الفهرس 
المقدمةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 240 |  |  |
| | | from | 240 | | |
المستخلص
فإنه بعد ختام الرِّسالة المحمدية وتميُّز هذه الأُمة المسلمة بما وهبها الله من نعمة الإسلام ونعمة العلم، ارتقت هذه الأُمة وعلا شأنها وقوى سلطانها بما حفظت وطبَّقت من شريعة الله تعالى. ثم جاءت مرحلة الاتصال بين المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأُخرى، فتأثر العالم بدين الإسلام، وأعقبتها مرحلة أُخرى تأثر فيها المسلمون بحضارة الغَرب، فكثر التَّقليد، وذاع الاقتباس، وظهرت محاولات التَّوفيق بين العلوم والقيم الإسلامية والغَربيَّة، ومنها الفلسفة، التي أُلِّفت فيها كُتب تحمل عناوين فلسفية، إلا أن بعضها يشتمل على أخطاء جوهرية تتعارض مع المبادئ الإسلامية، كما جدت بعض المصطلحات الفلسفية الغربية الممزوجة بالإسلام في العنوان، وبالأخطاء في المضمون.
وممن خاض مجال التبادل الثقافي بين الشرق والغرب كان شخصية هذه الدراسة، وهو الأستاذ الدكتور محمود قاسم، العميد الأسبق لكلية دار العلوم، جامعة القاهرة.
درس الدكتور قاسم الفلسفات العربية والأوربية، القديمة منها والحديثة، واعتنى أيما عناية بفلسفة ابن رشد وأثرها في الفلسفات الغربية الحديثة، وشارك بالعديد من الأبحاث والدراسات وكتب العديد من المؤلفات الدالة على ذلك الأثر الرشدي في الحضارة الغربية الحديثة عموما وفلسفاتها خصوصا.
وللدكتور قاسم أيضا دراسات في الفلسفة الإسلامية ناقش فيها قضاياها العديدة من علم الكلام والتصوف، وخاض المعارك الكثيرة مع الفرق الإسلامية كالأشاعرة والمعتزلة والصوفية وغيرها من الفرق، وانتصر كثيرا للاتجاه العقلي.
ونظرا لما خلفه الدكتور قاسم من مؤلفات أثرى بها المكتبة الفلسفية تستحق النظر والتأمل، كانت هذه الدراسة المتعلقة بجهود الدكتور قاسم في النهوض بقضايا الفلسفة الإسلامية والعربية.
وللحق فإن بحوث الدكتور محمود قاسم الفلسفية تشهد له باتجاهٍ عقليٍ متميزٍ، وشخصيةٍ ناقدةٍ، وبصيرة نافذة، استطاع من خلال تلك المواهب العقلية أن ينفذ إلى أعماق الفلسفة الغربية ويستخرج منها ما خلفته فيها الفلسفة الإسلامية من آثار، كما استطاع أن يثبت السرقات الغربية لكثير من التراث الإسلامي، بعد أن نسبها الغرب إلى نفسه قرونا طويلة، خاصة ما ثبت عند توماس الأكويني من تراث ابن رشد الأندلسي.
وكان الدكتور قاسم جادا في عمله، نشيطا في حركته، وبطبيعته البشرية كان يصيب ويخطئ، ولذلك كان النقد أمراً لازما في هذه الدراسة لما ثبت لدى الباحث من أمور تستحق النقد في كتابات الدكتور قاسم، مع أن هذا النقد لا يقلل من قيمة الأستاذ العميد قاسم، ولا يهز من قامته، ولا يحقر شيئا من أعماله، بل النقد والتنقيح قد يكون من باب اختلاف الوجهة وأدوات النظر، ما لم يكن الأمر محل النقد خارجا عن أصل ثابت، وما لم يكن الناقد خارجا عن حدود اللياقة العلمية والأدبية.
ومن ثَمَّ تكليلًا لجهود محمود قاسم، في قضايا الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام، التي قد أضاء بها الألباب وفتح بها الأبواب وأرسى اللّبنة الأولى منها نحو دراسات جادة بَنَّاءَة نحن في أَمَسِّ الحاجة لها في وقتنا الحاضر؛ لمسايرة الأُمم والسَّير في ركب التَّطور والتَّمدُن وفق المنهج والفكر الإسلاميين، فقد جاءت دراستنا تلك معنونة تحت اِسم: ” منهجية محمود قاسم في الفلسفة وأثرها في الثقافة العربية المعاصرة ”. وسأعرض لها – إن شاء الله تعالى -، على النَّسق التَّالي:
أولاً: أسباب اختيار الموضوع وأهميته:
يعد الدكتور محمود قاسم من الشخصيات الهامة فى الفكر العربي الحديث والمعاصر،لأنَّه عنى بقضايا الفلسفة الإسلامية ودافع عنها، وله دور واضح وهام فى التثقيف الفلسفي فى مصر والعالم العربي، وتقديم اتجاهات نقدية واضحة من خلال مؤلفاته، والتي كان لها تاثيرٌ جليٌ علي الثقافة العربية والغربية..إلا أن مؤلفاته وجهوده التي سهر عليها لم تحْظَ بكثير من الإنصاف؛ لذا وقع اختياري على هذا الموضوع لألقي به الضوء على جل أعماله، ولأحيي به ذكرى أستاذنا الرَّاحلمحمود قاسم. وتتجلى أهمية الموضوع في النِّقاط التَّالية:
1ـ بيان أثر دراسات محمود قاسم حول قضايا الفلسفة وعلم الكلام في كلٍّ من الواقع العربي والغَربي.
2- بيان دور محمود قاسم في التَّثقيف الفلسفي في مصر والعالم العربي من خلال ترجماته التي أثرى بها الفِكر أمام القُراء والباحثين والمثقفين العرب في مختلف الأقطار العربيَّة.
3- بيان حِرص أعداء الإسلام على نشر أفكارهم بين أبناء المسلمين من خلال أساليب الغَزو الثقافي.
4- بيان اتجاه محمود قاسم النَّقدي المقارن في مؤلفاته، وأثره على المجتمع العربي.
5- بيان أهمية العلاقة بين قضايا الفلسفة العربية، والفلسفة الغربية، وأثر ذلك على الثَّقافة العربيَّة المعاصرة.
ثانياً: