Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
قضية الهيمنة في الفكر التربوي عند بيير بورديو:
المؤلف
عـــزيــــز، ســانـــدرا وحـــيــد
هيئة الاعداد
باحث / ساندرا وحيد عزيز باسيلي
مشرف / عادل محمد عبد الحليم السكري
مشرف / أحمد عاشور عمري
مناقش / مصطفي حسن محمد النشار
مناقش / . إيهاب السيد إمام
تاريخ النشر
2022
عدد الصفحات
ا-ح، 157ص:
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
أصول التربية
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية التربية - قسم اصول التربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 179

from 179

المستخلص

المجتمع البشري عبارة عن منظومة معقدة غير متوازنة تتغير وتتطور باستمرار، فنلاحظ انتهاء عصر الكيانات الكبيرة والمتماسكة سواء علي مستوي الواقع المادي ، أو علي المستوي المعنوي والنظريات، ويوجد اتفاق على أننا نعيش في عصر التفكيك ، و تفتيت الوحدات المتماسكة علي مختلف المستويات . وتعد السيطرة أو الهيمنة إحدى أسباب هذا التفكيك وعلي هذا السياق فإن الهيمنة من أهم قضايا العصر .
وتنقسم الهيمنة إلي نوعان ( خارجي ، ذاتي ) :
‌أ) النوع الخارجي : يبرز في خطط الاستعمار الإستراتيجية طويلة المدي .
‌ب) النوع الذاتي : نوع خفي تمثله النظم المعرفية في الثقافة العربية ، و آليات تتحكم في العقل العربي بشكل لا شعوري ، و ذلك يعد أخطر أشكال التسلط و الهيمنة ، بل أيضاً أشد خطورة من هيمنة الاستعمار .
وقد تم اختيار بير بورديو في هذه الدراسة ؛ لأن كتاباته يغلب عليها إحساسه بمشكلة السيطرة و الهيمنة ،كما أكد ”بورديو”على أن المدرسة فضاء لترسيخ الهيمنة واللامساواة الناتجة عن وجود طبقة مسيطرة ، وطبقة مسيطر عليها حيث يساعد النظام التربوي في نقل هذه السيطرة من جيل إلى آخر.
ومن أشهر الموضوعات التي تحدث عنها بورديو هيمنة الدولة ، و الدولة باعتبارها جهاز قمع و هيمنة و احتكارها للأدوات المساعدة و قوانين الصراع بين الفئات الاجتماعية ، ومن خلال كل ما تم ذكره ، و ما اطلعنا عليه في كتابات بورديو نستنتج أن :
تطبيق الهيمنة عند بير بورديو كان عبارة عن رأسمال اقتصادي بجانب رأسمال رمزي ، بالإضافة إلي شرعنة هذا الأسلوب أو القضية عن طريق بعض الأساليب التي تستمد منها الدولة شرعنتها للهيمنة .
فالهيمنة بالنسبة لبورديو هي المفعول المباشر لمجموعة معقدة من الأفعال التي تولد في شبكة الإكراهات المتقاطعة التي يتحملها المهيمنون الذين تهيمن عليهم بنية الحقل والتي تمارسها الهيمنة بواسطتها ، فالهيمنة بذلك المعني نتيجة لا واعية و غير مقصودة وغير مخطط لها لبينة المجتمع القائم علي التميز و التفاوت والذي يعتبر المبدأ الأساسي لتنظيم المجتمع .
وفي هذا الصدد، يرى ”بيير بورديو” أن : المؤسسات التربوية لها دور كبير في ترسيخ الهيمنة الثقافية ، وما ينتج عنها من آثار سلبية كاغتراب الشباب وجمود الفكر وانعدام الهوية وسحق الفئات المغلوبة على أمرها.
وفى العقد الأخير من حياته حدد بيير استفساراته في علم الاجتماع والسلع الرمزية (الدين والأدب و الرسم ...) ، وتناول موضوعات جديدة مثل : المعاناة الاجتماعية ، و الهيمنة الذكورية، والظهور التاريخي المعاصر، وأداء الدولة البيروقراطية ، والأسس الاجتماعية ، والبناء السياسي للدولة ، والصحافة والتليفزيون وغيرها من الوسائل لإنشاء سياسة اجتماعية أوربية.
حيث نلاحظ اهتمامه بتحليل آثار العولمة للنيوليبرالية علي الثقافة و السياسة و المجتمع ،
والتي وحدها يمكنها الكشف عن مواجهة إستراتيجيات جديدة تماماً من الهيمنة.
