Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مظاهر الحضارة في شرقي الأندلس في عصر دولتي المرابطين والموحدين (484-620هـ /1091-1223م)/
المؤلف
نجيب، وفاء محروس عطية.
هيئة الاعداد
باحث / وفاء محروس عطية نجيب
مشرف / نصارى فهمي محمد غزالي
مشرف / عبد الجواد شعبان الفحام
مناقش / نعمة علي مرسي
الموضوع
التاريخ الإسلامي.
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
373 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
13/3/2023
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية دار العلوم - التاريخ الإسلامي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 374

from 374

المستخلص

كان للموقع الإستراتيجي المهم لإقليم شرق الأندلس دور كبير في تكوينها السياسي عبر تاريخها الإسلامي العريق، فقد شكَّلت هذه المنطقة على ساحل البحر المتوسط والحد الفاصل والمجاور بينها وبين ممالك النصارى الأسبان جميعها، ولعبت دورًا حضاريًّا من النواحي الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والفكريَّة والعمرانيَّة.
أكَّدت هذه الدراسة مدى الدور الجهادي المُشرَّف الذي قام به أمراء المرابطين والموحِّدين في الحفاظ على الأندلس عامة وشرق الأندلس خاصة، فلقد أسهم هذا الأمر في بقاء المسلمين في الأندلس في تلك الفترة التاريخيَّة الحرجة لفترة زمنيَّة طويلة.
بَيَّنت الدراسة مدى تعدُّد الأجناس والأعراق البشرية، التي تكوَّن منها المجتمع في إقليم شرق الأندلس من عرب وبربر ومولَّدين ومستعربين والصقالبة بصفة خاصة، الذين انصهروا في مجتمع شرق الأندلس وظهر ما يسمى المجتمع الأندلسي، حيث اختفى بعض الشيء التفاخر العربي بالنسب، وصار الرابط الحقيقي المنطقة والمصلحة، خاصة بعد سيطرة المرابطين على إمارات الشرق، التي كان يحكمها الفتيان الصقالبة، كما أكَّدت هذه الدراسة مدى التسامح المطلق الذي حظي به المستعربون واليهود في ظل حكم المرابطين والموحِّدين، حيث وصل نفوذ اليهود في المنطقة إلى أعلى المناصب، حيث ظهر منهم الوزراء والأطباء والعلماء.
أكَّدت هذه الدراسة أيضًا عدم اختلاف العادات والتقاليد والاحتفالات الدينيَّة في منطقة الشرق عن غيرها من المدن الإسلاميَّة الأخرى، إلا في لباس المأتم حيث يلبس أهالي شرق الأندلس الملابس البيضاء في مثل هذه المناسبات، على خلاف أهالي المشرق الإسلامي الذين يلبسون الملابس السوداء في هذه المناسبات، إضافة إلى ذلك فقد شارك أهالي الشرق أيضًا إخوانهم المسيحيين في احتفالاتهم الدينيَّة الذين حظوا بسائر الحريًّات الدينيَّة والفكريَّة، وهذا دليل على حرية التسامح بين المسلمين والمسيحيين في هذه المملكة الإسلاميَّة.
كذلك أثبتت هذه الدراسة مدى الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المنطقة إبان عصر الدراسة، خاصة في مجال الزراعة، وذلك بفضل جودة تربتها ووفرة مياهها، وتنوع محاصيلها الزراعية، الأمر الذي أوجد سوقًا رائجة لتصدير المنتوجات الزراعيَّة إلى خارج المنطقة والذي أسهم بدوره في دعم خزانتها المالية.
تُعدّ الزراعة أساسَ العيشِ، ومن ثَمَّ تأتي الصناعة والتجارة لتكمِّل ما تعجز عن سده الزراعة من حاجات السكان، وقد لعبت هذه الأنشطة دورًا أساسًا في بناء المجتمع الأندلسي، وتحديد علاقات أفراده بعضهم بعضا، وتوجيه نشاطه الفكري والثقافي والأدبي.
أما في مجال الصناعة، فقد بيَّنت هذه الدراسة، مدى التقدم الصناعي الذي شهدته هذه المنطقة، وذلك بسبب توفر المواد الخام والتي نجح أهالي المنطقة في استغلالها وخاصة في مجال صناعة الورق ذروة التطور في عصر الدراسة، مما أدي إلى تنشيط حركة النسخ، ومجال صناعة السفن، وذلك لوجود معدن الخشب بكثرة في مدينة طرطوشة، إلى جانب وجود معدن الحديد، الذي أسهم في تقدم صناعتها، وقد كان لهذه الصناعة دور كبير في شهرة ألمرية وبلنسية ومرسية الاقتصاديَّة وغيرها من مدن الشرق سواء داخل البلاد أو خارجها.
