الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تناولت هذه الدراسة موضوعا مهما في تاريخ الفلسفة بصفة عامة وتاريخ فلسفة العصور الوسطى بصفة خاصة، ألا وهو الاتجاه الإشراقي عند القديس أوغسطين وأصوله عند فلاسفة اليونان. والحقيقة أن الاتجاه الإشراقي ليس قاصراً على المتصوفة فقط، بل هو ظاهر ومتحقق عند من يسمون بالإشراقيين، الذين وجدوا في أمم كثيرة ، حيث كانت مصر والهند مركزاً كبيراً للحركة الإشراقية منذ القدم؛ فالبراهمة عند الهنود يمثلون طبقة الإشراقيين القادرين على معرفة الغيب عن طريق نور البصيرة، وكذلك الكهنة عند قدماء المصريين ، ولم يكن الأمر قاصرا على مفكري الشرق القديم، ولكنه امتد ليشمل فلاسفة اليونان؛ فكان أفلاطون هو رئيس الإشراقيين إن صح التعبير في العصر الهليني، كما كان هذا الاتجاه واضحا أيضا وبشكل كبير عند أفلوطين في العصر الهلينستي. لكن ما يجذب الانتباه في فلسفته هو حديثه عن نظرية الإشراق الذي أولاها اهتماما كبيرا؛ فقد وضع القديس أوغسطين أسس نظريته الإشراقية في محاورة المعلم؛ والتي أكد فيها أن حقائق الأشياء تكتشف بنور داخلي واتصال مباشر دون وساطة؛ وهذا النور يأتي من الله الذي يتمثل في صورة معلم داخلي مستقر في كل نفس إنسانية؛ فالله هو المعلم الباطني، وهو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان؛ فهو شمس العقول ونور النفوس على حد تعبير القديس أوغسطين وهو قائم ومتحقق في كل نفس إنسانية يعلمها ويكشف لها الحقائق اليقينية. |