الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص سياسة التجريم والعقاب في أي مجتمع تختلف باختلاف أنظمته السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وفقاً لما تتبناه من معايير في تحديد المصالح الجديرة بالحماية الجنائية، وعلى قدر المساس بهذه المصالح وأهميتها تُقدر العقوبة. وتتنوع العقوبات من جريمة لأخرى حسب قدر الإيلام الذي قرره المشرع في النص التجريمي، ويعد قانون العقوبات من أهم وسائل الدولة لحماية المصالح، وللعقاب في حالة الاعتداء عليها، فإذا كان التجريم هو الصفة غير المشروعة على سلوك ضار أو يهدد بالضرر أو يُنذر بالخطر فإن الجزاء هو المظهر القانوني لرد الفعل الاجتماعي إزاء الجاني، ويتمثل في صورة عقوبة تواجه الجريمة المرتكبة، أو في صورة تدبير احترازي يواجه من تثبت خطورته الإجرامية، ولبناء سياسة جنائية متماسكة وواعية يجب التخفيف من حدة تدخل قانون العقوبات في بعض المجالات. ذلك أن نظام العدالة الجنائية أصبح يعاني أزمة البطء في العقاب، والبطء في العقاب نوع من أنواع الظلم. ويعد قانون العقوبات الليبي من القوانين التقليدية لاحتكاره الحق في العقاب وتشبثه بمفاهيم تعتبر قديمة، والسمة الغالبة عليه هي تدخله في كافة المجالات بل إن بعض الأفعال التي تشكل جرائم في قانون العقوبات الليبي ألغيت في قوانين أخرى وأصبحت مباحة ؛ ألا يوجد أمام مشرعنا لحماية المصالح المختلفة إلا تجريم كل اعتداء على هذه المصالح واعتباره جريمة جنائية يقرر لها جزاء جنائيا، وترك هذه السلطة لجهة أخرى يعد انقاص لسيادته، مما أدى إلى تضخم قانون العقوبات، وأصبح العبء الملقى على عاتقه ثقيلا في حماية ما استجد على المجتمع من متغيرات اجتماعية واقتصادية، وسياسية، وثقافية، بحيث لم يعد قانون العقوبات الوسيلة الوحيدة لتوفير الحماية اللازمة لهذه المصالح. |