Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الهجمــــــــــــات الإلكترونيَّــــــــــــة فــي ضـــوء أحكـــام القانـــون الدَّولـــي الإنسانـــي /
المؤلف
أبوسيـــف، محمـــود حســـين سيـــد.
هيئة الاعداد
باحث / محمـــود حســـين سيـــد أبوسيـــف
مشرف / أحمــــــــــد محمــــــــــــــد رفـعــــــــــــت
مشرف / عـــــــــــادل عبـــــد الله المســـــــــــدي
مشرف / محمــــــــــد صافــــــــــي يوســــــــــف
الموضوع
0
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
420 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
تاريخ الإجازة
20/11/2021
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الحقوق - القانــون الدولـي العــام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 441

from 441

المستخلص

ازدادتِ الهجمات الإلكترونيَّة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة؛ لِما لها من قدرة فائقة على إحداث أضرار وخسائر مادية بالأهداف المرصودة، وتحقيق مكاسب جوهريَّة بأقلّ الخسائر؛ فالهجمات الإلكترونيَّة لها القدرة على إغلاق محطَّات الطاقة النوويَّة، أو أنظمة الدِّفاع الجوي العسكرية أو المدنية، أو تعطيل الشَّبكات الكهربائيَّة، أو التدمير الكلي أو الجزئي للبنية التحتيَّة الحرجة للدَّولة المستهدفة؛ بما قد يُؤدّي إلى خسائرَ مادية هائلة في الأرواح أو إحداث إصابات، أو إحداث تدمير للممتلكات أو المنشآت العسكرية أو المدنية، وكذلك ما أظهرته هذه الهجمات من خطورة وأهمية بالغة في إحداث فارق جوهري في الصراعات الدولية ومن تغيير في المفهوم التقليدي للقوة، فمع زيادة اعتماد المجتمعات الحديثة علي التكنولوجيا وتبني سياسات التحول الرقمي في مختلف القطاعات والمجالات، أصبح القيام بالهجمات الإلكترونية يشكل تهديدا خطيرا للأمن القومي للدول ولسلامتها الإقليمية، وترتيبًا على ذلك أصبحتِ الهجمات الإلكترونيَّة واحدة من أهم المواضيع المطروحة للنقاش والتحليل على الصعيد الدولي.
ولما كان القانون الدولي الإنساني هو ذلك الفرع من فروع القانون الدولي العام الذي يشتمل علي مجموعة القواعد القانونية التي ترمي إلى الحدِّ من آثار النِّزاعات المسلَّحة لدَّوافع إنسانيَّة، بهدف حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال القتاليَّة، أو كفُّوا عن المشاركة فيها، كما أنه يفرض قيودًا على الوسائل والأساليب المستعملة في الحرب، وبذلك فإن استخدام الهجمات الإلكترونية في النزاعات المسحلة الدولية أو غير الدولية يخضع لأحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة وكذلك الأحكام المتعلقة بمشروعية استخدام القوة في العلاقات الدولية علي نحو ما عرضنا من خلال هذه الدراسة.
وقد تناولنا في الفصل التمهيدي من هذه الدراسة ظهور الهجمات الإلكترونية وتعريفها، وما قد ينتج عنها من أضرار واسعة النطاق علي كافة القطاعات، فنجد أنه علي الرغم من أن مسألة أمن المعلومات كانت محل اهتمام للمجتمع الدولي منذ التسعينات فنجد مثلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت سلسلة من القرارات السنوية بداية من عام 1998 إلا أن مصطلح الهجمات الإلكترونية بمفهومه الحالي قد تشكل عقب الهجوم علي دولة استونيا عام 2007، كما عرضنا في هذا المقام لأبرز الهجمات الإلكترونية التي استهدفت العديد من الدول ، كما عرضنا العديد من التعريفات المختلفة لمصطلح الهجمات الإلكترونية وانتهينا إلي تبني التعريف الوارد في ”دليل تالين” بأنها ”عمليَّة إلكترونيَّة سواء كانت هجوميَّة أو دِفاعيَّة، والتي يُتوقَّع أن ينتج عنها بشكل معقول إصابات أو حدوث وفيات للأشخاص أو إلحاق ضرر أو تدمير للمنشآت.”
