يحث على التحرر من عبودية غير الله، ويؤدي إلى إعمار الكون ويقدم منافع للناس، يسمى حضارة، وبحسب منظور-الإسلام- حتى المجتمعات البدوية لا تخلو من الحضارة. يوجد اختلاف بين مفهومي ”الصراع” و”الصدام”، الصراع مظهر من مظاهر الحياة والحيوية وتعبير عن الوجود، وحالة إنسانية أرقى من الصدام ويحمل معاني أقل ضرراً وعدوانية، وتنضوي تحته أشكال متعددة من الحوارات سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم علمية أم ثقافية أم عسكرية، وهو في أغلب الأحيان يكون جسراً لإيصال وجهات نظر المختلفين أو المتصارعين إلى الاتفاق والانسجام ، وحتى وإن كان عنيفاً في بعض صوره فإنه في النتائج النهائية أكثر تقدمية وعلمية وحضارية من الصدام الذي يعتبر مفهوماً غير حضاري، بل ومدمر، لأنه يحمل النفي والإقصاء للآخر، كما أنه يقف ضد كل ما هو إنساني ومشترك، من حيث أنه يدعم حضارة واحدة، هي حضارة القوي ”حضارة الغرب”، حيث تشعر فيه باقي الحضارات بالتهميش والإقصاء .