الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فقد تداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وذلك مصداقا لما جاء عن ثوبان ﭬ أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا»، قال: قلنا: يا رسول الله، أمِنْ قلة بنا يومئذٍ؟ قال: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: «حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ«»، فإن الله ۵ تعبدنا بدين الإسلام، ولم يرض لنا عنه بديلا: قال ۴: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، بل لا يقبل گ من الناس دينا يدينون به غيره. وهذا الإسلام دين وسط بين الأديان، والمسلمون حقا هم الوسط بين الأمم، وكذا أهل السنة والجماعة، وهم أهل الاستقامة الربانية، وهم الوسط بين فرق الإسلام، قال ۴: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، فالأمة الوسط: هم الذين على العدل والقسط، وعلى منهاج الاستقامة والسنة.إن في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم العربي خصوصا، والإسلامي عموما، وظهور نزعات الغلو والتطرف، وكذلك ظهور الجماعات الجهادية والتكفيرية التي تسمت بهذا الاسم، واشتهرت به تشويها وبهتانا لعبادة عظيمة من عبادات ديننا الحنيف، وهي عبادة الجهاد في سبيل الله، التي حرفوها وشوهوها وذهبوا بها كل مذهب، وحرفوا النصوص الدالة عليها من آيات قرآنية، وأحاديث صحيحة نبوية، وأقوال الأئمة الصالحين الأثرية، فبتروا النصوص وغيروها تغييرا، وحرفوا أدلتها وبدلوها تبديلا، مما كان له بالغ الأثر في إفساد عقول جيل من شباب الإسلام الذين اعتقدوا قدرتهم على تفسير تلكم النصوص الدينية، وفهم عقيدة الجهاد وفقهه، فما كان منهم إلا أن أخرجوه عن مراميه السامية، ومقصده الوسطي الإسلامي الحنيف. |