واستخدم بورديو فلسفة العلاقات في تحليل العالم الاجتماعي ، ويقول بورديو في البداية أن فلسفة العلوم كانت تعطي الأولوية للعلاقات ، وهي فلسفة كل العلوم الحديثة، وعلي الرغم من اختلاف الكثيرين ؛ و ذلك لندرة تطبيق هذه الفلسفة في العلوم الاجتماعية
فالواقع الاجتماعي بالنسبة له علاقات بين العناصر ، وليست العناصر، و الحقل ميدان للنضال من خلال الوكلاء ، و تسعى المؤسسات للحفاظ على التوزيع الحالي لرأس المال ، فهي ساحة لا نهاية لها علي النزاع ، فالحقول هي المجال التي تفرضه تحديداته المحددة علي جميع أولئك الذين يدخلون هذا المجال ، فمن يرد النجاح كعالم فليس لديه خيار سوى الحصول على رأس المال العلمي؛ باعتباره الحد الأدنى المطلوب و الالتزام بالأعراف و اللوائح التي فرضها الوسط العلمي في ذلك الوقت ، وقد وضح بورديو أيضاً أن الحقل هو نتاج أساس المصالح و الرهانات التي يشاركها أعضاء المجتمع ضمنياً ؛ إذن المجال هو المساحة التحليلية التي يحددها الاعتماد المتبادل بين الكيانات التي تشكل بنية من المواقف التي من بينها علاقات المغفلين ، وإن استقلال المجال من القيود الاجتماعية و السياسية والاقتصادية يولد مجموعة من النخب المسئولة عن التفسير الشرعي للممارسات و التمثيلات في مجالات محددة .
إن المجال الاجتماعي ينقسم دوماً إلي مناطق مهيمنة وأخرى مهيمن عليها ؛ ويعني ذلك أيضا أن المجال الاجتماعي يمثل مجالاً للهيمنة و مجالاً لمقاومة الهيمنة في آن واحد ، واهتم بورديو بحقل القوة ، و حقل الصراع فضلاً عن إبراز المكانة المركزية التي يشغلها مفهوم رأس المال ، ووصف بورديو ( حقل القوة ) بمجال السلطة الموزعة بطريقة متفاوتة ، فلكل فرد ثقل معين ( رأس المال ) في اللعبة الاجتماعية ؛ يستعمله لتحسين موقعه أو الحفاظ عليه ، كما يستعمل بورديو الصورة الحربية ( حقل الصراع ) ؛ لتوضيح أن الفاعلين يتصارعون من أجل الحصول علي مكان تحت الشمس .
ويهدف بورديو إلي فهم لماذا يتقبل المهيمن عليهم الهيمنة التي يخضعون لها مانحين للإيديولوجية و العنف الرمزي دوراً مهماً في إدامة الهيمنة.
هناك اختلاف بين مفهوم ”الجهاز” ومفهوم ”الحقل” ، فالجهاز هو آلة هيمنة مبرمجة لتحقيق غايات معينة ، ونجد أن ( النظام المدرسي والدولة والكنيسة والأحزاب ) ليست أجهزة بل حقول. ومع ذلك، يمكن لها أن تعمل كأجهزة في ظروف معينة ، وداخل الحقل يوجد وكلاء و مؤسسات في صراع مع قوى مختلفة وفقا لقواعد تأسيسية لفضاء اللعبة ، هذا للحصول علي منافع معينة ويتصارع عليها داخل هذا المضمار ، فأولئك الذين يهيمنون علي الحقل يملكون الوسائل التي تمكنهم من جعلها تعمل لصالحهم ، لكن ينبغي لهم أن يأخذوا بعين الاعتبار ردود أفعال المهيمن عليهم ، و يصبح حقل ما جهازاً حينما يمتلك المهيمنون الوسائل لإلغاء المقاومة و ردود أفعال المهيمن عليهم.
وشارك بورديو في أربعة تحولات اجتماعية محددة شكلت كل منهما نظريته ومنهجه التجريبي :
• الطريقة التي أنتجت بها سلطة الدولة و توسعها ، و إزاحة أساليب الحياة التقليدية وخاصة حياة الفلاحين ، و استكشف بورديو كيف عملت الممارسات ، والأنظمة الثقافية الراسخة في المجتمعات بطيئة التغير التي لا تمارس فيها أي دولة أو اقتصاد ثابتاً أو التأثير المتباين.
