الفهرس 
خلفية تاريخيةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 280 |  |  |
| | | from | 280 | | |
المستخلص
كانت السيرة الذاتية لونًا أدبيًا من ألوان الأدب الفارسي المتعددة يلقي بظلاله على حياة شخصيات عاصرت أحداثا فتأثرت بها وأثرت فيها، وقد كان للمرأة نصيب من الإبداع في ذلك اللون الأدبي، وتطورت من خلاله إبداعات المرأة الفارسية في ركاب الأدب العالمي، وعبرت عن نفسها وكيانها ودورها في بناء مجتمعها ورغبتها في إصلاح أوضاعه. لذا فقد وقع اختيار الباحثة على عمل أدبي من أعمال المرأة الفارسية في بدايات القرن العشرين وهو ”خاطرات تاج السلطنة”، تلك الأميرة القاجارية ابنة ناصر الدين شاه (1848-1896م) وشقيقة مظفر الدين شاه (1896-1906م) والتي أقدمت على كتابة مذكراتها كغيرها من الذين كتبوا السير الذاتية جريًا خلف تقليد راج في إيران خلال القرنين التاسع عشر والعشرين وساهمت تلك السير في إعادة التأريخ للفترة القاجارية وأوضاع المجتمع خلال تلك الفترة. وتكمن أسباب اختيار هذا الموضوع في كونه سيرة كتبت على يد امرأة تنتمي إلى البلاط القاجاري والأسرة الملكية؛ فشاهدت بأم عينها كل ما كان يدور داخل القصر، وعاصرت كل الأحداث، ومن هنا كانت شاهدًا على عصرها ومصدرًا من مصادر الكتابة عنه دون وساطة أو تحريف، ومن خلال ذلك فإن دراسة خاطرات تلك الأميرة تمثل كشفًا لجوانب جديدة لم يكن لأحد مشاهدتها أو التعرف عليها من قبل أن تدلي الأميرة بدلوها لتنقل إلينا ما كان يدور خلف جدران القصر الحاكم. وسنحاول من خلال دراستنا الإجابة على بعض تساؤلات منها: ما هو الدور الذي لعبته السير الذاتية في سعى المرأة لتحقيق المساواة والهوية الاجتماعية والثقافية؟ كيف تقاوم المرأة خيوط الظلم للحفاظ على إحساسها العضوي في الأمة عبر كتابة قصتها؟ كيف يمكن مقاومة التعبيرات الوطنية عن النظام الأبوي دون تنفير نفسها من محارمها الذين اعتادوا إدراج التمييز على أساس الجنس؟ كيف يمكن أن تكون السيرة الذاتية بمثابة المركبة لتحرير المرأة لنفسها وللأخريات؟ وفيما يخص خاطرات تاج ما هي حكايتها وقصصها، ماذا لديها لتقدمه؟ و، كسيدة لديها امتياز، ما الذي تقدمه للأخريات؟ أو هل لا تتجاوز رواياتها الخاصة مزايا توجيه النساء الأخريات في السعي لتحقيق الحرية، وتقرير المصير؟ أما عن أهمية الموضوع، فإن المذكرات تمثل وثيقة اجتماعية وتاريخية، وانعكاسا لتأثير الأفكار الغربية على المجتمع الفارسي، ومثالا على تبسيط وتحديث النثر الفارسي. ذلك أن المذكرات بوصفها وثيقة اجتماعية وتاريخية تتضمن تعليقات تاج السلطنة وانتقادها تصرفات الناس والأحداث الهامة في عهد الأب والأخ على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، فلها العديد من تأملات عن الحياة ودور المواطنات زميلاتها، ويعطينا هذا صورة تفصيلية للمجتمع الفارسي في مطلع القرن العشرين. أما بالنسبة لتأثير الأفكار الغربية على المجتمع الفارسي، فهذه المذكرات توضح الجهود التي بذلها المثقفون الفرس لبناء جسرا بين الثقافات الغربية والفارسية والصعوبات التي تعرضوا لها في محاولة لدمج هذه المجتمعات المختلفة وقيمتها. فضلاً عن ذلك فإن المذكرات تعد مثالاً لتبسيط النثر الفارسي، فلقد كان الأسلوب المنمق الملتوي من مميزات النثر الفارسي حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكان غير مناسب للتعبير عن الأفكار الفلسفية، السياسية والأخلاقية، التي كانت تاج السلطنة مدافعة عنها. فكان استخدامها للغة بسيطة ومباشرة خطوة حاسمة في تطور النثر الفارسي الحديث. لقد وجدت الباحثة صعوبات كبيرة خلال الدراسة تتمثل في ندرة المراجع المتعلقة بموضوع الدراسة فلم تكن هناك دراسات تتناول خاطرات تاج السلطنة؛ لذا فقد اعتمدت الباحثة على قراءة تلك الخاطرات والعكوف على تحليلها واستقرائها والنهل من أفكارها لتقدم دراسة متواضعة للقارئ العربي المهتم بالأدب والتاريخ الفارسي على حد سواء. لذا فقد كان منهج الدراسة الأمثل في هذه الحالة هو المنهج التحليلي الوصفى الذي يعتمد على وصف وتحليل الأحداث وفقًا لرؤية الكاتبة مع استقراء الأحداث الموازية لها للوصول إلى رؤية عامة محايدة لا تنساق خلف أفكار الكاتبة سواء المتفائلة أو المتشائمة، محاولة من الباحثة لتحري الصدق والوصول إلى الحقيقة.