![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص دراستنا في جانب من جوانب الدين الذي شغل البشرية قديما وحديثا الا هو جانب الالوهية، وهذا الجانب مستقر في النفس الإنسانية قديما فيها قدم الانسان ملازم له عبر تاريخها، فلم تخلُ أمة من الأمم او شعب من الشعوب الا وكان لجانب الالوهية في عقيدتها النصيب الاوفر. وقد اخترت لهذا الجانب ثلاثة نماذج من الاديان وهما الديانة المصرية والديانة الزرادشتية، والديانة في بلاد ما بين النهرين (الحضارة الرافدية) الدين فطرة فطر الله الناس عليها، فهم منذ فجر التاريخ بإرادتهم وعقولهم يعتقدون في دين ما. اختلفت مظاهر العبادة وأسماء المعبودات لكنهم في النهاية يؤمنون بعقيدة ما حول أصل الخلق ونشأة الوجود وما وراء هذه الظواهر الطبيعية. وهذه الفطرة ليست لا شعورية بقدر ما هي فطرة عاقلة إذ إنّ الإنسان هو الكائن الوحيد المتدين في هذا الوجود ولم يكن ممكنا له أن يكون كذلك إلا عبر عقله الواعي وإرادته الحرة. الدين من أهم العوامل التي لعبت دورا لا يستغنى عنه في تشكيل التجمعات البشرية، إذ أنه لمن العسير جدًّا أن نخوض في مكونات ثقافة الإنسان وهويته دون التطرق لظاهرة الدين، كأخطر قضية عرفها الإنسان قط، بل كظاهرة عالمية لا يحدها مكان ولا زمان، إذ يلخص لنا ذلك الفيلسوف الفرنسي هنري برخسون إننا نجد في الماضي، كما لا زلنا نجد في حاضرنا هذا، مجتمعات إنسانية بدون علوم أو فن أو فلسفات، لكن لم توجد قط مجتمعات بدون دين. والدين يربي الفرد على الإيمان بأنّ الطبيعة الإنسانية مجبولة على حب الخير، والتراحم، والتعاطف، والبذل، والإنفاق، واحترام حقوق الآخرين، ومع إنّ النفس الإنسانية كانت قد أُلهمت التقوى والفجور، كما يؤكد لنا القرآن المجيد، إلّا أن رسالة الدين تهدف دائماً إلى إنشاء ذلك الدافع الأخلاقي الخيّر لدى الفرد، وإلى تحريك تلك الطبيعة المجبولة على حب الخير للجميع. |