Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الدور السياسي والحضاري لغِياث الدين بَلْبَن في الهند
(664-685ه/1266-1286م) /
المؤلف
حسين، عاطف عبد الحكيم تهامى.
هيئة الاعداد
باحث / عاطف عبد الحكيم تهامي حسين
مشرف / إبراهيم محمد علي مرجونة
مشرف / تيسير محمد محمد شادي
مشرف / تيسير محمد محمد شادي
الموضوع
تاريخ اسلامى.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
319 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية
الناشر
تاريخ الإجازة
1/12/2019
مكان الإجازة
جامعة دمنهور - كلية الاداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 241

from 241

المستخلص

مما هو حقيق بأن يُذكر من حِقب التاريخ حقبة بزغ فيها نجم المماليك في أكثر من بقعة من بقاع الأرض، فكانوا في مصر والشام هم حماة الإسلام، وكانوا في بغداد لهم دور ملحوظ، وخاضوا معارك مجيدة ضد المغول والصليبيين كان النصر حليفهم فيها، وكسروا فيها جيوش المغول والصليبيين شرَّ كسرة، وحفظ الله تعالى بهم الإسلام والمسلمين في بلاد الهند عشرات السنين، بعدما بدأ المسلمون الأوائل في زمن الصحابة، منذ عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق وحتى عهد الخلافة العباسية، يصلون إلى بلاد الهند فاتحينها بالدعوة قبل الحرب، حتى وصل أمر البلاد إلى المماليك الذين أكملوا مسيرة سابقيهم في خدمة الإسلام، فعظم سلطان المماليك في البلاد الإسلامية، وامتلأت قلوب المسلمين بحبهم، وخرج من بينهم أناس أجبروا التاريخ أن يُسطِّر مآثرهم، وأرغموا الملوك والحكام المعاصرين لهم على احترامهم وهيبتهم، وكان من هؤلاء العظماء السلطان غياث الدين بلبن، هذا الرجل الذي قضى حياته كلها في سبيل نشر الإسلام، وإقرار الأمن في بلاد الهند، هذا السلطان الحكيم الذي جنَّب بحكمته بلاد الهند فتنًا لا يعلم نتائجها- لو أنها استمرَّت- إلا الله تعالى، هذا الرجل الذي ظلَّ مدة أربعين سنة- نصفها وزيرًا والنصف الآخر سلطانًا في بلاد الهند- حجرَ عثرة أمام توسعات المغول ناحية الهند، فلم يظفروا طوال هذه العقود الأربعة بمعركة واحدة انتصروا فيها، بل كان النصر حليفه طوال هذه المدَّة، وأشرك ولديه محمد خان وبغراخان معه في بعض هذه المعارك، حتى سقط ابنه محمد قتيلًا في إحدى معاركه ضد المغول، هذا إلى جانب ما قدَّمه لبلاد الهند من حضارة وعلوم، وما نشره في ربوعها من عدل وسماحة، حتى مع غير المسلمين، فلم يجد الهنادكة مثل معاملته الطيبة من ملوكهم وأمرائهم بني جلدتهم، ورغم ذلك يحاول الهندوس تشويه التاريخ الإسلامي في بلاد الهند، وإظهار ملوك وأمراء وسلاطين المسلمين بالظلم والبطش والتعصب وعدم التسامح وعدم الرحمة والعدل معهم، ولكن الحقيقة التي يقرِّرها التاريخ أن ملوك وسلاطين المسلمين كانوا عادلين مع الهنادكة إلى مستوى لم يصل الهنادكة إلى عشر معشاره في يوم من الأيام مع مخالفيهم من المسلمين؛ وذلك لأن تسامح المسلم وعدله ورحمته إنما هي أمور أوجبها عليه دين الإسلام الحنيف.
وقد كانت بلاد الهند تحت سلطان المسلمين فترة طويلة فلم يجد الهندوس أيَّ عنت أو مشقة من ناحية الحكام المسلمين، ولم يحصل لهم من جانب المسلمين أيَّ تقييد لحرياتهم الدينية؛ بل عاش أهل الهند مسلمون وهنادكة متحابين في كثيرٍ من أوقاتهم.
وقد سارت الدولة المملوكية في بلاد الهند على قانون العدل في جملتها باستثناء بعض الفترات القليلة لسلاطين انشغلوا باللهو، ونأوا عن طريق الرشاد.
وقد كان السلطان غياث الدين بلبن من عظماء سلاطين المماليك الذين ملئوا بلاد الهند عدلًا تجاه كل رعاياه مسلمين وغير مسلمين، وازدهرت في عهده جوانب الحضارة وبخاصة العلمية، فقد كان السلطان بلبن محبًّا للعلم ومشجعًا للعلماء ومقرِّبًا لهم، وقد أُسندت إلي بلبن بعض الأعمال في بلاد الهند قبل تقلده الوزارة(630-644ه/1232-1246م)، فقد استعان به كلٍ من:
1- السلطان شمس الدين آلتتمش
2- السلطان ركن الدين فيروز شاه بن شمس الدين آلتتمش