• خلق ما دعا المنظرون الاجتماعيون الآخرون أن المجتمع من قبل التفريق بين قوة الدولة والسوق وبشكل أعم صنع الحقول ؛ حيث رأي بورديو أن كل مجال يعتبر استقلال نسبي ملحوظ عن الآخرين من خلال التسلسل الهرمي المميز ، والقيم ، و النضالات ، و أسلوب العمل الارتجاعي، وأشكال رأس المال ، وحلل و أنشأ ، و هيكل مجموعة واسعة من المجالات من القانون و الدين إلي الفن و الأدب بشكل مركزي في القرن التاسع عشر و الجزء الأول من القرن العشرين .
• مشروع التوسع الاقتصادي و الرعاية الاجتماعية العظيمة في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ومن آليات الهيمنة عند بورديو :
1 ) هيمنة الدولة. 2 ) هيمنة وسائل الإعلام و الاتصالات .
3 ) هيمنة الصحافة . 4 ) هيمنة الخطاب الديني والعلمي .
5 ) هيمنة اللغة 6 ) هيمنة التقاليد والأعراف.
7 ) الهيمنة الثقافية. 8 ) الهيمنة الذكورية .
9 ) هيمنة الأسرة
أما عن إسهامات بورديو في العملية التعليمية نجد أن :
بورديو فحص نظام المدارس وفهم أنواع المعرفة و التعليم المختلفة ، ونشر الوعي ، و توضيح كيف يعمل نظام المدرسة ، و ما هي النخبة المتميزة ، و كيفية إنتاجها ، وإعادة إنتاجها أيضا من خلال نظرية الممارسة؛ لإدامة النجاحات غير المتكافئة ، فأشار بورديو نحو التعليم المدرسي المجاني ، واللعبة السياسية ، و كيف كانت التوقعات بأن التعليم يجب أن يكون متوفراً للجميع ، ولكن إن نظرنا في نهاية هذه اللعبة نجد مجانية تعليم للجميع ، و لكن اختلاف التحصيل ، و المنتج النهائي بين الأطفال وبالتالي الإنتاج غير المتكافئ.
فكان هدف بورديو هو تقديم تفسير عام لعدم المساواة الاجتماعية ولم يكتفِ بذلك فقط ، بل أثبت من خلال العمل التجريبي علي و في النظام التعليمي أن المعلمين مسئولون عن ذلك ، وأن المشكلة لم تكن تكمن في كادر التعليم في حد ذاته ، وإنما في المعلمين المنافقين مزدوجي المبادئ ، وقد وضح بورديو الروابط الخفية بين الاستعداد الدراسي، و التراث الثقافي ، ففي المقام الأول يتم استدعاء الأنظمة التعليمية من قبل الطبقات المهيمنة ؛ لإعادة الإنتاج ، وإنتاج عوامل قادرة علي معالجة الثقافة الشرعية بطريقة مشروعة ، و نلاحظ أن ثقافة المجموعة المهيمنة هي المجموعة التي تسيطر علي الموارد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتجسد في المدارس ، أو بمعني آخر تضمن المؤسسات التعليمية ربحية رأس المال الثقافي للمهيمن ، فيتم فهم الاختلافات التعليمية في كثير من الأحيان نتيجة المواهب الفردية متجاهلين حقيقة أن القدرات تقاس بالمعايير الدراسية .
و إذا كانت المؤسسة التعليمية تشبه الجهاز المعرفي الذي يعيد باستمرار توزيع الطلاب المقدمين بالنسبة لمواقعهم، فإن هذا التصنيف هو في الواقع حصيلة الآلاف من الإجراءات و الآثار التي ينتجها الوكلاء ، علي أن تحليل بنية المعاملات التي يقوم بها الوكلاء في تمثيلهم بقدر ما في ممارستهم ، ويمكن أن يصبح ذا معني كامل .
فلا شك أن الوكلاء يبنون الواقع الاجتماعي ، ويدخلون في صراعات و معاملات تهدف إلي فرض رؤيتهم ، وإنهم يفعلون ذلك دائماً من خلال وجهات نظر ، ومصالح ومبادئ تتحدد حسب الموقف الذي يشغلونه في العالم الذي يعتزمون علي تغيره أو الحفاظ عليه.
