الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن الدرس الصرفي المتميز في معالجة التغير الذي طرأ على بنية الكلمة في القرآن الكريم ؛ لأن الكلمة المفردة تقع في بؤرة اهتمام علم الصرف فأقامت بذلك مشتركا لغويا بين علمي الصرف والدلالة ساعد الباحثين على فهم الطور الصرفي وأثره الدلالي في التركيب القرآني البديع. ولذلك تضافرت أدوات علم الصرف من الإعلال والإبدال والقلب المكاني وغيرها في استجلاء معالم هذا التطور من الحتمية والنسبية والتراكمية لتحقيق أهدافه في ترشيده لمجهود العضلي وطلب الخفة في نطق ألفاظ قرآنية متطورة صرفيا ذات ظل دلالي في فضاء النص القرآني. وعمليا فإن الإعلال بالقلب مثلا يرتكز على تبادلية صرفية بين أخرف العلة ومعها الهمزة ، ولعل تعدد مراحل تطور الكلمة القرآنية ما يبرز لنا عظم دور الإعلال في إحداث مثل هذا التغير الصرفي، فإذا ورت صيغة مثل السماء غير متطورة صرفيا كأن تكون ”سماون” فإن متلقي الشعر والقرآن لا ينطقها بسهولة، وعندما جاءت متطور صرفيا في صورتها النهائية ”سماء” سهل على اللسان التلفظ بها، وقس على ذلك المنتج اللغوي المرجو من وراء عمل أدوات الصرف الأخرى المتعلقة بدراسة هذا التطور مثل الإبدال والقلب المكاني وتخفيف الهمزة والإمالة، حيث أظهرت تلك الأدوات في هذا الشأن أثر الحضارة واختلاف اللهجات في القراءات في إبراز هذا التحول الصرفي بغية المماثلة الصوتية التي تريح الجهاز النطقي للإنسان. ولولا التطور الصرفي لما فهمنا جدوى دور الأسباب التاريخية والقرائية في الوقوف على أطوار التطور الصرفي التي مرت بها الكلمة قبل صيغتها الحالية في القرآن الكريم من خلالها قلبها المكاني وتخفيف همزتها او زيادة تفصحها أو ممالتها بواسطة هذه الأدوات. فقد ترتب على التطور الصرفي للكلمة في القرآن الكريم تغير دلالي اتخذ مسارات متباينة ما بين التعميم لألفاظ كانت ضيقة قبل نزول القرآن الكريم على أهل مكة والعالمين مثل مفردة ”الميزان” وبين التخصيص لما كان متسعا قبل نزوله على سيدنا محمد مثل لفظة ”نودي”، وما بين الانتقال من معنى إلى آخر مثل لفظة ”الغائط” ،وهذه التجليات الخاصة بالتطور الدلالي توضح لنا حيوية دور الكلمة في توثيق العلاقة بين علمي الصرف والدلالة. وفي هذه الدراسة تتناول نماذج من الألفاظ المتطورة صرفيا في القرآن الكريم وفق قراءة حفص عن عاصم الصحيحة والمتواترة مع مقارنة البعض منها بالقراءات الشاذة ، ونلاحظ أن تعدد تلك القراءات الصحيحة المتواترة طبقا لنزول القرآن على سبعة أحرف جاء من منطلق اختلاف اللهجات من ناحية أخرى. وهذه النماذج إذن تمثل الحالات التطبيقية لهذه الدراسة وذلك ببيان عمل أدوات الصرف من الإعلال والإبدال والقلب المكاني وتحفيف الهزة والإمالة في توضيح ما مر بها من تطور صرفي ملحوظ. وتجدر الإشارة إلى أننا سنأخذ من مصطلح التطور لهذه الدراسة وليس بالتغير لأنه أعم من التغير فكل تطور ينطوي على تغير بينما التغير قد لا يبدي إلى تطور ملحوظ. أسباب الدراسة ينطوي اختياري لهذه الدراسة على عدة أسباب تتمثل فيما يلي : 1- قلة الدراسات التي تناولت التطور الصرفي للكلمة في القرآن الكريم في صورة غير مباشرة . 2- بيان طبيعة التطور الصرفي والمبادئ الأساسية التي يستند إليها وتنظم حركة تطور الكلمة صرفيا في القرآن الكريم، تقديم إضاءة كاشفة الإعلال والإبدال، |