3- السلطانة رضية بنت شمس الدين آلتتمش
4- السلطان معز الدين بهرامشاه بن شمس الدين
5- السلطان علاء الدين مسعود شاه بن فيروز شاه بن شمس الدين آلتتمش. فترة جلوسهم على عرش السلطنة في دهلي. إلا أن الانتقال الكبير في حياة بلبن كان في عهد السلطان ناصر الدين أبو المظفر محمود بن شمس الدين آلتتمش (644-664ه /1246-1265م)؛ إذ أسند إليه السلطان ناصر الدين الوزارة، وأطلق له العنان –بعدما ذكَّره بعظم الأمانة، ووصَّاه بأن يتقي الله تعالى- ليتصرَّف في البلاد حسب ما يراه صوابًا.
وقد قام بلبن ألغ خان في هذه الفترة بما بأعمال سياسية وعسكرية كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي لبلاد الهند خلال فترة وزارته والتي استمرَّت عشرين سنة تعرَّض فيها لمؤامرة من جانب بعض أعدائه أقصته عن الوزارة مدة عامين من سنة(650ه/1252م) إلى سنة(652ه/1254م) رجع بعدها وزيرًا مرة ثانية بناءً على رغبة الناس وكثير من الملوك والأمراء في بلاد الهند، فقام بعدة إصلاحات داخلية، وقضى قطاع الطرق والمجرمين داخل الولايات الهندية وبخاصة حول دهلي، كما قضى على ثورات المتمردين داخل حدود الهند، والتي كان من أهمها قضاؤه على تمرد الملك قتلغ خان(سنة 655 ه)، وقضاؤه على فتنة أرسلان خان وقلج خان مسعود خاني في”أوده” (سنة 656ه).
وقاوم الهجوم المغولي بكل قوة - بعد مقدمهم لمهاجمة الهند بناءً على استدعاء الملك عز الدين بلبن كشلوخان لهم- وتصدي لهم ( سنة 655ه/1257م)، وأرغمهم على الرجوع عن بلاد الهند.
ثم جاء الإنتقال الأكبر لبلبن ألغ خان، وذلك بعد وفاة السلطان ناصر الدين محمود، وإجلاسه على عرش السلطنة من قِبَل مجلس الأربعين الشمسيين، ليقضي فترة عشرين سنة أخرى(664ه-685ه/1265-1286م)، قدَّم فيها السلطان غياث الدين بلبن كثيرًا من الأعمال السياسية والعسكرية داخليًا وخارجيًا.
فعلى الصعيد الداخلي قام بتقوية الجيش لمواجهة الثورات الداخلية والأخطار الخارجية، وقسَّم الهند عسكريًا ليتمكن من إحكام قبضته على البلاد، واختار القادة الأكفاء على أقسام البلاد، وقام بالقضاء على نفوذ مجلس الأربعين الشمسيين الذي كان يتدخل في شئون الحكم بصورة فجَّة، ودفع خطر الميواتيين الذين كانوا يعيثون في البلاد فسادًا، وقضى عليهم، وتمكن من القضاء على تمرد طغرل (667ه/1269م).
وعلى الصعيد الخارجي أمَّن الطرق والمسالك، وأمر ببناء معاقل وحصون جديدة، وتقوية الحصون والمعاقل القديمة، وردَّ هجمات المغول المتتالية على بلاد الهند، كما قام بإنشاء جهاز للجاسوسية؛ وذلك لضبط الأمور الداخلية والخارجية للبلاد، ولمتابعة عمل الملوك والأمراء في الولايات الهندية.
وقد كان السلطان غياث الدين بلبن صاحب عدلٍ، فلم يكن يَسمح لأحدٍ أن يظلم أحدًا، فعمَّ العدل البلاد، وبهذه أرجع التدابير هيبة السلطنة في دهلي، وأقرَّ الأمن في البلاد، وقوَّى الصلة بينه وبين الخليفة العباسي في بغداد، كما أسهم بنصيب وافر في الجانب الحضاري في بلاد الهند، وبخاصة في الناحية العلمية، والتي ازدهرت في عهده ازدهارًا كبيرًا.
وكما هي سنة الله تعالى في خلقه، فلكل دولة بداية ونهاية، فقد مات السلطان بلبن رحمه الله(685ه/1286م)، وجلس على عرش السلطنة سلاطين ضعفاء مما أدَّى إلى تدهور حال البلاد، وبدأت شمس دولة المماليك في الجري ناحية الغروب، حتى غابت تمامًا.
وانتقل الحكم في الهند للأسرة الخلجية(689ه/1290م)، ليُسدَلَ الستار على دولة عظيمة قدَّمت الكثير للإسلام والمسلمين، بل وللهنادكة أيضًا في بلاد الهند، وأسهمت بنصيب وفير في الجانب الحضاري بكل نواحيه العلمية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية والعسكرية، وكان لهم دور ملحوظ في انتشال بلاد الهند من أوحال التخلف الفكري والاضمحلال الديني الرهيب، الذي وصلت إليه هذه البلاد نتيجة انتشار الجهل الذي جعلهم يعبدون ملايين الآلهة الباطلة، وصرفهم عن عبادة الله تعالى خالقهم ورازقهم، ونجح سلاطين المماليك في إرجاع كثيرٍ من سكان الهند إلى فطرتهم السليمة التي فطرهم الله عليها.