وفي الباب الأول من هذا البحث تناولنا الطبيعة القانونية للهجمات الإلكترونية من خلال تناول بعض المسائل القانونية المختلفة للهجمات الإلكترونية والتي من أهمها تحديد القانون الواجب التطبيق عليها في ضوء قواعد التفسير الواردة في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 وجهود فريق الخبراء الحكوميين التابع للأمم المتحدة في بحث هذه المسألة، وكذلك إمكانية تطبيق قواعد القانون الدولي العرفي علي الهجمات الإلكترونيةـ كما عرضنا بعض الجهود البحثية والأكاديمية في هذا الصدد والتي من أهمها ”دليل تالين”.
كما تناولنا مسألة خضوع الهجمات الإلكترونية لمبدأ السيادة الإقليمية، فكون الهجمات الإلكترونية تتم عبر الفضاء الإلكتروني وهو مجال افتراضي، فلا يعني ذلك أنها لا تخضع لسلطة الدول بل تظل خاضعة لها أسوة بممارسة الدول ولايتها القضائية علي الجرائم الإلكترونية وإصدار تشريعات خاصة بهذ الشأن، كما أن الهجمات الإلكترونية تتطلب بنية تحتية تتكون من الخوادم والشبكات التي توجد علي إقليم الدول وتخضع لسيطرتها، وترتب علي ذلك التزام الدول باحترام سيادة الدول الأخري، وعدم السماح بمرور مثل هذه الهجمات عبر اقليمها.
كما يمكن أن تنشأ المسئولية الدولية عن الهجمات الإلكترونية التي قد تشكل ”فعلا غير مشروع دوليا” علي النحو الوارد بمشروع لجنة القانون الدولي المتعلق بمسئولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا لعام 2001، والذي يتطلب لقيام المسئولية الدولية توافر شروط معينة أهمها أن يشكل هذا الفعل خرقا أو انتهاكا لالتزام دولي، وأن ينسب هذا الفعل إلي الدولة، ووفقا لمعايير الإسناد الواردة في هذا المشروع أو التي أوردتها المحاكم الدولية في القضايا المختلفة والتي من أهمها معيار السيطرة الكلية ومعيار السيطرة الفعلية.
كما أن الهجمات الإلكترونية قد تشكل انتهاكا ”لحظر استخدام أو التهديد باستعمال القوة” الوارد في المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة عندما ينتج عنها إحداث وفيات أو إصابات للأشخاص أو تدمير أو إتلاف للمنشآت أو المؤسَّسات هي فقط التي تُشكِّل انتهاكًا للحظر الوارد في المادة (2/4) من الميثاق، ويشمل ذلك ـــ أيضًا ــــ الهجمات الإلكترونيَّة التي تؤدِّي إلى تعطيل جسيم في عمل البِنى التحتيَّة الحرجة للدول.
كما تناولنا الحق في الدفاع الشرعي ضد الهجمات الإلكترونية في ضوء المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وانتهينا إلي إمكانية نشأة الحق في الدفاع الشرعي ضد الهجمات الإلكترونية بتوافر شروط محددة أهمها أن يكون القائم بالهجوم دولة أو جماعات ينسب سلوكها إلي دولة، وأن يشكل الفعل استعمالا للقوة المسلحة حتي تصل إلي حد الاعتداء المسلح علي النحو الوارد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974.
وتطرقنا في الباب الثاني من هذه الدراسة إلي الهجمات الإلكترونية التي تحدث في النزاعات المسلحة باعتبارها الإطار الزمني لتطبيق قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني، فتناولنا بحث إمكانية تطبيق قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني، والذي يشمل العديد من الاتفاقيات التي تنظم سلوك الأطراف المتحاربة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية والتي من أهمها اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، بالإضافة إلى أحكام القانون الدولي العرفي، علي الهجمات الإلكترونية التي قد تشكل في حد ذاتها أو تلك التي تحدث في إطار النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، كما تخضع الهجمات الإلكترونية للقواعد الخاصة بالاحتلال الجزئي أو الكلي وكذلك القواعد الخاصة بقانون الحياد.
وعرضنا أخيرا لتطبيق قانون سير العمليات العدائية علي الهجمات الإلكترونية التي تشكل في حد ذاتها أو تلك التي تحدث في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، وينتج عن ذلك خضوع الهجمات الإلكترونية لمبدأ التمييز، ويشمل ذلك أيضا حظر الهجمات العشوائية أو استخدام الأسلحة العشوائية، كما يطبق أيضا في هذا الصدد مبدأ التناسب الذي يقتضي الموازنة بين ما قد تحققه الهجمات الإلكترونية من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة وما قد ينتج عنها من خسارة في أرواح المدنيين أو إصابتهم أو الإضرار بالأعيان المدنية بشكل مفرط.
