Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
عموم البلوى وأثرها في المعاملات المصرفية الحديثة /
المؤلف
عبده، هبة ربيع.
هيئة الاعداد
باحث / هبة ربيع عبده
مشرف / محمد محمد عثمان
مشرف / عرفات أمين عرفات
الموضوع
المعاملات (فقه إسلامي). المعاملات.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
349 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الدراسات الدينية
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية الآداب - الدراسات الإسلامية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 349

from 349

المستخلص

وفي ختام هذا البحث يمكن أن ألخص بعض ما توصلت إليه من نتائج فيما يأتي:
1- عدم وجود تصريح بحقيقة عامة لعموم البلوى عند المتقدمين والمتأخرين على حدٍ سواء، وقد تأثرت حقيقة عموم البلوى الاصطلاحية بالموضوعات التي يرد عرضه فيها، سواء عند الأصوليين أو الفقهاء، إذ كان تفسيرهم لحقيقته مقتصراً على ما يفيده هذا الموضوع من مشقة جالبة للتيسير.
2- من خلال النظر في عرض الأصوليين والفقهاء لموضوع عموم البلوى تم التوصل إلى حقيقة عامة لعموم البلوى، وهي أن عموم البلوى يعني شمول وقوعه الحادثة مع تعلق التكليف بها، بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أو المكلف عن العمل بها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جمع المكلفين، أو كثير منهم إلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره. فيكون ما تعم به البلوى هو الحادثة التي تقع شاملة مع تعلق التكليف بها،بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أو المكلف عن العملبها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جميع المكلفين، أو كثير منهم إلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره.
3- أن حقيقة عموم البلوى عند الفقهاء تشمل جهتين: الأولى: عسر الاحتراز، وهذا في الغالب مختص بما يقع بغير اختيار من المكلف، وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب دفعها. الثانية: عسر الاستغناء، وهذا في الغالب مختص بما يقع باختيار من المكلف، وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب جلبها والعمل بها. وقد تبين أن العسر بمعنييه جزء من حقيقة عموم البلوى الاصطلاحية، ولذلك فلا داعي للتفريق بينهما فهو سبب واحد للتيسير، وأن من فرق بينهما من العلماء من خلال العنوان كان قصده فيما ظهر لي إبراز هذا المعنى في عموم البلوى وتقريره.
4- أن عموم البلوى قائم على الوقوع العام للحادثة، سواء للمكلفين أو للمكلف، وكما أن التكليف مع ذلك العموم يورث مشقة على من ابتلي بملابسة هذه الحادثة، فيكون ذلك داعياً إلى التيسير، فكذلك يورث ذلك حاجة عامة إلى معرفة حكم الحادثة مما يدعو إلى السؤال عنه، ومن ثم اشتهاره وانتشاره. إلا أن هذا التأثير في الاشتهار والانتشار لا يكون إلا في حال عموم وقوع الحادثة للمكلفين، دون ما إذا كان وقوعها للمكلف الواحد، فإن الحاجة إلى معرفة الحكم وإن كانت موجودة في هذه الحال إلا أنها ليست عامة حتى تؤثر في الاشتهار والانتشار للحكم.
5- أن الحكم بوجود عموم البلوى منضبط بوقوع أحد أسبابه العامة أو الخاصة، وهذه الأسباب يرجع تقديرها في الغالب إلى نص من الشارع من خلال الوقائع التي تعم بها البلوى، فإن لم يكن هناك نص فإنه يرجع في تقدير ذلك إلى العرف ومعتاد الناس، أو إلى تقريب المشقة الحاصلة في الحادثة التي تعم بها البلوى، وذلك بموازنتها بالمشاق المشابهة لها فيما اعتبره الشارع في جنسها، وهذا إنما هو في الغالب؛ إذ إن هناك بعض الأسباب التي يرجع تقدير مشقة عموم البلوى فيها إلى أمر خاص، كتقدير المكلف واجتهاده كما في الضرورة وكبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه، وفي حال المطر والثلج والوحل، أو بالاعتماد على قول أهل الخبرة كالأطباء، كما في حال كبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه.
