الفهرس 
المقدمةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 290 |  |  |
| | | from | 290 | | |
المستخلص
الحمد لله، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين سائراً على هداه، أما بعد:
فإن الله- سبحانه وتعالى- نص في كتابه الكريم على فضل اللغة العربية وعلو شأنها، فقال في محكم التنزيل: ﴿ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ﴾ كما قال في موضع آخر: ﴿ قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون ﴾
فهي لغة القرآن الكريم، ولغة السنة النبوية المشرفة، ولغة العلم والعلماء، وقد حفظ الله - عز وجل- اللغة العربية من خلال حفظه للقرآن الكريم، فبقيت صامدة أمام معاول الهدم الداخلية والخارجية التي ما فتئت تحاول النيل من قدسية اللغة وفضلها على سائر اللغات؛ فأعداء الإسلام يعلمون علم اليقين أن سبيل القضاء على الأمة إنما يكون بالانتقاص من لغتها، وجعلها أمراً ثانوياً في عيون أبنائها.
وقد هيأ الله - جل في علاه - رجالاً من خيرة الرجال للقيام بتلك المهمة الصعبة، فهداهم إلى حفظ اللغة وقواعدها، وكان ذلك باستنباط القواعد النحوية وتأسيس ذلك العلم الذي يعد مفخرة للأمة ولحضارتها. ثم توالت بعد ذلك المؤلفات النحوية واللغوية عبر القـــرون، فكل من يرى في نفســه خيراً يدلي بدلوه خدمـة لدينـــه أولاً، وللغته ثانياً، ولأرومته ثالثاً. فرحم الله علماءنا الأجلاء رحمة واسعة، وجزاهم خير الجزاء على جميل صنيعهم في حفظ تراث الأمة الخالد.
إن السير في ركاب الحضارة الإنسانية ينطلق بدءًا من الحفاظ على اللغة وصيانتها من العبث، والاهتمام بها، وذلك إنما يكون من خلال: إلزامية تدريسها في المدارس والجامعات، وجعلها اللغة الرسمية الأولى للبلدان العربية، وتخصيص الكليات والجامعات لهذا الغرض، وتعريب المصطلحات الأجنبية، فلغتنا بحر زاخر لا ساحل له. ولننظر إلى العالم الغربي بعين ثاقبة متفحصة، ماذا نجد؟ نجد أن أول اهتماماته: اللغة والمحافظة عليها، والاعتزاز بها، بل إن بعض الدول لا يحدثك إذا كلمته بلغة غير لغته، وهذا واضح جلي عند الألمان.