الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على معاهدات النبى -- وفق رؤية متكاملة، وفهم تام للمسائل الفقهية التى اشتملت عليها، فقد تَضَمَّنَتْ هَذِهِ المُعَاهَدَاتُ فِقْهَ إِبْرامِ المُعَاهَدَاتِ بَدْءًا مِنْ المُفاوَضاتِ وَمُرُورًا بِكِتَابَةِ بُنودِ المُعاهَدَة، ثُمَّ تَوْقيعِها وَاَلْإِشْهادِ عَلَيْهَا وَتَوْثيقِها، وَأْخِيرَا تَنْفيذُها، كما تضمنت أركان المعاهدة وشروطها، واشتملت – ايضا- على بعض حُقوقِ النَّبيِّ -- عَلَى أُمَّتِهِ، والْمُتَمَثِّلَةَ فِي طاعَتِهِ -- وَنُصْرَتِهِ، والِاحْتِكامِ إِلَى سُنَّتِهِ وَالْبَيْعَةِ، كما تضمنت حقوق الإمام الأعظم والمتمثلة فى طاعته ونصرته والنصح إليه، وواجباته والمتمثلة فى حراسة الدين وحفظه وسياسة الدنيا بالدين ورعاية مصالح الأمة والمحافظة على الآداب العامة،وتَضَمَّنَتْ أيضا على بَعْض أَحْكَامِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أهْلِ الذِّمَّةِ، فَبَيَّنَتْ حُقوقَهم وَوَاجِبَاتِهِم، كَمَا بَيَّنَتْ حُقوق المستأمنين وَالرُّسُلِ وَالسُّفَرَاءِ وَوَاجِبَاتِهِمْ، وأخيرا اشتملت على بَعْضَ مَسَائِلِ الْحُدُودِ وَالْجِنَايَات وَالدّيَةِ وَالْعَاقِلَة. بينت الدراسةُ الحكمَ الشرعى لهذه المسائل من خلال الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، كما بينت الدراسةُ أهميةَ السياسة الشرعية فى تحقيق مصالح الدولة الإسلامية ورعاياها من المسلمين وغيرهم، وبينت وجهَ السياسة الشرعية فى جميع المسائل لِأَنّ رَبْطَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِالسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ يُظْهِرُ مُرُونَة الشَّرِيعَة وقَابِليّتَها لِاسْتِيعَاب الْمُسْتَجَدَّات وَالنَّوَازِل. أثمرت هذه الدراسة عن جملة من النتائج تتمثل فى أن ؛ المُعاهدات النَّبَوِيَّة غَنِيَّة بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي معظم أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَتُعَدّ دِرَاسَتُهَا جُزْءًا مِنْ دِرَاسَةِ السُّنَّة وَالسِّيرةِ النَّبويَّةِ، وَهِي بِحَقٍّ مِنْ مَفَاخِرِ التُراث الْإِسْلَامِيّ، كما أن هذه المسائل مُتَجَدِّدَةٌ بطبِيعَتِها وَصَالِحَة لِلتَّطْبِيق، كما أنها تَمَسّ الْوَاقِع الْمَعَاصِر وتعالجُ قَضَايَاه، وَتَقَدّم حُلُولًا لِمَشَاكَلِه، وَحُكْمًا شَرْعِيًّا لنَوازِلِه ومستَجدّاتِه. وتعد المعاهدات النبوية هى الأساس الذى تبنى عليه النّظريّة الْعَامَّة للمُعاهَداتِ فِي الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيّ، وتَستطيعُ الدُّوَلُ الإسْلاَمِيَّةُ بِمُوجَب المُعاهَداتِ مَعَ الدُّوَلِ غَيْر الْإِسْلَامِيَّة، أَنْ تستَعيدَ مَكانَتَها ورِيادَتَها، وَأنْ تَقُومَ بدوْرِها المنُوطِ بِهَا فِي نَشْرِ الدَّعْوَة الْإِسْلَامِيَّة، وَإِظْهَارِ مَحَاسِنِ هَذَا الدِّينِ، وَإِبْرَازِ الْمَشْرُوع الْإِسْلَامِيّ الحَضَارِيّ بِصِيغَةٍ تَلْتَقِي وَلُغَة الْعَصْر، كما أنه يجب َعَلَى الْمُسْلِمِينَ بَذْل مَا فِي الْوُسْعِ مِنْ أَجْلِ الدِّفَاعِ عَنْ سيدنا رسول الله--، وَالرَّدُّ عَلَى المناوئين لَه، وَذَلِك بِالْوَسَائِل الْمُمْكِنَة وَالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، مَعَ اتِّخَاذِ الإجْرَاءاتِ المناسبة ضِدّ الْمُسِيئِين لَه، وأظهرت الدراسة أن الذّمِيّ من مواطن الدولة الإسلامية وَهُوَ فِي الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَات كَالْمُسْلِم، ومن النتائج ايضا ضرورةُ الِالْتِزَام بِالْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْجَرَائِم؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ تَحَقَّقُ أَهْدَافَ الْعُقُوبَةِ مِنْ الرَّدْعِ وَالزَّجْر واقتِلاعِ الجَرِيمَةِ مِنْ أَوْسَاطِ الْمُجْتَمَع. |