الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقدأصبحت إيران التي تقود المد الشيعي في المنطقة العربية تقوم بالتدخل بشكل مباشر في الشئون الداخلية للدول العربية، فهي الطرف الثاني الأكثر تأثيرا في العراق بعد الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها تمثل أحدى قوى الممانعة المؤثرة في لبنان من خلال ارتباطها بحزب الله، وتحاول التقرب من الجانب الفلسطيني من خلال علاقتها مع حركة حماس، لذلك فان التدخلات التي تنتهجها إيران تجاه الدول العربية بشكل عام، أصبحت لاتهدد فقط استقرار الأنظمة السياسية العربية وإنما تجاوزته إلى تهديد كيان أو بقاء الدول ذاتها، فإيران أصبحت تدعم نفوذها داخل بعض الدول العربية، وخاصة سوريا استنادا على قوى سياسة مرتبطة بها. فمنذ بدايات عام 2012، مثلت الأزمة السورية فرصة للجانب الإيراني لنشر وتعميق نفوذه في الساحة السورية، مدفوعاً بأهمية سوريا الاستراتيجية ؛ لدورها في ضمان تواصل ممره البري من طهران لبيروت، والوصول للمياه الدافئة على شواطئ البحر المتوسط، وبينما كانت موازين القوى مائلة لصالح قوى المعارضة السورية المسلحة، وكاد معه انظام “الأسد” أن يسقط، وتخسر معه الميلشيات المدعومة إيرانياً، تدخلت روسيا عسكرياً في الأزمة بشكل مباشر في 30 سبتمبر 2015، وهو ماانعكس بدوره على موازين القوى، حيث استدارت لصالح نظام “الأسد” والميلشيات الحليفة له. متغير آخر مكن إيران من تعميق نفوذها، وهو التغاضي الأمريكي الإسرائيلي منذ بداية الأزمة عن التدخل الإيراني وانتشار ميلشياتها في الساحة السورية ؛ فقد ارتأوا في ذلك فرصة لاستنزافها، ومن ثم تعاملت الولايات المتحدة وإسرائيل مع الساحة السورية كمستنقع لمن يتورط فيها أكثر منها ساحة للنفوذ الجيوسياسي. وتشكل إيران إشكالية شديدة التعقيد في الإدراك السياسي العربي لأنها بقدر ما يمكن التعامل معها على أنها مصدر أكيد أو محتمل للتهديد بالنسبة للعرب فإنها أيضا تبقى شريكا أن لم تكن حليفا ثقافيا وسياسيا بل وحضاريا ويبقى الاستثناء محدودا في الإدراك السياسي الذي يرى أن إيران مصدر كامل للتهديد، ولا يمكن أن تكون حليفا، مما يؤثر سلبيا على استقرار الأنظمة السياسية العربية. |