الفهرس 
الفصل التمهيدييوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 328 |  |  |
| | | from | 328 | | |
المستخلص
فرض موضوع حماية البيئة من التلوث نفسه، في النقاشات العالمية والإقليمية والمحليـة بشكل لافت خلال القـرن العشرين, حيث صارت المشاكل البيئية المتعددة، وما ينتج عنها من تهديدات حقيقية للإنسان والحيوان والنبات، مدعاة للقلق لدى الجميع.
وفي ظل تنامي تعرض البيئية لكثير من المخاطر، فقد عني القانون الدولي للبيئة، وكذلك حاول القضاء الدولي، بمعالجة القضايا المتعلقة بالتلوث البيئي، والقضايا الناجمة عنه، وخاصة القضايا الواقعة بين الدول الحدودية، غير أنه إذا كان نمو القضايا البيئية الدولية تنعكس آثارها بشكل واضح من خلال مجموعة المباديء التي تشكل أساس القانون الدولي للبيئة، وتطبق على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي، إلا أن المجتمعات لم تبدأ في الاهتمام بتوفير حماية قضائية للبيئة الدولية حتى أواخر القرن التاسع عشر.
وقد لعب القضاء الدولي دوراً بارزاً، في إرساء القاعدة القانونيه الدولية للبيئة، فعلى الرغم من أنَّ القضاء الدولي تخصص بالفصل في العديد من القضايا الدولية، إلا أنه حتى الآن لا توجد جهة قضائية مركزية تختص بالمنازعات الدولية البيئية؛ وذلك نظراً لحداثة هذا الفرع من فروع القانون الدولي العام.
وترجع أهمية دور القضاء الدولي، في إطار إرساء القواعد التي تَضْمن حماية البيئة، بالنظر إلى عدم وجود سبب للاعتقاد، بأن النزاعات البيئية الدولية سوف تتناقص أو تختفي، ففي استمرار سعي الدول نحو تحقيق التنمية، ستزداد احتمالية قيام نزاعات بيئية، وقد كشفت الدراسات، بأنَّ النزاعات البيئية تنتشر جغرافياً، ولا تزال قائمة، وتنتشر هذه النزاعات لتشمل مجموعة واسعة من الأنشطة الإنسانية، غير أنّ النزاعات البيئية تبدو أكثر تركيزاً، في إطار مشاريع التنمية الجديدة للدول، ويتزايد تواتر النزاعات البيئية باطراد، مع تزايد نسبة المشاريع الصناعية الثقيلة، التي تواجه معارضة من مؤيدي حماية البيئة.
وإذا كانت النزاعات الدولية البيئية غالباً، ما تنطوي ﻋﻟﯽ ﻋدد محدود من اﻷطراف، وتتعامل فقط مع مجموعة ضيقة من القضايا البيئية، إلا أنه دور القضاء الدولي تتجلى أهميته، من خلال حل النزاعات البيئية بطريقة بعيدة عن العمليات السياسية، حيث يتم تسوية هذه المنازعات وفقًا للقواعد القانونية الدولية المقبولة، وبالتالي فإن دور القضاء الدولي في مجال حماية البيئة الدولية يعد إجراءً عقلانياً بطبيعته، فمن خلال القرارات التي تصدرها المحاكم الدولية في النزاعات البيئية يتم التأثير على تطوير المعايير البيئية، وهو ما يجعل دور المحاكم متفرداً بين المؤسسات الدولية الأخرى، حيث يتم إعطاء الاعتراف المستقل والرسمي، بوجود التزامات دولية في مواجهة الدول بضرورة مراعاة المسائل البيئية، وضمان حمايتها.