الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تمثل التفكيكية وجهاً من أوجه ما بعد الحداثة، وقد ظهرت في ستينيات القرن العشرين على يد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا Jacques Derrida (1930-2004) وقد سعى من خلالها إلى تفكيك التراث الفلسفي الغربي، فانطلقت من اللغة لنقد هذا التراث، الذي يعطى الأولوية للكلام على الكتابة، واعتبار الكتابة ما هي إلا تمثيلاً لها، مما نتج عنها وجود نزعة لوغو مركزية أو مركزية اللوغوس، وذلك منذ أفلاطون حتى هيدجر، فقد قام دريدا بخلخلة هذا الخطاب الميتافيزيقي الذي يدّعى الحقيقة، ليكشف عما يحمله من تناقضات ومفارقات. ولقد جاءت التفكيكية عند جاك دريدا لتتبع أسلوب جديد مغاير في قراءة النصوص عما كان سائدًا في الميتافيزيقا الغربية منذ تأسيسها مع أفلاطون وحتى أفولها مع هيدجر. أو بتعبير أدق، عملت التفكيكية على تجاوز سلطة المعنى وأحادية الدلالة، إلى معنى مُرجأ باستمرار، تنبثق فيه فكرة موت الكاتب، وبالتالي يكون فيها القارئ – بدوره- مستقلا عن الكاتب في قراءته للنصوص، وقادرًا على بروز الثغرات والتناقضات والتساؤلات، مما يؤدي إلى فتح النص وإرجاء معناه بشكل دائم ومستمر. فمما لا شك فيه أن التفكيك الذي يمارسه دريدا في نسيج النص المقروء هو الذي يتيح له ليس فحسب الوقوف على تناقضاته؛ وإنما كذلك استخدامها وتوظيفها في إنتاج معنى جديد لا يقوله النص، ولكنه كامن بداخله لا يكشف عن نفسه إلا مع التفكيك؛ فالتفكيك يجعل النص يقول ما لا يقول، لا ليقول ما يقول؛ فهي بمثابة الحفر العميق للوصول إلى ما في القاع، لمعرفة النقاط العمياء التي تكمن داخل النص. وقد مارس جاك دريدا استراتيجية التفكيك على فن المسرح من خلال تناوله ”مسرح القسوة” عند أنطونين أرتو، وذلك من خلال تحليله لتوجهاته الفكرية. وقد قام أيضًا جاك دريدا بتطبيق استراتيجية التفكيك على فن التصوير، وذلك من خلال تفكيك الحقائق الأربعة التي هيمنت في تاريخ الفكر الجمالي وفلسفة الفن السابق عليه. وبناءً على ذلك، ستحاول الباحثة تقديم دراسة معنية بالوقوف على الركائز الرئيسة التي قامت عليها التفكيكية، مع بيان كيفية تطبيقها على فني المسرح والتصوير. |