وتوصلنا من خلال هذا البحث إلي العديد من النتائج أهمها، إمكانية اعتبار الهجوم الإلكتروني من قِبل دولة ضدَّ دولة أُخرى استخدامًا للقوَّة؛ وبالتالي فهو محظورٌ بموجب المادَّة (2/4) من ميثاق الأُمم المتَّحدة التي تحظر استخدام القوة في العلاقات الدوليَّة. كما يجوز ممارسة الحق في الدِّفاع الشرعي بموجب المادَّة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدَّولي العُرفي ضدَّ هجوم إلكتروني من قِبل دولة أو جماعة مسلَّحة ينسب سلوكها إلي دولة عندما يصل إلى مستوى الاعتداء المُسلَّح، أما إذا لم يصل الهجوم إلى مستوى الاعتداء المسلَّح يكون للدولة المعتدَى عليها الحقُّ في اتخاذ إجراءات الردِّ بالمثل، أو القيام بتدابير مضادَّة غير قسريَّة أو اللُّجوء إلى مجلس الأمن، وكذلك تطبيق قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني على الهجمات الإلكترونيَّة عندما تشكل في حد ذاتها أو تحدث في سياق نزاع مُسلَّح دولي أو غير دولي، وتصل إلى مستوى الأعمال العدائيَّة، أو عندما ترقى في حدِّ ذاتها لتصلَ إلى مستوى النِّزاع المُسلَّح الدَّولي أو غير الدَّولي، وكذلك تطبيق القواعد الخاصة بالاحتلال والحياد متي توافرت شروطها. كما يجب على الأطراف المتحاربة في النزاعات المسلحة الدوليَّة وغير الدوليَّة احترام مبدأ التمييز والتناسب، وكذلك واجب اتخاذ الاحتياطات اللَّازمة لحماية المدنيين والأعيان المدنية عند القيام بالهجمات الإلكترونية، كما يجب ألَّا تكون الهجمات الإلكترونية عشوائيَّة ـــ وعلى وجه الخصوص ـــ يجب ألَّا يُتوقَّع أن ينتج عنها أضرار عرضيَّة مفرطة بالمدنيين أو الممتلكات المدنيَّة مقارنة بالميزة العسكريَّة الملموسة والمباشرة المتوقَّعة.
وانتهينا في هذه الدراسة إلي مجموعة من التوصيات أهمها الحاجة إلي تشريع خاص سواء في صورة اتفاقية أو بروتوكول يهدف إلي تنظيم الهجمات الإلكترونية مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة التقنية الخاصة لهذه الهجمات، وكذلك ضرورة أن تُنشِئ الأمم المتحدة جهازًا خاصًّا بمسائل الهجمات الإلكترونية التي تحدث في إطار العلاقات الدوليَّة، ويمكن أن يتمَّ ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الدولي للاتصالات باعتباره وكالة الأمم المتحدة المتخصِّصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يجب أن يتمَّ توفير الهيكل الأساسي لوضع تدابير وطنيَّة ودوليَّة فعَّالة لمكافحة العمليَّات السيبرانيَّة بشكل عام، يشمل ذلك الهجمات الإلكترونيَّة والجرائم السيبرانيَّة وإساءة استخدام الإنترنت، وأن تُشكّل أساسًا مرجعيًّا لأي اتفاق دولي مستقبلي بشأن قضايا الأمن السيبراني، وكذلك مرجعية للدول يجب مراعاتها عند سنِّ قوانينها الداخلية، كما يجب أن يتمَّ تطوير ومراجعة اتفاقيات وقواعد القانون الدَّولي الإنساني الحالية التي تحكم النِّزاعات المسلَّحة الدَّوليَّة وغير الدَّوليَّة بما يناسب الطبيعة الخاصَّة لهذه الهجمات؛ فعلى الرغم من أنه يمكن استخدام القواعد الحالية لتنظم هذه الهجمات، إلا أنه يبقى هناك حاجة إلى سدِّ الثَّغرات التي تنبُع من الطبيعة التقنيَّة الخاصَّة لهذه الهجمات.