الفهرس 
التمهيديوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 183 |  |  |
| | | from | 183 | | |
المستخلص
” الحمد لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا” وصلاةً وسلامًا على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. ثم بعد.
فإن القرن العشرين شهد تحولات في طرائق نظم النصوص، ومعالجة الظواهر اللغوية ويرجع ذلك إلى اختلاف منهجية النحو التقليدي أو ما يسمى بـ ” نحو الجملة ” عن نحو النص في وصف الظواهر اللغوية التي تتجاوز حدود الجملة؛ حيث إن نحو النص ومعاييره يتخذ من النص وحدة لغوية له؛ لدراسة الظاهرة اللغوية ولوصف الكفاية التأويلية التي تسمح بكشف بنية النص السطحية والعميقة, بالإضافة إلى إدخال العناصر الدلالية والتداولية إلى الوصف والتحليل. ولايعني هذا انفصالًا عن نحو الجملة بل هذا يعني حدوث تطور أو طفرة للنحو التقليدي, ويعد فان دايك المؤسس الحقيقي لنحو النص, فقد وضع تصورًا كاملًا له منذ بداية 1972م, ثم جاء بعده دريسلر و روبرت دي بوجراند واضعًا معاييره السبعة النصية: السَّبْك Cohesion والحَبْك Coherence والقَصْدِيةIntentionality والمَقَامية Situationality والإعلامية Informativity والمَقْبُولية Acceptability والتَّناص Intertextuality للحكم على تماسك النص وانسجامه. بينما ابن جني يعد همزة الوصل بين التراث اللغوي وعلم اللغة الحديث، وقد عالج النص القرآني من خلال القراءات الشاذة برؤية شمولية لمستويات اللغة الصوتية والصرفية والتركيبية والدلالية والتداولية في كتابه المحتسب؛ مما جعل هذه الرؤية تقترب من رؤية علماء اللغة المحدثين. فالمحتسب عبارة عن عقد موازنات بين القراءات القرآنية المتواترة والقراءات القرآنية الشاذة، وذلك من خلال كلام العرب وعرفهم اللغوي ولهجاتهم؛ ولذلك جعلت موضوع البحث بعنوان: ” المعايير النصية في كتاب المحتسب لابن جني”. وقد جاء البحث في مقدمة وتمهيد وفصلين. حاولت من خلال التمهيد أن أعرض فيه لحياة ابن جني وآثاره ومفهومه للقراءات الشاذة، ومفهومه للنص، ومفهوم غيره أيضًا، ثم قدمت للمعايير النصية عند دي بوجراند وكذا غيره، وأخيرًا عرضت لوسائل تماسك النص. وجاء الفصل الأول لمعالجة ” العناصر اللغوية للتماسك النصي في كتاب المحتسب ” وكان من ثلاثة مباحث، الأول : تناولت فيه الحذف ( الاسمي والفعلي والجملي ). بينما المبحث الثاني: فكان للروابط اللفظية ( الرابط الضميري والرابط الإشاري والرابط الموصولي والرابط الحرفي ). بينما المبحث الأخير فكان للروابط المعنوية العلائقية، وتناولت فيه (علاقة السبب بالمسبب وعلاقة السؤال بالجواب وعلاقة التفسير والعلاقة الاستبدالية لحروف الجر). وجاء الفصل الثاني : ”عناصر تماسك النص غير اللغوية في المحتسب ”من ثلاثة مباحث، الأول تناولت فيه عناصر المقامية متمثلة في رعاية كل من : ( المتكلِّم والمُخَاطَب وخبرة العَالَم والعُرْف ). والمبحث الثاني تناولت فيه القصدية على ثلاثة مستويات للغة: الأول: هو المستوى التركيبي في كل من (الحَمْل على المعنى والحَمْل على كثرة الاستعمال). المستوى الثاني: هو المستوى الدلالي في كل من ( الاسم والفعل ). الثالث : هو المستوى الصرفي في كل من ( الحركة، الحرف، الصيغة ). وكان المبحث الثالث والأخير ” المقبولية ” كما يرتضيها ابن جني، وجاءت على المستوى الصرفي على شريطة كل من: (الاستعمال والعُرْف والقياس). والمستوى التركيبي كانت على شريطة كل من (الاستعمال/السَّمَاع والتداولية ). وكان قبل كل مبحث تمهيد يسير تناولت فيه مصطلح هذا المبحث وما بعده أمثلة له، وليست هذه الأمثلة حصرًا لمواضع الشاهد لهذا المبحث في المحتسب.
أسباب اختيار الموضوع:
ولهذا الموضوع أسباب دفعتني إلى اختياره، أهمها فيما يأتي:
اعتناء ابن جني الشديد بالجانب التطبيقي.
ارتباط ابن جني بالنص القرآني ارتباطًا وثيقًا من خلال معالجته للقراءات الشاذة.
كثرة شروحه للنصوص اللغوية.
تجنب ابن جني ” المعيارية المطلقة ”؛ فتحليلاته للكلام/النص, ترتكز على نظرته الشمولية للغة؛ فاللغة عنده, وما يحيط بها من الخارج كل لا يتجزأ, يشد بعضه بعضًا؛ ولذلك يقل عنده تخطئة الظاهرة اللغوية.
كون كتاب المحتسب يتناول نص القرآن الكريم الذي هو بدوره النص الأول الذي نشأت منه وإليه علوم العربية المختلفة.
وكون المحتسب يعالج القراءات الشاذة التي بدورها تعد مصدرًا مهمًا لوصف الظاهرة اللغوية في مستوياتها المختلفة.