فيمكن للتعليم أن يلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي الجماعي من خلال بيداغوجيا للعالم الحديث، ولكن نجد أن المناهج التعليمية تتعارض إلي حد ما مع منطق الممارسة للحقل التعليمي، و الذي هو علي الأقل مختلف ومستبعد ، فالعلم شكل من أشكال المعرفة تشكله سلسلة من الظروف الاجتماعية والتاريخية ، فلم يكن موضوع العلم عملية تعزيز و تبسيط ، و إنما افتراض تعقيدات في فهم الظواهر الحقيقية ، و إدراك التوازن بين العلاقات ؛ حيث إن الحقيقة العلمية شئ يمكن التقاطه كجزء من عملية الاستعارة ، و يشير بورديو إلي أن النظام التعليمي هو نظام خفي للتفاوت الاجتماعي ، وبالتالي تحقيق الديمقراطية من خلال النظام التعليمي المحدد ، فإن أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين يدخلون الجامعة لا تعني بالضرورة زيادة الديمقراطية التعليمية ، والحصول علي وظائف مؤهلة جيداً ، بل يمكن أن تساهم في الحفاظ علي هيكل محافظ للمجتمع ، ويؤكد بورديو أن مجموعات كبيرة من الأشخاص تفتقر إلي المعرفة الكافية حول النظام التعليمي ، وبالتالي تبدأ برنامجاً جامعياً ذا قيمة منخفضة في سوق التعليم ، وبالتالي إعادة الإنتاج الطبقي.
ويري بورديو أن النظام التعليمي هو أساس المؤسسة التي تتحكم في تخصيص الوضع و الامتياز في التفكير ، وتقدم المدارس إعداد مؤسسي ؛ لنقل و تراكم الأشكال الثقافية المختلفة لرؤوس الأموال، فالمدرسة أداة الهيمنة من خلال القوة الرمزية وهي أيضا أساس العمل الرمزي بين المثقفين .
ويشكل الوسط الاجتماعي قوة ضاغطة في تأثيره علي مستوي الطموح الدراسي ، ومتابعة التحصيل الدراسي ، ومن هذا المنطلق يحدث التباين الكبير بين فرص أبناء الفئات الاجتماعية الميسورة في المجتمع و أبناء الفئات المتواضعة ، و هذا ناجم عن الاصطفاء المدرسي العنيف الذي يتعرضون له أثناء المتابعة الدراسية.
ومن أهم النقاط التي يجب أن نشير إليها تقرير الكولج دو فرانس ، ولم يكن تقرير كوليج دو فرانس أول غزو لبير بورديو في مجال السياسة التعليمية ؛ حيث ساهم بورديو في أعقاب أحداث مايو 1968 م في إنتاج سلسلة من الوثائق المكتوبة بشكل جماعي ذات أساس موضوعي صادر عن مركز الدراسات الاجتماعية الأوروبية ، وقد اهتم بورديو بالقضايا والمشاكل المعاصرة المتعلقة بالتعليم الأدبي ، ولم يقترح تقرير الكولدج دو فرانس الإلغاء البسيط لتسلسل الهرمي الأكاديمي، أو قمع المنافسة ، ولم يرغب بورديو في تقديم أي وعود أو مقترحات غير واقعية ، بل دائما يعتمد علي المنطق و الواقع ، كما أكد بورديو أنه يجب علي الدولة أن تحتفظ بكيانها عند تساوي الحقوق وخدمات الأفراد ، و أي خلل في ذلك يؤدي إلي تدمير الدولة و إحساس المواطن بعدم الانتماء .
نتائج الدراسة ومناقشتها
أظهرت الدراسة أن الهيمنة نوعان : خارجي ، وذاتي ، الخارجي يتمثل في خطط الاستعمار الإستراتيجية طويلة ، والنوع الذاتي للهيمنة ، تمثله النظم المعرفية للثقافة ، والآليات التي تتحكم في العقل بشكل لا شعوري ، وذلك يعد أخطر أشكال التسلط والهيمنة ، وأشد خطورة من هيمنة الاستعمار.كما أظهرت النتائج أن إسهامات بورديو لها دور كبير في تعديل السياسة التعليمية، وأن هناك جوانب تؤثر علي الفرد بصورة غير مباشرة كالفن والموسيقي والموضة ، وأن القوة الناعمة أخطر من القوة العسكرية والاقتصادية ؛ لأن الديمقراطية لا يمكن فرضها بالقوة فمفتاح النجاح يكمن في سياسات تفتح الاقتصاديات ، وتقلص قيود السيطرة البيروقراطية، كما أشارت النتائج أن التعليم المجاني ما هو إلا لعبة سياسة تنتج طبقات غير متكافئة ، وعدم المساواة الاجتماعية ؛ وذلك لاختلاف مدخلات التعلم بين أنواع المدارس الخاصة والدولية ، وبين المدارس المجانية . وإن من سياسات الدولة شيوع التشكيك في تصرفات السلطة ، وهذا يتنافي مع الوطنية. واستعمال الرشوة ، والابتزاز الجنسي والمالي أصبح من أهم صور الهيمنة للسيطرة علي شخصيات مهمة تشغل مراكز ومناصب حساسة علي جميع المستويات.