الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تتمتع السلطة التأديبية بسلطة تقديرية واسعة في تحديد المخالفات التأديبية وفي اختيار العقوبة المناسبة لها إلا أن ذلك لا يعني أن هذه السلطة لا تخضع لضوابط وقواعد وإلا انقلبت إلى سلطة تحكمية أو استبدادية، فالتأديب لم يشرع بقصد الانتقام من الموظف المخالف إنما شرع لتقويم سلوكه، وتحذير باقي الموظفين من ارتكاب مثل هذه المخالفات علي نحو يضفى على الوظيفة العامة هيبتها واحترامها، وذلك باعتبارها مظهراً من مظاهر السلطة العامة، وهو ما ينعكس إيجاباً علي حسن سير المرفق العام بانتظام واضطراد. بيد أن النظام التأديبي لا يُكتب له النجاح إلا إذا كانت العقوبة التأديبية مناسبة للمخالفة ، ولا يتحقق ذلك إلا بمراعاة السلطة التأديبية للضوابط التي استقر عليها القضاء في إعمال مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة التأديبية سواء من حيث التخفيف أو التشديد وذلك عند تقدير العقوبة التأديبية حتى لا يلحق العقوبة التأديبية شائبة غلو في التقدير. ولم تعد رقابة القضاء قاصرة على مجرد التأكد من مشروعية القرار التأديبي بل تعدي حدود ذلك إلى الرقابة علي تناسب العقوبة للمخالفة التأديبية ، ولا نستطيع أن نغفل أن الدافع الحقيقي لقيام القضاء بفرض رقابته على التناسب في مجال التأديب هو تحقيق العدالة ؛ ذلك أن قواعد العدالة تحتل شأناً عظيماً في فروع القانون عامة والقانون الإداري خاصة وهي من ضرورات سير المرافق العامة وما تقتضيه من رعاية عمال المرافق العامة حتى ينخرطوا في خدمة المرفق آمنين مطمئنين يعطون أفضل ما لديهم، ولا يتأتى هذا إذا انطوى الجزاء على مفارقة صارخة. |