6- أن بحث الأصوليين لعموم البلوى في بعض المسائل قد جاء بحسب طبيعة بحثه عند الفقهاء في الغالب، وهو كون عموم البلوى يمثل سبباً في التيسير، وذلك كما في صلة عموم البلوى بالقياس، والاستحسان، وسد الذرائع، مما يدل على شمول نظر الأصوليين لهذا الموضوع عند بحثهم له.
7- أن عموم البلوى يعتبر أكثر أسباب التيسير مساساً للتفريع الفقهي، وأثره لا يقتصر على قسم معين من أقسام الفقه دون غيره، بل هو في الغالب شامل لمجموع أقسام الفقه، وإن كان التصريح بالتعليل به قد كثر فيما يتعلق بأمور العبادات، خاصة فيما يتعلق بالطهارة وإزالة النجاسة، على أن التأمل في الفروع الفقهية يتضح منه شمول أثره لغير ذلك، ويتقرر هذا عند النظر في الفروع الفقهية التي جاء إيرادها في هذا البحث.
8- أن عموم البلوى يعتبر أحد الأمور التي يتم بها ضبط المشقة؛ إذ إن المشاق منها ما هو منضبط بأسباب معينة، وعموم البلوى يعد سبباً في التيسير باعتباره مظنة للمشقة، وإذا كان عموم البلوى منضبطاً بوقوع أحد أسبابه فالسعي في ضبطه حينئذ سعيفي ضبط المشقة بصورة أعم.
9- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير قد قامت عليه أدلة كثيرة من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصرفات الصحابة والتابعين رضي الله عنهم تفيد كلها القطع باعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير.
10- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير مقيد بشروط يلزم مراعاتها؛ ليتحقق ذلك الاعتبار، وفقد شرط منها مؤثر في إنعدام ذلك الاعتبار، ولذا ينبغي لمن أراد الترخص اعتبارا لعموم البلوى مراعاة هذه الشروط.
11- أن التكليف في حال عموم البلوى يعتبر من قبيل الضرر، ولذلك تلزم إزالته تبعاً لقاعدة (لا ضرر ولاضرار)، أو (الضرر يزال). وإزالة الضرر هنا مقيدة بشرط ينبغي أن يراعى، وهذه الإزالة تتمثل في القول بعدم التكليف في حال عموم البلوى.
12- أن عموم البلوى يعتبر من أسباب نشوء العادة والعرف، ولذا فإن العمل بما تعم به البلوى يحكم باعتباره من قبيل العادة المحكمة، وهذا التحكيم مقيد بشروط معينة.
13- لعموم البلوى كما يلاحظ من خلال التفريع الفقهي يعتبر من أعظم أسباب تغير الأحكام والفتاوى وخاصة التي تخص فقه المعاملات، وذلك بناء على اختلاف العمل بما تعم به البلوى باختلاف الأحوال، إلا أن هذا الاعتبار ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل سبق بيانه.
14- كثرة تطبيقات عموم البلوى في هذا العصر، ودخوله في تعليل أحكام كثير من الوقائع تصريحاً أو ضمناً مما يؤكد أهمية هذا الموضوع. ومن خلال النظر في كلام بعض العلماء والباحثين لتلك القضايا المستجدة نخلص إلى أن إطلاق التعليل بعموم البلوى، أو بأحد أسبابه لحكم قضية من تلك القضايا أمر غير سديد؛ إذ لا بد من التفصيل في أحكام كثير من القضايا، والنظر في مدى تحقق عموم البلوى في جميع حالات القضية وصورها، والتحقق من اعتبار عموم البلوى في هذه الحالة أو تلك، فكثيراً ما يؤثر اختلاف الأحوال والأشخاص في اختلاف الحكم بعموم البلوى. ثم إن بعض تلك القضايا المستجدة كان واضحاً فيه مدى الاعتماد على عموم البلوى في إثبات حكم معين لها، وبعضها الآخر كان التعليل بعموم البلوى فيها على سبيل الاعتضاد. ويمكن بعد ذلك أن أختم ببعض التوصيات:
1 – ضرورة اهتمام الباحثين بالتأصيل والتقعيد في القضايا الفقهية؛ للحاجة إلى ذلك في هذا العصر على وجه الخصوص، فبذلك تنضبط أحكام كثير من الجزئيات.
2 – يعد تغير الفتاوى واختلاف الأحكام في الشريعة الإسلامية من الأمور البارزة في مجال التفريع الفقهي، ولا شك أن التأصيل والتقعيد لهذا الموضوع يحتاج إلى المزيد، وإن وجد فيه بعض الرسائل العلمية والكنايات القليلة التي تناولت بعض جوانبه.
وختاماً أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاً لوجهه، وأن يجعله حجة لي يوم ألقاه، وحسبي فيه أني أعملت جهدي؛ لأصل إلى ما يغلب على ظني أنه الصواب والحق. وينبغي أن يعلم أن هذا البحث جهد بشر لم يجعل الله له العصمة، فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأرجو من قارئه أن يغمر سيئات هذا البحث في حسناته، والله تعالى هو المستعان والمسئول على كل حال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.