أهمية البحث:
وتأتي أهمية هذا البحث في إعادة النظر في كتاب المحتسب لابن جني عالم العربية الأكبر الذي لم يحظ كتابه بعناية الدارسين في تلك النقطة التي يعالجها هذا البحث؛ فقد ركزت الدراسات السابقة لهذا الكتاب على التوجيه النحوي له أو الاحتجاج به أو التركيز على الجوانب الصرفية والصوتية ومن ثم فإن الدراسات السابقة للمحتسب لم تتطرق إلى رصد ودراسة المعايير النصية عند ابن جني في هذا الكتاب وهذا ما سوف يقوم به هذا البحث.
أهداف البحث:
تهدف هذه الدراسة إلى فهم ما اصطلح على تسميته بالتماسك النصي وذلك عند ابن جني في كتابه المحتسب ورصد المعايير النصية و وسائلها وتحليل عناصرها فيه والكشف عن فوائدها وكيف يؤدي كل هذا إلى تماسك النص وترابطه في القراءات الشاذة.
المنهج المتبع في البحث:
وصفي تحليلي، يعتمد نظريات نحو النص المتمثلة في المعايير النصية بشقيها: اللغوي وغير اللغوي التي تعد نظريات هجين من علوم متعددة - نفسية واجتماعية وأنثروبولوجية وغيرها- يعتمدها البحث في تناوله لموازنات ابن جني بين القراءات السبع والقراءات الشاذة. ومما يميز هذه النظرية-وعلم اللغة الحديث عامة- أنها خرجت بالنصوص من دائرة المعيارية والتعليمية التي كانت تحكم معظم الدراسات اللغوية التراثية؛ فأصبحت نظريات علم اللغة الحديث تدرس ما هو كائن ومتحقق وتصفه وتحلله دون الاحتكام إلى قاعدة حاكمة سابقة على وجود النص.
صعوبات البحث :
كأي بحث لا يخلو من بعض الصعوبات ومن تلك الصعوبات التي واجهتني في إنجاز هذا البحث :
اختلاف ترجمة مصطلحات علم اللغة النصي؛ باختلاف المترجمين لها ولحل هذه المشكلة لجأ الباحث إلى اختيار المصطلح الأكثر استعمالًا.
تعدد أقوال الباحثين حول وسائل التماسك النصي واختلافها من باحث لآخر؛ نتيجة اختلافهم في كيفية تحليلاتهم للنصوص, ورأى الباحث أنه من الممكن التغلب على هذه المشكلة من خلال البحث المتعمق لهذه الوسائل ؛ حتى يُحسم أمرها.
الدراسات السابقة:
أ- الرسائل الجامعية:
1- ” التوجيه النحوي للقراءات القرآنية الشاذة في كتاب المحتسب لابن جني” رسالة دكتوراه، إشراف أ.د/ عبد الكاظم محسن الياسري، كلية الآداب، جامعة الكوفة، قسم اللغة العربية ، العراق 2009م للباحث غانم كامل سعود الحسناوي.
2- ” الاحتجاج للقراءات الشاذة بين ابن جني والعكبري دراسة نحوية موازية ” رسالة ماجستير، كلية دار العلوم جامعة القاهرة، مصر 2015م ، للباحث خالد محمد أحمد
3- ” التخريج النحوي والصرفي للقراءات القرآنية الشاذة في المحتسب” رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة عين شمس، مصر- 2014 للباحث/ أحمد الملوري
ب: الأبحاث العلمية :
1. ” الصوتيات عند ابن جني” للباحث بدرالدين قاسم الرفاعي نشر في العدد الخامس عشر في مجلة التراث العربي عام 1984م، وهو منشور في موقع المجلة على الشبكة العنكبوتية.
2. ” التداولية عند ابن جني دراسة تطبيقية في كتاب الخصائص” للباحث إبراهيم الفقي نشر بمجلة ”الدراسات الشرقية- جمعية خريجي أقسام اللغات الشرقية بالجامعات المصرية”, العدد 39, عام 2007 م
3. ” ثلاثة من نحاة النص القدماء ابن جني وعبدالقاهر والزمخشري” للباحث/ عبدالسلام حامد، نشر بمجلة كلية الآداب، جامعة حلوان عدد 32 شهر يوليو 2013م
4. ” المعايير النصية في كتاب الخصائص لابن جني” للباحثة/ فوزية عبدالله خريشا بحث منشور على الشبكة العنكبوتية.
وغير ذلك من الرسائل العلمية والأبحاث التي لم تتطرق إلى موضوع البحث.
المراجع والأبحاث :
من تلك المراجع التي اعتمد عليها الباحث : ”النص والخطاب والإجراء” لدي بوجراند و”مدخل إلى علم لغة النص” لدي بوجراند ودريسلر و”النص والسياق” و”علم النص، مدخل متداخل الاختصاصات” لفان دايك و” تحليل الخطاب” ليول و براون و” التحليل اللغوي للنص” لكلاوس برينكر، وغيرها من المراجع المترجمة. ومن المراجع العربية المهمة ”علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات” و”دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة” و”اتجاهات لغوية معاصرة في تحليل النص” لــ د/ سعيد بحيري و”بلاغة الخطاب” لــ د/صلاح فضل و”علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق” لـ د/صبحي إبراهيم الفقي و”البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية” لــ د/ جميل عبدالمجيد و” المعاييرالنصية في كتاب الخصائص لابن جني” لـــ د/ فوزية خريشا. وغيرها من المراجع والأبحاث التي استعنت بها في انجاز هذا البحث.