![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لم يبعد مصطلح العارض في تعريفه الاصطلاحي عن معناه اللغوي؛ إذ قد ورد عند متقدمي النحاة مرادفًا لمصطلح ”العدول” تارة، ولمصطلح ”الترك” أخرى، وربما لمصطلح ”التحول” أيضًا؛ من ذلك ما قاله نسيجُ وحدِه سيبويه(ت ۱۸۰ هـ): ”هذا باب ما يكون في اللفظ من الأعراض: اعلم أنّهم مما يَحذفون الكلم وإنْ كان أصلُه في الكلام غير ذلك، ويحذفون ويعوِّضون، ويَستغنون بالشيء عن الشيء الذي أصله في كلامهم أن يستعمل حتَّى يصير ساقطاً هذا، وقد تنوعت عبارات ابن جني(ت 392هـ) في تناوله هذه الظاهرةَ، فقال مرة: ”باب: في العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه؛ لضرب من الاستخفاف، وقال أخرى: ”باب في نقض المراتب إذا عَرَض هناك عارض، وقال في موضع آخر: ”باب في إقرار الألفاظ على أوضاعها الأُوَل، ما لم يدعُ داع إلى الترك والتحول. أما عبدالقاهر الجرجاني (ت: 471هـ) فقد تكلم عن العوارض، من حيث ما تحدثه في الجملة، فجاء كلامه على التمام غاية في حسن البيان؛ إذ قال: ” فإذا رأيتها قد راقتك وكثرت عندك، ووجدت لها اهتزازا في نفسك، فعد فانظر في السبب واستقص في النظر، فإنك تعلم ضرورة أن ليس إلا أنه قدم وأخر، وعرف ونكر، وحذف وأضمر، وأعاد وكرر، وتوخى على الجملة وجها من الوجوه التي يقتضيها علم النحو. كما ورد عند المحْدثين، فقد تحدث الدكتور تمام حسان عن هذه العوارض فقال: ”هي الأمور التي تعرض للتركيب الأصل للجملة؛ ليخرج عن المألوف، فالخروج عن أصل الحرف أو أصل الكلمة أو أصل الجملة، بالحذف أو الزيادة أو بالإضمار، يعد من عوارض التركيب. وللدكتور محمد حماسة في كتابة (بناء الجملة العربية) فصل سماه (عوارض بناء الجملة) تحدث فيه عن هذه العوارض. وبالجملة، فالذي يظهر للباحثة – والله أعلم - أن العارض هو : ما يعرض للجملة، فيُخرجها عن تركيبها الثابت، بما يضفي على الجملة مزيد حسن وبيان، إن أُحسن استخدام العوارض تقديمًا وتأخيرًا، وتعريفًا وتنكيرًا، وحذفًا وإضمارًا.. والله تعالى أعلم. |