الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص وعندما نتحدث عن شعر البداوة نجد أنها احتلت مكانة عظيمة في المجتمع الجاهلي وما بعده من مجتمعات، خاصة وأنهم لم يجتمعوا على نظام سياسي أو يوحدهم دستور قومي، وإنما كانت القبيلة هي الرابطة القوية التي تشد الجميع للانضواء تحت لوائها، فقد اقتضت ظروف ارتحالهم من مكان لآخر بحثاً عن الماء والكلأ، الاحتماء بسقف القبيلة، والتمسك بعاداتها وتقاليدها، وما تفرضه عليهم من سياسات، وما تدبر لهم من أمور وأحوال وإذا كان شاعر العصر الأموي قد اقتفى أثر شاعر العصر الجاهلي، فإننا نقول : ليس هناك ما يمنع من تأثر الشاعر الأموي بالشاعر الجاهلي، لأنه لم يجد فيما تقدمه من نماذج إلا شعره، يتأثر به وينفعل بما جاء فيه، وقد يكون في شعراء العصر الأموي- الذى ولى العصر الإسلامي الوجيز المدة _ من امتد في نفوسهم تأثير الحياة الجاهلية يتمثلونها بكل ما جاء فيها حتى القوة والفخامة والجزالة، ولكن ما سبق لا يقرر قاعدة أن الشعر الأموي قد التزم بكل مفردات الشعر الجاهلي، وتمثل روحه ومنهجه وأسلوبه، وإنما نتيجة للحضارة والاستقرار كان الطبيعي أن تكون السهولة والعذوبة هي المنهج الغالب، وأن تكون الخشونة والوعورة هي الخارج عن هذا المنهج أو هذه القاعدة. إننا لا ننكر أن الشعر الأموي قد اتصل بالشعر الجاهلي واستمد منه، لأن القول بخلاف ذلك إنما يعنى قطع الصلة بالقديم، وهذا القطع قد يسبب هزة عميقة في نفوس شعرائه، يكون من نتيجتهـا أن ينقطع الشعراء عن الماضي بكل مقومـــــــاته ومناهجه وأسسه، ولذلك كان لابد أن يستمـــــر هذا الاتصـــــال في الشعر، ولكن مع ملاحظة أن لكـل عصـــــر خاصته، وما يحدث فيه ومــــا يطرأ عليه من متغيرات، تقتضى هذه التغيرات أن يحدث تجديد. |