أثبتت هذه الدراسة ما تميَّزت به المنطقة من أطلالها على البحر المتوسط، وخاصة بظهور بعض المدن كمراكز/ عواصم اقتصاديَّة بكلِّ ما تحمله الكلمة من معان، فكان ذلك التميُّز الذي طبع بعض المدن، طرطوشة وطركونة وبلنسية ومرسية ودانية وألمرية... وغيرها، خاصة عصر المرابطين فقد حازت قصب السبق وذاعت شهرتها وفاقت مدنًا أندلسيَّة أخرى كقرطبة وأشبيلية وكثرة الطرق البرية مع قرطبة وغيرها من المدن، الأمر الذي أسهم في قيام علاقات تجاريَّة مع دول الجوار؛ بل ومع مصر بلاد الشام أيضًا، والتي كان له مردود مادي كبير شكل دعمًا لخزانة المنطقة.
تَبَيَّن أيضًا مدى ازدهار الحركة الفكريَّة والأدبيَّة داخل المنطقة، حيث زخرت المنطقة بالعديد من العلماء والفقهاء وأهل الحديث الذين تنقلوا إلى المدن الإسلاميَّة كافة في المغرب ومصر وبلاد الشام والحجاز، وذلك في سبيل طلب العلم وأهله وأسهموا بمؤلفاتهم بعد عودتهم إلى المنطقة في الارتقاء بالحياة الفكريَّة وتطورها.
ظهر الفكر الصوفي المعتدل في منطقة الدراسة، إذا ما قورن بغيره من أقاليم الأندلس في الغرب والوسط، نتيجة لطبيعة الموقع الذي تتلاقى فيه تيَّارات فكريَّة مختلفة من كلِّ بقاع العالم، وظل المذهب المالكي سائدًا بالمنطقة دون منازع، رغم محاولة الخلفاء الموحدين في نشر المذهب الظاهري.
اتضح أيضًا أن العلوم الأدبيَّة، قد شهدت ازدهارًا كبيرًا في المنطقة، وخاصة علوم الشعر والأدب وهذا الأمر ينافي الآراء التي ذكرها بعض المؤرخين المحدثين، بأن العلوم العقلية كانت الأكثر حظًّا وازدهارًا؛ فيبدو أن الكتابات العنصريَّة لبعض المستشرقين قد عملت على الحط من مساهمة المرابطين في المجال الفكري، وهذا يتعارض تمامًا مع الوقع التاريخي المدعم بالحجج والقرائن، فرغم ما قيل عن الحركة الفكريَّة خاصة خلال عهد المرابطين؛ بل أن الحركة كانت استمرارًا لعصرها الذهبي عصر الطوائف لم تعرف ذلك النضوب الذي كتب عنه أولئك، فهؤلاء استغلوا الحالة السياسيَّة من الحرب والجهاد التي تمر بها المنطقة وأنه ليس هناك مجال للمدح والغزل واللهو الذي كان عليه الطوائف، نتيجة للتعاليم التي بنيت عليها كلا الدولتين، بل نجد أن الشعر عرف في أغلب أغراضه توجهًا غير ذي قبل، فالمدح مثلًا كان افتخار بالنصر وأميره ولم يكن تكسبًا للعيش.
تَبَيَّن كذلك، مدى الدور الكبير الذي لعبته التعاليم الدينيَّة التي قامت عليها كلا الدولتين المرابطيَّة والموحّديَّة في توجيه حركة العِمَارَة والفنون؛ إذ ميزها بطابعها الخاص، حيث اختفت مظاهر الأُبَّهة والفخر من مظاهر العمران على وجه الخصوص، ولم تظهر إلا ما كان لا يتعارض مع الدين كالأشكال الهندسية والخط العربي، والصور النباتية على اختلافها وتعددها.
وضَّحت هذه الدراسة مدى اهتمام المرابطين والموحِّدين من بعدهم بالعِمَارَة العسكريَّة من حيث اختيار المواقع الاستراتيجية في المنطقة لبناء القلاع والأسوار والأبراج وغيرها من التحصينات مِمَّا جعلها تتميز عن غيرها من المدن مثل: حصن منتقوط فقد شكلت نقطة قوة في عهد الدراسة التي أدَّت دورها الفعال في الدفاع عن البلاد، واهتموا أيضًا بتشييد وبناء الأسوار الضخمة وأحاطوها على مدنهم، وقد استعملوا مواد مختلفة في بنائها منها الحجارة والطابية والرمل، وابتكر المرابطون نظام الأبواب المنكسرة ذات المرافق، وكذلك الموحّدين الذين ابتكروا الأبواب ذات الثلاث مرافق بالإضافة إلي الأبراج البرانية والمثمنة.